19 January 2017 - 17:00
رمز الخبر: 427316
پ
الشيخ الديهي في خطاب الشهداء:
أدان نائب الأمين العام للوفاق الشيخ حسين الديهي جريمة إعدام ثلاثة معتقلين سياسيين (سامي مشيمع وعباس السميع وعلي السنكيس) قائلا في خطاب الشهادة في ختام كسار فاتحة الشهداء إن خِيارُ الإعداماتِ في مواجهةِ الحراكِ المطلبي السلمي المشروعِ هو إعدامٌ لمستقبلِ الاستقرارِ السياسي في الوطن.
 الشيخ الديهي

وأضاف إنّ جريمةَ الاغتيالِ السياسي للأبطالِ الثلاثةِ قوضت من مبدأِ المصالحةِ الوطنية، بسببِ الاستمرارِ في الدفعِ بالخِيارات الأمنيةِ.

وفيما يلي نص الخطاب كاملا:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

 

السلامُ على الشعبِ الموعودِ بالنصرِ، المُقدَّرِ له المَجْدُ، ومن أراد اللهُ نَصْرَهُ فلا غالبَ لهُ، فإرادتُهُ لا رادّ لها، ولا يقهرها قاهر، ولا تعوقها الظروفُ، ولا تحتاجُ للأسبابِ، فكلُ الأسبابِ تحت إرادتهِ.

 

السلامُ عليكَ شعباً امتحنَهُ الله فوجدهُ صابراً شكوراً ثابتاً لم ينَلْ من عزيمتِهِ النظامُ بكلِ ما أوقعهُ فيه من بطشٍ وأذاقَهُ من إرهاب.

 

السلامُ عليك معطاءً تُقدِّمُ شبابَك قرابينَ فداءَ دينِكَ وعزتكَ وكرامتكَ، شهداءَ وجرحى ومعتقلينَ ومطاردينَ ومهجرينَ، وما أعطيتَ بيدك إعطاءَ الذليلِ ولا أقررتَ إقرارَ العبيد.

 

وسلامُ الله و تحياتُه و رضوانُه وصلواتُهُ على عليِّنا السنكيس وعباسِنا السميع وسامِيِّنا المشيمع شهدائِنا العظماءِ الأبرارِ المقتولينَ ظلماً خارج إطار القانون والإنسانيةِ كيداً وتلفيقاً وظلماً كأشدِّ ما يكونُ الظلمَ وأبشعَ ما يكونُ الكيدُ، إنهم فتيةٌ آمنوا بربهِم وقضيتِهم وحقهِم في الكرامةِ والعدلِ والمساواةِ فزادهم اللهُ وعياً مبكراً وهدياً بصيراً فاستقبلوا الشهادةَ كما يستقبلُها البدريونَ والخيبريونَ بيقينٍ صادقٍ وثقةٍ بأنَّ المآلَ الجنةُ والموعدَ القيامةُ ويومئذٍ يخسرُ المبطلون.

 

إنني إذ أقدم العزاءَ والمواساةَ باسمي وباسم سماحة الأمين العام الشيخ علي سلمان على فقدِ هؤلاءِ الفتيةِ الأبطال لأهاليهم و ذويهم مُهنئاً ومباركاً لهم بالشهادةِ وحسنِ الختامِ في الوقتِ ذاتهِ، لا يفوتُني أن أُبديَ عظيمَ الفخرِ وكبيرَ الاعتزاز بأمهاتِ الشهداء وآبائهم وأخواتهم وإخوانهم الذين ضربوا أروعَ أمثلةِ الرضا بقضاءِ اللهِ تعالى والصبرِ والإباءِ والعزةِ والشموخِ وتقريعِ النظامِ أمامَ مرأى جلاوزته ومرتزقته ومسمعهم على هذه الجريمة النكراء.

 

ثم السلامُ على شبابِنا وشاباتِنا وآبائِنا وأمهاتِنا المُكْمِلين لمسيرة النضالِ الثابتينَ على الطريق ذاتهِ الذي رسمتهُ دماءُ الشهداءِ الغاليةُ المدافعينَ عن بحرينِنا الحبيبةِ والذائدينَ عن شرفِها وحضارتِها وأمنِها وأمانِها والباذلينَ في حفظِ قائِدنا وملهِمنا وحامي سلمِنا و راعي مسيرتِنا وسلامتهِ الساكنِ في عرينهِ المطمئنُ بلطفِ خالقهِ تعالى و رعايتهِ آيةُ اللهِ الشيخ عيسى قاسم دام ظله الشريف.

