أحيت سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الذكرى السنوية ال29 لرحيل الإمام الخميني، في قصر الأونيسكو، في حضور ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد في حكومة تصريف الأعمال نقولا تويني، ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري النائب الدكتور أيوب حميد، ممثل الرئيس أمين الجميل ورئيس "حزب الكتائب" النائب سامي الجميل الوزير السابق آلان حكيم، ممثل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الأب عبدو أبو كسم، ممثل رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان المفتي الشيخ أحمد قبلان، ممثل كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس آرام الأول كيشيشيان الأب سمباد صابونجيان، ممثل وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل السفير حسين حيدر، السفير الفلسطيني أشرف دبور، ممثل السفير السوري علي عبد الكريم علي القنصل الدكتور عبد الرزاق إسماعيل، النواب: محمد رعد، أمين شري ومصطفى الحسيني، ممثل النائب فؤاد مخزومي الدكتور أحمد موصللي، ممثل النائب ميشال معوض إيلي حسون، نائب رئيس المجلس الإسلامي العلوي محمد عصفور، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود، ممثل رئيس مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ علي زين الدين الشيخ محمد غنام، نائب الأمين العام ل"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، ممثل المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم العميد الركن حسن علي أحمد، ممثل المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا العقيد أنور حمية، ممثلين عن الأحزاب والقوى الوطنية والإسلامية اللبنانية وفصائل المقاومة الفلسطينية وشخصيات وفاعليات وأبناء الجالية الإيرانية في لبنان.
ممثل فتحعلي
بدأ الحفل بآيات من الذكر الحكيم والنشيدين الوطنيين اللبناني والإيراني، ثم ألقى القائم بأعمال سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية أحمد حسيني كلمة السفير محمد فتحعلي، قال فيها: إن "الامام رحل تاركا جرحا عميقا واثرا بليغا في ضمائر محبيه وقلوبهم، الا انه حاضر دوما وابدا بكلامه وكتبه وحكمته ودرايته وارثه الزاخر في مقارعة الطواغيت والاستكبار وجبروت السلطة والقوة، كما ان الامام لم يغب ولن يغيب عنا نهجا ومدرسة، فمثل الامام يكون كمثل الغائب الحاضر غائب بدنا وجسدا وحاضر روحا ووجدانا في حياتنا اليومية، نستلهم من نهجه ورؤيته الثاقبة والمستنيرة للامور، لذا ينبغي علينا ان نسير على دربه لتحقيق طموحاتنا واهداف امتنا العظيمة. ان شخصية الامام تمثل شخصية متعددة الجوانب، ففي الوقت الذي نجده فقيها عالما كبيرا يفوق الاخرين بمكانته الدينية، نجده شاعرا وكاتبا وقائدا صلبا مقتدرا صادقا في القول والعمل غير آبه من لومة لائم عندما كان يقول كلمة الفصل لتصويب المسار في حياة الامة".
وتابع: "تعيش امتنا العربية والاسلامية في ظروف بالغة الخطورة والحساسية، وليس ببعيد عنا ما يجري في فلسطين والقدس الشريف تحديدا من مخاطر جسيمة ومؤامرات ذات طابع دولي وبشراكة ومساهمة من بعض الاطراف الاقليمية التي اما انها تتغاضى او تتجاهل او تفضل الصمت والسكوت لتمرير ما يحيكه البيت الابيض والمؤسسات الصهيونية النافذة هناك، كما لسنا ببعيدين عما يجري في سوريا من تدمير للبنى التحتية وتهجير وتشريد لأبنائها واستهداف للدولة تسهيلا لتنفيذ الموامرات وتطبيق المشروع التقسيمي الذي يرمي إلى خدمة مصالح الاستكبار والعدو الصهيوني، واننا معنيون كأبناء هذه الأمة بما يشهده العراق واليمن وبقية الساحات الملتهبة والمتناحرة في هذه المنطقة".
