واضاف القرعاوي فالله عز وجل يبين لنا في كتابه العزيز بأن الاخوّة والمحبة والألفة من الغرائز المرتكزه في فطرة الانسان، حيث أن الانسان مفطور على الاخوّة والألفة والمحبة وإنها نعمة من نعمه عزّ وجل، ثم ان هذه الاخوّة والمحبة باقية لا تذهب من فطرة الانسان مهما تغيرت الاحوال واختلفت الازمنة ومهما اختلفت الافكار والمعتقدات لأنّ الآيات القرآنية الدالة على الاخوة لم تقيد الأخوّة لزمان دون آخر ولم تقيّدها لمعتقد دون آخر. فالاختلاف في المعتقدات والافكار والآراء لم يخرج الاخوّة من فطرة الانسان بل انها باقية في فطرته ما بقي الدهر. لكن بعض الاحيان ينحرف الانسان عن فطرته يميناً وشمالاً فيحتاج عندها الرجوع إلى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ليرجع إلى فطرته المبنية على الاخوة والمحبة.
وتابع بقوله انه ومن الادلة القرآنية على أن الاختلاف الفطري والفكري لا يُذهب الاخوة بل انها باقية ومستمرة. فالآية القرآنية التي تقول ” لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ” حيث بين الباري عزّ وجل فيها بأن المعتقدات لا يمكن أن تأتي بالقوة والقتل والدماء والاكراه وانما تأتي بالاختيار عن طريق البرهان والفكر والعلم.
مضیفا: لقد كان للمرجعية الدينية في النجف الإشراف المتمثلة بمساحة اية الله العظمى السید السیستاني دام ظله الوارف الدور الأكبر في بث روح الاخوة والمحبة بين كل المسلمين على الرغم من اختلاف معتقداتهم ومذاهبهم لا بل حتى وإن اختلفت اديانهم وذلك أصبح واضح وجلي إلى كل العالم وإلى المنظمات الدولية مما دعى العديد من المنظمات الدولية إلى اختياره كرجل للسلام والحكمة حيث كان رجالات المرجعية لهم الدور الكبير في مساعدة النازحين في الأنبار وكركوك والموصل ومساعدتهم في كل جوانب الحياة.
كما واستطرد أن للعتبات المقدسة الدور الكبير في نشر الاخوة والتعايش السلمي بين كل أفراد المجتمع سواء في الجانب الثقافي أو الاقتصادية أو الاجتماعي فهي في الجانب الثقافي تقيم المؤتمرات والندوات التي تدعوا إلى بث روح الاخوة والمحبة بين كل الناس وفي الجانب الاجتماعي ترسل العديد من الوفود للصلح بين المتخاصمين حيث كان لها دور كبير في فض العديد من النزاعات والخصومات الكبرى وهكذا في الجوانب الأخرى،كما وأن هناك دور كبير قام به شعبنا العظيم وذلك من خلال الحشد الشعبي الذي بين معالم للأخوة كبيرة جدا حيث نراه بيد يقاتل وبشده دفاعا عن الحق ويد أخرى تنقل العوائل إلى أماكن امنه “.
واضاف لقد تاسى هؤلاء الأبطال بالإمام الحسين عليه السلام واخية ابي الفضل العباس عليه السلام تلك الاخوة العظيمة التي لم يوجد لمثلها نظير على مر التاريخ.فقد قيل إن العباس لم يخاطب الحسين يوماً ما، يا أخي، إلا مرّة واحدة في يوم عاشوراء؛ عندما هوى من جواده إلى الأرض مصاباً مقطّع اليدين، وهي لحظات حنَّ فيها إلى رؤية أقرب الناس إليه، قبل أن يودع الدنيا. وفي تلك اللحظات المؤلمة للعباس، نادى الحسين بقوله «أدركني يا أخي». فأسرع الحسين إليه يمسح التراب والدماء من على وجهه وعينيه. وألقى العباس نظراته الأخيرة على أخيه الحسين، ليلفظ بعدها أنفاسه الأخيرة في أحضانه. لقد ودّعه في موقف يرسم ويحكي اسمى معاني الأخوة والولاء والمحبّة. وقد بكى عليه الحسين بكاءً شديداً، وقال قولته الشهيرة: «الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي وشمت بي عدوي».
وختم القرعاوي حديثه: هذه هي الأخوة الحقيقية التي يجب أن نحتذي بها… فقد وقف العباس مع أخيه الحسين في كل اتجاهاته ومواقفه وأشد الظروف وأصعبها، وكان وفياً له، فعندما ألمّت بالعباس الشدائد والمصائب، يوم الطف لم يسخط أو يجزع أو يتراجع بل كان وفياً وصادقاً مع أخيه… وقف معه ولم يفارقه حتى قطعت يداه واستشهد في سبيله، ليرتقي إلى قمة المجد والشهامة، لتخلد حكايته كأجمل حكاية أخوين على امتداد التاريخ.(۹۸۶۳/ع۹۴۰)