قال السید عمار الحکیم فی الملتقى الثقافی الاسبوعی امس الاربعاء : " نحمد الله کثیرا على نعمة النصر والصبر والثبات ، الیوم ابناؤنا فی القوى الامنیة من حشد شعبی وجیش وطنی وشرطة اتحادیة وأبناء عشائر غیارى تقدموا خطوة کبیرة أخرى الى الامام وحرروا مدینة تکریت ، ورفعوا العلم العراقی على مقر الحکومة المحلیة وأزاحوا علم الخلافة المغتصبة الارهابیة ، خلافة الفکر الظلامی المنحرف .
واضاف ان هذه الخطوة النوعیة تحمل الکثیر من الرسائل والدلالات وسأرکز هنا على اهمها وأوجزها فی ثلاث رسائل مهمة ومحوریة ، الاولى اکتشاف امکانیاتنا الحقیقیة حیث اننا کعراقیین نستطیع ان نحقق انتصارات کبیرة متى ما عرفنا کیف نستثمر امکانیاتنا الذاتیة الحقیقیة ، لقد صرفنا ملیارات الدولارات على مدار سنوات عدة فی بناء القوات المسلحة ، ولکننا وللاسف اخفقنا فی بناء مؤسسة عسکریة متکاملة وقویة وکان احد اهم أسباب الاخفاق هو غیاب قیادة وإدارة صحیحة لعملیة البناء ، واهم قاعدة فی بناء المؤسسات العسکریة هی ان {الوحدة بآمرها} أی ان الوحدة العسکریة لا تبنى بکمیة السلاح والعتاد والمؤن الغذائیة والتجهیز والتدریب ، وحجم الرواتب التی تدفع لجنودها على الرغم من أهمیة هذه العوامل ، ولکن عندما یکون هناک قائد حقیقی یقودها وعندما نتمکن من بناء وحدة عسکریة قویة ومتماسکة ، فإننا نستطیع ان نبنی جیشا مهنیا قویا ، وعندها یمکننا القول اننا اصبحنا نمتلک مؤسسة عسکریة فاعلة ، لقد علمتنا المعارک فی تحریر ارضنا من الإرهاب ، ولا سیما معرکة تکریت الاخیرة اننا قادرون على تحقیق الانتصار متى ما اکتشفنا امکانیاتنا الحقیقیة وأولها قدرتنا على إعداد القادة الحقیقیین الذین یتمکنون من قیادة وحداتهم بانضباط وصبر وقوة ویحققون الانتصارات المتلاحقة " .
واشار السید عمار الحکیم الى ان الرسالة الثانیة هی " اننا اقوى مما کانوا یتصورون ، وهم اضعف مما کنا نتوقع ، فالحرب نصفها إرادة والنصف الاخر شائعة وقد اشاع الإرهابیون انهم لا یهزمون بسهولة ویمتلکون عقیدة منحرفة لا تقهر ویموتون دون اهدافهم ، وسیحولون مدن العراق الى مزرعة من الألغام والطرق المفخخة وقالوا وقالوا وقالوا وقد اخذت هذه الاقوال مأخذها فی فترة معینة واستطاع الإرهاب الظلامی المنحرف ان یتقدم مرحلیا بحرب الشائعة ، ولکن توالی الانتصارات بدأ یکشف عورتهم وکذبهم وزیف بطولاتهم فهم ابطال على الضحایا العزل من شباب الشیعة فی سبایکر وبادوش ، وأبناء عشیرة البو نمر والجبور واللهیب والعبید السنة والمدنیین الترکمان والشبک الشیعیین ، وابناء سنجار من الایزیدیین ومن اتباع اهل البیت وابناء سهل نینوى من المسیحیین وغیرهم من الابریاء الکثیر الکثیر ، وان عقیدتهم اوهن من بیت العنکبوت واهل الضلال من القوقاز والجزیرة العربیة التی تقاتل معهم انما هم بقایا المجتمعات المریضة والشخصیات المنحرفة التی تتلذذ بالقتل والتعذیب وتبحث عن السبایا ، لقد اکتشفوا حقیقة قوتنا واکتشفنا ضعفهم ، إننا نراعی ونلتزم ونحرص على تقلیل الخسائر ؛ لأن هذا وطننا وهذه مدننا وهؤلاء المدنیون الاسارى او النازحون اهلنا ومن یقاتل فی ارضه لیس کالغریب المنحرف ، الذی لا یهمه شیء ولا یقف عند حد ویحرص على اعطاء رسالة العنف بکافة صورها حتى یبث الرعب فی قلوب الناس وهو سلاحه الوحید للهیمنة على البلاد والعباد ولیس کابن الوطن الخائن الذی باع نفسه للإرهاب والشیطان ، ولهذا فإن الابطال یتقدمون ببطئ ولکن بثبات واصرار ویواصلون الانتصارات " .