أضاف: "ان الغاية الفضلى للثورة الإسلامية تتمثل في احياء الانسان والقيم الدينة والانسانية كما نادى وعمل من اجل ذلك كل الانبياء والرسل، ويقول سبحانه وتعالى من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا ومن احياها فكأنما أحيا الناس جمعيا، والإحياء هنا يعني انقاذ الانسان من الدنيا والارتقاء به الى سمو الايمان ونور الحق وتحقيق هذا الهدف سيجلب الحرية المنشودة وينشر القسط والعدل في المجتمع الانساني، وكان الامام اطلق النداء للتواصل والحوار بين مختلف الاديان متشبثا بكلمة سواء في ما بيننا، كما شدد على الوحدة بين المسلمين ونبذ الفرقة والاختلاف مع احترام رأى الاخر لا بل الاخذ به ان كان الرأي المخالف اقرب الى الصواب والافادة، فكان هدف الامام من خلال هذه الدعوات تشكيل جبهة عالمية تقف بوجه السياسات الدولية الظالمة التي تفرض هيمنتها على شعوب ودول العالم".
وشدد على أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية وبقيادة سماحة الامام الخامنئي وحكومة الرئيس الدكتور حسن روحاني لا تدخر جهدا لتنفيذ أهداف الامام ورسالته وجعلها واقعا عمليا، فكانت إيران تشكل خلال كل هذه السنوات التي مرت من عمرها قلعة للأحرار وداعمة لحقوق الشعوب وداعية للحوار".
وأكد "وقوف الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى جانب لبنان الصديق والشقيق، حكومة وشعبا، والى جانب مقاومته الشريفة الباسلة التي سطرت المزيد من العزة والرفعة للبنان والأمة العربية والإسلامية حيث الحقت بالعدو الاسرائيلي هزيمة كبيرة ومرارة لن ينساها كما كان لها الفضل في الحاق الهزيمة بالجماعات الارهابية والتكفيرية التي كانت متواجدة في بعض المناطق اللبنانية"، مجددا "دعم إيران الكامل لكل ما يجمع ويوحد اللبنانيين بعضهم ببعض على قاعدة الحفاظ على امن لبنان واستقراره"، ومهنئا لبنان رئيسا وحكومة وشعبا على "الانجاز الكبير الذي تحقق من خلال اقامة الانتخابات البرلمانية في ظل التهديدات والمخاطر التي تحيق بالمنطقة، الامر الذي من شأنه تعزيز الامن والاستقرار"، وقال: "نأمل التقدم والازدهار لهذا البلد العزيز. كما ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستصمد وستبقى إلى جانب كل الشعوب المظلومة وفي طليعتها الشعب الفلسطيني المظلوم، ونحذر من المؤامرات التي تعمل على إثارة الفتن الطائفية والمذهبية هنا وهناك والتي ترمي الى حرف القضية الاساسية والمحورية للامة وهي القضية الفسطينية، ونضم صوتنا إلى صوت هذا الشعب الثائر في غزة والذي يراق دمه وتزهق أرواح أطفاله وشبابه على معابر العودة إلى فلسطين، دون ان يرف جفن العالم الاستكباري، وندعو المجتمع الدولي والامة العربية والاسلامية الى عدم الوقوف موقف المتفرج اللامبالي أمام قيام أميركا بنقل سفارتها إلى القدس الشريف وتبنيها وحمايتها لدولة غاصبة لمقدسات المسلمين والمسيحيين في المسجد الاقصى معراج الرسول وكنيسة القيامة ومهد النبي عيسى".
وختم مشددا على أن "الجمهورية الإسلامية لن تفقد البوصلة وستبقى فلسطين قضيتها الكبرى والحاسمة مع العدو الصهيوني، انهم يرونه بعيدا ونراه قريبا، عشتم وعاشت قيم الحق والعدالة".
