بداية، ألقى رئيس مجلس الأمناء القاضي الشيخ أحمد الزين كلمة ترحيبية، فقال: "يطيب لنا ويسعدنا أن نتوجه إلى طهران، إلى السيد القائد الإمام السيد علي الخامنئي حفظه الله، وإلى الشعب الإيراني العظيم، ونخص العلماء في إيران بالتهنئة لانتصار الثورة الإسلامية المباركة".
أضاف "في هذه الذكرى المضيئة والعطرة، ذكرى الثامن والثلاثين على الانتصار نتوجه من خلالها إلى الأمة الإسلامية، وإلى العالم المتحضر بالتهنئة لانتصار الإنسان. انتصار الثورة هو انتصار الإنسان بحضارته السامية في مواجهة الدعوات العنصرية والسامية المتخلفة، التي نرى آثارها هذه الأيام ونرى النازية المتجددة من خلال الولايات المتحدة الأميركية".
وتابع "نطل من خلال هذه الذكرى، لا من خلال عصبية حزبية أو مذهبية، إنما نطل من خلال هذا الانتصار- انتصار الجمهورية الإسلامية الإيرانية- لنعلن انتصار الإنسان، فطرح الثورة الإسلامية للوحدة الإنسانية المتمثلة بنداء الله تبارك وتعالى: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير". فنداء الله تجاوز الدائرة الإسلامية لينطلق ويخاطب الإنسان لأي دين انتمى".
وأردف "أيها الإخوة الكرام نحن في تجمع العلماء المسلمين احتفالنا بذكرى الانتصار، إنما هو احتفال لنا لتجمع العلماء المسلمين في لبنان، فالتجمع أطل على العالم الإسلامي من خلال الإمام الخميني (قده) أطل ببركة هذا الإمام عام 1982، فإنتصار الثورة كان انتصارا لكل مسلم في العالم، ونحن المسلمين في لبنان انتصرنا مع هذا الانتصار. فما حملته الثورة الإسلامية من قيم إنسانية وحضارية وطرح للوحدة الإسلامية من خلال كتاب الله عز وجل، ولم تكتف بذلك بل دعت للوحدة الإسلامية من خلال تطلعها على الشعوب المستضعفة في العالم ومن هذه الزاوية أطلت على القضية الفلسطينية. وما زالت الثورة من خلال الإمام الخامنئي وفية للقضية الفلسطينية وأقول بشيء من الألم اليوم إيران البلد الوحيد، الذي يقف إلى جانب القضية الفلسطينية ورفضها الاعتراف بإسرائيل، وللأسف الشديد نرى البلاد العربية والإسلامية تعلن اعترافها بإسرائيل وتتبادل معها السفراء، أما الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعلن رفضها لذلك رفضا قاطعا وتستمر في مساندة الشعب الفلسطيني".
واعتبر أن "ما يعانيه العالم اليوم من تشويه للاسلام للأسف ويرفعون شعارات نرفضها ونرفض أن تطرح باسم الإسلام، فهذه الشعارات هي شعارات مزيفة وأبعد ما تكون عن الإسلام".
وأكد الاتزام ب"الثورة الإسلامية الإيرانية وبالقضية الفلسطينية تحت قيادة الإمام الخامنئي. وأنه لا بد للأمة الإسلامية من قائد يوحدها ولا بد لهم من الشورى، فما نراه في العالم الإسلامي هو التشرذم والفرقة والتفكك وبعدهم عن مبدأ الشورى يزيد من معاناة الأمة، فجمع الأمة على كلمة الشورى ينتقل ليجمعها على كلمة الوحدة، التي تجعل منها أمة قوية تقف بوجه الطغاة وتتوحد لتناصر قضايا المستضعفين ومنها القضية المركزية آلا وهي قضية فلسطين".
فتحلي
ثم ألقى فتحعلي كلمة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فقال: "بداية، أتوجه بالشكر للسادة العلماء الأجلاء في تجمع العلماء المسلمين، على تنظيم هذا اللقاء الطيب بمناسبة ذكرى انتصار الثورة الإسلامية في إيران. هذه الثورة التي أطلق شعلتها الشعب الإيراني مقدما العظيم من التضحيات، والذي شهد نهضة القيم الإلهية وانبعاثها من جديد، حيث انتصرت أمة استطاعت تحمل سنوات من ألم واضطهاد الظالمين دون أن ترتهن لأي قطب دولي، مستعينة بسلاح الإيمان مقابل جميع أسلحة الطغاة، وممسكة مصيرها بيدها في وجه جميع الذين حاولوا تقييدها لمنعها من النهوض، مبينة للعالم أجمع أنه من الممكن أن ننتصر بالعقيدة والقيم السماوية وبقلوب مفعمة بالحب والإيمان والصبر نستطيع أن نقاوم الظالمين وننتصر عليهم".
