وبحسب وكالة انباء الحوزة كتب سماحة الشيخ أحمد مبلغي، رئيس مركز الدراسات الإسلامية التابع لمجلس الشورى الإسلامي الايراني مقالاً تناول فيه مقولة التاريخ ودورها في تعزيز وازدهار عملية الاستنباط الشرعي. وفيما يلي نص المقال:
نتناول الموضوع عبر محاور:
المقصود من التاريخ إذا أضيف الى فكرة أو مسألة من مسائل علم مّا:
إن للتاريخ كياناً خاصاً، وقوامه بأن تحصل مراحله واحدة تلو الأخرى، وهذه المراحل تشكل كلها أمراً واحداً نسميه التاريخ. ففي التاريخ حلقات ومراحل، وعندما تمر فكرة ما بهذه المراحل، فسوف تتطور، حيث تجد في كل مرحلة تأريخية وضعاً خاصاً لها، فقد تطوّرها المرحلة التاريخية وتعمقها، وقد تضعفها، حتى إذا ما وصلت تلك الفكرة إلى المرحلة التالية تطورت، حسب اقتضاء هذه المرحلة، وما لها من تأثيرات عليها، وهكذا، فتصبح الفكرة بسبب مرورها بالمراحل التاريخية المختلفة شيئاً مسلّماً.
المقصود من اعتبار التاريخ كعنصر منهجي للاستنباط
إنّ المقصود من عنصر إدراج عنصر التاريخ في منهجية الاستنباط الفقهي، محاولة المعرفة بالتطور التاريخي الحاصل حول الفقه كعلم أو قضاياه، والانطلاق منها إلى استنباط أحكام الموضوعات.
ضرورة إدراج عنصر المعرفة التاريخية في منهجية الاستنباط
نظراً إلى الأدوار التي سنشير إليها، ونظرا الى أنّ الكثير من الحقائق التاريخية إذا أهملنا المعرفة بها ولحاظها في الاستنباط، فانه سوف نصل إلى نتائج خاطئة في الاستنباط الفقهي، يكون إدراجه في الاستنباط لازما وضروريا للغاية، بل أمكن القول أن كل عملية الاستنباط التي خلت منه فانها تعاني من نقص كبير ينعكس سلبا على نجاح هذه العملية.
أدوار الدراسة التاريخية في الاستنباط
يمكن أن نوجز دور الدراسة التاريخية في عملية الاستنباط فيما يلي:
1. الكشف عن النظريات الزائلة عبر التاريخ:
بالرجوع إلى التاريخ يمكن الكشف عن النظريات التي لم تصل إلى أيدينا لأسباب معينة، إما لكونها كانت تشكل نظرية شاذة في ذلك الزمان والذين أتوا فيما بعد لم يأخذوا بها لهذا الاعتبار فأهملوها لخوفهم من انتشارها، أو أن الظروف السياسية ساهمت في إلغائها، وتغييبها عن الساحة العلمية، أو لسبب آخر. وفائدة هذا الكشف تفعيل النظرية أو تفعيل المناشئ المؤدية إلى بروزها.
2. كسر الاطار الذهني المتجمّد في الفقه:
إنّ الاطلاع علي الحقائق التاريخية قد تتيح الفرصة للفقيه لكي يتمكن من كسر الإطار الذي ترسخّ في ذهنه، ويمنعه عن إي إبداع، فكسر الإطار يجعل الفقيه يخرج ويتفطن لما يوجد خارج هذا الإطار، كما يعطيه حرية أكثر.
3. الفهم الدقيق للآراء الفقهية:
إن الاراء الفقهية قد لا تفهم الا في سياق قراءة التاريخ، فلابد من دراسة تطور الأفكار وكيف اعتمد اللاحقون على السابقين وكيف ساهمت هذه الأفكار في توليد الآراء المهمة في تاريخ العلم.
4. معرفة تطور الكلمات والألفاظ المستخدمة في النصوص الشرعية:
لو كانت هناك كلمة ذات معنى في زمن الشارع، إلا أنها تطورت بحسب تطور الزمان والمجتمع، فزيد عنصر في معناها أو نقص، فتطور إلى معنى آخر، ثم زيد فيه عنصر آخر أو نقص، فتطور إلى معنى ثان وثالث ورابع وهكذا، حتى وصلت هذه الكلمة إلى زماننا وهي تحمل معنى جديداً، فنفهمها كأبناء لظروفنا ومجتمعنا وأفكارنا ومعارفنا بفهم معين، ونتخيل أن هذا المعنى الذي نفهمه منها هو بعينه المعنى الذي كان في زمان الشارع، فندعي أن الشارع استخدمها في المعنى الذي تحمله اليوم.
5. المساهمة في التقعيد:
إنّ العنصر التاريخي يساهم بشكل كبير في التقعيد لعملية التنظير. وأهمية هذا الدور من جهة أن الفقه قد توسّع في المسائل فقط ولم يتوسع على مستوى إنتاج النظريات الفقهية أو النظريات المرتبطة بعلم الفقه.
ولتوضيح كل من هذه الأدوار مجاله الخاص.(۹۸۶۳/ع۹۴۰)