وجاء ذلك خلال الجلسة الثانية بمؤتمر الأزهر لنصرة القدس، التي شاركت فيها شخصيات ومرجعيات دينية بارزة، وشيخ الأزهر أحمد الطيب.
وفي هذا السياق، قال مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، إن القدس لها مكانة وتاريخ عظيم، وأنها تتعرض هذه الفترة لمجموعة من الانتهاكات الصارخة، مؤكدًا أن القدس مرتبطة بعقيدة المسلمين كما أن للمسيحيين بها كنائس ومقدسات لذلك فهي تختلف عن كافة المدن حولها.
وأضاف المفتي، أن "القدس اليوم تستجدي نخوتكم فهل أنتم مجيبون؟"، لافتا إلى أن أبناء المدينة المقدسة نجحوا خلال العام الماضي في منع محاولات سلطات الاحتلال من عملية تركيب بوابات إلكترونية على أبواب المسجد الأقصى.
وأوضح، أن معززات القدس ستبقى دائما وأن على أبناء الأمة التوحد وزيادة الوعي لدى الشعوب بأهمية القضية الفلسطينية، مؤكدًا أنه يأمل أن يخرج هذا المؤتمر بتوصيات تساهم في الدفاع عن القضية الفلسطينية.
وحذر من أن القرارات الجائرة بشأن القدس، ومنها قرار الإدارة الأميركية تحاول محو الهوية العربية والإسلامية للمدينة، مشددا على ضرورة إعادة البوصلة العربية والإسلامية نحو القدس،
وأن تتوحد الأمة تجاهها، مضيفا: والقدس جديرة بلم الشمل وجمع الأنظار ووحدة المواقف.
من جانبه، قال خطيب المسجد الأقصى عكرمة صبري، إن مدينة القدس ربطها الله بمكة المكرمة والمدينة المنورة، والتخلي عنها كالتفريط في المدينتين المقدستين.
وتابع: إن التفريط بالأقصى هو تفريط بالمسجد الحرام وبالمسجد النبوى،
وأن التفريط بالقدس هو تفريط أيضاً بمكة المكرمة وبالمدينة المنورة، محذرًا من الالتفات إلى الأصوات النشاز والمشبوهة التي تشكك في موضوع الأقصى.
وأضاف خطيب المسجد الأقصى، أن موضوع القدس أصبح حديث العالم كله،
وذلك بعد الوعد الثاني المشؤوم الذي أصدره الرئيس الأميركي ترمب فرب ضارة نافعة، بعد أن كانت هذه المدينة مهمّشة.
وأردف: إننا حينما نذكر القدس فإننا نعني فلسطين والأقصى، وحينما نذكر الأقصى فإننا نعني القدس وفلسطين، فهذه الألفاظ الثلاثة متلازمةٌ في دلالاتها حيث أن الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة لم تفصل بينها.
وتابع صبري أن القدس بوابة الأرض للسماء، وهي المدينة الوحيدة التي تولى الخليفة عمر بن الخطاب مفاتيحها بنفسه،
ونحن نطالب بها لأنها وقف إسلامي.من جانبه أكد وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في الأردن وائل عربيات، أن المسجد الاقصى يتعرض شبه يومي باقتحامات من قبل المتطرفين اليهود لباحات المسجد، حيث وصل عددهم نحو 25 ألف متطرف تقريبا العام الماضي، مشيرا إن الأقصى أحتل مكانة بنص قرآني دون تأويل وارتبط به المسلمون روحا وستسمر مكانته في عقيدة كل مسلم إلى أن تقوم الساعة.واستعرض عربيات، الجهود الاردنية في ترميم والاهتمام بالمسجد الأقصى، مثمنا دور شيخ الأزهر الشريف في دعم قضية القدس، متمنيا نجاح مؤتمر الأزهر الشريف في نصرة القدس.
وأضاف، أن الإسرائيليين يأتون بالسياح من كل دول العام ليشرحوا لهم هيكل سليمان المزعوم.وقدم عربيات عددا من التوصيات للجنة المنظمة للمؤتمر ومنها دعم صمود أهل القدس لإفشال مخططات الصهاينة، لافتا إلى أن القرار الأميركي الأخير بشأن القدس جاء بعد مطالبات من السياح التي تستقدمهم إسرائيل لزيارة القدس.
ومن جانبه، قال زعيم حركة ناطوري كارتا المعادي لدولة إسرائيل يرسول دوفيد ويس، إن طائفته وعامة اليهود الحقيقيين يرفضون حكم إسرائيل والفكر الصهيوني.
وأضاف في كلمته في المؤتمر، إنني جئت ممثلا للشعب اليهودي الأصلي، مشيرا إلى أنهم مأمورين برفع الظلم عن الشعب الفلسطيني بأمر من التوراة، حيث إنه تم إعطاء دولة على أراضي 1948 لإسرائيل على حساب فلسطين.ووجه زعيم حركة ناطوري نداء إلى "الشعب الحريدي" في فلسطين أن يقفوا ويحرروا تلك الأراضي المحتلة مع تقديم دعم اقتصادي ووقف عمل العصابات الإجرامية.