أضاف "ها هي إيران الإسلامية اليوم، وبعد ثمانية وثلاثين عاما على انطلاقة ثورتها تعمل على ترسيخ المفاهيم الإسلامية السامية، وخط الإمام الخميني (قده)، وهو النهج الذي يحمي الثورة الإسلامية ومصدر قوتها ومناعتها، في ظل إشراف وقيادة حافظ سره ورفيق دربه الإمام السيد علي الخامنئي دام ظله".
وتابع "لقد أثبتت الجمهورية الإسلامية الإيرانية عمليا، التزامها وحدة الأمة واتحادها سبيلا لتحقيق عزتها واستقلالها من خلال الدفاع عن حقوق جميع المسلمين دون تفرقة ودعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في أي بقعة من العالم. كما أنها تعمل على نشر ثقافة الوعي بين أبناء الأمة ومعرفة العدو من الصديق والاتحاد لمواجهة العدو إيمانا منها بالمصير المشترك، الذي يجمع الأمة الإسلامية وأن المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص"، معتبرا أن "العالم الإسلامي اليوم، بأمس الحاجة إلى تضافر الجهود ووحدة صف المسلمين، ونحن مكلفون شرعا ووجدانا أن نقف ونصمد ونواجه هذا الموقف للأعداء، فوحدة الكلمة وإيجاد التعاون والابتعاد عن التفرقة والخلاف هي رمز الانتصار".
وأردف "في رحاب انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران وأسبوع الشهداء القادة كانت الشهادة عنوانا للنصر والعزة والكرامة، فالشعب الذي يعتبر الشهادة سعادة شعب منتصر لا محالة، وإن طلب الشهادة والفداء هو الذي أدى إلى انتصار الشعب الإيراني الأعزل أمام كل الطواغيت، وأدى أيضا إلى انتصاركم في لبنان ببركة الدماء الطاهرة لشهداء المقاومة الإسلامية وقادتها العظام، سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي وشيخها الشيخ راغب حرب وعمادها الحاج عماد مغنية وكل الشهداء الذين صنعوا لأمتهم أعياد النصر والعزة والكرامة، وببركتهم أضحت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بقيادتها الحكيمة خلف الولي القائد السيد علي الخامنئي دام ظله الشريف وحكومة الرئيس الدكتور حسن روحاني قلعة وملاذا لأحرار ومستضعفي العالم وداعمة لحق الشعوب في الحرية والسيادة والاستقلال في لبنان وفلسطين وفي كل بقعة في العالم فيها مستضعف مظلوم، وان هذا الزمن الخميني المبارك هو بإذن الله تعالى زمن الانتصارات على كل الطغاة والظالمين من المستكبرين والصهاينة وأذنابهم التكفيريين وما ذلك على الله بعزيز".
وختم بقوله: "الشكر والتقدير لكم يا أصحاب السماحة والفضيلة في تجمع العلماء المسلمين على جهودكم المباركة وجهادكم العلمي والفكري والثقافي في التبليغ والدعوة إلى الله والاعتصام بحبله المتين، من أجل وحدة الأمة وانتصارها وعظمتها وسؤددها لتكون بحق (خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) مستذكرا معكم في هذا اللقاء الطيب عالما عزيزا مؤسسا لهذا التجمع المبارك رحل بالأمس القريب، عنيت به الشيخ عبد الناصر جبري رحمه الله تعالى، الذي كان داعية للوحدة والإيمان والجهاد أمام أعداء الأمة. وأن يحفظ الله علماءنا الربانيين وينصر مجاهدينا ويديم علينا نعمة الإيمان والولاية وحسن العاقبة لنا جميعها".
عبدالله
وفي نهاية الحفل، تحدث رئيس الهيئة الإدارية في تجمع العلماء المسلمين الشيخ الدكتور حسان عبد الله، فقال: "ثمانية وثلاثون عاما والنور الذي ولد من الشرق لا يزال يضيء ليلنا الحالك المظلم، ولا يزال المستضعفون يستنيرون بهديه بحثا عن العدالة والحرية والسيادة والعزة والاستقلال".