حميد
ثم ألقى حميد كلمة بري، فقال: "في الذكرى التاسعة والعشرين لرحيل مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران رائد الوحدة الإسلامية وقائد المستضعفين في العالم روح الله الموسوي الخميني، تستوقفنا شخصية هذا القائد الرسالي الفقيه والعرفاني والمجدد الذي جمع في شخصه الإسلام المحمدي الحنيف بكل جوانبه الأخروية والدنيوية، الذي في كل حركته وجهاده إنما كان يبتغي رضا الله وخدمة إنسانه المستخلف في الأرض. من هنا تبدأ الحكاية، حكاية الوعي المبكر لما يعانيه الشعب الإيراني المسلم وتسلط الطواغيت وأعوانهم والعبث بمقدرات هذه الأمة وسلب خيراتها وإفقار الناس وتجويعهم وكم أفواههم وسلب حريتهم والدوس على كراماتهم وتغريبهم عن قيم دينهم الحنيف، كما والارتهان لإرادة الاستكبار العالمي وفي الطليعة الولايات المتحدة الأميركية وسياساته الداعمة للظلم والظالمين على مستوى العالم وفي الطليعة الانحياز لعدوة الإنسانية اسرائيل. فكان أن بدأ بتحضير المناخات المؤاتية على المستوى الداخلي للبدء بالتغيير والانتهاء من حكم العائلة البهلوية المستمر لعقود من الزمن. وبذل في سبيل إنجاح دعوته كل غال ونفيس ولم يأبه للتشريد والسجن والإبعاد واغتيال أحبته، كما واجه كل أنواع المغريات لثنيه عن حركته وكسب سكوته. واستجاب له الشعب الإيراني لما وجد فيه من صدق الإرادة وصدق الدعوة ولما عهده في شخصيته من مناقب وبعد بصر وبصيرة، فكانت الثورة المباركة التي قادها منهيا عصر العائلة المتسلطة وليكون الإسلام السمح هو الهادي ولتكون سيرة النبي محمد والأئمة عليهم السلام من بعده قدوة في مسار الجمهورية الإسلامية الإيرانية ولتبدأ مسيرة الجهاد الأكبر في بناء دولة الإسلام على قواعد جديدة، بمتابعته الدقيقة وتحت إشرافه وعينه التي لا تنام".
وتابع: "بعدما فشلت كل المحاولات لمنع انتصار الثورة الإسلامية، كان لا بد لقوى الاستكبار العالمي من السعي لإحداث الفوضى ومنع الاستقرار في الدولة الفتية. فكانت البداية في محاولة سرقة الثورة وحرفها عن مسارها المرسوم. وحيث لم تنجح المحاولة، فكان اللجوء الى اغتيال قادة الثورة وخلق التوترات الداخلية المسلحة وإثارة النعرات المذهبية والعرقية. وكانت حركة المنافقين رأس حربة تلك المحاولات المجرمة مدعومة من أجهزة المخابرات الأميركية وأموال الخليج، حيث كشفت التحقيقات الإعلامية الأخيرة تورط من هم اليوم يشكلون أعمدة السياسة في الإدارة الأميركية الحالية فيها وبولتون القبيح أحدهم، وحيث لم ينفع ضرب مسيرة الثورة في الداخل، كان لا بد للحرب المباشرة من الخارج".
أضاف: "كانت الحرب الجائرة الظالمة التي شنها النظام العراقي البائد والتي سخر لإنجاحها قدرات وإمكانيات دولية عسكرية ومالية وإعلامية، ناهيك عن الحصار الاقتصادي والمالي المستمر، وكل ذلك لم يفت في عضد الدولة الفتية ولم يحرفها عن السير قدما في تحقيق الأهداف السامية التي أطلقها قائد الثورة وملهمها الإمام الخميني رضوان الله عليه. لقد رفع الإمام الخميني شعار "لا شرقية ولا غربية" وهي لا تزال بهدي هذا الشعار تتعملق لتصبح قوة إقليمية وشريكا دوليا يحسب له أكبر الحساب في مسارات السياسات الدولية كافة. إن الجغرافية الشاسعة للجمهورية الإسلامية، كذلك ثرواتها الهائلة الكامنة والمستكشفة وإنسانها المبدع والخلاق، حفزها في ظل الحصار للاعتماد على النفس وتطوير القدرات والانتاج على الصعد المتنوعة زراعة واقتصادا، وانجازات جمة في مجال العلوم والمعارف والطب والصناعات المتقدمة وعلوم الفضاء ومراكز الأبحاث وتطوير القدرات العسكرية الدفاعية، حتى باتت إيران من الدول الأولى تقدما في هذه المجالات. وباتت قدوة ومقصدا لكثير من الدول التي رامت أن تحذو حذوها في السعي إلى الاستقلال والحرية ورفض الإملاءات الدولية وأهدافها الاستعمارية".
