نظّم مكتب تمثيل منظمة التعاون الاسلامي لدى دولة فلسطين، بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار الفلسطينية ووزارة شؤون القدس، أمس الاثنين (26 سبتمبر 2016)، ندوة في مدينة "رام الله" الفلسطينية حول "النهوض بالسياحة الدينية في فلسطين وبشكل خاص في مدينة القدس".
وشارك في الندوة ممثل منظمة التعاون الإسلامي لدى دولة فلسطين السفير المحامي أحمد الرويضي، وزيرة السياحة والآثار الفلسطينية "رولا معايعة"، ووزير شؤون القدس المهندس عدنان الحسيني، ومفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، وقاضي القضاة الشرعي الدكتور محمود الهباش، ووكيل وزارة الخارجية الفلسطينية الدكتور تيسير جردات، والمطران عطا الله حنا، وسفيرا الاردن والمغرب لدى فلسطين، وعدد من ممثلي المؤسسات السياحية الفلسطينية في القدس.
واستهلت الندوة بعرض قدمه السفير الرويضي حول منظمة التعاون الإسلامي منذ تأسيسها في العام 1969، رداً على إحراق المسجد الأقصى في حينه، مشدداً على أن القضية الفلسطينية على رأس أولويات المنظمة.
وقال إن منظمة التعاون الإسلامي تأخذ بالاعتبار تحقيق مصالح المسلمين في كل مكان، وتعقد مؤتمراتها لمناقشة كافة قضايا العالم الإسلامي، ولا شك، فان القضية الفلسطينية هي القضية المحورية بالنسبة لها، وقد افتتحت مؤخراً أول مكتب دبلوماسي لها في فلسطين، ما يعكس الاهتمام الذي توليه المنظمة لفلسطين وقضيتها.
وأشار الرويضي إلى أن انعقاد الندوة يأتي تزامناً مع الذكرى السابعة والأربعين لإنشاء المنظمة، لافتاً الى جملة من القرارات التي اتخذتها وتتعلق بالسياحة الدينية إلى القدس، والى تأكيدات الرئيس الفلسطيني محمود عباس المستمرة في مؤتمرات القمة الإسلامية على أهمية وضرورة زيارة القدس، لما في ذلك من دعم للشعب الفلسطيني وقضيته، وما لذلك من أهداف دينية وسياسية واقتصادية.
وأعرب عن أمله في أن تخرج الندوة برؤية جديدة للتعامل مع قرارات القمم الإسلامية، ووضعها موضع التطبيق.
وقالت الوزيرة معايعة إن أعداد زوار القدس وفلسطين من المسلمين بدأت بالتزايد خلال السنوات القليلة الماضية، وأن وزارة السياحة تعمل على زيادة هذا العدد خلال السنوات القادمة.
وأضافت "خلال العقدين الماضيين انصب تركيزنا على السياحة الدينية المسيحية، وشكلت نسبة المسيحيين من زوار الأراضي المقدسة 90-92%، لكن خلال السنوات القليلة الماضية بدأنا العمل على تشجيع السياحة الدينية الإسلامية، لأهمية تطوير هذا النوع من السياحة".
وتابعت: هناك الكثير من الصعوبات أمام السياحة الفلسطينية بشكل عام، وهي اكبر أمام السياحة الدينية الإسلامية، "ومع ذلك من المهم أن نبدأ العمل، وقد بدأنا بتركيا لسهولة دخول السياح الأتراك".
وأشارت معايعة الى اتفاقية وقعت مع تركيا قبل سنتين لجلب 100 ألف سائح تركي سنوياً، "لكن الإحصائيات التركية تقول إن نحو 130 ألف سائح تركي زاروا فلسطين في العام 2015".
وقالت إن عمل وزارة السياحة لزيادة أعداد السياح المسلمين انتقلت الى دول إسلامية أخرى، مثل ماليزيا واندونيسيا، مشيرة الى عقبتين رئيسيتين امام السياحة الدينية الاسلامية، هما: وجود عدد كبير من الجنسيات الإسلامية تواجه صعوبات جمة في الدخول الى فلسطين في ظل سيطرة اسرائيل على المعابر وعدم وجود مطار فلسطيني، والتخوف من التطبيع مع اسرائيل، مؤكدة أن "الحضور الاسلامي في المسجد الاقصى هو حماية له، ودعم لفلسطين والقضية الفلسطينية".
وشددت معايعة على أهمية دور منظمة التعاون الإسلامي في دعم وتشجيع السياحة الدينية الاسلامية، وتوفير غطاء لها، في إشارة الى فتوى مجمع الفقه الإسلامي بداية العام الماضي بشأن جواز زيارة القدس تحت الاحتلال.
