وركّز السيد نصرالله، على أنّ "ما لدينا في لبنان من كرامة وعزّة وقوّة وقدرة، هو ببركة كلّ الشهداء في كلّ حركات وفصائل المقاومة وشهداء الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية والشهداء من الشعب"، مركّزاً على مؤتمنون على إرث هؤلاء الشهداء ومسؤوليّتنا مسؤوليّة الجميع لأنّ عطائهم كان للجميع وليس للحزب أو لطائفة أو لمنطقة جغرافيّة معيّنة، بل كان لكلّ اللبنانيين دفاعاً عن كلّ لبنان وعن الأمة".
ونوّه إلى أنّ "منذ يوم السبت الماضي، تمّ إدخال لبنان في أزمة سياسيّة ووضع لبنان أمام مرحلة جديدة ومهمّة، وخطورتها تتوقّف على كيفيّة تصرّف اللبنانيين، ونسمع تهديدات وتهويلات من هنا وهناك"، مبيّناً أنّ "خلال سنة، دخل لبنان في حالة استقرار سياسي وكان لدينا حالة جيّدة حيث تم إنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية بدأت العمل بشكل فعّال وجاد، وتمّ تفعيل عمل مجلس النواب ووضع قانون للإنتخابات وإقرار موازنة وتعيينات عسكرية وأمنية وإدارية وقضائية، وكان هناك حوار بين القوى السياسية بعد سنوات من الخصومة، وكان لدينا أمن واستقرار لا مثيل له في العالم"، مذكّراً "أنّني في السابق قلت إنّ لبنان أكثر أمناً من أميركا، وما يحصل في أميركا منذ ذلك الحين إلى اليوم يؤكّد ذلك".
وأشار نصرالله، إلى أنّ "هناك أيضاً حالة من الهدوء النفسي عند الشعب اللبناني، لكن هذا لا يعني أنّ ليس لدينا مشاكل، ورئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري بنفسه، كان يتحدّث عن حركة مطار بيروت الّتي تعكس حالة الأمن والإستقرار الّتي عرفها لبنان في هذه السنة"، مؤكّداً أنّ "المشهد الإيجابي للبلد يعود الفضل فيه لتعاون كلّ القوى السياسية والتنازلات الّتي قدّمها الجميع وتوّج هذا العام بتحرير الجرود عند الحدود الشرقية".
وبيّن أنّ "في ظلّ هذا الوضع الجيّد والطيّب والمعقول، وفي ظلّ النوايا الحسنة عند مختلف القوى السياسيّة لمواصلة العمل في الحكومة حتّى موعد الإنتخابات النيابية، قامت السعودية على عجل باستدعاء رئيس الحكومة بلا معاونيه، وأُجبر على تقديم الإستقالة وعلى قراءة البيان الّذي كتبته هم، وتمّ وضع لبنان أمام مرحلة جديدة وبدأت مجموعة من التصاريح السعودية وصولاً إلى ما نشهده اليوم".
وأكّد نصرالله أنّ "ما تقوم به السعودية تدخّل علني غير مسبوق لإجبار الحريري على الإستقالة، وجميع اللبنانيين باتوا على يقين من خلال المعلومات والمعطيات وكلّ العالم بات يعرف، حتّى وزارة الخارجية الأميركية تقول إنّها لم تكن تعلم"، مؤكّداً أنّ "الحريري محتجز في السعودية وممنوع من العودة إلى لبنان، وهناك محاولة لشطبه من زعامته لـ"تيار المستقبل"، وهذا أمر يجب التوقّف عنده ومحاولة فرض زعامة جديدة من دون استشارة "تيار المستقبل"، وهناك محاولة فرض رئيس حكومة جديد على رئيس الجمهورية واللبنانيين جميعاً".