وقال: "ان فلسطين قبلة الأحرار في العالم بات علمها يرفرف في العاصمة طهران عوضا عن علم إسرائيل. وها هي فلسطين من غزة والضفة تتجاوز جراحاتها. تهدر من البحر ومن البر بدماء مقاوميها شيبها وشبانها وفتياتها، بمعتقليها وأسراها وترفض صفقة العصر ولتعلن أن فلسطين لأهلها وحقهم في استعادتها من البحر الى النهر مهما تقادم زمن الاحتلال والأسر ومهما تواطأ واستكان الضمير العالمي ومعه ردة العرب ومهما كانت شراسة العدوان كما في اليومين المنصرمين. وتدفع الجمهورية الإسلامية من أجل فلسطين وشعبها وثورته الكثير من التضحيات ولا تبالي بالإغراءات ولا بالتهويل. ولو هي رضخت لم يكن بعد حصار ولا تضييق بل قبول بامتلاكها القوة النووية السلمية، بل ولكانت أصبحت في أعين دول الاستكبار وفي الطليعة أميركا واحة لكل الإيجابيات ولما كان استعداء بعض الدول لها ووضعها العدو الأوحد لهم مع تجاهلهم بل تواطئهم عليها مع الكيان الصهيوني".
وأردف حميد: "ان المرشد السيد علي الخامنئي وقيادته الرشيدة إلى جانب رئيس الجمهورية الشيخ الدكتور حسن روحاني ومجلس الشورى وبقية المؤسسات والمواقع المتقدمة الحامية للجمهورية من جيش وحرس ثوري وقوات تعبئة وغيرها تستمر الجمهورية الإسلامية في عناد لا يلين، عين على الداخل والبناء وقوة مقتدرة في مواجهة قوى الاستكبار وسعيه لاستلاب إرادة الشعب الإيراني ومحاولة إخضاعه وتركيعه.
ورأى إن "العدوان الأميركي الجديد بعد نقض الرئيس الأميركي الاتفاق النووي الدولي وتهديده بعقوبات جديدة على الشعب الإيراني تواجهه الجمهورية الإسلامية بدبلوماسية هادئة مع الدول صاحبة المصلحة في بقاء الاتفاق، غير هيابة أبقيت هذه الدول مع الاتفاق أو رضخت للإدارة الأميركية. فخياراتها ستبقى كما هي في عملها للاستفادة من الطاقة النووية السلمية من أجل تطوير واقعها وخير انسانها متكئة في ذلك على المجتمع الإيراني المتماسك الذي يقف بقوة خلف قيادته الحكيمة كما وعلى قدراتها الدفاعية في وجه أي حماقة عسكرية أميركية او إسرائيلية. لم تترك فلسطين، بقيت على وفائها ودعمها بكل الأشكال لفصائل المقاومة والجهاد والشعب الفلسطيني بأسره. وهي في لبنان دعمت ولا تزال المقاومة الباسلة للشعب اللبناني في مواجهة اسرائيل وقوى الإرهاب الوجه الآخر لإسرائيل وكانت شريكا لانتصار لبنان وجيشه وشعبه ومقاومته في دحر الاحتلال، ناهيك عن بلسمة جراحات عوائل الشهداء والأسرى والكثير من الإنجازات الصحية والمرافق العامة والبنى التحتية في أغلب المناطق اللبنانية وعروضاتها المستمرة دون قيد أو شرط لتسليح جيشنا الوطني والإسهام في حل مشكلة الكهرباء المزمنة دون أن تلقى جوابا صريحا وواضحا. كما وتدعم خيارات الشعب اللبناني وتحرص على استقراره وسيادته وتثق بقيادته الساعية لتجاوز كل العوائق. ووقفت إلى جانب سوريا في مواجهة أعتى هجمة دولية عليها وعلى تاريخها وحضارتها وإنسانها قصد تدميرها وتفتيتها وقدمت عشرات الشهداء في مواجهة الإرهابيين وداعميهم. كما في العراق وحربه المفتوحة على الإرهاب والتفتيت. ولولا تدخلها الحاسم هناك لكانت رايات الارهاب تجاوزت بغداد الى عواصم عربية كثيرة".