وفي هذا السياق، أشارت الى ترتيب الوزارة لزيارة ضمت ممثلي عن القطاع الخاص الى مقر المنظمة في جدة، لبحث سبل تشجيع السياحة الدينية الإسلامية.
من جهته، أشاد الحسيني بخطوة منظمة التعاون الاسلامي افتتاح مكتب تمثيل لها في فلسطين، داعياً المنظمات والصناديق العربية والاسلامية الاخرى الى اتخاذ خطوات مماثلة.
وقال إن السياحة في القدس في تراجع مستمر، إذ تراجع عدد الغرف الفندقية الى النصف، من الفي غرفة في العام 1967 الى نحو الف غرفة حالياً، كما تراجعت البنى التحتية في المدينة.
بدوره، أكد الشيخ حسين "ضرورة توضيح أهمية زيارة القدس للمسلمين كافة، وأيضا للمسيحيين، لما تحتويه من رموز دينية، إسلامية ومسيحية، فريدة".
وقال إن وجوب زيارة القدس للمسلمين وردت في عدة أحاديث نبوية شريفة، مشيراً الى أنه "على مر التاريخ، لم تصدر أية فتوى تمنع زيارة القدس، بما في ذلك أثناء الحملات الصليبية، والتي أخضعت القدس لاحتلال الفرنجة لمدة 100 عام وسواحل فلسطين وبلاد الشام الى مئتي عام".
ودعا المفتي وزارات السياحة في فلسطين والدول العربية والإسلامية الى العمل المشترك والتنسيق لتذليل العقبات امام زيارة المسلمين للقدس.
من جهته، قال الشيخ الهباش إن فتوى تحريم زيارة القدس، والتي صدرت عن بعض المراجع الدينية خلال السنوات القليلة الماضية "باتت وراءنا، بعد أن حسمت فتوى مجمع الفقه الاسلامي، الصادرة في شهر آذار/ مارس من العام 2015، هذا الجدل، حين أفتت بجواز زيارة القدس حتى تحت الاحتلال.
وقال "القدس حاضرة في وعي كل المسلمين، فهي جزء من القرآن، وجزء من التراث النبوي، ومن ينقب في التاريخ الاسلامي يجد أن مئات الصحابة حرصوا على زيارة القدس والرباط فيها، وهذا يعكس اهتمام الصحابة بالقدس وفلسطين عموما".
وأضاف "لا خلاف بين المسلمين على ان زيارة في اصلها مشروعة، وورد ذلك في عدة احاديث نبوية شريفة، وحتى سنوات قليلة ماضية، لم يكن هناك خلاف فقهي حول زيارتها، الى ان خرجت بعض الفتاوي، وجاءت فتوى مجمع الفقه الاسلامي لتحسم هذا الامر بجواز زيارة القدس، واصبحت فتاوى المنع خارج نطاق الوعي والنقاش لدى الغالبية العظمى من المسلمين".
وعرضت خلال الندوة ورقتان، الأولى بعنوان "السياحة الدينية الى فلسطين"، قدمها مدير دائرة الترويج والعارض في وزارة السياحة ماجد اسحاق، والثانية بعنوان "استعادة مركزية السياحة والثقافة في مدينة القدس"، وقدمها رئيس التجمع السياحي المقدسي راند سعادة.
أوصت الندوة بضرورة تفعيل التعاون ما بين الجهات الرسمية الفلسطينية ممثلة بوزارة الخارجية والسياحة والآثار، مع الأمانة العامة لمنظمة التعاون الاسلامي لفتح طريق سياحي اسلامي يضمن رفع أعداد السياح المسلمين القادمين الى مدينة القدس، لما لذلك من أهمية في حماية المقدسات وبشكل خاص المسجد الاقصى المبارك، ودعم القدس وتجارها ومؤسساتها ومقدساتها وحمايتها من التهويد.
كما أوصت بالترويج لقطاع السياحة الى فلسطين والقدس بشكل خاص على المستوى الاسلامي من خلال المطبوعات والمواد الترويجية والمعارض وعقد مؤتمر لمكاتب السياحة في العالم الاسلامي، وبضرورة نشر الفتاوى الشرعية الصادرة عن مجمع الفقة الاسلامي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي العام 2015 وعن دائرة الافتاء الفلسطينية، وعن اجتماع علماء المسلمين الذي عقد في الأردن تحت عنوان "الطريق الى القدس" والذي أشار الى المحاذير المرتبطة بزيارة القدس ومقدساتها.(۹۸۶۳/ع۹۴۰)