ولفت إلى أن "السعودية تعتقد أنّها تستطيع فرض رئيس حكومة جديدة على لبنان، وفي ما فعلته وتفعله تحريض اللبنانيين على بعضهم البعض، وعندما لا تجد استجابة تتّهم اللبانيين بالضعف والجبن، بالإضافة إلى تحريض الدول العربية والخليجية خاصّة لأخذ خطوات تصعيديّة ضدّ لبنان وسحب الرعايا، لكن الأخطر هو تحريض إسرائيل على ضرب لبنان"، موضحاً "أنّني لا أتحدّث عن تحليل، بل عن معلومات أنّ السعودية طلبت من إسرائيل ضرب لبنان واليوم هناك نقاش في الكيان الإسرائيلي حول هذا الموضوع"، مركّزاً على أنّ "من الواضح أنّ السعودية أعلنت الحرب على لبنان و"حزب الله" في لبنان، ويجب أن نفهم ما قيمة ما نحن فيه في لبنان، والسعودية تدعوكم لتدميره وإسقاطه وإلى أن تخربوا بيوتكم بأديكم"، متسائلاً "هل سيفعل اللبنانيون ذلك؟ وهل فعلا السعودية تريد مصلحة لبنان؟".
وشدّد نصرالله على "أنّنا نتفهّم أنّ هناك مشاكل بين السعودية و"حزب الله" ونحن لا نهرب منه، ولكن هل التهديدات والحرب على "حزب الله" أو على لبنان؟"، مشيراً إلى أنّه "يجب على اللبنانيين أن يأخذوا العبرة من كلّ ما يجري من حولهم في المنطقة. في سوريا كان أمراء سعوديون يديرون المعارك، ولكن ما هي النتجية؟ خرّبوا سوريا والأمراء الّذين كانوا يديرون المعركة من عمان، أين هم اليوم؟ وكذلك الأمر في العراق واليمن"، داعياً اللبنانيين، إلى "التأمل إلى أين يُؤخذ البلد، وهم أمام مرحلة مصيريّة وعليهم أن يختروا طريقهم ومصيرهم"، مديناً "التدخل السعودي السافر في الشأن الداخلي اللبناني، وندين هذا التصرف المهين مع الحريري منذ وصوله إلى المطار".
وركّز على "أنّنا نعتبر في "حزب الله" أنّ إهانة رئيس الحكومة اللبنانية هي إهانة لكلّ لبنان، حتّى ولو كنّا نختلف في السياسة، ونضمّ صوتنا إلى كلّ اللبنانيين وإلى ما صدر بالأمس عن إجتماع "تيار المستقبل" وكتلة "المستقبل" بالدعوة إلى وجوب عودة الحريري إلى لبنان، وإذا كان مستقيلاً فليأت إلى لبنان وليقل ما يشاء"، مشدّداً على أنّ "بقاء رئيس حكومة لبنان قيد الإقامة الجبرية لا يجب أن يسكت عنه أي لبناني أو عربي أو أي انسان حر في العالم، ونحن نقول إنّ الحريري محتجز في السعودية، وعلى اللبنانيين العمل على إستعادته إلى لبنان وبعد ذلك هو حرّ".
وجزم نصرالله، أنّ "الإستقالة المعلنة غير شرعية وغير دستورية وغير قانونية ولا قيمة لها، لأنّها وقعت تحت الإكراه والإجبار"، منوّهاً إلى أنّ "الحكومة الحالية هي حكومة قائمة ودستورية وشرعية وليست حكومة مستقيلة، والوزراء ليسوا وزراء حكومة تصريف أعمال ولا معنى لاستشارات نيابية كما طالب بعد المتآمرين"، موضحاً "أنّنا نقوم بالإستشارات عندما تكون هناك حكومة مستقيلة، ولكن نحن لدينا حكومة فعلية ورئيس حكومة فعليّة، وإذا عاد رئيس الحكومة وقام بذلك من هنا نكون أمام وضع قانوني ودستوري مختلف".
وأكّد أنّ "الإدارة الحكيمة والهادئة والمسؤولة لرئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري يجب أن تكون محلّ إجماع كلّ اللبنانيين الّذين يجب أن يتضامنوا ويتحصّنوا خلف الإدارة الحكيمة لهذه الأزمة، الّتي استطاعت أن تحفظ البلد وتصونه أمنيّاً واقتصاديّاً وماليّاً"، داعياً إلى "المزيد من الوعي، مع الإشادة بوعي القوى السياسية والللبنانيين رغم الدعوات إلى التحرّك الّتي تتمّ علناً وبالسرّ"، مبيّناً أنّ " الحرب المعلنة على لبنان وعلى "حزب الله" في لبنان حرب عشوائية ومن يديرها لا خبرة ولا تجربة لهم".