وختم قائلا: "إن الإمام الخميني سيبقى علامة فارقة ليس في تاريخ إيران وشعبها العظيم وحسب، بل في تاريخ شعوب المنطقة والعالم وكل الطامحين إلى التغيير والتحرير، وستبقى تعاليمه السامية وجهاده مدرسة تحتذى وبحرا لا ينضب معينه".
أبو كسم
كلمة الراعي ألقاها أبو كسم، ونقل في مستهلها "تحيات البطريرك القلبية"، واصفا الذكرى ب"الجليلة والوطنية للجمهورية الإسلامية الإيرانية".
وقال: "إن مفهوم الثورة يقضي إحداث تغيير في المجتمعات والأوطان التي تستهدف فيها الثورة، وهذا التغيير يكون نحو الأفضل لما فيه مصلحة هذه الأوطان وشعوبها. والمركزات الأساسية هي سيادة الأرض، وكرامة الشعب، وعدم الإرتهان لإرادات وسياسات خارجية من شأنها أن تعيق مسيرة النجاح والتقدم على المستوى الوطني والعلاقات الخارجية الدولية".
أضاف: "نستذكر اليوم سيرة الإمام الخميني، ونستذكر معه مساندته للمستضعفين والمظلومين، في سبيل تحقيق العدالة الإجتماعية، إنطلاقا من خير الإنسان والمجتمع والوطن، فهو بدأ ثورته بالإنتفاضة على الذات، منتقدا علماء الدين الذين يبيعون دينهم بدنيا هذا العالم، عالم السلطة، معتبرا ان عالم الدين يجب أن يكون متجردا وقورا، ومثالا يحتذى في تقواه وسلوكه أمام امته وأمام شعبه".
وتابع: "إن التحديات والمشاكل والهواجس التي طرحناها في السنة الماضية في إحياء هذه المناسبة بالذات، ما زالت للأسف هي هي. فالحروب في منطقتنا مستعرة في اكثر من بلد عربي، والتهديدات المتبادلة بين بعض الدول تخلق جوا قاتما ينذر بخطر شديد، يجعل من العالم اليوم أتونا للشر والقتل والدمار، وهذا ما يدعونا إلى التنبه والترفع عن المصالح الضيقة إن كان على الصعيد المحلي أو الدولي، لنرتقي إلى مجتمع مناهض لسياسة العنف والعزل، ومنطق الإرهاب والحرب. لهذا، فإننا نناشد المجتمع الدولي، وبنوع خاص، ألدول الكبرى، للعمل على بناء ثقافة اللقاء والإنفتاح في مواجهة ثقافة العزل والإنعزال، فثقافة اللقاء تمهد الطريق إلى الحوار، وعملية الحوار بين الدول والأفراد والمجتمعات، تسهل الطريق لنشر ثقافة السلام في مواجهة كل أشكال الحروب في منطقتنا والعالم".
وختم: "بالأمس أطلق غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، من خلال زيارته الرسمية إلى فرنسا، نداء إلى المجتمع الدولي من أجل عقد مؤتمر للسلام خاص بمنطقة الشرق الأوسط، من أجل إيجاد حل للصراع القائم بين بعض الدول في المنطقة، وحل للأزمة السورية، ينهي الحرب ويمهد لعودة النازحين السوريين إلى ديارهم. نبارك لكم هذه الذكرى ونسأل الله أن يمن عليكم، في شهر الفضيلة، رمضان، بالخير والبركة".
