أشار آیة الله الاراکی الى أن مبدأ ولایة الفقیهی حول سیادة حکم الله فی المجتمع الانسانی ، موضحاً : أن احدى اهم القضایا التی ترتکز الیها جمیع الادیان لاسیما الاسلام و القرآن الکریم ، هی أن الانبیاء بعثوا لتجسید الولایة الالهیة فی المجتمع الانسانی .
و أضاف سماحته : أن خلافنا الاول مع المذهب اللیبرالی ینطلق من هنا ، حیث تثار العدید من الاسئلة منها : ما هی الولایة و الحاکمیة الحقة ؟ و من الذی بوسعه أن یکون حاکماً ؟ و ما هی مبادىء و اصول الحکم ؟ و ماهی طبیعة الحکم و ماهیته ؟ .
و مضى سماحته بالقول : یشیر القرآن الکریم فی معرض تفسیره لماهیة الحکم ، بأن الحکم یعنی افضلیة احد التوجهات على التوجهات الأخرى ، و أن ارادة الحاکم مقدمة على ارادة المحکوم ، و إذا ما ارتأى أمراً فأنه ینبغی للمحکوم أن یسلم امام ارادة الحاکم . و ان مثل هذا الفهم للحکم مطروح ایضاً بالنسبة للمذاهب الفکریة الأخرى ، و لهذا یؤمنون بقدسیة القانون .
و تابع آیة الله الاراکی : القانون لیس سوى توجهات الحاکم ، فإذا ما سنّ الحاکم قانوناً فأن هذا القانون یعتبر مقدساً لأن الحاکم هو الذی سنّه و شرّعه .
و اردف سماحته قائلاً : ینبغی أن یکون مصدر القانون الذی یراد تطبیقه طاهراً ، و ان الحاکم الذی یتحتم علیه تطبیق ذلک القانون یجب أن یکون منزهاً من الانحراف و الظلم و الخطأ و الاهواء النفسیة ، فإذا کان کذلک حقاً فأن اوامره واجبة التطبیق و الطاعة .
و أوضح آیة الله الاراکی : أن أحد الخلافات بین دیننا و بین المذاهب غیر الالهیة یتمحور حول : هل ثمة وجود لمثل هذا المصدر فی العالم أم لا ؟ أی هل یوجد مصدر طاهر و منزه من الانحراف و الظلم أم لا ؟ .
و أشار سماحته : نحن نؤمن بان مثل هذا المصدر یتجلى فی وجود الله تعالى . فان الله تعالى یؤکد کثیراً فی القرآن الکریم بأنه الحاکم المطلق لهذا العالم و أن الکون رهن ارادته سبحانه . مضیفاً : و لهذا تعتبر مسألة الحکم محسومة بالنسبة للاسلام ، و من الواضح تماماً أن الله تعالى هو الحاکم على المجتمع البشری .
و مضى آیة الله الاراکی یقول : عندما یرید الله تعالی أن یترجم حاکمیته فی عالم الوجود ، فأنه یختار من یقوم بذلک لیطبقوا حکمه سبحانه و تعالى . و استناداً الى القرآن الکریم فأن الله تعالى لدیه نوعین من الذین یتولون ذلک ، احدهما یدیر عالم التکوین من قبل الله ، ذلک أن جبرائیل الأمین حاکم عالم التکوین و یتولى امانة الامر الالهی فی عالم التکوین . و الثانی هم امناء الامر الالهی فی الارض ، الذی یشیر الیهم القرآن الکریم باعتبارهم خلیفة الله و هم الانبیاء الالهیین .
و اضاف سماحته : الانبیاء الالهیون هم حکّام المجتمع البشری ، إذ یتولون مهمة ابلاغ الأمر الالهی و تطبیقه فی المجتمع البشری .
و تابع آیة الله الاراکی : فلابد من وجود من یواصل اداء هذه المسؤولیة بعد رسول الله (ص) و یضطلعوا بمهمة تطبیق الاوامر الالهیة ، و الذین هم الائمة الاطهار حسبما نؤمن . و فی زمن الغیبة ایضاً لابد من وجود اشخاص یأخذوا على عاتقهم اداء هذه المسؤولیة ، و الذی نعبّر عنه بالفقیه العادل . و الفقیه العادل هو الشخص الذی ینفذ أمر الله تعالى على نفسه اولاً ، أی التحلی بما یؤهله لتطبیق احکام الله تعالى و عدم تخطیها .
و فی جانب آخر من کلمته أشار آیة الله الاراکی الى دور مجلس خبراء القیادة قائلاً : أن الدور الذی ینص علیه الدستور الایرانی لمجلس خبراء القیادة ، یشیر فی الحقیقة الى مهمة الاشراف على تطبیق الامر الالهی ، و ان المقصود بمهمة الاشراف و المراقبة المناطة بمجلس خبراء القیادة هو مراقبة الامانة الالهیة ، أی ولایة الفقیه ، و التأکد من قدراته و مؤهلاته للاحاطة بالقوانین الالهیة ، و مدى حرصه على تطبیق الاحکام الالهیة . و بناء على ذلک فأن مثل هذا الشخص یتمتع بالمؤهلات اللازمة للحکم و الامانة الالهیة .
و أضاف سماحته : و مثلما کان الانبیاء و الائمة الاطهار معنیین بتجسید الحکم الالهی ، فأن ولایة الفقیه تعتبر ایضاً المجسدة للحکم الالهی .
وأخیراً وفی معرض اشارته الى الاحداث التی تشهدها المنطقة ، لفت آیة الله الاراکی الى أن موضوع التقریب و ثقافة التقریب باتت الیوم تشکل الموضوع الاکثر حضوراً و تداولاً فی العالم الاسلامی . مضیفاً : أن قضیة التقریب هی ذاتها قضیة مواجهة التکفیر و التطرف و محاولة التصدی لهما .