ونوّه نصرالله، إلى أنّ "الوعي اللبناني وابتعاد الناس عن الشارع وبقاء التواصل بين الجميع، يجب أن يتواصل ونحن مصرّون على التواصل مع الجميع، وإرادتنا الوطنية الجامعة في الحفاظ على بلدنا هي الضمانة"، مشدّداً على "أنّنا اليوم نحن اللبنانيين، أمام الإهانة والإكراه والإجبار والبغضاء والتهديدات الواضحة الّتي تريد أن تأخذ البلد إلى مكان آخر، يجب أن نشعر بمسؤوليّتنا وانتمائنا لوطننا وأن يصون بعضنا البعض، وأن نتجاوز الحساسيّات والمخاوف من بعضنا البعض"، لافتاً إلى أنّه "يجب أن نتوقّف عند كلام قناة "العربية" عن اكتشاف محاولة لاغتيال الحريري بالرغم من نفي الأجهزة الأمنية اللبنانية لذلك. الخبر سعودي والبيان المكتوب سعودي، والحديث عن أجهزة تشويش على طريق المطار وأحد أدوات السعودية مصرّ على الحديث عن اغتيالات، هذا الكلام خطير ويجب التنبّه إليه".
وفي الموضوع الإسرائيلي، أكّد "أنّنا نستبعد الحرب الإسرائيلية على لبنان، لأنّ إسرائيل تعرف تكلفة الحرب معنا، لكن لا نستطيع أن نجزم في ذلك، وممّا يزيد هذا الإستبعاد هو أنّ إسرائيل أمام فرصة لتصفية "حزب الله" ولبنان دون الذهاب إلى حرب وتحمّل تكلفة الحرب"، لافتاً إلى أنّ "الإسرائيلي دخل على الخطّ، ومن الممكن أن يدخل بطرق أخرى ومنها التعميم الصادر إلى السفارات الإسرائيلية لدعم السعودية في حربها على "حزب الله"، وفي سعيها لتصنيفه منظمة إرهابية. وبالتأكيد الإسرائيلي سيعمل مع السعودية على هذا الأمر".
وأوضح نصرالله أنّ "الإسرائيلي سيسعى أيضاً إلى العمل على الفتنة، ومنذ أسبوع حصل حدث مهمّ جدّاً في جنوب سوريا من خلال دخول مجموعات إرهابية بتسهيلات إسرائيلية إلى بلدة حضر السورية ذات الأغلبية الدرزية. الإسرائيلي سهّل وصول هؤلاء إلى بلدة حضر ولولا بسالة أهل بلدة حضر والجيش السوري والهبة الّتي قام بها أهل الجولان المحتل، كانت الأمور ذاهبة إلى مكان آخر"، مركّزاً على أنّ "هذا الأمر من الممكن أن يعمل الإسرائيلي عليه في لبنان، من خلال التحريض أو من خلال الوسائل الأمنية"، مشدّداً على "أنّني أشدّ عوداً وأقوى، وأحذّر الإسرائيلي من أي خطر في الحسابات ومن أي محاولة لاستغلال الوضع ولا يظنّن الإسرائيلي أنّنا خائفين أو مربكين".
وأشار إلى أنّ "في الموضوع الإسرائيلي، يجب أن نكون حذرين، ولكن الاسرائيليون أنفسهم هم حذرون ويسألون لمصلحة من هذه الحرب، وهم يقاتلون لحسابهم فقط"، جازماً "أنّنا لا نهرب من وجود مشكل مع السعودية وهناك غضب سعودي كبير جدّاً على إيران وهناك مساحة من الغضب توجّه إلى "حزب الله" ونحن نتفهّم غضبهم، ولكن لا نستطيع أن نتفهّم أسلوبهم وردّة فعلهم بهذا الشكل المهين".
ولفت نصرالله إلى أنّ "في سوريا، كان لدى السعودية آمال ذهبت أدراج الريح، واليوم في البوكمال تنتهي "داعش"، وفي العراق أيضاً، وكلّنا يعرف من جلب "داعش" إلى العراق وفشلوا في إسقاط العراق، وكلّنا يعرف أنّهم كانوا يؤيّدون انفصال كردستان وفشلوا في ذلك، وفي اليمن فشلت الحرب؛ ويصبح "حزب الله" مرتكب جريمة لأنّه يعترض على الحرب والمجاعة"، مشيراً إلى أنّ "الحديث عن إطلاق "حزب الله" صاروخاً من اليمن استخفاف باليمنيين ومن أطلقه اليمنيين، وهم باتوا لديهم قدرة عالية على تصنيع الصواريخ".