أضاف "كنا فيما مضى نتحدث في مجالسنا وحلقاتنا وحواراتنا عن أن الإسلام دين ودولة وكان الجميع يقولون لنا نظريات غير صالحة للتطبيق وما كان يصلح لعصر لا يصلح لعصر آخر، وكنا نرد: وفق مقياس نظريات البشر قد يكون هذا صحيحا، أما بما أعده الله عز وجل لنا من نظام فهذا غير صحيح، وسيأتي اليوم الذي يعود للدين مجده وللاسلام عزه، إلى أن جاءت البشرى... إمام.. عالم.. ثائر.. مجاهد.. يعلن الثورة ضد الظلم والطغيان في إيران والمتمثل بالشاه وضد الشيطان الأكبر أميركا وضد الغدة السرطانية إسرائيل وضد الاستكبار العالمي أينما حل"، مستطردا "إمام عظيم يشعل من جديد جذوة هذا الدين المحجوبة لأنها متقدة لا تنطفئ لكن الحجب الاستعمارية، هي التي وضعت الغشاوة على أعين الكثيرين، الذين تشتتت بهم السبل فلاذوا بحمى الحكام والمتآمرين.. إمام عظيم يحذر من الفرقة فيدعو للوحدة الإسلامية والألفة الوطنية ويبشر بقيام المستضعفين ليكون لهم يوم في ذكرى ولادة أمل المستضعفين الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)".
وتابع "هو الإمام روح الله الموسوي الخميني (قده) الذي أعاد الإسلام إلى قيادة الحياة وتحريك الساحات فأشرعت أمامنا أبواب الدعوة الإسلامية، ولم يعد قولنا مجرد نظرية مفادها أن الإسلام دين ودولة بل بتنا نقول لكل المشككين: "انظروا هذا هو الإسلام.. بنى دولة عصرية رائدة في كل مجالات الحياة ومواكبا لكل تطورات التقنية والنظم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.. دولة عصرية تدحض كل ما جئتم به من افتراءات وتهكم بأنها دولة التخلف والرجعية ودليلنا هذا التطور العلمي الباهر في إيران الإسلام من النانو تكنولوجي إلى الطاقة النووية. هذه الدولة أيها الإخوة هي بشرى لنا من رسول الله (ص) الذي قال "يخرج ناس من المشرق فيوطئون للمهدي". وفي حديث آخر عن الإمام الكاظم (ع): "يخرج رجل من أهل قم يدعو الناس إلى الحق، يجتمع معه قوم قلوبهم كزبر الحديد لا تزلهم الرياح العواصف ولا يملون من الحرب ولا يجبنون وعلى الله يتوكلون والعاقبة للمتقين".
وأردف "الواقع اليوم خير شاهد على مضمون هذه الأحاديث.. فمنذ بداية الثورة والرياح تعصف بها من كل جانب والحروب تخاض ضدها.. ولكن هل استطاعت هذه الضغوطات أن تنال من عزيمة القيادة وحضور الشعب في الساحات والميادين؟؟ ألم تروا بالأمس كيف أن الملايين خرجت في ذكرى الانتصار لتؤكد أن هذه الثورة ليست لأجيال هرمت بل هي ثورة كل الأجيال؟ حتى ابن العشر سنوات رأيناه يخرج في المسيرة رافعا صورة الإمام وعلم الجمهورية الإسلامية في إيران".
واعتبر أن "الثورة أحيت أمل الأمة بالتخلص من الاحتلال الصهيوني في أكثر من بلد عربي وكانت الذروة بالدخول إلى بيروت ثاني عاصمة عربية يجتاحها العدو الصهيوني بعد القدس، فدعا الإمام الخميني (قده) للجهاد والمقاومة.. فكانت المقاومة الإسلامية في لبنان والتي هزمت هذا الصهيوني الذي صور لنا حكام العرب لسنوات طوال أنه أسطورة وأن جيشه لا يهزم. لكن المقاومة أثبتت أن هذه الأسطورة ليست سوى كذبة ابتدعتها مخيلة الواهنين المستسلمين إن لم نقل المتواطئين. إلا أن شعب فلسطين بالحجر والسكين والدهس والسلاح هب بوجه هذه الكذبة، فكانت الملاحم والبطولات التي أجبرت العدو الصهيوني على الخروج من غزة مدحورا. ولأن العدو يعد المكائد ويمكر بأمتنا، حاك مع الشيطان الأكبر مؤامرات عدة ضد هذه الجمهورية التي صمدت وتحلت بقوة وسلطان صاحب الحق فأفشلت جميع هذه المكائد والدسائس والمؤامرات وستفشل أية محاولات أخرى. فلم ينفع الحصار الاقتصادي ولا إرهاب منافقي خلق ولا حرب صدام المفروضة ولا التهديد والوعيد ولا السعي للفتنة ولا الخلاف، كل ذلك تكلل بالفشل الذريع".