واوضح سماحته ان الرسالة الثالثة هی " شکرا لکل من یدعمنا ولکن لا تفرضوا علینا شروطکم ، نقول شکرا لکل من یدعمنا فی معرکتنا المصیریة ولکل من یقف معنا فی هذه اللحظة التأریخیة من حیاتنا وحیاة وطننا ، ولکننا نقول ان الدعم یجب ان لا یکون مغلفا بشروط وإملاءات علینا فالصدیق لا یشترط على صدیقه وکذلک الحلیف ، لقد ابتلینا منذ عشر سنوات بالإرهاب الأسود والفکر المنحرف الظلامی التکفیری ، وکنا دائما نستمع لنصائح أصدقائنا وحلفائنا وجربنا کافة الوصفات والحلول والخبرات ، وقد حان الوقت کی یستمعوا الینا والى حلولنا ولتتوقف قائمة الشروط المرافقة للدعم والنصائح فنحن کدولة نقبل النصح ولکن لا نقبل الشروط وخصوصا التعجیزیة منها وتحت أی مبرر " .
واردف سماحته قائلا " احب ان اؤکد على محور مهم آخر فی معرکتنا ضد الإرهاب وهو المشارکة الواسعة لأبناء المناطق المغتصبة فی تحریر ارضهم ، وان لا تکون هذه المشارکة رمزیة او محدودة مناطقیا فهم أولى بتحریر ارضهم ومدنهم وقراهم من رجس الشیطان وخلافته الضالة ، وهذا ما اکدت علیه مرارا المرجعیة الدینیة العلیا وهی تدرک بحکمتها ورؤیتها الثاقبة ان المشارکة الواسعة لأبناء المناطق المغتصبة سیحقق الکثیر فی طریق النصر النهائی على الإرهاب ، وأهله فهم أصحاب الأرض ویعرفون مداخلها ومخارجها ویتحرکون بین أهلهم وعشائرهم ومناطقهم فیعرفون المواطنین ویمیزون بین البریء والارهابی ، وبذلک یثبت للقریب والبعید ان ابناء هذه المناطق الکریمة مع اخوتهم فی الحشد الشعبی والقوات المسلحة انما یمثلون فریقا وهدفا واحدا ومهمة واحدة فتخرس ألسنة المتقولین وتتضح الحقائق للمشککین".
وتابع السید عمار الحکیم " کما ادعو اخوتی المتطوعین من الحشد الشعبی والعشائر الاصیلة والبیشمرکة والقوات المسلحة من الجیش والشرطة الاتحادیة بالحرص الشدید على عدم وقوع الأخطاء والدقة فی الأداء ، ان معرکتنا هذه فیها الکثیر من الحساسیة وهناک الکثیر من الموتورین المتربصین الذین ینتظرون خطأ هنا او هناک ؛ کی یؤججوا نار الفتنة وهی مستعرة أصلا ویتلهفون لتشویه انتصاراتکم والتشویش علیها ، فأرجو منکم ان تکونوا على قدر المسؤولیة وفی اعلى درجات الحذر والانضباط وان تفوتوا الفرصة على أصحاب المشاریع المشبوهة والتخریبیة والذین یعتاشون على خلق الازمات والفتن ، فارتکاب الأخطاء مرفوض سواء کان بقصد او من دونه ، والانضباط هو اوجب الواجبات وقمة الالتزام " .
