خطیب جمعة بغداد یدعو الحکومة الاتحادیة واقلیم کردستان إلى التسامح وعدم الانجرار الى المواجهة المسلحة
قال الشیخ عادل الساعدی من على منبر جامع الرحمن فی المنصور ببغداد ان " الله تبارک وتعالى قال (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِکْرِی فَإِنَّ لَهُ مَعِیشَةً ضَنْکًا وَنَحْشُرُهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَعْمَىٰ) تعطی لنا هذه الآیة الکریمة قانوناً مفاده أن الإعراض عن الله وعن ذکره یوجب حیاةً ملیئة بالنکبات ولعل العراق ومحیطه یعیش هذه الأیام ضنکاً فی العیش وعموم حیاته، فلابد لنا من الرجوع إلیه تبارک وقد شهدنا أحداثاً وتسارعاً فیها وکلها تدل على أنها مؤشرات خطرٍ قد تودی إلى کوارث تعم المنطقة بالخراب والدمار".
واضاف الشیخ الساعدی " على مستوى الداخل فقد انشغلت الناس بجملة من الأحداث من أهمها حادثة الأسلحة الکاتمة والتی لم یعلن عن تفاصیلها بعد والتی قد تجر البلد وخصوصاً بغداد أو غیرها الى ازدیاد حوادث القتل والاغتیال وإشاعة الخوف والهلع بین الناس وإعادة الفوضى والانفلات الأمنی أو جر العاصمة لحربٍ أهلیة أو طائفیة تخدم أجندات ومصالح خارجیة لا ترید للعراق خیرا".
وتابع الشیخ الساعدی أن "هذه الحادثة ومحاولة تمریرها عبر المنافذ الأکثر أماناً کالطیران والمطارات تعد سابقة خطیرة لابد من أخذ الحذر وعلى الأجهزة الأمنیة والمعلوماتیة أن تکون أکثر یقظة وأکثر حذراً ولا تسمح لأیة جهة کانت أن تعیدنا إلى المربع الأول بعد أن استعادت بغداد عافیتها ونجت من مخططات کثیرة لا ترید لها الخیر وعلى الدولة أن تکشف ملابسات الموضوع لا أن یبقى بید الإعلام یحللها کیفما شاء وفق الجهة الراعیة له فاطمئنانُ الشعب من مسؤولیة الدولة والحکومة".
وشدد " أننا نحمل السلطة العسکریة العلیا مغبة مثل هذا الخرق وعلى القائد العام للقوات المسلحة أن یکون أکثر مسؤولیة وأکثر دقة وحذراً فی مثل هذه الخروقات".
وبخصوص العلاقة بین الاقلیم والمرکز، بین الشیخ الساعدی " ما یزال التوتر یتسید العلاقة بین الحکومة الاتحادیة واقلیم کردستان وخصوصاً فی الأحداث العسکریة الأخیرة القریبة من محیط الموصل وبعد تحریر سنجار وما جرى فی مدینة طوزخورماتو فکلها تدل على عدم التواد والألفة واستغلال الأحداث من أجل المصالح والاتصاف بروح الاستئثار والتسلط وکل هذا سوف لن یؤتی خیرا للعراقیین جمیعا، بل قد یکون وبالاً علیهم، فنحن ندعو الجمیع إلى التحلی بالصبر وروح التسامح وتفهم وجهة نظر الطرف الآخر".
واردف الشیخ الساعدی إن "الخلافات لا تحل بمنطق القوة واستخدام السلاح لیس هو الأنجع بین الحلول وإن الخلاف حتما سیفضی إلى التشتت وضعف الجبهة وتوهین قوتکم أمام أعدائکم وتعطی رسائل تکون سلبیة وتصب فی صالح عدوکم المشترک وترفع من معنویاتهم فی التمادی على الجمیع دون استثناء وهو یمتلک قدراتٍ عالیة، استطاعت أن ترعب دولا غربیة کبرى".
واشار الشیخ الساعدی أن " العیش تحت مظلة العراق متحابین متآخین أکثر أمناً وقوةً دون الانجرار وراء المخططات الشیطانیة التی أُریدتْ للمنطقة من تمزیق وحدة الصف وتقسیم البلد الواحد إلى دویلات متناحرة من أجل استضعافها واخضاعها تحت سیطرتها فإننا نرفض التقسیم کما نرفض سیاسة تقبل الأمر الواقع کما یدفع باتجاهها الآخرون".
وتابع أن " أوربا المختلفة عرقیا وسیاسیا وثقافیا ، تتوحد الیوم تحت ظل اتحاد یحفظ مصالحها ویجعلها بمثابة الدولة الواحدة بینما تمزق دول هذه المنطقة على یدِ أبنائها، فلنکن على قدر المسؤولیة وأن نؤثر مصلحة الجمیع على المصلحة الخاصة فإننا جمیعاً شرکاء فی سفینة هذا الوطن ولیس من مصلحة أحدِ خرقِ جزءٍ منه".
وبخصوص الاحداث بین روسیا وترکیا، قال خطیب صلاة الجمعة فی بغداد ان " الأحداث الخارجیة فهی الأخرى لا تقل توتراً عما نعیشه فی الداخل ، فبعد الذی حصل بین روسیا وترکیا الذی لا یقل تأثیرا عمَّا نعیشه من خطر الإرهاب فلو توترت الأطراف ـ لا سمح الله ـ إلى تصعیدٍ عسکریٍ قد یجر المنطقة إلى حربٍ الخاسر الوحید فیها هی شعوب هذه المنطقة".
وکشف ان " المراهنات السیاسیة والاستعراضات العسکریة فی المنطقة بالقطع والیقین لن تجنی خیراً لها بل ستحولها إلى منطقةٍ منکوبةٍ أکثرُ مما هی علیه الآن من النکبات على یدِ داعش بدعمٍ من دولٍ کبرى".
ووجه الشیخ الساعدی رسالة الى الامم المتحدة " مع هذا التوتر الذی قد یجر الویلات لا نجد تدخلاً أممیاً ولا حلاً دولیاً لتجنبِ المنطقة صراعاتٍ الآخرین ، لذا ندعو الأمم المتحدة والدول ذات الشأن أن تتدخل لتخفیف حدة التوتر وأن تؤسس لجهودٍ دولیة مشترکة لحرب الإرهاب واحترام الشأن الداخلی لدول المنطقة فإن التعاون الدولی الجاد والنزیه کفیلٌ فی حل الأزمات وأن لا تحل الأزمات الاقتصادیة للدول الکبرى على أساس بیع السلاح للمنطقة أو من خلال مشارکتها مع الدول المبتلاة بالإرهاب فإن هذا سیکلف هذه الدول کلفا مالیة تنخر اقتصادیاتها وتمیت عصب حیاتها وتجعل شعبها تحت مستوى خط الفقر".