نسبه هو: علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
ومن أشهر ألقابه : الرضا ، المرتضى ، ثامن الحُجج ، وكنيته ابو الحسن ، وولادته في المدينة المنورة يوم الجمعة ( 11 ) ذي القعدة ، سنة ( 148 ) هجرية ، و قيل سنة ( 153 ) .
محل الولادة : المدينة المنورة .
كانت مدة إمامته 20 عاماً ما بين (183- 203 هـ) عاصر خلالها خلافة كل من هارون الرشيد(10 سنوات)، محمد الأمين (ثلاث سنوات و25 يوماً)، إبراهيم بن المهدي المعروفبـابن شكلة (14 يوماً)، محمد الأمين مرةً أخرى (سنة وسبعة أشهر)، والمأمون (5 سنوات).
روى النص على إمامته من قبل أبيه موسى بن جعفر كل من: داود بن كثير الرقيّ، محمد بن إسحاق بن عمار، علي بن يقطين، نعيم القابوسي، الحسين بن المختار، زياد بن مروان،المخزومي، داود بن سليمان، نصر بن قابوس، داود بن زربي، يزيد بن سليط ومحمد بن سنان.
بالإضافة إلى الروايات العديدة، فإنّ مقبوليّة الإمام الرضا بين شيعته وأفضليته العلميّة والأخلاقيّة هي التي أثبتت إمامته على الرغم من أنّ قضية الإمامة كانت معقدّة جداً في أواخر حياة الإمام موسى بن جعفر، ولكنّ أكثر أصحاب الإمام الكاظم سلّموا بخلافة الإمام الرضا من بعده.
ذُكر أنّ هجرة الإمام الرضا من المدينة إلى مرو كانت في سنة 200 هـ.ق، وقال مؤلف کتاب الحياة الفكرية والسياسية لأئمة الشيعة : لقد كان الإمام الرضا في المدينة حتى سنة 201 هـ، ودخل مرو في رمضان من نفس السنة.
وجاء في تاريخ اليعقوبي أنّ المأمون أمر الرجاء بن الضحاك - وهو من أقارب الفضل بن سهل - بجلب بالإمام الرضا من المدينة إلى خراسان عن طريق البصرة. وقد حدد المأمون مسيراً خاصّاً لقافلة الإمام خشية من أن يمرّ الإمام على المناطق التي تقطنها الشيعة، ويلتقي بهم فأمر أن لا يأتوا به عن طريق الكوفة بل عن طريق البصرة وخوزستانوفارس ومنه إلى نيسابور.[27] فهكذا ستكون حركة الإمام استناداً لكتاب أطلس الشيعة: المدينة، نقره، هوسجة، نباج، حفر أبي موسى، البصرة، الأهواز، بهبهان، إصطخر، أبرقوه، ده شير (فراشاه)، يزد، خرانق، رباط بشت بام، نيسابور، قدمكاه، ده سرخ، طوس، سرخس، مرو.
من أهم وأوثق ما حدث في هذا الرحلة الطويلة حديث الإمام في مدينة نيسابور المشهور بحديث سلسلة الذهب، "کلمة لا اله الا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي، بشرطها و شروطها و انا من شروطها".
ذكر الشيخ المفيد أن المأمون قد أنفذ إلى جماعة من آل أبي طالب، فحملهم إليه من المدينة، وفيهم الرضا علي بن موسى ، فأخذ بهم على طريق البصرة حتى جاءوه بهم. وكان المتولي لأشخاصهم المعروف بالجلودي، فقدم بهم على المأمون، فأنزلهم داراً، وأنزل الرضا علي بن موسى داراً، وأكرمه، وعظّم، أمره.[30] ويختلف الشيخ المفيد في روايته هذه مع اليعقوبي في كون رسول المأمون لجلب الإمام هو الجلودي لا الرجاء بن الضحاك.
ولاية عهد المأمون
روى الشيخ المفيد- أنه وبعد إقامة الإمام في مرو- أنفذ إليه المأمون قائلاً: إني أريد أن أخلع نفسي من الخلافة، وأقلدك إياها، فما رأيك في ذلك؟
فأنكر الرضا هذا الأمر، وقال له: أعيذك بالله يا أمير المؤمنين من هذا الكلام وأن يسمع به أحد. فرد عليه الرسالة: فإذا أبيت ما عرضت عليك، فلا بد من ولاية العهد من بعدي، فأبى عليه الرضا إباء شديداً، فاستدعاه إليه، وخلا به، ومعه الفضل بن سهل ذو الرئاستين ليس في المجلس غيرهم، وقال له: إني قد رأيت أن أقلدك أمر المسلمين، وأفسخ ما في رقبتي، وأضعه في رقبتك. فقال له الرضا: الله الله يا أمير المؤمنين! إنّه لا طاقة لي بذلك و لا قوة لي عليه.
