08 December 2009 - 23:49
رمز الخبر: 1296
پ
عضو بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامیة یرفض تطبیق حد الردة على المرتد <BR>



من جدید یثیر احد علماء الأزهر الجدل بسبب حدیثه عن حد الردة حیث أکد الدکتور محمد عبد الله الشرقاوی أستاذ مقارنة الأدیان بکلیة دار العلوم انه لا وجود لحد الردة فی القرآن الکریم والآیات التی تعرضت للردة لم تحدد عقوبة دنیویة للمرتد عن دینه مضیفا فی جلسة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامیة الاثنین أن حدیث النبی صلی الله علیه وأله وسلم "من بدل دینه فاقتلوه".

لا یعطی دلیلا علی ضرورة إقامة الحد علی المرتد لأن نص الحدیث فیه عمومیة تجعل الدلالة ظنیة ولیست قطعیة والحدیث لم یحدد ماهیة الدین بالضبط وهل إذا بدل الیهودی أو المسیحی دینه فهل یطبق علیه الحد قائلا ان هناک فهما خاطئا فی الغرب عن أن انتشار الإسلام بالسیف ولکن الحقیقة إن الفتوحات الإسلامیة خرجت من أجل هدف نبیل وهو مساعدة الشعوب المقهورة والمستضعفة.
وأضاف :اعتبر الفقهاء المسلمون أن للردة حداً شرعیاً هو القتل واعتمدوا فی ذلک على بعض الأحادیث النبویة الشریفة، وکذلک بعض الآیات القرآنیة التی تتحدث عن الردة وعقوبتها، لکننا بالتدقیق فی فهم الآیات القرآنیة نجد أنها لا تتضمن عقوبة دنیویة للردة مثل القتل أو غیر القتل، أما الأحادیث فإنها یمکن أن تفهم طبقاً للظروف والحوادث التی وقعت فیها فإنها تتحدث عن عقوبة للمرتد الذی تصحب ردته اعتداءات منه على بعض الناس مثلما حدث مع الجماعة الذین أرسل الرسول (صلى الله علیه وسلم) معهم إبلا وراعیاً فقلتوا الراعی ومثلوا به، وارتدوا عن الإسلام فأرسل (صلى الله علیه وسلم) إلیهم من یأتی بهم ونفذ فیهم حکم الحرابة أی قطع أیدیهم وأرجلهم لیس لأنهم ارتدوا عن الإسلام وترکوا عقیدته.
ولکن لأنهم خانوا وقتلوا ومثلوا بقتلاهم وسرقوا وهربوا، فلو تأملنا هذه الواقعة جیداً لوجدنا أن العقوبة لم تقع بسبب الردة أی بسبب الخروج عن العقیدة الإسلامیة، ولکن بسبب ما صاحبها من أعمال إجرامیة تحدثنا عنها، وکذلک القول فی الأحادیث الأخرى التی یستدل بها الفقهاء نلاحظ أن العقوبة لا تقع من أجل ردة العقیدة ولکن من أجل ما یصاحبها من أعمال عدوانیة صریحة ظاهرة أو متوقعة بشکل مؤکد، ونستطیع أن نمیز بین نوعین من الردة: أولهما ردة العقیدة وهی جریمة شنیعة لکن عقوبتها عقوبة أخرویة یوم الحساب، والنوع الثانی: ردة دستوریة أو قانونیة أو ردة وخروج على نظام المجتمع، وتلک لها عقوبة دنیویة حددتها القوانین الإسلامیة، وتلک نلاحظها حتى فی أکثر الدول علمانیة مثل ترکیا التی لدیها قانون یعاقب عقوبة مغلظة على الخروج ضد العلمانیة، وأعتقد أن قوانین المجتمعات والدول تبیح مثل تلک العقوبة.
