24 August 2018 - 17:54
رمز الخبر: 445240
پ
السيد جعفر فضل الله:
ألقى السيد جعفر فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين، في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين.
 السيد جعفر فضل الله:

ومما جاء في خطبته السياسية:

البداية من لبنان حيث يبدو أن مسار تشكيل الحكومة ورغم مرور ثلاثة أشهر، ما زال يتعثر ولا يبدو أن أفقا للحلول يلوح في وقت قريب، فما زالت الخلافات هي نفسها، بدءا من الخلاف القديم حول تحديد أحجام القوى السياسية في الحكومة حيث الإصرار من البعض على أحجام مبالغ فيها، إلى أزمة التنازع حول الصلاحيات بين رئاستي الجمهورية والحكومة التي تنذر بالتفاقم بسبب المهلة غير المحددة لرئيس الحكومة في تشكيلها، وما يستتبع ذلك من فتح الأبواب أمام مسائل دستورية، لا يرى أغلبية اللبنانيين مصلحة راهنة في إثارتها.

وتابع: "إننا نرى أن هذه الخلافات التي تتحرك عناوينها في الخطاب السياسي وفي السجال الحاد بين الأفرقاء السياسيين يمكن معالجتها بالحكمة السياسية، لكن المسألة الخلافية تبدو أكثر تعقيدا وعمقا الأمر الذي يفسر هذا التصلب السياسي غير المعهود في المواقف، وربما نطل في هذا المجال على ما يثار من أن الصراع حول الأحجام يتصل بمعركة رئاسة الجمهورية، وبأن عمر الحكومة المقبلة سوف يمتد طويلا، وأنها هي التي سوف تحدد موقع لبنان الإقليمي، وخصوصا العلاقات مع سوريا، والتي هي من أبرز القضايا التي تثير انقساما حادا بين القوى السياسية اللبنانية".

واضاف: "وللأسف فإن مقاربة هذه القضية الخلافية في المشهد السياسي لا تزال تخضع في كثير من الأحيان لحسابات ومصالح ذاتية، ولا تتم مقاربتها بموضوعية وعقلانية تأخذ في الحسبان مصالح لبنان العليا، وخصوصا مصلحته الاقتصادية حيث تدهور اقتصاد البلد قد وصل إلى أسوأ درجاته".

وإذا كنا نتفهم ما يبديه العديد من القوى السياسية من هواجس من استعادة هذه العلاقات بعدما شهدته من سوء في السنوات الماضية، فإننا ندعو إلى حوار صريح في العمق يتناول هذه الهواجس ويبث من الطمأنينة ما يكفي لاستعادة الثقة بين الجميع إلى خلفية صوغ علاقات لبنانية - سورية سليمة، كما ندعو في الوقت نفسه على عدم ربط مصير لبنان ومصالحه بحسابات الصراعات الإقليمية بانتظار تسويات هنا تطلق الضوء الأخضر، أو براهين على تغييرات في المنطقة، وهو ما يعمل على إثارته بعض المواقف السياسية الغربية التي لا تزال تستثمر قضية النازحين أو قضية الإعمار في سوريا لإحداث تغييرات سياسية في سوريا، وهو الأمر الذي بات في اعتقاد الخبراء والمراقبين قد طوته التطورات السياسية إلى غير رجعة".

واردف فضل الله: "إننا لا نريد أن نستخف بحجم التعقيدات القائمة، ولا بخلفيات المواقف المطروحة التي تؤخر تشكيل الحكومة، لكننا نريد أن نقول للقيادات السياسية، وباسم الشعب المنهك بأزماته المعيشية والخدماتية، أنكم كما تعيشون حالة طوارئ وحساسية فائقة بكل ما يتصل بمواقعكم في السجال السياسي، نريد لكم أن تكونوا على المستوى نفسه من الحساسية في معالجة آلام هذا الشعب وأوجاعه، وهو الذي منحكم كل ثقته في الانتخابات التي لم يمض عليها أشهر، ووضع كل آماله على وعودكم".

وبالانتقال إلى اليمن، نتوقف عند غارات التحالف العربي المتواصلة على الشعب اليمني، حيث ترتكب المجازر تلو المجازر التي تطاول المدنيين والأطفال خصوصا، لنقول أن كل ما يساق من ذرائع لهذه المجازر تتصل بخطأ هنا أو خطأ هناك هو غير مبرر وغير أخلاقي، وهو أمر بات مجال تنديد أو إدانة في المنظمات الدولية وأوساط الرأي العام الدولي، من دون أن يغير من طبيعة المعركة وموازينها. فأحداث اليمن المستمرة منذ سنوات أثبتت أن مثل هذه السياسة لن تؤدي إلى تحقيق أهدافها، بل أنها تؤدي إلى عكس ذلك على ما تثبت المجريات الميدانية، كما تلحق الأذى السياسي والمعنوي والأخلاقي بالمرتكبين، فضلا عما تلحق من أضرار فادحة بالعلاقات المستقبلية بين دول المنطقة وشعوبها ومن ألوان الكراهية والحقد ونوايا مستجدة للثأر والانتقام".

ودعا فضل الله مجددا إلى وقف هذه الحرب، واعتماد الحوار السياسي مدخلا وحيدا لإنهاء الأزمة، والذي نريده أن يحفظ حقوق كل فئات ومكونات الشعب اليمني على قدم المساواة، والبدء بفك الحصار ووقف آلة القتل بعد أن أثخن مئات الآلاف من أبناء هذا الشعب بجراح الموت والجوع والبؤس، وطي هذه الصفحة الدامية، لمصلحة عودة هذا البلد الكريم إلى ساحة الأمن والسلام والوحدة. (۹۸۶/ع۹۴۰)

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.