استهل الحفل بتلاوة أي من الذكر الحكيم، أعقبها النشيد الوطني وقراءة سورة الفاتحة المباركة ترحماً إلى أرواح شهدائنا الأبرار، تلتها كلمة الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة ألقاها أمينها العام قائلاً: (حينما نعق أهل الباطل بصيحاتهم كان لزاماً أن يقوم المُصلح الحكيم بدوره. وهذا ما شعر به المرجع الأعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني “دام ظله الوارف”، حين أطلق فتواه الجهادية لمواجهة الباطل، حتى يهزمه، فجاءت كلماتهُ لتَجلي رينَ القلوب، وتَرفعُ وقرَ الأسماع، وتَفتحُ آفاقَ البصيرة، ويَقول أهل الحقِ قولهم ويملأ الأرضَ فِعلهم، ويحافظ على شرعةِ الإسلام الحقيقي، وصيانةِ الحُرمات، وردعِ الباطل أينما حلّ، فكان النداء مدوياً مُفزعاً الباطل وأهله حتى انحسر شيئاً فشيئاً.
وأضاف: وأما النصر الذي كتبه العراقيون فلم يأتِ من فراغ أو جاهزاً يتقمّصهُ أبطالنا، بل جاء ثمناً للدماء الطاهرة الزكية التي أُريقت في ساحات الوغى، وتقديم الشهيد تلو الشهيد حتى تحقق النصر النهائي. أما كلامُنا عن الشهيد فنعجزُ أن نقدّم صورةً له، فالشهادةُ نعمةُ الله عزّ وجلّ العظيمة يهبها لمن يختارهُ من عبادهِ حتى يصبح شهيداً..). بعدها ألقى دولة رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة الدكتور حيدر العبادي كلمة بهذه المناسبة قائلاً: عَقدنا هذا النصر عندما وقف الحشد الشعبي مع المؤسسة العسكرية والأمنية لمحاربة الإرهاب التكفيري، حيث وصلتْ قواتنا الباسلة إلى السهل والجبل والصحراء بل إلى أقصى نقطة في العراق، والحمد لله قد تحقق هذا النصر لجميع العراقيين ومن حقِهم أن يحتفوا به، وعلينا مسؤولية الحفاظ على هذا الانتصار بمزيدٍ من التلاحم، فينبغي تحجيم الأصوات النشاز لتحقيق كامل الانتصار، حيث أن نتائج هذا الانتصار هو أن نحاربَ الفساد وأن نحقق أعمارا ورفاهاً اقتصاديا بعد معاناة بلدنا وشعبنا من ويلات الحروب، إذ بالوحدة والنصر نستطيع أن ننهضَ ببلدنا إلى برّ الأمان.
بعدها ارتقى ممثل المرجعية الدينية العُليا سماحة الشيخ حسين آل ياسين وألقى كلمة بهذه المناسبة منطلقاً من قول الإمام علي بن الحسين السجاد “عليه السلام” :( أنتم الشعار دون الدثار)، وكلمة سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى سماحة السيد علي الحسيني السيستاني “دام ظله الوارف” عندما قال للعراقيين: (أنا خادم لكم .. ومن يقبلني فهو المتفضل عليّ)، فأنتم يا عوائل الشهداء بتضحياتكم وصبركم من حافظتم على هذا البلد والدولة العراقية وبشهادة شعبكم بما نص عليه قانون الحشد الشعبي رقم (40) لعام 2016 والمنشور في جريدة الوقائع العراقية في العدد (4429)، وأشار سماحته أن عُلماءنا هم مَن أسسوا الدولة العراقية بعد تصديهم للمحتل الانكليزي في العام 1914وفي ثورة العشرين واليوم سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني “دام ظله الوارف” هو من حافظ عليها، ولو نستقرأ فتاواه المباركة نجد كُلّها نصرٌ للعراق والعراقيين منذ عام 2003 بدءً من فتوى حماية العراق وأموال الدولة العراقية، وفتوى الدستور وكتابتهِ بأيادٍ عراقية والتصويت عليه باستفتاء شعبي وقانوني، وكذلك عندما ثبّت في الدستور أن الإسلام هو الدين الرسمي للبلاد، فضلاً عن ضمان حقوق المجتمع والعيش السلمي المشترك والاحترام المتبادل بين العراقيين، وتأكيد سماحته على توفير الخدمات والبنى التحتية ومنها الزراعة والصناعة والصحة والتعليم ومختلف المرافق العامة وغيرها من التوجيهات الأخرى التي جاءت متعاقبة في خُطب الجمعة، ولا يسعنا إلا أن نقول لتلك العوائل المضحية بيّضَ الله وجوهكم ورفعَ قدركم ونسأله تعالى أن يحفظ آثار هذه الجهود والتضحيات.
بعدها ألقى فضيلة الشيخ محمد الطليباوي كلمة عوائل الشهداء قائلاً: فليفتخر ذوي الشهيد ولتقرّ أعين الأمهات. بل ليفتخر العراق على سائر البلاد بأبنائه الذين سطّروا أروع وأسمى البطولات في الذوّد عن عراق المقدسات وترابه الغالي، واليوم نقف مفتخرين بالنصر وبشهدائنا الكرام.
فالشكر موصول بعد الله “عزّ وجل” ورسوله الأكرم وآل بيته الأطهار “عليهم السلام” وإلى شهدائنا الأبرار وإلى مرجعيتنا الرشيدة صاحبة الفتوى المقدسّة التي أذهلت العالم بأسره والتي قلبتْ جميع الموازين والحسابات في الوقت الذي راهن فيه الأعداء وزمر الإرهاب وهي تقف على مشارف بغداد وكانوا يتوعدون بتفجير المقدسات وسلب الأموال وانتهاك الأعراض.
وفي تلك الظروف والأحوال أطلقت المرجعية العُليا في النجف الأشرف كلمة الفصل بفتوى الجهاد الكفائي، فهب الغيارى من أبناء العراق وأبناء الحوزة العلمية الشريفة وفضلائها ليقفوا صفاً واحدة مع القوات الأمنية للدفاع عن العراق حتى تحقيق النصر.
لنجعل شكرنا للشهداء متمثلاً بخدمةِ أبنائهم والعنايةِ بهم، وتأمين سُبل العيش الكريم والسكن المحترم لهم، وهذا أقل ما نقدمه وفاءً لدمائهم. كما تخلل الحفل مشاركة للشاعر عامر عزيز الأنباري بقصيدة عنوانها: (تكبيرة الانتصار) ومنها هذه الأبيات:
خرج الشعب يوم نادى (عليُّ) *** مسرعاً للوغى لسوح النضال
دكدك الأرض موقظاً مَن عليها *** مِن نيامٍ عن العدا وانشغال
خرج الحشد والغيارى جميعاً *** من صفوف الأشاوس الأبطال
مَلئوا الأرض والسماء خشوعاً *** لحكايا.. لتضحياتٍ طِوال
كَبّر النصرُ في الربوع وصلَّت *** لدماء الشهيد بيض الفِعال
كما شهد مشاركات في الشعر الشعبي والأهازيج والقصائد الحماسية التي تؤيد وتناصر وتتفاخر بالنصر الكبير لقواتنا الأمنية والحشد الشعبي، واختتم الحفل بتوزيع الهدايا على عوائل الشهداء الكرام من خلال معتمدي المرجعية الدينية. (۹۸۶۳/ع۹۴۰)