 

يا أبناءَ شعبِنا، أيُها الأحرارُ الأوفياءُ، حيّى اللهُ غَيرَتَكم وحميّتَكم، فلقد أثبتم بوعيِكم وبصيرتِكم وشجاعتِكم وقوةِ حضورِكم في الساحاتِ رفضاً واستنكاراً واحتجاجاً على الجريمةِ النكراءِ؛ بأنّكم أقوى من أن تهزمَكم لغةُ سفكِ الدمِ الحرام، ولغةُ القتلِ والبطشِ والتنكيلِ، لقد أفشلتُم بإرادتِكم الصلبةِ أهدافَ النظامِ، الذي أرادَ وهو يوقعُ على أحكامِ الإعدام أن يكسرَ عزائمَكم، لقد وصلت رسالةُ النظامِ من هذه الجريمة، والجوابُ: إنّ شعب البحرين سينتزع حقوقه العادلةَ والمشروعةَ مهما كان التضحياتِ.

 

لقد جاءت هذهِ الجريمةُ البشعةُ التي راحَ ضحيتَها ثلاثة أقمارٍ من أبرياءِ هذا الوطنِ، هم الشهداءُ السعداءُ عباسُ السميعِ وسامي المشيمع وعلي السنكيس، كنتيجةٍ طبيعيةٍ لفسادِ المؤسسةِ الرسمية الأمنيةِ والقضائيةِ وانعدامِ مبدأِ الفصلِ بين السلطاتِ، فهؤلاءِ الشهداءُ السعداءُ زجَ بهم فشل النظام السياسي والأمني ، في قضيةٍ تُشيرُ كلُ الدلائلِ على أنهم أبرياءُ منها، ولكنه جهازُ الأمنِ الفاشلِ في حمايةِ الأمنِ وتوفيرهِ لجميعِ المواطنينَ والمقيمينَ، فماذا يُقدمون لسيدهم لتبريرِ فشلهم سوى ضحايا التعذيبِ والتنكيل.

 

هي منظومةٌ أمنيةٌ فاشلةٌ بكلِ المقاييسِ، هشةٌ مضروبةٌ من الداخلِ، يلفُها الرِشى والمصالحُ الشخصيةُ وتصفيةُ الحساباتِ والطائفيةُ المقيتةُ ويسرح فيها المرتزقة والاجانب، فلا قيمَ دينيةَ ولا وطنيةَ ولا مهنيةَ، ادفع لتاخذَ ما تُريدُ أياً تكن صفتُك .

 

هذا الفشلُ، يُغطى بقتلِ أبرياءَ، ليقدموا عربونَ الاستقواءِ السابق والقادمِ، من حلفاءِ النظامِ، حلفاءَ لم يُخطأ بحقِهم هذا الشعبُ قيدَ أنمُلةٍ، ولم يعتدِ عليهم، بل هم من جاؤوا بعَتادِهم وعساكِرهم لقمعهِ، وقتلهِ والتنكيلِ به، لا لجرمٍ الا لإنتمائهِ لمذهبِ أهلِ بيتِ النبوةِ، ومطالبتهِ بالحدِ الأدنى من حقوقهِ المشروعةِ.

 

نعم هي جريمةٌ وحشيةٌ، غيرُ إنسانيةٍ بكلِ المقاييس، كما جاء على لسانِ شخصيةٍ أمميةٍ وهو ( المقررُ الخاصُ للقتلِ خارجَ القانون )، وحقوقيينَ أمميينَ آخرينَ ذهبوا لافتقارِ المحاكمةِ لأيِ مستوىً من العدالةِ وبذلك يُصبحُ إعداماً خارجَ القانون.

 

إن ما جرى في جريمةِ اعدامِ هؤلاءِ الأبرياءِ يُثبتُ صحةَ المطالبِ الوطنيةِ في ضرورةِ تأمينِ القضاءِ العادلِ، وإلا فماذا يُسمّى تعرضُ ما يزيدُ على 4000 مواطنٍ بحريني للتعذيبِ في أقبيةِ السجونِ، واستشهادُ أكثرَ من 150 بحرينيٍ بينهم أطفالٌ وأجنةٌ على يد الأجهزةِ الأمنيةِ والمرتزقةِ الذين تم جلبُهم من الخارج، فيما نسبةُ المحاسبةِ الحقيقيةِ للقتلةِ من القياداتِ الأمنيةِ والسياسيةِ هي صفرٌ%،