وفی الشأن العربی والاقلیمی والعالمی فقد قال رئیس المجلس الاعلى الاسلامی العراقی ان " انعقاد القمة العربیة شیء جید وندعو الیه دائما ونتمنى ان یتکرر ویترسخ ، واتخاذ قرارات ذات اغلبیة واجماع عربی خطوة فی الطریق الصحیح ، ولکن نتمنى على اشقائنا العرب ان یراعوا مسألة التوازن فی سرعة انعقاد القمم وجرأة اتخاذ القرارات فیها ؛ کی یشعر الجمیع فی الجامعة العربیة انهم متساوون وهناک انصاف فی التعامل مع قضایاهم ، لا ننکر ان الوضع صعب ومربک فی أکثر من بلد عربی ، والمنطقة عموما والدول العربیة خصوصا تتعرض ومنذ سنوات لضغط شدید ، وان المحاور والتخندقات باتت أکثر وضوحا واستقطابا ، نحن ندرک تماما کل هذا وندرک ان ما یجتمع علیه العرب فی الجامعة العربیة یجب ان ینظر له على انه قرار عربی بغض النظر عن نوعیة هذا القرار ومدى صحته من خطأه ، ولکننا نرى ان التوازن هو من اهم عوامل صناعة الاستقرار فی المنطقة والعالم وهو قانون الطبیعة الأول ومن دون توازن فلا توجد قیمة لأی شیء ، وهنا نقول این التوازن فی قرارات الجامعة العربیة ؟ وأین هو فی اهتمامها بقضیة دون أخرى ؟ ونوعیة الإجراءات المتخذة فی قضیة دون أخرى ؟ اسئلة کبیرة وکثیرة تثار ونتمنى ان نجد لها إجابات صریحة ومنطقیة ، فهناک اکثر من ملف عربی شائک ومحترق فلماذا لا یتم التعامل مع کل الملفات بنفس الحزم الذی تعامل معه مع ملف الیمن ؟ ولماذا لا تکون القرارات بنفس الجرأة ؟ ".
وتابع "مع ذلک فإننا نشدد على ان الجامعة العربیة ان تبقى الإطار لأی تحرک عربی ، وندعو الى ان تکون حازمة فی إیجاد حل للازمة الیمنیة مثلما کانت فی التدخل بهذه الازمة ، وکلنا امل بأخوتنا العرب ان یکون صوت الحکمة عندهم اعلى من صوت المدافع ، لقد تابعنا باهتمام وحذر تطورات الازمة الیمنیة الأخیرة وانطلاق عملیة عاصفة الحزم ، وأصبحت لدینا عاصفة أخرى تضاف الى عواصف المنطقة التی لا تنتهی ، ولکی نکون منطقیین وواقعیین فإن الازمة الیمنیة تداخلت فیها العوامل الداخلیة والخارجیة بشکل کبیر وهو یمثل أحد أسباب اتجاهها نحو التعقید ، ان موقفنا الثابت هو عدم التدخل فی شؤون الاخرین وإذا کان هناک تدخل فیجب ان یکون إیجابیاً ولیس لصالح طرف على حساب اخر ؛ لأن من السهل اتخاذ قرار الحرب ولکن من الصعوبة بمکان اتخاذ قرار إیقافها ، وجمهوریة الیمن بترکیبتها السکانیة والعشائریة وطبیعتها الجغرافیة وطبیعة أهلها لیست بلداً سهلاً لمثل هکذا حرب مفتوحة ، کما اننا نحمل الأطراف المعنیة مسؤولیة ما حدث وما وصل الیه الیمن " .
واضاف" إننا ندرک جیدا ان هناک دولاً إقلیمیة لدیها مناطق رخوة فی امنها القومی ، وأنها تعد بعض الاحداث الداخلیة فی الیمن هی جزء لا یتجزأ من امنها الاستراتیجی ، وهنا نرکز على ان عبور الخطوط الحمراء هو تصرف طائش من الجمیع ومن دون استثناء ؛ لأننا نؤمن ان الجزء المهم من عملیة حفظ الاستقرار فی المنطقة هو الحفاظ على الخطوط الحمراء التقلیدیة وتدعیمها ، وان سیاسة فرض الامر الواقع لیست السیاسة الصحیحة فی منطقة ملتهبة کمنطقتنا ، نتمنى على الیمنیین ان لا یزهدوا بالحوار المشترک ؛ لأنه نهایة کل ازمة وان یکون الدخول بالحوار فی أسرع وقت ، کما لا نتمنى ان یتورط الاشقاء العرب فی صراع وحرب مفتوحة بالیمن ، وان لا تکون هذه الازمة بدایة لصراع طائفی مفتوح ، ویجب ان لا یسمح لها ان تکون صراعاً طائفیاً ولا حتى قومیاً مفتوحاً " .