قبلان
كما ألقى قبلان كلمة رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، فقال: "في ذكرى الثائر الكبير والملهم العظيم، نقول للعالم أجمع إن الإمام الخميني لهو اليوم أكثر حضورا وتأثيرا، لدرجة أن الصحافة الأميركية قالت إن أكثر عشرة قضايا تشغل رأس الرئيس ترامب اليوم ترتبط بالإمام الخميني ودولته إيران وبحزب الله الذي يشكل أكبر نماذج نجاح إيران والذي لقن إسرائيل أول وأكبر هزيمة على الإطلاق".
وأضاف: "إن سوريا شريكة إيران، دولة المقاومة والانتصارات، وكذلك العراق، واليمن ولبنان وغزة، التي حولت صواريخها كابوسا على تل أبيب. من هنا نناشد السعودية ومصر والإمارات وكل الدول العربية والإسلامية ونقول لهم: مصالحنا ومصالح أمتنا وبلادنا تفترض تعاونا مشتركا ومتكافئا مع إيران، وليس مع أميريكا؛ مصالح شعوبنا ومذاهبنا ومللنا، قوتنا الاقتصادية والمالية والسياسية، سيادتنا الوطنية، حضورنا الإقليمي والعالمي، يفترض توحيد جهودنا، وتمكين قوتنا ومواردنا، وفق شراكة مصالح مع إيران، وليس خلق عداوات وافتعال مشاريع حرب، لأن تجربة الثكنات الأميركية حولت المنطقة إلى براكين متفجرة. نعم فلتصوب البنادق باتجاه العدو الصهيوني وليس باتجاه من يحاربه، فالخائن من يحارب القدس، وليس من حارب الإرهاب ويواجه أميركا في سوريا والعراق واليمن ولبنان وفلسطين".
ودعا إلى "الإسراع في تأليف الحكومة وعدم وضع العراقيل بحصة من هنا وحصة من هناك، وليكن التوجه نحو حكومة وفاق وطني مصغرة ما أمكن، وقادرة على أن تتحمل الأعباء والمسؤوليات، وبالخصوص قضية النزوح السوري، التي ينبغي أن توضع في سلم الأولويات وبالتنسيق والتعاون مع الشقيقة سوريا دون أن ننسى جميعا نحن اللبنانيين، بأن مصلحة لبنان الوطنية والقومية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية لا تتحقق ولا تتعزز إلا بتأكيد الشراكة الفعلية بين بيروت ودمشق، وليس بنسفها، فزمن التعويل على الأوهام الأمريكية انتهى وولى، ولبنان بجيشه وشعبه ومقاومته انتصر وسينتصر بإذنه تعالى".
حمود
وألقى حمود كلمة قال فيها "اننا نستطيع أن نجعل الأولوية هي السياسة وهي الموقف وفلسطين ونستطيع أن نتجاوز العقد، وأين هم العلماء، لا يكون عالما من ارتضى أن يكون جزءا من حاشية السلطان".
أضاف: "لقد أفشلنا مخطط الفتنة المذهبية التي بدأت مطلع العام 2007 والتي كان يراد منها تمزيق مجتمعاتنا وتفريقنا، بعد الإنتصار المدوي في العام 2006 الذي حققته المقاومة".
وأشاد بموقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية "والأدوار التي قامت بها على الساحة الفلسطينية والعراقية والسورية وعلى صعيد الأمة الإسلامية في وقوفها إلى جانب المستضعفين في العالم".