قضاءٌ مسيسٌ للنخاعِ وعدالةٌ زائفةٌ باعترافِ الأممِ المتحدةِ والأمثلةُ على ذلك كثيرةٌ لا تُحصى …. فما قضيةُ حلِ الوفاقِ ببعيدةٍ عنا ولا قضيةُ الخمسِ و هو فريَضةٌ شرعيةٌ تُقدم على أنها جريمةٌ لا لشيئٍ إلا لاستهدافِ أكبرِ رمزٍ دينيٍ لمواقفهِ المؤيدةِ للمطالبِ السياسيةِ والحقوقيةِ للشعب! وسجنُ الأمينِ العامِ للوفاقِ سماحةِ الشيخ علي سلمان ٩ سنواتٍ وبقية العلماء والرموزِ لهو خيرُ دليلٍ على عدالتِهم الزائفة .

 

ولذا فإنّنا نؤكدُ على مطالبتِنا بتشكيلِ لجنةِ تحقيقٍ دوليةٍ للتحقيقِ في كلِ الجرائمِ التي حدثتْ في البحرينِ، والضغطِ على البحرينِ لالزامِها بالانضمامِ لاتفاقيةِ روما للمحكمةِ الجنائيةِ الدولية من أجلِ تفعيلِ مبدأِ العدالةِ الدوليةِ في ملاحقةِ المتورطينَ بارتكابِ الجرائمِ بالبحرين.

إنّ المجتمعَ الدولي يتحمّلُ المسؤوليةَ جراءَ انفلاتِ حالةِ الاضطهادِ الأمني والطائفي في البحرين بحقِ السكانِ الأصيلينَ من المواطنينَ الشيعةِ، وعلى المجتمعِ الدولي الذي يرى ما يجري في البحرينِ من جرائمَ وعلى مدى كلِ هذه السنينَ وهو يغضُ الطرفَ عنها مكتفياً بالبياناتِ الخجولةِ تارةً والصمتِ المخزي تارةً أخرى أن يلتزمَ بالمبادئِ التي يتشدقُ بها ويرفعُها في ساحاتٍ أخرى … فأمريكا وهي إحدى حلفاءِ النظامِ الرئيسيينَ لم تُقدم لشعبِ البحرين أي خطوةٍ عمليةٍ لايقاف الجرائمِ المنظمةِ التي يرتكبُها النظامُ فنحنُ لسنا ضمنَ أجندةِ مصالحها .

 

وأما بريطانيا فكلامُنا ليس مع حكومتِها بل مع دافعي الضرائبِ هناك ..لنقولَ لهم بأنهُ لا مساحةَ للقيمِ الديمقراطيةِ لدى حكومتِكم، فنحنُ لسنا مستوردي أسلحةٍ، لكي تنظُرَ لنا حكومتُكم، ولكننا نُعلِمُكم بأن جزءاً من أموالِكم تُصرفُ في البحرينِ لقمعِ شعبٍ أعزل، من خلالِ دعمِ مؤسساتٍ صوريةٍ وظيفتُها الأساسية تغطيةُ انتهاكاتِ حقوقِ الانسان وتبريرها ، وبرامجُ تدريبٍ تُقدمها حكومَتُكم البريطانية ليتفننَ رجالُ أمنِ البحرين في التعذيبِ والإفلاتِ من العقاب، وفي قمع الحرياتِ، والبطشِ بالمواطنينَ السلميينَ، وأموالُكم تذهبُ لتدريبِ قضاةٍ وأعضاءِ نيابةٍ مهمتُهم تبرئةُ منتهكي حقوقِ الانسانِ والمعذبينَ، وإصدارِ أحكامِ الإعدامِ والسجنِ المؤبدِ والأحكامِ القاسيةِ وحلِ الأحزابِ السياسيةِ، وملاحقةِ أصحابِ الرأي، وسجنِهم!

 

عليكم بمنعِ حكومتِكم عن دعمِ هذا السلوكِ الشائنِ تحت عنوانِ دعمِ إصلاحِ القضاءِ والأمنِ البحريني والذي منذُ أن بدأ البرنامجُ تحولَ إلى أسوأِ نظامِ أمنٍ وقضاءٍ في المنطقة!

 

لقد جائت هذه الجريمةُ في قتلِ هؤلاءِ الأبرياءِ ، في الوقتِ الذي تستمرُ فيه معاناةُ أهالينا في الدرازِ المحاصرةِ لما يزيدُ عن نصفِ عامٍ، بعد إسقاطِ جنسية أبينا وقائِدنا سماحةِ آيةِ اللهِ الشيخ عيسى قاسم، والرأيُ العامُ العالمي غيرُ منتبهٍ لهذهِ المأساةُ الإنسانية، التي لم يتورع فيها النظام حتى عن منعِ شاحناتِ المياه العذبةِ والمؤنِ الغذائيةِ من دخولِ الدراز، وكادَ لولا مشيئةُ اللهِ في نهايةِ العام 2016 يُقدمُ على ارتكابِ جريمةِ الهجومِ على منزلِ سماحةِ الشيخ القائدِ، وتَكرارِ مجزرةِ دوارِ اللؤلؤةِ في حقِ المعتصمينَ بمنطقةِ الدراز.

