وخلال مهرجان "قادة الشهادة والبصيرة" بمناسبة الذكرى السنوية للقادة الشهداء وأربعينية شهداء قادة محور المقاومة الذي يقيمه حزب الله اليوم الأحد، شدد سماحته على أن ميزة القادة الشهداء أنهم كانوا يحملون هم المسؤولية إلى جانب الاستعداد الدائم للتضحية بلا حدود، لافتاً إلى وصية القائد الشهيد قاسم سليماني حيث نجد أنفسنا أمام قائداً مجاهداً عارفاً يحمل هموم بلده وشعبه.
وأضاف أننا اليوم في محور المقاومة أمام تحد كبير مع التطور الذي حصل في منطقتنا، وذلك بعد ارتكاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب جريمتين، تتمثل الأولى باغتيال القائدين سليماني وأبو مهدي المهندس، والثانية هي إعلان "صفقة القرن" التي تبناها ترامب حيث حصلت الأولى لخدمة الجريمة الثانية، وتخدمان سوياً مشاريع الهيمنة والاستبداد والنهب الأميركي و"الاسرائيلي" لخيراتنا ومقدساتنا.
وتابع السيد نصر الله أن أميركا ليست قدراً محتوماً ولطالما عرضت خططاً لكنها فشلت لأن الشعوب والدول قررت مواجهتها، واليوم لا يوجد في الشعب الفلسطيني جماعة أو فصيل يقبل بالتنازل عن القضية الفلسطينية والقدس الشريف، ولا يوجد أحد يؤيد خطة ترامب ولم تظهر أي دولة صاحبة تأثير موافقة على هذه الخطة.
وفي السياق أشاد السيد نصر الله بالوحدة اللبنانية والتضامن في رفض خطة ترامب لمعرفة اللبنانيين بخطورتها، لافتاً إلى أن هذه الخطة تعطي الأراضي اللبنانية المحتلة لـ"إسرائيل" فضلاً عن توطين اللاجئين.
كما تطرق إلى البيانات التي صدرت عن وزراء الخارجية العرب والبرلمان العربي والقمة الاسلامية بأنها مهمة جداً، محذراً من مواقف بعض الدول، حيث هناك دول خليجية تقول عن خطة ترامب أنها قابلة للدرس، وقال "هكذا تبدأ الهزيمة والاستسلام".
مواجهة رمز الإستكبار
وعن المرحلة الجديدة يوضح السيد أنها تفرض على شعوب المنطقة الذهاب إلى المواجهة الأساسية لا فرار منها، بمواجهة الطرف الأخر الذي يبادر ويهاجم ويعاقب ويحاصر الشعوب التي ترفض الاستسلام، معلناً أنه عندما يقتل ترامب القادة بالشكل العلني والوحشي فهو يعلن الحرب ونحن لا زلنا في رد الفعل البطيء.
ودعا السيد نصر الله الشعوب إلى الذهاب للمواجهة مع رمز الاستكبار المتمثل بادارة ترامب، مؤكداً أن لا خيار سوى المقاومة الشعبية والشاملة في كل أبعادها، إذ نحتاج إلى الوعي وعدم الخوف من أميركا وإلى الثقة بقدرتنا وقدرة أمتنا.
كل شعوب المنطقة ستحمل البندقية
وفي السياق، بين السيد نصر الله أن أميركا هي المسؤولة عن كل حروب "اسرائيل" وممارساتها، كما أن مسؤولة عن المجازر والفظائع التي ارتكبها تنظيم "داعش" في سوريا والعراق باعتراف ترامب.
ولفت سماحته إلى الحاجة بلمواجهة الشاملة مع الوحش الاستبدادي، داعياً النخب والعلماء والمفكرين وضع برامج وخطط للمواجهة الكبرى مع الإدارة الأميركية، والتي تلجأ إلى كل الوسائل المتاحة من أجل فرض هيمنتها وخططها من بينها حروب بالوكالة والاغتيالات.
وعن أشكال المقاومة المطلوبة شدد السيد نصر الله على النواحي القانونية والقضائية والاقتصادية، حيث تستخدم أميركا سلاح العقوبات الاقتصادية ضد الشعوب وتدعم الحرب الدائرة ضد الشعب اليمني لتستفيد اقتصادياً من بيع السلاح لدول العدوان، مؤكداً أن كل شعوب المنطقة ستحمل البندقية في مواجهة الاستكبار لأن أميركا لم تترك خياراً سوى ذلك.
أبو مهدي المهندس "الشخصية المركزية"
ووصف السيد نصر الله الحاج أبو مهدي المهندس بأنه من بأحد قادة الانتصار والشخصية المركزية، موضحاً أن الشعب العراقي يعرف جيداً أنه قضى عمره بالجهاد تاركًا منزله وعائلته وأولاده وقاتل في كل المحافظات وحمل دمه على كفّه وكفنه على كتفه.
وأردف أن المسؤولية الأولى تقع على عاتق الشعب العراقي من خلال الحفاظ على الحشد الشعبي وتقويته وروحيته، والوفاء له وللشهيد سليماني الذي كان همه رؤية العراق عزيزاً ومقتدراً وسيداً مستقلاً وحاضراً في قضايا المنطقة لا معزولاً.
قلقٌ على اللبنانيين
وفي الشأن المحلي لفت السيد نصر الله إلى الأزمة المالية والاقتصادية التي يعيشها لبنان، في وقت يسود القلق من انعكاسها على الوضع الأمني، وكذلك القلق حول الخدمات الصحية والاجتماعية والانمائية للناس والتي سوف تتأثر سلباً.
وشدد السيد نصرالله على أن حزب الله لا يفكر بطريقة حزبية ولا يقلق على المقاومة وشبابها فقط بل القلق على لبنان واللبنانيين، قائلاً "لم نهرب من المسؤولية، ومستعدين لتحمل المسوؤلية والتشارك بها المسؤولية لحل الأزمة".
وتابع "نحن خسرنا من كرامتنا وصورة وجهنا لأننا لم نجامل كي نمنع ذهاب البلد إلى الفوضى والفلتان والحرب الأهلية، ونحن مستعدون لتقديم التضحيات من أجل لبنان".
تقديرٌ للحكومة
وأشاد السيد نصر الله بالحكومة الجديدة، وقدر لرئيسها ووزرائها تحمل المسؤولية في هذا الظرف الصعب، داعياً اللبنانين إلى تقديرها، ومعلناً دعمها والوقوف إلى جانبها وعدم التخلي عنها.
ودعا السيد نصر الله إلى فصل معالجة الملف الاقتصادي والمالي عن الصراع السياسي، وإعطاء فرصة من الوقت للحكومة كي تتحمل المسؤولية لمنع الانهيار والافلاس، وطالب بالتوقف عن توجيه الاتهامات حتى فيما يتعلق بالأزمة الاقتصادية.
كما شدد سماحته على أن نتائج الفشل اليوم تطال الوطن وليس على مستوى القوى السياسية الداعمة للحكومة، ويتوجب على الجميع المساعدة هذه الحكومة وبالحد الأدنى أن يتركوها أن تعمل ولا يحرضوا عليها في الخارج، داعياً الحكومة إلى أن تشكل لجنة نقاش من كل القوى السياسية في الموالاة والمعارضة لانعاش الوضع.
وجدد السيد نصر الله تأكيده على أن تسمية هذه الحكومة بحكومة حزب الله لا يؤذي الحزب، لكن يؤذي لبنان وإمكانيات المعالجة وعلاقاته العربية والدولية، موضحاً أن الجميع يعلم طبيعة رئيسها ووزرائها.