قال الشیخ الاراکی خلال هذه المقابلة انه : یجب أن نلتفت أولاً الى أن ما یریده الله تعالى للمجتمع الانسانی هو اقامة مجتمع ینعم بالفضیلة ، و هو أمر ممکن و قابل للتجسید .
و قال سماحته : مما یؤسف له أن النزعة العلمانیة المهیمنة على التوجهات الفکریة الرائجة فی العالم المعاصر ، تحاول تصویر امکانیة وجود انسان یتسم بالفضیلة و العدالة أمراً مستبعداً و غیر ممکن . فإذا ما تأملتم فی تصریحات زعماء الفکر الغربی سوف تجدون أنهم یؤمنون بعدم امکانیة وجود انسان یتسم بالفضیلة والسبب یرجع الى مساعیهم لقطع الارتباط بین البشر والخالق .
و لفت آیة الله الاراکی الى أن أئمتنا و فی طلیعتهم الرسول الاکرم (ص) ، هم أبواب السماء بالنسبة للمجتمع البشری ، مضیفاً : هؤلاء هم سبل الارتباط بین السماء و الارض ، و قد ورد فی بعض الروایات ان الائمة الاطهار (ع) أشاروا الى أن الباب التی توصل السماء بالارض هی باب أهل بیت الرسول الاکرم (ص) .
و فی معرض توضیحه لخصائص هذه الباب ، قال آیة الله الاراکی : من أولى خصائص هذه الباب التی تفتح الطریق الى السماء ، هی أنها تمهد الارضیة امام تربیة اشخاصاً بارزین . و فی صدر الاسلام تجلى الجانب الاعظم من انجازات الرسول الاکرم (صلى الله علیه و آله ) فی تربیة اشخاص بارزین أمثال سلمان الفارسی و المقداد و کان فی طلیعتهم الامام أمیر المؤمنین (ع) .
و أضاف سماحته: ان فضائل کثیرة تجسدت فی هؤلاء الاشخاص ، فکانت سیرتهم إنموذجاً متکاملاً للعدل و الفضیلة ، سواء على صعید خدمة الناس ،او على صعید التضحیة و العدالة و الصدق و الاخلاص .
و أشار آیة الله الاراکی الى أن الامام علی بن موسى الرضا (ع) کان مصداقاً بارزاً للفضائل و التقوى ، لافتاً الى أن عبادته و فضیلته و عدالته کانت موضع حدیث الناس على الدوام .
و فی جانب آخر من حدیثه ، اکد سماحة الامین العام على ضرورة الاقتداء بسیرة الائمة الاطهار (ع) والمستوحاة من القران الکریم فی تعاملنا مع الجماعات المتشددة والمتطرفة ، من منطلق البرهان والموعظة الحسنة والمودة والرحمة حتى وان اساؤوا الى معتقداتنا واستخدموا اسلوب الاهانة فعلینا اداء واجب النصحیة لربما یؤثر على البعض منهم .
ولکنه لفت الى هذا الواقع وهو ان الذی لا یقبل النصیحة والتعامل الحسن ویشهر السیف بوجهنا حینئذ نتعامل معه بنفس الطریقة .
و مضى سماحته یقول : و الملاحظة الثانیة تتجلى فی الحکمة ، إذ ان الحکمة هنا تعتبر موضوعاً فی غایة الاهمیة . أی اختیار السبیل الامثل الذی یتناسب مع طبیعة الفعل . فمرة یکون التزام الصمت الحل الامثل فنختار الصمت ، و فی موضع آخر یعتبر التعامل بمودة ورحمة هو السبیل الانجع و الافضل .
و تابع آیة الله الاراکی : أن سیرة أئمتنا بدءً بالامام علی (ع) و انتهاءً بالامام الحجة (عج) ، کانت مستلهمة من سیرة الرسول الاکرم (ص) ، و أن مواقفهم کانت نسخة طبق الاصل لمواقف الرسول الاکرم (ص) ، إذ انهم کانوا یقابلون اساءة العدو و تهکمه ، بالاحسان و المودة و النصیحة .
و فی غضون ذلک أشار آیة الاراکی الى نماذج من سیرة الامام الرضا (ع) موضحاً : أننا نجد نماذج کثیرة من هذا النوع فی سیرة الامام الرضا (ع) ، حیث کان یتصرف بمودة و احسان مع اعدائه و مع الذین یحاولون الاساءة الیه ، حتى أنه (ع) کان یبعث بهدایا لهم أحیاناً ، و کان یتعامل معهم بطیبة و مودة . و علیه ینبغی لنا الاقتداء بسیرة الائمة الاطهار (ع) فی التعامل مع الجماعات المتطرفة والمتزمتین .
و اردف سماحته : بطبیعة الحال لایمکن مواجهة من یشهر سیفه و یصر على القتال ، بأید عزلاء ، بل لابد من مواجهته بالاسلوب نفسه . و لکن اولئک الذین لا یلجأون الى الحرب و السیف و التفجیر و القتل ، ینبغی التعامل معهم بما یتناسب مع اسالیبهم وفقاً للنهج القرآنی ، بأن تقابل السیئة بالاحسان . أی إذا ما لجأوا الى الاساءة ، فنحن نقابلهم بالاحسان ، و إذا کانوا یفتقرون الى البرهان فأن حجتنا هی الدلیل و البرهان ، و إذا ما حاولوا الاساءة نقابلهم بالتی هی احسن ، و مهما یکن فنحن نؤمن بلغة الدلیل و المنطق فی مواجهة الاعلام المغرض و الضجة المفتعلة ، و لسنا بحاجة الى الصخب الاعلامی .
و خلص الامین العام للمجمع العالمی للتقریب بین المذاهب الاسلامیة للقول : لابد من مواجهة الاساءة بالاحسان ، و أن مصادرنا الدینیة تدعونا الى التمسک بهذا المبدأ ، حیث تنص ثقافتنا الدینیة على ان الکمال منوط باصول ثلاثة ، المعرفة و تشمل المعرفة الالهیة و معرفة الرسول الاکرم (ص) و الائمة الاطهار (ع) . و المحبة التی تأتی من المعرفة . و الاصل الثالث النصر .