أما ردة العقیدة فإننا نرى أنه لیس علیها عقوبة شرعیة دنیویة، ولکن الحاکم المسلم مطالب بالحفاظ على الدین وعلى شؤون المواطنین، وعلى أمنهم النفسی والاجتماعی ومن هنا یقدر الحاکم المسلم وضع المرتد عن العقیدة الإسلامیة إن شاء عاقبه بما یشاء وإن شاء عفا عنه حسب الأحوال والظروف، وإننا نرى ذلک الرأی اعتماداً على الآیات القرآنیة الصریحة القطعیة الدلالة التی تکفل لکل إنسان أن یختار دیانته بحریة تامة کما فی قوله تعالى: (( لا إکراه فی الدین قد تبین الرشد من الغی )) وفی قوله تعالى لرسوله محمد(صلى الله علیه وسلم): (( أفأنت تکره الناس حتى یکونوا مؤمنین )) وفی هذه الآیة توجیه للرسول (صلى الله علیه وسلم) .
جاء بصیغة مؤکدة مغلظة تستنکر إکراه الناس على الدخول فی الإسلام حتى وإن وقع من الرسول نفسه، وفی آیة أخرى یوضح الله تعالى مهمة الرسول بقوله: (( إن علیک إلا البلاغ )) وفی قوله: (( لست علیهم بمسیطر )) وفی قوله: (( من شاء فلیؤمن ومن شاء فلیکفر )) کل هذه الآیات تؤکد حریة الإنسان فی أن یختار دیانته، وهو مسؤول عن اختیاره هذا أمام الله وحده، والحاکم المسلم یرى ماذا یفعل مع المرتد عقدیاً طبقاً لما تملیه مصلحة الوطن وجمیع المواطنین .
وقد أثارت تصریحات الدکتور الشرقاوى جدلا واسعا بین علماء الازهر الشریف الذین هاجموا الشرقاوى قائلین أن المذاهب الأربعة بل الثمانیة فتُجمع على عقوبة القتل، وهو ما أخذ به عدد من علماء العصر مثل: الشیخ عطیة صقر، والشیخ سید سابق، والدکتور: عبد الکریم زیدان، والدکتور: وهبة الزحیلی.
فی حین ذهب الإمام الثوری وإبراهیم النخعی إلى أن قتل المرتد من حق الإمام ومن اختصاصه وصلاحیة سلطته، فإذا أمر بذلک نُفّذ وإلا فلا .
ویقول الشیخ یوسف البدرى عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامیة و مفتی الشارقة السابق والداعیة المعروف أن الرأى القائل بأن تارک الدین إذا لم یقترن بالفساد فی الأرض فإنه یترک رأى فاسد ووصفه بأنه لا دلیل له ولا سند، وقال إذا کان عبد الله بن أبی لم یقتل، فذلک لأن النبی " " لم یتمکن منه ثم عاد بعد ذلک فأسلم فسقط عنه حد الردة، والذین یرفضون عقوبة الردة یعطلون فی الأصل الحدود التی هی لحفظ الکلیات الخمس، وهی: الدین والنفس والعقل والأعراض والمال، ولحفظ الدین کان حد الردة،،ومن یقول بأن المرتد لا یقتل یجرئ غیره علی الردة وعلی العبث بالدین، ومن هنا کان لابد من معاقبة المرتد بعقوبة الخیانة العظمی .