وقال: "أخيرا تفتقت ذهنية الغرب المستكبر مع الصهيوني عن محاولة أخيرة هي:
1- السعي للفتنة المذهبية من خلال اتهام الثورة بأنها شيعية وتسعى لنشر التشيع.
2- السعي للفتنة العرقية من خلال أنهم فرس ونحن عرب.
3- السعي للاساءة للدين الذي انتصر وهو الإسلام المحمدي الأصيل، وذلك بإنتاج دين مشوه ليس من الإسلام بشيء، وإنما هو شيء آخر محتلف تماما فكانت القاعدة وداعش والنصرة، ليضربوا عدة عصافير بحجر واحد:
أ- إزاحة الإسلام عن الحياة وقلب مفاهيمه.
ب- إيقاع الفتنة بين أبنائه.
ج- إطالة أمد احتلال الكيان الصهيوني لأرضنا".
واعتبر أن "كل ذلك الهدف إبعاد إيران عن القضية المركزية التي هي تحرير فلسطين.. ولو أنها وافقت وتخلت عن القضية الفلسطينية لكانت اليوم تعيش الرفاهية الاقتصادية ولتحكمت بدول المنطقة، لكنها رفضت الإذعان والخنوع ولو كلفها ذلك ما كلفها، لأن المسألة مسألة عقيدة ومبدأ لا مسألة مصالح مادية. ثم يأتي ترامب هذا الأحمق المتهور ليهدد إيران بالحرب وهو لا يدري ما كلفة هذه الكلمة، فهو يستطيع الدخول فيها لكنه قطعا لن يعرف كيف سيخرج منها لأننا على قناعة أنه سيخرج مهزوما مدحورا وسيلعنه الشعب الأمريكي قبل غيره على مغامرته غير المحمودة النتائج، وأظن أن بعض العقلاء في الإدارة الأمريكية حذروه من هذه الخطوة لذا نراه يتراجع عن نيته تمزيق الاتفاق ليعلن أنه يحتاج إلى درس وصولا إلى مقولة أنه سيحرص على تطبيقه تطبيقا صارما".
ورأى أن "ترامب وإدارته يكنان عداء كبيرا للاسلام كدين ولذا على المسلمين أن يكونوا يدا واحدة في مواجهة أمريكا، لقد غير ترامب اسم البرنامج، الذي أعدته إدارة أوباما بعنوان "مكافحة التطرف والعنف" إلى "مكافحة التشدد الإسلامي". أما مايك بومبيو المرشح للـ CIA قال إن أمريكا تواجه ستة تهديدات أحدها إيران لأنها دولة قيادية في رعاية الإرهاب، ولأنها استقرت وصارت لاعبا أكثر جرأة وتخريبا وتثير تشنجا مع حلفائنا السنة".
وقال: "انظروا التحريض المذهبي وكأن السنة هم حلفاء أمريكا، أبدا، بعض حكام السنة هم كذلك، أما أهل السنة والجماعة فهم بحق أعداء للهيمنة الأمريكية والظلم الأمريكي والاحتلال الصهيوني وليس سنيا من يرضى بذلك. ثم انظروا ماذا يقول: "لأنها استقرت وصارت لاعبا أكثر جرأة وتخريبا.."، إنهم يعتبرون أن كل من يقف بوجه أميركا ومع ذلك يؤمن الاستقرار في دولته، هو خطر على التوسع والهيمنة الأمريكية وهذه هي حقيقة عداء أمريكا لإيران".
وأعلن: "نحن في تجمع العلماء المسلمين كعلماء من السنة والشيعة نعلن تأييدنا للجمهورية الإسلامية الإيرانية ولمواقفها، التي هي بحق تدعم قضايانا.. ونمحض الولاء لسماحة الإمام القائد آية الله العظمى السيد علي الخامنئي (مد ظله)، ونعلن استعدادنا للسير في ضوء توجيهاته ونطلب من الدولة اللبنانية إقامة أمتن وأوثق العلاقات مع إيران والاستفادة من الخبرات والدعم، الذي يمكن أن تقدمه خصوصا على صعيد تسليح الجيش اللبناني".
وختم "إلى الله نبتهل أن يلهمنا الصبر في طريق ذات الشوكة بقيادة الإمام الخامنئي (مد ظله) حتى تحقيق أهدافنا بتحرير فلسطين وعزة الإسلام وكرامة المسلمين".(۹۸۶۳/ع۹۴۰)