وأوضح أن "القضیة الأولى کانت وجود (إسرائیل) کیاناً ودوراً ومشروعاً. وبما یحمل هذا الوجود من مخاطر على شعوب المنطقة وهویتها وحضارتها ووحدتها السیاسیة والجغرافیة. لم تکن إسرائیل بوصفها منتج استعماری خطراً على فلسطین والفلسطینیین، أو خطراً على المقدسات الإسلامیة والمسیحیة، أو خطراً على دول الجوار فحسب. بل کانت خطراً على الإنسانیة جمعاء دفع الإمام لیرفع شعاراً تاریخیاً بقوله : (إسرائیل) شر مطلق ومطالباً کل الشرفاء والأحرار فی لبنان والمنطقة والعلم لاجتثاثها لأن إزالتها أمر إلهی".
ولفت إلى ان "القضیة الثانیة هی المقاومة بأبعادها المتعددة لا سیما العسکریة منها إذ کان الإمام یدرک إدراکاً عمیقاً أن لا سبیل لحمایة لبنان والدفاع عن النفس من الهمجیة الإسرائیلیة سوى المقاومة التی هی مسؤولیة کل فرد لبنانی. فطلب من الجمیع تحمل المسؤولیة وحمل السلاح لا التسلیم بأحلام الهیمنة الإسرائیلیة فضلاً عن التواطؤ والتعامل مع عدو لبنان واللبنانیین الأول لفرض واقع سیاسی أو طائفی داخلی. فالواجب الوطنی یقتضی أن یخرج کل لبنانی قادرٍ على إشهار السلاح فی وجه العدو لیدافع عن وطنه بطریقة منظمة مدروسة . لأن العمل المقاوم لا یسمح بالارتجال بل یحتاج إلى عقول ومواهب ومعرفة وإیمان وبالطبع شجاعة المواجهة وسعة التضحیات".
وأضاف "القضیة الثالثة هی قضیة الحفاظ على کیانیة لبنان أمام الأطماع الإسرائیلیة من جهة، وحمایته من التحلل أمام تناقضات ونزاعات القوى المحلیة من جانب آخر. والحفاظ على کیان لبنان وحمایته لا باعتباره مکان إقامة لمجموعة من الطوائف الدینیة فحسب بل باعتباره رسالة للتسامح والمحبة والأخوة ، ووطناً للتعایش والتنوع والحوار، ونموذجاً فریداً یعکس حقیقة الإیمان وجوهر الأدیان فی نشر الخیر والتأکید على المساواة بین بنی البشر".
وشدد على ان "لبنان بصیغته التعایشیة هو النقیض للنموذج الصهیونی العنصری وحمایة وجوده ضرورة سماویة کما هو ضرورة بشریة".
وأوضح ان "القضیة الرابعة هی قضیة الوحدة الإسلامیة ولهذا الغرض سافر الصدر إلى معظم العواصم الإسلامیة داعیاً ومبشراً ونذیراً. مؤکداً على هذا الخیار الذی یشکل ضمانة تحمی الأمة من التآکل والتشتت والتطرف، ومن تحول المسلمین إلى جماعات متحاربة متقاتلة تکون ذریعة للعدو الإسرائیلی لتحقیق مشروعه بتهوید القدس والسیطرة على کامل فلسطین وتسویق إسرائیل بوصفها واحة للدیمقراطیة فی محیط همجی مضطرب یعیش أهله على الثأر والعنف وقطع الرؤوس افتخاراً کما یحصل الیوم تماماً".
وقال: "اما القضیة الخامسة هی الدفاع عن المحرومین فقد کان همه وشغله تحقیق العدالة والمساواة بین مختلف اللبنانیین ورفع مستوى المعیشة للذین قذفت بهم الحیاة خارج نطاقها. أولئک المهمشین الذین لم تنظر إلیهم الدولة باعتبارهم مواطنین یجب أن تکتنفهم برعایتها وحمایتها ، ولا التفت إلیهم الزعماء الذین کان جلُّ همهم محصوراً فی تعمیق التبعیة ، لا توفیر بیئة خدمیة وعلمیة سلیمة"..
ورأى ان "ما نشهده الیوم من تدهور فی قطاعات عمالیة وتعلیمیة أساسیة یؤکد صوابیة الفکرة التی کان الصدر یدعو لها ومضمونها أن لا دولة من دون مواطنة، ولا استقرار اجتماعی من دون حقوق وعدالة، ولا تقدم من دون نزاهة وکفاءة".