و من جانبه اتهم الدکتور نصر فرید واصل مفتى مصر الأسبق الظروف السیاسیة والأمنیة والثقافیة وانتشار العلمانیة بالمسئولیة وراء ظهور أصوات تنادی بعدم تطبیق حد الردة رغم أن الردة والخروج عن الإسلام متفق علی حکمها بین جمیع الفقهاء بضرورة تطبیق «الحد»، لأن الإسلام لم یقر الخروج والارتداد عنه، لکونه لم یجبر أو یکره من اعتنقه علی ذلک، فإما أن یستتاب المرتد ویرجع مرة ثانیة، أو یتم تطبیق حد الردة علیه، لأن هذا حق الله سبحانه وتعالی.



وأضاف واصل: الردة عند کل الفقهاء بدءاً من الصحابة حتی التابعین، وإلی وقتنا هذا، حد من الحدود التی شُرعت للمحافظة علی حقوق الجماعة ووحدتها، حتی لا یؤدی عدم تطبیقه إلی تفریق الجماعة لقوله تعالی: «وأن هذه أمتکم أمة واحدة وأنا ربکم فاعبدون».



وأشار واصل إلی أن الشریعة الإسلامیة هی التطبیق العملی لکل أفعال العباد فی الحیاة سواء بالنسبة للمسلم أو غیر المسلم، وأنها راعت فی کل أحکامها وتفصیلاتها کل ظروف الحیاة البشریة بکل دقة بدءاً من میلاد المرء وحتی لقاء ربه، موضحاً أن ممارسة الشریعة تمت فی مجال القضایا والأحکام العامة، التی تتعلق بحقوق الله أو العباد، وهو ما یطلق علیه الفقهاء «الحدود»، التی شرعت لحمایة حقوق الله وحقوق العباد فمن اعتنق الإسلام باختیاره ورغبته أبرم عقداً مع الله ومع الجماعة، فلیس من حقه الرجوع عنه، لأنه اعتنق الإسلام بعد اقتناع کامل، وعلیه أن یتحمل أعباء ذلک ولا یرتد .



أما المفکر الشیعى احمد راسم النفیس فیعقب على ذلک قائلا : لا یخفى على کل مسلم بصیر بأمر دینه أن الأحکام الشرعیة لا تؤخذ فقط من القرآن الکریم، وإنما تؤخذ من السنة الشریفة أیضاًَ لما ورد من الأمر فی الأخذ بها بحسب النص القرآنی الذی یقول: (( وَمَا آتَاکم الرَّسول فخذوه )) (الحشر:7) .
وأیضاً لما ورد فی القرآن من أن مهمة النبی الأعظم (صلى الله علیه وآله) هی البیان لما یرد مجملاً أو عاماً فی القرآن الکریم، قال تعالى: (( وَأَنزلنا إلَیکَ الذکرَ لتبَیّنَ للناس مَا نزلَ إلَیهم وَلَعلهم یَتفکرونَ )) (النحل:44).
فمن المعلوم أن الصلاة وردت فی القرآن مجملة إذ لم تذکر تفاصیل عدد الرکعات أو ما یجب قوله فی الرکعة الواحدة أو کیفیة الرکوع أو السجود أو کیفیة التشهد أو التسلیم وهکذا بقیة الشرائط والفرائض فیها، وإنما تکفل ببیان ذلک النبی (صلى الله علیه وآله) حیث قال للمسلمین: (( صلوا کما رأیتمونی أصلی ))، وکذلک بقیة فروع الدین من الصیام والزکاة والحج والخمس وباقی التفاصیل التی تتعلق بالعبادات والمعاملات التی تکفل ببیانها الشارع الأقدس النبی (صلى الله علیه وآله) والأئمة المعصومون (علیهم السلام) بحسب عقیدة الامامیة التی تفسر السنة بأنها فعل المعصوم (علیه السلام) .
أو قوله أو تقریره وهی تشمل المعصومین الأربعة عشر وعلیه فمن غیر المعقول التصریح بأن حد الردة لم یرد فی کتاب الله وبهذا لا یوجد للردة حد فی الإسلام، فهذا کلام ینم عن جهل وعدم التفقه فی الدین بل جهل بالنص القرآنی أیضاً، فقد أرشدنا القرآن الکریم إلى الأخذ بما جاء عن النبی (صلى الله علیه وآله)، وأوضح أنه المبیّن لما ورد فی آیات عامة أو مجملة فی القرآن، وقد جاء فی شأن الردة فی القرآن الکریم ما بین خطرها وسوء عاقبة صاحبها.. فأضاف النبی (صلى الله علیه وآله وسلم) إلى ذلک بیاناً أوجب فیه قتل المرتد عن دینه، وهو (صلى الله علیه وآله): (( وَمَا یَنطق عَن الْهَوَى * إن هوَ إلَّا وَحیٌ یوحَى )) (النجم:3-4).
قال تعالى فی بیان خطر الردة وسوء عاقبتها: (( وَلا یَزَالونَ یقَاتلونَکم حَتى یَردّوکم عَنْ دینکم إن استَطَاعوا وَمَن یَرتدد منکم عَن دینه َیَمت وَهوَ کَافرٌ أولَئکَ حَبطَتْ أَعْمَالهم فی الدنیا وَالآخرة وَأولَئکَ أَصحاب النار هم فیهَا خالدون )) (البقرة:217).
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.