كانت هناك كلمةٌ لمدير المعهد الشيخ حسين الترابي بيّن فيها:
إنّ التأمّل الجادّ في قوله تعالى: ((أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) يكشف لنا بوضوح أنّ الناس صنفان:
الصنف الأوّل: هم أولئك الذين ينسب الله تعالى إليهم في كلامه حياة خالدة أبديّة لا تنقطع بالموت الدنيويّ هم فيها تحت ولاية الله، محفوظون بكلاءته مصونون بصيانته لا يمسّهم نصبٌ ولا لغوب ولا يذهلهم شقاء ولا تعب، مستغرقون في حبّ ربّهم مبتهجون ببهجة القرب لا يرون إلّا خيراً ولا يواجهون إلّا سعادة، وهم في أمنٍ وسلام لا خوف معه ولا خطر، وسعادة وبهجة ولذّة لا نفاد لها ولا نهاية لأمرها.
الصنف الثاني: هم أولئك الذين خرجوا من ولاية الله تعالى الى ولاية غيره، فعاشوا حياة الظلمات وفقدان نور الإيمان، لا مخرج لهم ولا مناص لهم عنها، ظلمة الموت وما بعد ذلك من ظلمات الجهل في مرحلة تمييز الخير من الشرّ والنافع من الضارّ.
وأضاف: "هذا هو الإنسان قبل أن يمسّه الهدى الإلهيّ كالميّت المحروم من نعمة الحياة الذي لا حسّ له ولا حركة، وإنّ المتدبّر في كلمات أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) يجد حقيقةً ناصعة لا تقبل الشكّ، وهي أنّ الحياة الحقيقيّة للإنسان إنّما تكون بالعلم والمعرفة وإنّ طريق الوصول الى الهداية الإلهيّة إنّما يكون من خلال المعارف الحقّة، ونحن ومن هذا المنطق نقف اليوم كما وقفنا بالأمس القريب لنحتفي بكوكبةٍ جديدة من طلّابنا وطالباتنا الأعزّة الكرام الذين التحقوا بركب طلبة العلم.
التحقوا عبر ما وفّرته لنا ولهم تقنيّات التواصل الحديثة بعد تعذّر الحضور المباشر لهم في المراكز والحوزات العلميّة، فاغتَنَموا هذه الفرصة واستثمروها خير استثمار وبَذَلوا الجهد والوقت وأعطوا العلم كلّ اهتمامهم، إرواءً لظمأهم وإطفاءً لشوقهم وسعياً لتحصيل المعرفة من عيونها الصافية ومنابعها الأصيلة الممزوجة بأنفاس حوزة النجف الأشرف وأنوار الولاية العلويّة وأعتاب العتبة العبّاسية المقدّسة".
وتابع الترابي: "إنّنا ومن هذا المكان إذ نبارك لطلبتنا من الإخوة والأخوات في المعهد فإنّنا كذلك نتقدّم بالتهاني والتبريكات للأخوات الطالبات اللواتي تمّ قبولهن في جامعة أمّ البنين الإلكترونيّة لإعداد المبلّغات، تلك الجامعة التي تأسّست تلبيةً لحاجة المجتمع في مجال التبليغ الإسلامي لأجل إعداد مبلّغات رساليّات قادرات على إيصال الخطاب الإسلامي بطريقةٍ علميّة بعيدةً عن الارتجال في العمل التبليغي، إذ تعتمد هذه الجامعة على مناهج علميّة وحوزويّة وتبليغيّة تمّ إعدادُها من قبل أساتذة متخصّصين في الحوزة العلميّة في النجف الأشرف، كما أنّها لا تخرج عن الإطار العامّ للمعهد، حيث الدراسة فيها عن طريق الأنترنت وليست مباشرة".
وخاطب الترابي الحاضرين قائلاً: "اليوم إذ نلتقي بكوكبةٍ منكم احتفاءً بالفائزين والمقبولين الجدد نحيّي فيكم روح المثابرة والجدّ والاجتهاد، سائلين المولى عزّ اسمه دوام التوفيق لكم في حياتكم، وإنّني لا أعتبر هذا المحفل وإعلان الفائزين وتسليم الجوائز لا أعتبر كلّ ذلك نهاية المطاف بل هو البداية، فأمامنا عملٌ طويل وأمامنا الحديث مع شعوب الأرض كلّها حول الحقائق الناصعة لديننا الحنيف، وأمامنا مهمّة نقل معارف أهل البيت(عليهم السلام) عبر كلّ الوسائط المُمكنة حتّى نصل بها الى كلّ العالم فتخرج الى النور مقروءةً ومسموعةً ومرئيّة". (۹۸۶/ع۹۴۰)