ونوّه إلى أنّهم "يضعون اللوم على "حزب الله" وايران في كلّ شيء، وأين هو "حزب الله" أو إيران في اليمن، الشعب اليمني هو من يضحّي والحديث عن إيران و"حزب الله" هو هروب من الفشل"، مؤكّداً أّنّ "هناك مبالغة في التوصيف وتحميل المسؤوليّات، ولكن ماذا عن الفشل في المنطقة؟ في الأزمة بين السعودية ومن معها وقطر، نحن لم نأخذ أي موقف مع هذا الطرف أو ذلك، ولكن السعودية ومن معها فشلوا"، موضحاً أنّ "في البحرين، المسار الخاطىء لم يلغ إرادة الشعب وأوصل دولة البحرين الّتي تقهر شعبها وتقتله بالطرقات، إلى حافة الإفلاس".
وبيّن نصرالله أنّه "عندما يرى السعودي كلّ هذا الفشل في المنطقة، يأتي إلى لبنان، والسعودية لها نفوذ في لبنان وإيران لديها نفوذ أيضاً، لكن هناك فرق جوهري هو أنّ السعودية تتدخّل في الشأن الداخلي اللبناني في حين أنّ إيران لا تتدخّل في الشأن الداخلي اللبناني"، جازماً أنّه "عندما تحدّث الرئيس الإيراني حسن روحاني، ترجم كلامه بشكل غير دقيق ولكن أنا أقول لكم أنّ لإيران نفوذ في لبنان لكنّها لا تتدخّل وأنا أتحدّى العالم كلها اليوم أن يأتي بمثلٍ واحدٍ عن تدخّل إيران في لبنان مع دليل".
وركّز على أنّ "السعودية اعتقدت أنّها تستطيع أن تقوم بمعركة في لبنان، لأنّها غير قادرة على مواجهة إيران، ولكن الشعور بالقدرة على الإنتصار على لبنان وعلى القوى السياسية الرافضة للخضوع لإرادة السعودية خاطىء"، موضحاً أنّه "إذا كان الهدف معاقبة "حزب الله" أو القضاء على "حزب الله"، أدعوهم إلى عدم وضع خيار القضاء على "حزب الله"، لأنّها مهما فعلت لن تستطيع القضاء على "حزب الله"، وإلى وضع أهداف واقعية"، مشدّداً على أنّ "موقفنا من اليمن لن يتبدّل لأنّه موقف إنساني وأخلاقي وعربي، وهو خارج الحسابات السياسية"، منوّهاً إلى أنّه "وزير الخارجية السعودية عادل الجبير يوم أمس، قال انّ الشعب اللبناني بريء ويخضع لسيطرة "حزب الله" وعلينا أن نجد طريقة لمساعة لبنان من سيطرة الحزب"، متسائلاً "هل الّذي تقومون به لانقاذ الشعب اللبناني أو أنّكم تريدون إنقاذ الشعب اللبناني كما تحاولون إنقاذ اليمني؟ هل إنقاذ الشعب اللبناني يكون بإهانة رئيس الحكومة وتياره وطائفته وكلّ الشعب ونشر حالة من الهلع؟".
وتساءل نصرالله "هل إنقاذ الشعب اللبناني يكون من خلال بثّ حالة القلق والخوف ومن خلال تحريض السنة على الشيعة؟ هذا عقاب للبنان لأنّ لبنان بلد حرّ ومستقلّ عزيز وكريم ولا يخضع للإملاءات والإرادات الخارجية، وقدّم شهداء من أجل أن يكون ذلك، والمطلوب معاقبة البلد لأنّه لم يسمع الأوامر الملكية"، مؤكّداً أنّه "إذا كانوا يريدون معاقبة "حزب الله"، أستطيع أن أقدّم لهم خطّة وليشغلوا عقلهم قليلاً، فيجدون شيئاً لمعقابة "حزب الله" دون الشعب اللبناني، ولكن إذا الحقد سيحرّكهم لن يصلوا إلى أي نتيجة"، مركّزاً على "أنّنا اليوم جميعاً يجب أن نتمسّك بأمننا واستقرارنا ووحدتنا، ولا يجوز أن نخاف أو نهلع لأنّنا بوحدتنا سنكون أقوى وقادرين على تجاوز هذه المحنة". (۹۸۶۳/ع۹۴۰)