قال له: إني موليك العهد من بعدي! فقال له: اعفني من ذلك يا أمير المؤمنين. فقال له المأمون كلاماً فيه كالتهدد له على الامتناع عليه، وكان مما قال فيه: إن عمر بن الخطاب جعل الشورى في ستة أحدهم جدك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وشرط فيمن خالف منهم أن تضرب عنقه، ولا بد من قبولك ما أريده منك فإنني لا أجد محيصاً عنه!!.
فقال له الرضا : فإني أجيبك إلى ما تريد من ولاية العهد على أنني لا آمر، ولا أنهى، ولا أفتي، ولا أقضي، ولا أولي، ولا أعزل، ولا أغير شيئاً مما هو قائم. فأجابه المأمون إلى ذلك كله.[31]
وهكذا بايع المأمون الإمام على ولاية العهد في يوم الاثنين لسبعٍ خلون من شهر رمضان سنة 201هـ، وأمر الناس بلبس الخضرة بدلاً من السواد (وهو لباس أبي مسلم الخراساني وأصحابه تقليداً للون راية النبيّ أو حزناً على شهداء أهل بيت النبيّ ).ى وكتب بذلك إلى الآفاق، وأخذ البيعة للإمام الرضا ، وخطبوا باسمه على المنابر، وضربوا الدرهم والدينار، ولم يبق أحد إلاّ ولبس الأخضر إلّا إسماعيل بن جعفر بن سليمان بن علي الهاشميّ.
وأقام المأمون حفلاً دعا فيه الخطباء والشعراء، وكان منهم دعبل بن علي الخزاعي والذي كافأهُ الإمام الرضا .
أرسل المأمون عيسى الجلودي إلى مكة ليُبلّغ أمره ببيعة الإمام الرضا (ع)، وقد كان حينها إبراهيم بن موسى بن جعفر والياً عليها ويدعو باسم المأمون، فعندما وصل الجلودي باللباس الأخضر وبيعة الرضا أسرع لإستقباله، وبايع أهل مكة الرضا ، وارتدوا الخضر.
تحليل لقضية ولاية العهد
سلّم المأمون ولاية العراق إلى الحسن بن سهل، وبقي هو في مرو. حينها ثار بعض العلويين الطامعين في الخلافة، وانضمّ إليهم الكثير من أهل العراق لسخطهم على الحسن بن سهل. فاضطرب المأمون لسماعه هذا النبأ، فهرع إلى الفضل بن سهل ذي الرئاستين يستشيرهُ حيث أشار عليه باختيار الإمام الرضا وليّا للعهد علّهُ يستطيع إجبار باقي العلويين على الطاعة.
إنّ قضية ولاية العهد من القضايا المهمة في الحياة السياسية للإمام الرضا. ولدراسة هذه القضية ينبغي التحقيق في التاريخ الإسلامي وتاريخ بني أمية وكيفية وصول العباسيين إلى الخلافة. لقد كانت الأوضاع العامّة للبلاد الإسلامية حتى عام 203 للهجرة (السنة التي توفي فيها الإمام الرضا ) بهذه الصورة إجمالاً: لايخفى على الجميع ظلم الأمويين؛ لأنهم لايعرفوا من الخلافة إلا الحكم إلاّ عمر بن عبد العزيز الذي لم تدُم حكومته. ولهذا ظهرت الكثير من الثورات ذات الطابع الديني ضدّ الحكم الأموي. وكان الجميع يعقدون الأمل على أولاد علي - المعروفين آنذاك بـأهل البيت - بإحقاق الحق والعدل والمساواة. فإستغلّ العباسيّون هذا الرغبة والأمل والحب لأهل البيت ، وجيّروا ذلك لصالحهم، وتظاهروا بأن ثورتهم إنّما هي من أجل التخلّص من التعسّف والظلم الأموي وإعادة الحق إلى أهله تحت شعار الرضا من آل محمد، وقد مرت الثورة العباسية بعدّة مراحل:
1. الدعوة للعلويين حصراً في بداية الأمر.
2. الدعوة إلى أهل البيت و العترة.
3. الدعوة للرضا من آل محمد.
4. إدّعاء ميراث الخلافة لهم.
بعد أن استقرّت الخلافة للعباسيين نقضوا عهودهم، وعمدوا إلى إيذاء العلويين، وحبسهم، وقتلهم. فسخطت الأمة على العباسيين نتيجة أعمالهم الشنيعة التي ارتكبوها ضدّ أولاد عمّهم تبلورت على شكل حركات تمرّد ضد نظامهم الحاكم. فقد انتشرت الفوضى والاضطرابات أكثر من السابق في عهد المأمون، كما حدث الكثير من الثورات الموالية لآل علي في أكثر الولايات والمدن؛ ولذلك قرّر المأمون القيام ببعض الأمور للتخلص من تلك الاضطرابات فقام بما يلي:
1. قمع ثورات العلويين.
2. إجبار العلويين على الاعتراف بشرعيّة حكم العباسيين.
