18 September 2015 - 22:10
رمز الخبر: 11001
پ
السید جعفر فضل الله:
رسا- اکد السید جعفر فضل الله على ان "فئة قلیلة من المرابطین فی المسجد الاقصى یواجهون المحتل الصهیونی نیابة عن الأمة، فی وقت تقطعت هذه الأمة أمرها، وعکست أولویاتها، واستبدلت أعداءها، وانقلبت على قضایاها".
السيد جعفر فضل الله

 

ألقى السید جعفر فضل الله، خطبتی صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامین الحسنین، فی حارة حریک، فی حضور عدد من الشخصیات العلمائیة والسیاسیة والاجتماعیة، وحشد من المؤمنین، ومما جاء فی خطبته السیاسیة:

 

"حفل الأسبوع الماضی باعتداءات متواصلة على المسجد الأقصى، وصفت بأنها الأکبر منذ حریق العام 1969، وذلک ضمن توجه أعلن عنه الاحتلال، وهو تهوید القدس، وتقسیم المسجد زمانیا ومکانیا، وصولا إلى إخراج الفلسطینیین کلیا منه وهدمه، مقدمة لبناء الهیکل المزعوم!"

 

اضاف "کالعادة، توالت على أثر ذلک بیانات الإدانة والتحذیر والوعید من بعض الدول والجهات العربیة، وبشکل خجول جدا لا یعکس خطورة الموقف! وعلى کل حال، فلم نعتد على سوى ذلک من الأنظمة الرسمیة العربیة طوال تاریخ الصراع مع العدو الصهیونی! ولکن المخیف هو هذا الصمت العربی والإسلامی المدوی، حتى لکأن الناس غیر الناس، والأرض غیر الأرض!"

 

تابع السید فضل الله "فئة قلیلة من المرابطین فی المسجد یواجهون المحتل نیابة عن الأمة، فی وقت تقطعت هذه الأمة أمرها، وعکست أولویاتها، واستبدلت أعداءها، وانقلبت على قضایاها، وبدلا من أن تهرب من تناقضاتها نحو التوحد على عدو الأمة، انکفأت على کل واقعها المأزوم، وأذکت نار العصبیات، ورهنت نفسها للمشاریع الاستکباریة، وتحول عدو الأمة لدى کثیر من أبنائها إلى حلیف یهلل لطائراته وهی تقصف بلاد المسلمین، ویعذر فی تعذیبه وقتله وسجنه لشباب الأمة ورجالها ونسائها وأطفالها".

 

واردف "ما یجری فی فلسطین الیوم حجة على الأمة، هو اختبار لمدى وجود النبض فی قلبها، وهو فرصة أیضا لتجمید کل الخلافات السیاسیة والمذهبیة، ولإیقاف کل الحروب التی لن یجنی المسلمون منها سوى المزید من الدماء والتدمیر للحاضر والمستقبل، ریثما تهبط طائرة مصالح الدول الکبرى فی مطار التهدئة. لقد اختصرت فلسطین فی الماضی کل تاریخ الصراع فی المنطقة، وکانت الخطط الاستکباریة تحرک الحروب والفتن الداخلیة فی هذا البلد العربی أو ذاک، لکی تکون محرقة لفلسطین القضیة. هذا تاریخ جربناه وحدثتنا عنه أجهزة مخابرات المستکبرین ومذکرات ساساتهم!".

 

ورأى "ان القوى المستکبرة ادرکت باکرا أن الشعوب العربیة والإسلامیة هی التی حملت هم القضیة طوال تاریخ الصراع، وهی التی أبقت الحیاة فیها، على الرغم من کثرة المؤامرات والمتآمرین، وهذه الشعوب تجاوزت انتماءاتها المذهبیة والطائفیة على وقع الانتصارات المدویة على کیان العدو فی لبنان وفلسطین، ولذلک تحرکت قوى الفتنة من جدید لکی یتلاشى هذا الهم، ویخف النبض، ولکی تستغرقها کل أطرها الخاصة، وعدنا قبائل فی عناوین مذاهب وطوائف وأعراق، "کل قبیلة فیها أمیر المؤمنین ومنبر"، کما یقول الشاعر".

 

واشار السید فضل الله الى ان هذا کله والأمة تتوافد إلى بیت الله الحرام فی مشهد جامع یدعونا إلى استلهام رمزیته فی العودة إلى الله، والرجوع إلى أصالة الإنسانیة فینا، وأن نجعل الأرض کلها حرما آمنا کما المسجد الحرام، والزمن کله زمنا حراما، لا الأشهر الحرم فحسب، وأن نعظم حرمات الله کما نعظم شعائر الحج. ومن حرمات الله إنسان هذه الأمة، فقد قال رسول الله مخاطبا الکعبة: "ما أعظمک وأعظم حرمتک على الله!"، ثم قال: "والله، للمؤمن أعظم حرمة منک"، ونسأل الله أن یکون فی ذلک موعظة لنا.

 

أما لبنان فلا یزال یتأرجح بین عقم النظام والشلل السیاسی من جهة، وقضایا الناس الحیاتیة من جهة أخرى، والتی أصبح الناس فیها متکلین على سیاسییهم لیمنحوهم هذه الحقوق الحیاتیة، فی وقت احترف الکثیر من السیاسیین امتصاص مقدرات البلد ومصادرة حیاة الناس لمنافعهم الشخصیة والذاتیة، وهکذا بتنا فی حلقة مفرغة لا بد من أن تکسر فی مکان ما لیعاد شیء من النبض إلى الحیاة السیاسیة".

 

ولفت السید فضل الله الى انه "لا شک فی أن المرحلة حساسة فی المنطقة تجاه کل النیران المشتعلة، ولکن قدرة الناس على تحمل الوجع لها حدودها، أیعقل أن یصبح أمل الناس فی الحصول على مجرد ساعات معدودات، من دون الارتهان لمافیات الماء والکهرباء، حلما مؤجلا إلى ما بعد الموت! فهل تریدون لإنسان هذا البلد أن یموت لکی یحقق حلمه فی الآخرة، لأنه یئس من أن یحیا فی الدنیا حیاة طیبة!؟"

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.