قاسم
وفي الختام ألقى قاسم كلمة جاء فيها: "منذ وقت المباحثات النووية الإيرانية كانت إدارة أوباما تطالب بأن يناقش مع النووي قضية فلسطين وقضايا المنطقة، وموقع إيران في هذا العالم، ولكن الإمام الخامنئي ببعد نظره الرباني رفض أن يتم النقاش إلا بالاتفاق النووي، وحصل الاتفاق. ولكن بعد ذلك بدأت الإدارة الأمريكية تطالب بتعديل الاتفاق النووي، هم يريدون إضافة أمرين: أولا، لا يريدون لإيران أن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها، ولا قادرة على تطوير صواريخها حتى تكون ضعيفة فيتمكنوا من فرض ما يريدون عليها، وثانيا، لا يريدون لإيران أن تكون نصيرة ولا ملهمة لشعوب المنطقة لأن شعوب المنطقة قويت واستطاعت أن تواجه المستكبرين والمستبدين من خلال هذا الدعم المعنوي والسياسي والعملي الذي قدمته إيران فتبين أن شعوب المنطقة تمتلك طاقات عظيمة من أجل التغيير، وأن لا تكون تحت أمرة أميركا أو إسرائيل".
وأضاف: "من الذي يساعد على حركة شعوب المنطقة؟ إيران. من الذي يمنع أن يتم التسلط بكل قوة؟ قوة إيران في بلدها، ولذلك هم يريدون التفاوض على الصواريخ وعلى تدخلات إيران في المنطقة التي يقولون عنها. هذه المواجهة إذا ليست مواجهة للمشروع النووي، هي مواجهة لإيران الرمز والقوة، كيف يحق لهم أن يدعموا الاحتلال، ولا يحق لإيران أن تدعم المقاومة، كيف يحق لهم أن يكونوا مع إسرائيل بالسلاح والمال والإمكانات ولا يحق لإيران أن تكون مع الشعب المجاهد المعطاء، كيف يحق للدول الكبرى أن تعبث في منطقتنا وتنتهك حرماتنا وتأخذ اقتصادنا ولا يحق لإيران أن تعلمنا وتساعدنا لنقول: لا، سنبني بلداننا بإرادتنا ونحرر. إن دعم إيران أدى إلى إخراج لإسرائيل من لبنان ذليلة مدحورة في انتصار سنة 2000، ثم في مواجهة 2006 لتسجل أننا لسنا ضعفاء نحن أقوياء، قالوا لنا بأنكم لا تستطيعون، وقالت لنا إيران أنتم قادرون، فتوكلنا على الله وبقدره وبجهاد شعبنا انتصرنا على إسرائيل التي قالوا لنا بأنها لا تهزم ولكنها هزمت، هم يخافون من إيران التي تهزم إسرائيل ومن وراء إسرائيل".
وتابع: "ان حزب الله المولود من إشعاعات خط الإمام الخميني اكتسب الأركان الثلاثة والدعائم الثلاثة لخط الإمام: فقدم النموذج الإسلامي الأصيل، وعمل للاستقلال ورفض التبعية، وواجه الاحتلال ضمن بوصلة تحرير فلسطين، فحقق هذه النجاحات".
واعتبر أن "انتصارات حزب الله ربح خالص للبنان أولا، ولولاها لاستسلم لبنان الضعيف للتوطين، وكان أداة لمصالح أميركا وإسرائيل. التحرير عام 2000 إنجاز لم يتوقعه العالم، وصمود وتضحيات مواجهة 2006 إنجاز آخر لم يتوقعه العالم، إن تضحيات مجاهدي حزب الله وشعب لبنان حمت لبنان من جهتي الجنوب والشرق ضمن معادلة الجيش والشعب والمقاومة، أي من إسرائيل والتكفيريين، والأعداء اليوم يعيشون الصدمة فهم لا يتقبلون أن يتمكن حزب صغير وحلفاؤه من أن يهزموا مشروع الشرق الأوسط الجديد مرتين، مرة من بوابة لبنان ومرة من بوابة سوريا".
أضاف: "لكم علينا أيها الشهداء كل التحايا، التحية للشهيد السيد عباس، والشهيد الشيخ راغب، والشهيد الحاج عماد، والشهيد الحاج مصطفى، التحية لإمام الأبطال والمقاومين الإمام الصدر، التحية لكل المجاهدين والشهداء، التحية إلى رائد الأحرار في العالم الإمام الخميني، نحن في مسيرتنا كما الجميع بين خيارين لا ثالث لهما: بين خياري الاحتلال أو التحرير، نحن مع المقاومة. بين خياري التبعية أو الإستقلال، نحن مع السيادة. بين خياري التغريب أو الإيمان، نحن مع التدين. بين خياري محور البغي والشر أو محور المقاومة، نحن مع فلسطين محررة. بين خياري لبنان الأداة أو لبنان القرار، نحن مع لبنان الوطن القوي مرفوع الرأس رغم أنف الحاقدين".