 

إنّ ما أقدمَ عليهِ النظامُ من تهورٍ وجنونٍ، في قتلِ الشهداءِ الأبطالِ الثلاثة، سيجرُ البلادَ بلا شكٍ إلى المنزلقاتِ الخطيرةِ، ويتركُ ارتداداتٍ سياسيةً واقتصاديةً وأمنيةً حادةً، فخِيارُ الإعداماتِ في مواجهةِ الحراكِ المطلبي السلمي المشروعِ هو إعدامٌ لمستقبلِ الاستقرارِ السياسي في الوطن، إن كل الدعوات الوطنية الصادق لاحداث حل سياسي شامل واجهها النظام بالمعالجاتِ الأمنيةِ القمعية، وحملاتُ الاعتقالِ التعسفي، والإجهازُ على الوجودِ المؤسساتي للمعارضةِ الوطنيةِ المعبرةِ عن الإرادةِ الشعبية، من خلالِ حلِ الجمعياتِ السياسيةِ وتقييدِ عملِ بقيةِ القُوى المعارضةِ عبر تكريسِ الدولةِ البوليسية .

 

إنّ جريمةَ الاغتيالِ السياسي للأبطالِ الثلاثةِ قوضت من مبدأِ المصالحةِ الوطنية، بسببِ الاستمرارِ في الدفعِ بالخِيارات الأمنيةِ ، وإنّنا نخشى من أن يقودَ ذلك إلى احداثِ انفلاتٍ وتدهور ، رُغم أنّنا لا نتمنى لهذا الوطنِ الحبيب غير الخيرِ والسلام، إلا أن حرارة هذه الفاجعة الفادحة يجب أن لا تخمدَ جذوتها‘مؤكدين على خِيارِنا الاستراتيجي السلمي وعلى دعمنا التامِ لكلِ الاحتجاجاتِ السلمية في البحرين.

 

إنّ قناعتَنا العميقةَ الراسخةَ هي في ضرورةِ أن يكونَ الحلُ السياسيُ وطنياً بامتيازٍ، غيرَ أنّ تغييبَ أصواتِ الاعتدالِ والعقلانيةِ والإصلاحِ السياسي في السجون، والاصرارَ على اعتمادِ سياسةِ الإنكارِ لواقعِ الأزمة، وعدمِ الاكتراثِ لكلِ دعواتِ الحلِ السياسي أدى لانهيارِ الصيغةِ التعاقديةِ بين الحكمِ والمعارضةِ، وعمقَ أزمةِ الثقة، مما يؤكدُ على ضرورةَ توفرِ ضمانةٍ أمميةٍ ودوليةٍ لأي حلٍ سياسيٍ بالبحرين.

 

وسيبقى خيارُنا واحداً، لن نتنازلَ عنه، وهوحقُوقُنا الكاملةُ بصفتنا مواطنينَ في دولةٍ تحقق مبدأ (الشعب مصدر السلطات) ، وفقَ المعاييرِ الأمميةِ، بلا إقصاءٍ ولا تهميشٍ لأي فئةٍ، متخذينَ الحَراكَ السلمي واستمراريتَه طريقاً لذلك متوكلينَ على اللهِ وهو حسبُنا وناصِرُنا ، وواثقينَ في شعبِنا وصموده ِوصبرهِ واصراره.

 

إنّ رهاننا هو على ثباتِ هذا الشعبِ وصلابتهِ ، الذي لم ولن يَكلَ ويُكسرَ، وإنّنا نُجددُ لشعبِنا ولقيادتِنا سماحةِ آيةِ اللهِ الشيخ عيسى قاسم وأمينِنا العام سماحةِ الشيخِ علي سلمان وللعوائلِ الشريفةِ لشهدائناِ الأعزاءِ العهدَ بالاستمرارِ حتى النفسِ الأخير،

 

وللنظامِ نقولُ: اعتقلونا واقتلونا، وارتكبوا جرائمَكم، فليس لكم شرعيةُ، ولو وضعتمُونا جميعاً في السجن.(۹۸۶۳/ع۹۴۰)

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.