3. إزالة حالة الحبّ والاحترام المتزايدة والتي كانت تغمر قلوب الناس للعلويين بطريقة لا تُثير الشبهة والشك. وخصوصاً الإمام الرضا فكان كلامه يتضمن حقيقة مفادها: عدم أهلية الإمام الرضا للخلافة.
يُذكر أنّه حينما اعترض حميد بن مهران وبعض العباسيين على المأمون في قضية ولاية العهد أجابهم: كان هذا الرجل مخفيّاً عنّا، فهو يدعو الناس لنفسه، أردنا أن يكون ولي عهدنا كي تنتهي الأمور لصالحنا.
وقد أدرك الإمام الرضا هدف المأمون وغايته، حيث قال له: أنت تريد أن يقول الناس: لا يُعرض علي بن موسى عن الدنيا، بل إنّ الدنيا أعرضت عنه ألا ترونَ كيف قبِلَ بولاية العهد طمعاً بالخلافة. وتجلى هذا المنطق في جواب من كانوا يسألون الإمام عن سبب قبوله لولاية العهد قائلاً: قبلتها مكرهاً. والدليل على ذلك الشروط التي وضعها الإمام لقبوله ولاية العهد فهي في الحقيقة إعلانٌ لبراءته من حكومة المأمون. ومع ذلك كله لم يدم الأمر طويلاً حتى ثار العباسيون في بغداد، وخلعوا المأمون، وبايعوا إبراهيم المهدي من جهةٍ، وأدرك العلويون مكر المأمون، فواصلوا ثوراتهم، وتمرّدهم ضد حكومة المأمون، وبهذا تيقّن المأمون أنّ مخططه قد فشل، فقرر تصفية الإمام الرضا والقضاء عليه.
المناظرات
بعد قدوم الإمام الرضا مكرهاً إلى مرو قام المأمون بعقد مجموعة من المناظرات العلمية التي حضرها مختلف العلماء، وكانت تتمحور في الغالب حول المسائل العقائدية والفقهية. وقد أدرج الطبرسي قسماً منها في كتابه الموسوم بالاحتجاج.
كان المأمون يهدف إلى إزالة الاعتقاد السائد لدى عامّة الأمّة حول أئمة أهل البيت من أنّهم ذوو (علم لدُنيّ)، وفي هذا يقول الشيخ الصدوق: "كان المأمون يجلب على الرضا من متكلمي الفرق و الأهواء المضلة كل من سمع به حرصاً على انقطاع الرضا عن الحجّة مع واحد منهم وذلك حسداً منه له ولمنزلته من العلم، فكان لا يكلم أحداً إلاّ أقرّ له بالفضل، والتزم الحجة له عليه".
ولما أحس المأمون في نهاية المطاف بتمكن الإمام من إفحام المناظرين وأنّ الأمر بدأ ينعكس عليه سلباً أخذ بالحدّ منها، وقد أشار إلى ذلك عبد السلام الهروي حيث قال: رُفِع إلى المأمون أن أبا الحسن علي بن موسى ( يعقد مجالس الكلام والناس يفتتنون بعلمه، فأمر محمد بن عمرو الطوسي حاجب المأمون، فطرد الناس عن مجلسه، وأحضره، فلما نظر إليه المأمون زبره، واستخف به، فخرج أبو الحسن من عنده مغضباً وهو يتمتم بشفتيه..داعيا عليه.
يقع المرقد المطهر للامام الرضا (ع) في وسط مدينة مشهد والتي تبعد مسافة 924كم عن العاصمة طهران، والمكان الذي فيه الضريح الطاهر للإمام الرضا (ع) كان سابقاً داراً لحميد بن قحطبة الطائي أحد قواد أبي مسلم الخراساني، وعندما توفي هارون الرشيد عام 193هـ دفن في هذا المكان وأقام ولده المأمون على قبره قبة سميّت فيما بعد (القبة الهارونية). ولما توفي الإمام مسموماً جيء بجثمانه الشريف ودفن بالقرب من قبر هارون الرشيد، غير أنَّ هذه القبة دمّرت عام 380هـ على يد الأمير (سبكتكين) تدميراً كاملاً، فأصبح مرقد الإمام الرضا المزار الوحيد في خراسان الذي حظي بالتقديس والإكبار حيث وضع السلطان مسعود بن سبكتكين على القبر الشريف ضريحاً مذهباً لتمييز قبر الإمام وليصبح ملاذاً للمنكوبين وملجأ لذوي الحاجات وأصبحت المدينة لا تعرف إلاَّ باسم مشهد الرضا بعد أن كانت تعرف بطوس وسناباد.
مختارات من كلامه
صديق كلّ امرئ عقله وعدوه جهله.
مَن جَلَسَ مَجلِسا يُحيى فيهِ أمرُنا، لَم يَمُت قَلبُهُ يَومَ تَموتُ القُلوُبُ
مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُؤْمِنٍ فَرَّجَ اللَّهُ عَنْ قَلْبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى عِيَالِهِ
المصدر: وكالة مهر
(۹۸۶/ع۹۴۰)