وقال انه يجب على قادة العالم الإسلامي ألا يلقبوا هؤلاء باليهود أو إسرائيليين حتى لا يعطونهم الشرعية على حساب المسلمين القدماء، مضيفا، انه لا يوجد هناك حكم أو سيطرة لسلطة لليهود في التوراة، فهؤلاء صهاينة محتلين ومجرمين.وبدوره، أوضح البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، رئيس مجلس البطاركة الكاثوليك في الشرق، أن المؤسسات الدينية لها دور مهم في نشر الوعي بأهمية قضية القدس من خلال تغذية روح الانتماء والتنشئة على حبّ القدس في العائلات والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس.واضاف خلال كلمته، ضمن محور "المكانة الدينية العالمية للقدس"، أن قضيّة القدس لا تنفصل عن القضيّة الفلسطينية، ولا حلّ للواحدة من دون الأخرى، لترابطهما العضوي، فكلّنا يدرك أن السلام والعيش معًا على الأرض المقدّسة وفى الشَّرق الأوسط لا مستقبل لهما من دون أن تحلّ المسألة السياسيّة الخاصّة بالقدس.
وأوضح رئيس مجلس البطاركة الكاثوليك في الشرق، أن كل شيء مخطط له بدقة في إسرائيل ولم يكن وليد الصدفة، فقد تهيّأت ولادة دولة إسرائيل الصهيونيّة على مدى ستّون عاما من 1887 إلى 1947، وكان احتلال مدينة القدس بكاملها عام 1967 ليأتي القرار الظالم من الرئيس الأميركى ترمب بحق القدس، موضحًا أن القرار مخالف لجميع قرارات مجلس الأمن ومنظّمة الأمم المتّحدة.واختتم البطريرك الماروني كلمته بالتأكيد على أن هوية القدس بوجوهها الدينية والثقافية وبمؤسّساتها التربوية والاستشفائيّة ودور العبادة كلّها تجعل منها كنزًا للبشريّة جمعاء لما تحويه من تراث خاصّ بالأديان السماوية.وشدد على ضرورة عدم السماح لأي شخص أو كيان بزرع التفرقة بين العرب، قيادات وشعوب،
وتكثيف الحضور الديموغرافي في القدس بتأسيس العائلات، وتعزيز الحضور الثقافي والجغرافي بالمحافظة على الأرض وملكيّتها وعدم الهجرة.من جانبه، قال وزير الشؤون الدينية بإندونيسيا الشيخ لقمان حكيم سيف الدين، إن هذا المؤتمر يأتي في أوانه، في ظل تطورات الأحداث الأخيرة المتدهورة والمقلقة، ولا سيما بعد قرار الرئيس الأمريكي، الذي يؤجج القيم الإنسانية بما فيها العدل، وسط انشغال العالم الإسلامي بمشاكله الداخلية، ويهدد السلام العالمي الدائم، فضلًا عن أن هذا الاعتراف من جانب واحد ينتهك العديد من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، ويدعم الأنشطة غير القانونية التي ترتكبها "إسرائيل"، انتهاكا للقانون الدولي وحقوق الإنسان.
وأضاف الوزير الإندونيسي إن حكومة بلاده أكدت رفضها القاطع تجاه هذا القرار، وانتقدته بشدة، وذلك من أجل إرساء السلام العالمي الذي لن يتحقق من دون استقلال فلسطين وسيادتها وكرامتها، كعضو متساو في المجتمع الدولي، معلنًا ترحيب إندونيسيا بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 21 كانون الأول/ ديسمبر الماضي الذي يطالب الولايات المتحدة بسحب قرارها الباطل تجاه القدس.
وشدد على أن علماء المسلمين ورموز العالم الإسلامي لديهم مسؤولية أكبر، لتأكيد أن الدفاع عن القدس الشريف واجب ديني، فضلا عن كونه فريضة إنسانية.وأكد أن قضية القدس والأقصى تهمنا جميعًا، ولا تخص الفلسطينيين فحسب، لارتباطها الوثيق بديننا وتاريخنا وتراثنا، معبرًا عن ضرورة الاستفادة من هذا المؤتمر على إظهار وحدة المسلمين، وأن نقف صفًّا واحدًا من أجل القدس.
وعبر عن تقدير حكومة إندونيسيا للأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين، على هذه المبادرة الطيبة لتنظيم مؤتمر دولي دفاعًا عن القدس الشريف، مضيفا: إن هذا المؤتمر يؤكد موقف الأزهر بوصفه أعرق وأقدم المؤسسات الإسلامية في العالم، الذي يعايش ويتواجد دائمًا في كل قضايا الأمة الإسلامية. (۹۸۶/ع۹۴۰)