ورأى أن "نجاح لبنان في مواجهة خطر التكفيريين، أنجز انتخابات الرئاسة وانتظام عمل المؤسسات ودعم الاستقرار، وأنجز انتخابات نيابية ناجحة، وهم مذهولون من نتائج هذه الانتخابات، ولكن ألا يعلمون أن الانتخابات تعني خيار الشعب؟ الشعب اللبناني قال كلمته في الانتخابات النيابية، وعلى المسؤولين في الداخل والخارج أن يفهموا تماما أي خيار يريده هذا الشعب بعد الانتخابات، إنه يريد خيار الجيش والشعب والمقاومة ولبنان العزيز".
وقال: "الإمام الخميني أعطانا ولم يأخذ شيئا، وبكل صراحة أعطتنا الجمهورية الإسلامية الإيرانية لخياراتنا ولم تأخذ منا شيئا ولم تفرض علينا شيئا، لعل البعض يستغرب: هل يمكن أن لا تكونوا أدوات إيران؟ نعم لسنا أداة لإيران، لأن إيران تحترم الإنسان وتحترمنا وتقدر ما نحن عليه، ولكن تلك الأدوات التي اعتادت أن تكون بيد الاستكبار لا يمكن أن تستوعب أن نكون شرفاء في خياراتنا، فإيران الشريفة ليست بحاجة إلى أدوات، نعم هي بحاجة إلى شعوب مستضعفة تعرف مكانتها وتقف ليكون الواقفون كثر في العالم، فتربح إيران بوقفتنا لا من خلالنا، لقد ربحت من وقفتها لا من خلالنا، ليست بحاجة إلينا ولكننا بحاجة إليها لنقف ونتعلم منها وهذا فخر كبير. أما إسرائيل فهي تستطيع أن تعتدي وتهدد، ولكنها لا تستطيع أن تفرض استمرارية بقائها مع وجود شعب فلسطيني مجاهد، يضحي في الميدان لحقه وتحرير قدسه. بالاستسلام نخسر كل شيء، وبالمواجهة لدينا ما نربحه".
أضاف: "في هذه الأيام تكثر إسرائيل من تهديداتها وعربدتها، لتربح بالضغط السياسي ما يوفر عليها الحروب والخسائر، ولكن زمن تأثير التهديدات والعنتريات ولى، فالمقاومة في أعلى جهوزيتها التي ردعت وتردع، لم تعد إسرائيل قادرة على الذهاب إلى خيار الحرب بسهولة، فالثمن كبير عليها، والهزيمة محتملة كما أول هزيمة من نوعها في تموز 2006. المقاومة ليست سلاحا فقط، المقاومة ثقافة، إيمان وخيار، المقاومة تصنع مستقبل أجيالنا على العزة والاستقلال، المقاومة نور متألق لا يراها الأعشى ولكنه يشعر بحرارتها، المقاومة شقت طريقها ولا عودة إلى الوراء، فمهما قلتم وصرحتم لم يعد هناك إمكانية إلا أن تكون المقاومة الرمز وتقود هذه الشعوب في منطقتنا، والنصر إلى الأمام بإذن الله تعالى".
وختم قائلا: "سنكون بعد الانتخابات النيابية شركاء وفاعلين في بناء الدولة، وسنقف ضد دعاة الفتنة وعدم الاستقرار وضد الفساد، وسنقدم في هذه المرحلة تجربة إضافية على تجاربنا السابقة التي تعرفونها، وإن شاء الله ننجح وإياكم في بناء الوطن الحر القوي المحرر من التبعية ومن أيادي الأعداء". (۹۸۶/ع۹۴۰)