وقال السيد عمار الحكيم في كلمة القاها خلال التجمع التأبيني الرسمي بذكرى يوم الشهيد العراقي عقد بمكتبه ببغداد ان" ذكرى استشهاد آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم {قدس}، شهيد المحراب، يوم كل شهداء العراق، الذين بذلوا ارواحهم من أجل الوطن، ومن أجل التخلص من الظلم والديكتاتورية والإرهاب".
وأضاف" لقد آمن شهيد المحراب بأن تعبيد الطريق للمشاريع العظيمة لا يتم الا بنيل الشهادة، فقوى الظلم والظلام والاستبداد لا تسمح للأمم الحية والعظيمة أن تنال مكانتها التي تستحق، لذا يصبح طريق التضحية والايثار والجود بالنفس لمقاومة تلك القوى، هو طريق التغيير ونهضة الامة، ومن هذه الرؤية كان الصبر عنوان مسيرة شهيد المحراب وهو ينظر الى أهله ورفاقه يبذلون انفسهم فرادى وجماعات عبر مراحل مختلفة في هذا السبيل، ويترقب اليوم الذي ينال فيه هذا الشرف، وهكذا كان".
وتابع السيد عمار الحكيم " نلتقي اليوم لنستذكر تلك الصلابة والثبات في الموقف، والرؤية البعيدة، والصبر على الشدائد، والافق المتطلع الى المستقبل، والالتفاف حول المرجعية الدينية التي حمت العراق ومشروعه وعبأت الجمهور ضد التحديات"، مبينا ان" ذكرى شهيد المحراب لقاء مختلف عن سابقاته من اللقاءات حيث العراق يستعيد عافيته، منتصراً على التحديات الواحدة تلو الأخرى، بصبر أبنائه وتضحياتهم، لا بل حتى بسخطهم ومواقفهم التي اثارت روح التغيير وتقديم الأفضل".
واشار الى ان" شهيد المحراب الخالد كان يرى أن سقوط الاستبداد هو نقطة انطلاق المشروع الوطني العراقي، فإن انتصاراتنا على التحديات وفاعلية شعبنا الشاب وتفاعله مع التطورات والمواقف هي فرصة لترسيخ ذلك المشروع الوطني، وبناء الدولة العراقية العصرية العادلة"، لافتاً الى ان" السنوات الماضية التي واجهنا فيها تحدي الاحتلال الداعشي لمدننا، وتحدي الازمة الاقتصادية الناتجة عن انخفاض أسعار النفط، وتحدي محاولات اثارة الانقسامات الطائفية والفئوية في المجتمع، وتحدي زعزعة وحدة البلد ومستقبله، وتحديات أخرى، أثبتت أن منهج الاعتدال والحوار مع الاخوة، والحزم مع الأعداء الإرهابيين، هو المنهج القادر على معالجة المشاكل وتجاوز الازمات، فقد حولنا التحدي الى فرصة، والمحنة الى منحة، فأصبحنا نمتلك جيشاً من افضل الجيوش في المنطقة، واقتصاداً يتعافى وينطلق من جديد، ومجتمعاً ينبذ الطائفية، وبلداً موحداً أكثر انسجاماً من أية مرحلة سابقة".
وأفاد السيد عمار الحكيم ان" الذكرى تأبى هذا العام إلا أن تعبر عن وحدة العراقيين، ليكون يوم كل شهداء العراق، ومنهم شهداء مجزرة حلبجة الأليمة، حلبجة الشهيدة، حلبجة الجرح الغائر في نفوس العراقيين كورداً وعرباً وتركماناً وشبك، جرحاً للانسانية جمعاء، حيث النساء والاطفال والشيوخ يواجهون غازات الحقد والظلم".
واستمر ان" التاريخ يثبت يوما بعد اخر وتحد بعد تحد ان مصلحة الجميع في عراق واحد يضمن مصالحهم جميعاً، ومن هنا نحيي روح المسؤولية التي ابدتها الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان في الحوار الهادئ المتواصل لمعالجة المشاكل بين الاخوة، وبتلك الروح سنتمكن مستقبلاً من تجاوز كافة المشاكل، وتجاوز مرحلة الازمات المتكررة، والتحول الى البناء،والالتزام بالدستور كسقف لطموحاتنا، واعتماد الحوار وتقوية مؤسسات الدولة، سيكون دائماً الضمانة لعدم تكرار الازمات".
