قال العلامة الصنقور خلال خطبة صلاة الجمعة إن "الحدیثُ حولَ قضیةِ الطلبةِ المعتقلین والتی ینبغی النظرُ إلیها من زاویةٍ انسانیةٍ صِرفة نظراً لمسیسِ اتَّصالِها بهذه الحیثیَّة" مبینا "هی قضیةٌ انسانیَّةٌ بامتیاز، تجرحُ المشاعرَ وتُدمی القلوبُ النابضةُ بالحیاة، وتسترعی أقصى درجاتِ العنایةِ من ذوی التأثیرِ خصوصاً بعد تفاقُمِها، فقد بلغَ عددُ المُعتقلینَ من الطلبةِ حدَّاً لم یکنْ مسبوقاً، وفیهمُ الکثیرُ ممَّن لم یبلغوا سنَّ الاستقلالِ عن امهاتِهم وإنْ تظاهرَ بعضُهم بذلک، فإنَّما بهنَّ تستقیمُ نفوسُهم وتنتظمُ أحوالُهم، وهنَّ مَن یرعى شئونَهم فیما یأکلونَ ویلبسونَ".
وأکد الشیخ الصنقور "فلیتمحَّضِ النظرُ لهذه القضیةِ الإنسانیة من هذه الزاویةِ ومن زاویةِ أنَّ التعلیمَ لا یصدقُ ولا یجنی من أثرٍ مرجوٍّ ما لم تکنْ أجواؤه وبیئتُه قد أُعدَّت لهذا الغرض وهی حصریاً أجواءُ المدرسةِ والجامعة، فمجردُ تسلیمِ السجینَ کُتبَه الدراسیة والإذنِ له بتقدیمِ الإمتحان فی نهایةِ الفصلِ الدراسی لا یُنتج ولداً متعلِّماً، ولا یرفعُ عن کاهلِنا جنایةَ حرمانِه من حقِّه فی التعلیم".
وأضاف خطیب جمعة جامع الإمام الصادق(ع) أن "ما ذکرتْه وزارةُ التربیة من أنَّها ستمنحُ السجناءَ من الطلبة حقَّ الدراسةِ بالانتساب لا یعالجُ هذه الأزمةَ الإنسانیة بل یؤکِّدُ مراوحتَها فی مکانِها، فلیس للوزارةِ أنْ ترضى عن نفسِها وتعتبرُ ذلک من انجازاتِها، موضحا أن "هذا الإجراءَ لا یکفی للنأی بالنفسِ عن تبعاتِ الحرمانِ لهؤلاءِ الطلبةِ من حقِّهمُ الإنسانیِّ فی التعلیم، إنَّ وزارةَ التربیةِ والتعلیمِ أقربُ للمؤسسةِ الإنسانیةِ منها إلى المؤسسةِ الرسمیة لذلک فهی المعنیَّةُ بالدرجةِ الأولى بهذه القضیةِ الانسانیةِ المتفاقمة".
ولفت إلى أنَّ "علاجَ هذه الأزمةِ الإنسانیَّة لا یتمُّ إلا بعودةِ هؤلاءِ الطلبةِ إلى مقاعدِهم الدراسیة، ولذلک فالواجبُ الأخلاقیُّ والأدبی یُحتِّم على وزارةِ التربیةِ أنْ تدفعَ باتِّجاهِ الإفراجِ عن أبنائِها الطلبةِ لیلتحقوا بمدارسِهم وجامعاتِهم وأنْ تستفرغَ ما فی وسعِها لتحقیقِ ذلک"، لافتا أنَّ "بهؤلاءِ الطلبةَ کغیرهم أبناؤکم تلک هی أدبیاتُکم، وأنتم تُدرکونَ جیِّداً أنَّ اندماجَ هؤلاءِ الطلبةِ مع زملائِهم فی الفصولِ الدراسیة هو ألأقربُ لتحقیقِ الغایةِ من حبسِهم".
وتابع الشیخ الصنقورأنَّ "الجمیعَ یُدرکُ أنَّ الخسارةَ التی یَجنیها الطالبُ من بقائِه فی السجنِ غیرُ قابلةٍ للتدارُکِ، فالزمنُ لا یعود، والطالبُ حین یتجاوزُه أقرانُه فی المرحلةِ الدراسیة یشقُّ علیه الانتظامُ مع مَنْ هُم دونَه فی السنِّ، ولذلک فهو إمِّا أنْ یمتنعَ من العودةِ إلى الدراسةِ أو یعودُ ناقماً على کلِّ مَن یراهُ قد ساهمَ فی حرمانِه وتأخرِه عن أقرانِه، قائلا "فی کلا الفرضینِ لم نجنِ من حبسِه إلا نقیضَ ما کنَّا نهدفُ إلیه، ذلک لأنَّ هؤلاءِ الطلبةَ سیظلُّ کلُّ واحدٍ منهم وإنْ تقدَّمَ به العمرُ ناقماً على کلِّ من یراه قد ساهمَ فی تأخُّرِه أو حِرمانِه من حقِّه فی التعلیم. وکذلک هو شأنُ أسرِهم وأقربائِهم، ولیس یخفى على أحدٍ تبعاتُ هذه المشاعرِ وأثرِها القاتمِ على وحدةِ النسیجِ الاجتماعی".
وشدد أنَّ "الغایةَ التی یطمحُ العاقلُ إلى بلوغِها من طریقِ البأسِ والشدَّة لا یعوزُه أنْ یصلَ إلیها من طریقِ الرفقِ والأناة، فیکونُ قد أدرکَ غایتَه ولم یجنِ تبعاتِ بأسِه وشدَّتِه".