واردف قائلا إن" الاستجابة لتطلعات أبناء شعبنا، والمراهنة على امكانياتهم وطاقاتهم، وما يمتلكه العراق من قدرات كبيرة، واستثمار توجه دول المنطقة والعالم نحو العراق، يمثل الركيزة الأساس لاغتنام الفرصة التاريخية لبناء بلدنا، ونحتاج في ذلك إلى القدرة على تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات الصعبة التي تضعنا على المسار الصحيح نحو المستقبل. ومن هنا نجدد رؤيتنا ان العراق بحاجة لرجال دولة لا رجال سلطة، رجال يبحثون عن نجاح المشروع الوطني وتحقيق تطلعات الشعب لا رجالا يبحثون عن نجاح مشاريعهم الشخصية وتطلعات حاشيتهم ومريديهم، ولابد من حصر السلاح بيد الدولة والانتقال الى مرحلة الدولة القوية المهابة، فلا نريد دولة داخل الاحزاب انما احزابٌ داخل الدولة".
ولفت السيد عمار الحكيم الى ان" الدولة هي العنوان الاكبر وكل العناوين الاخرى ساندة ومكونة لها. كما نجدد دعوتنا لترشيد الحياة الحزبية في العراق، واندكاك الاحزاب والقوى السياسية المتقاربة في برامجها و رؤيتها لبناء الدولة مما يجعل العراق امام العديد من التيارات الوطنية ذات البرامج المتنوعة، ويوفر نضجاً في المشهد السياسي من ناحية، ويحافظ على تنوع خيارات الشعب من ناحية أخرى".
وأشار" لقد اخطأنا حينما تعاملنا مع الديمقراطية بلغة أحادية لا تفقه غير التوافقية السياسية فقط، ووقعنا في فخ الصراع الداخلي القائم على مقدار النفوذ السياسي لا غير، ونسينا او تغافلنا عن الكثير من الفرص التي ولدتها الديمقراطية لنا في بناء مجتمع متماسك قادر على تحويل العراق وانتشاله من اقتصاده الريعي القاتل، نحو اقتصاد السوق والمنافسة الحرة الناتجة عن استثمار خيرات البلد وامكانيات شبابه وابداعاتهم"، داعيا الى" إعادة النظر في تلك النظرة الأحادية للعملية السياسية".
وواصل" اني أعلنها من هنا باننا سنكون اول المبادرين في التخلص من قيود التوافقية السياسية غير المجدية وسنتعامل مع استحقاقات تشكيل الحكومة المقبلة وفق عنصر الكفاءة والتجربة والقدرة على الخدمة المشروطة بتوقيتات زمنية صارمة وحاسمة، فنحن لا نفكر بعقلية اللحظة او اللقطة السياسية، نحن لنا جذورنا الممتدة في هذا البلد والمستقبل امامنا.. وفرصه واعدة ".
ولفت الى" وجود سخط حقيقي لدى شعبنا، وعلينا الاعتراف بذلك وعدم التغافل عنه.. ونحن نتحمل المسؤولية تجاه ذلك كل بحسب حجمه .. و هناك منجزات ونتائج ملموسة في مسار إعادة الدولة بعد ٢٠٠٣.. لكن هناك أيضا إخفاقات حقيقية ناتجة عن التصارع والتخاصم وتسقيط بعضنا الاخر.. لم نستطع ان نحقق مشاريع الخدمة السريعة لمحافظاتنا بالمستوى الذي كان يطمح اليها شعبنا بسبب صراعنا على من يأخذ المحافظة أولا.. او كيف نثبت ان المحافظ التابع للجهة المعينة بانه فاشل.. بل هناك من عمل جاهدا لإفشاله كي يقال ان الكيان الفلاني قد فشل بمهمته.. ولم ندرك ان السخط حينما يعم سيشمل الجميع بلا استثناء لاحد.. فالحريق لا يستثني الأخضر من اليابس".
ودعا الى" إعادة النظر بالأنظمة المانعة والمعرقلة في نظامنا السياسي حتى وان استلزم الامر إعادة النظر بالدستور وتعديله عبر السياقات التي وضعها الدستور لنفسه"، موضحا انه" لا يمكن ان نهمل ازدواجية الادعاء باللا مركزية فيما ان قوانيننا كلها تتعامل بمركزية صارمة ومعطلة.. ولا يمكن ان نطالب بسرعة الخدمة المباشرة لأهلنا في المحافظات والمحافظ يتم اختياره من قبل مجلس المحافظة تحت ضغوط الاصطفاف السياسي من دون ان يكون للشعب رأيه الفاصل في اختياره او اقالته.. شعبنا يستحق التجديد.. ودماء شهدائنا تستحق التضحية والايثار لهم".
وأوضح ان" العراق الموحد المتعافي يحتاج منا ان نستكمل انفتاحنا على العالم، على قاعدة المصالح المشتركة والمتكافئة، التي تجعل العراق جسراً للمتخاصمين ومحطة التقاء الجميع، وتجنيبه الاثار السلبية للصراعات الإقليمية والدولية. ومن هذا المنطلق، فإننا ندعو لأن تتجاوز دول المنطقة عقد وترسبات الماضي، وان تنخرط في حوارات وتفاهمات حول مجالات التعاون الممكنة، وصولاً الى معالجة مسببات الخلاف والصراعات".
واكد ان" مشاكل المنطقة بشكل عام والعراق على وجه الخصوص، لا يمكن حلها ما لم يكن هناك حوار بناء بين الجمهورية الإسلامية الأيرانية والمملكة العربية السعودية، ويجب أن يكون هذا الحوار بلا شروط مسبّقة من الطرفين على أحدهما، ويمكن للعراق أن يلعب دوراً محورياً في هذا الحوار كي يكون أرضاً للتصالح وليس ساحة للتصارع! ومن التأسيس لحوار الشقيقين إيران والسعودية يمكن أن ننطلق لما دعونا له مسبقاً للقاء الخمسة الكبار في المنطقة العراق والسعودية وايران ومصر وتركيا، فهو المفتاح ونقطة الانطلاق لتحقيق الاستقرار المنشود في الشرق الأوسط بل والعالم كذلك".
ونوه الى ان" الجوار الجغرافي في هذه المنطقة حقائق لا يمكن القفز عليها ولا يمكن اعتماد مبدأ الغالب والمغلوب في ادارة المنطقة فاي ازمة في اي جزء منها تؤثر على الجميع دون استثناء فنحن نتحدث عن {الشرق الأوسط} قلب العالم ونتحدث عن {العراق} مركز هذا القلب"، مؤكدا ان" الحوار الذي ندعو اليه ليس بدعة نبتدعها او ترفا تعبيرياً انما هو خلاصة تجارب الامم التي تصارعت لسنين فيما بينها لكنها ركنت الى الحوار والبحث عن المصالح المشتركة التي حولت المتصارعين الى قوة اقتصادية مشتركة تسببت بقوة سياسية وثقل دولي واقليمي لهم . فما نجحت به الامم يمكن للمنطقة ان تنجح به اذا توفرت ارادة الحل وتخلصت المنطقة من الشخصنة".
وذكر ان" المنطقة اليوم تعيش مرحلة الخطاب المتشنج وان الازمات فيها تضع الجميع امام اصعب الخيارات اما المضي بالنفق المظلم ودفع المنطقة الى المجهول او الوقوف لبرهة واشعال شمعة الخلاص والبحث عن الطرق الامنة التي تمنع المنزلقات وتمكن الشعوب من استثمار إمكاناتها"، مستدركاً ان" العراقيين اعرف الناس بالحروب ومآلاتها الصعبة على الشعب ، ومخلفاتها القاسية التي لا تمحوها الا سنين العمل والتخطيط للخلاص من تبعات الحروب". (۹۸۶/ع۹۴۰)