06 October 2009 - 11:57
رمز الخبر: 811
پ
الشیخ الصفار:
رسا / أخبار الحوزة العالمیة - اشاد حسن الصفار إلى استیعاب مجامیع الشباب المشارکة فی مواکب العزاء، وتنمیة قدراتهم، وإرشادهم إلى سبل الخیر، وتقویة الحالة الدینیة لدیهم؛ کما دعا سماحته إلى ترشید المواکب والعمل على دعم الایجابیات الناتجة عن اقامتها، وضرورة تلافی السلبیات، فهذا البرنامج الذی ینطلق من اصل دینی مذهبی، إذا ترک للأهواء والحماس فقد یضر.
ینبغی ترشید مواکب العزاء وتقویة ایجابیاتها


جاء ذلک خلال ندوة دعت لها دیوانیة العکراوی بالقدیح وحضرها بعض المهتمین والمثقفین.

 

وقد مهد سماحة الشیخ لحدیثه بمقدمات ثلاث، تحدث فی الأولى عن حاجة العقائد إلى تمظهرات خارجیة تؤکد حضور تلک العقیدة فی القلب، وتشد أهل تلک العقیدة إلى عقیدتهم، لأن الأدیان والمذاهب فی الأصل معتقدات وقناعات، المعتقدات مکانها عقل الإنسان وقلبه، أو ما یعبر عنه بالجانب الفکری والجانب الشعوری، لکن هذه العقیدة تحتاج إلى تمظهر خارجی، وهو عبارة عن الطقوس والمراسیم الدینیة أو المذهبیة التی تکون فی کل دین من الأدیان، ولکل مذهب من المذاهب.

 

نحن کمسلمین لدینا عقیدة ثابتة، هذه العقیدة لها تمظهرات تکرس تلک العقیدة على المستوى الإسلامی العام، وتتجلى فی العبادات الإسلامیة، کالحج وکسائر الشعائر الإسلامیة، هذه الشعائر التی فرضها الله تعالى هدفها تعزیز العقیدة فی النفس، وربط الإنسان المؤمن بعقیدته حتى لا تبقى مجرد حالة نظریة ونفسیة داخلیة، وإنما یکون لها تمظهرات خارجیة تؤکد تأثیرها على سلوک الإنسان، وقد ورد فی القرآن الکریم التأکید على تعظیم هذه الشعائر، قال تعالى:  ﴿ذَلِکَ وَمَن یُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ الشعائر جمع شعیرة، وهی العلامة التی تدل على ما فی داخل قلب الإنسان من قناعة وعقیدة.

 

إلى جانب الشعائر الإسلامیة العامة التی یتفق علیها المسلمون هناک بعض الشعائر الخاصة المذهبیة، مثلا مذاهب أهل السنة والجماعة عندهم توجهات صوفیة، عند هؤلاء مجموعة من المراسیم والشعائر یهتمون بها، ولعلکم تلاحظون بعض الفضائیات تنقل مشاهدا من جلسات الذکر التی یقوم بها الصوفیون فی العراق ومصر والمغرب وفی مختلف الأماکن، فی مدرسة أهل البیت  أیضا هناک بعض الشعائر، أو العلامات التی تدل على القناعات، وتعززها وتجعل للعقیدة حضورا فی حیاة الإنسان وسیرته، ومن أبرز تلک المراسیم والشعارات هی الشعائر المرتبطة بالقضیة الحسینیة.

 

واوضح سماحته السبب فی الاهتمام بالقضیة الحسینیة، قائلا: لأن قضیة الإمام الحسین علیه السلام قضیة مفصلیة، کان الاهتمام بها من قبل حدوثها، وهذا موجود فی المصادر الإسلامیة کافة، رسول الله صلى الله علیه وآله تحدث عن قضیة الإمام الحسین، وبکى لما سیجری علیه فی أکثر من مشهد، وأمام أکثر من جهة، ولأن هذه القضیة توضح مدى ظلامة أهل البیت ، وتشد الناس عاطفیا إلیهم، لذلک کان التأکید من الأئمة  على إحیاء هذه المناسبة.

 

وأضاف: فی الأصل کان إحیاء هذه الذکرى وهذه المناسبة حتى لا تنسى، وحتى لا تغفل، لأن السلطات الظالمة التی فعلت ما فعلت بأهل البیت  کانت ترید التعتیم على أفعالها، وترید ألا تذکر هذه القضیة وتنشر لکی لا یفتضح زیفها، لذا قام الأئمة علیهم السلام بتشجیع أتباعهم على طرح قضیة الإمام الحسین، وعلى إحیائها دائما وأبدا.

 

وحول أسالیب إحیاء هذه القضیة قال سماحته: نستطیع تقسیم أسالیب إحیاء قضیة الإمام الحسین  إلى قسمین: قسم منصوص ورد فیه کلام من الأئمة کالبکاء والزیارة، وقسم آخر لم یأت النص علیه کأسلوب، ولکنه یندرج ضمن العنوان العام، ومن جملة تلک الوسائل والأسالیب التی لم یرد فیها نص لکنها ضمن العنوان العام، مواکب العزاء التی صارت إحدى التعبیرات والتجلیات والمظاهر لإحیاء هذه الذکرى.

 

وحول المقدمة الثانی قال سماحته إن: المجتمعات التی تواجه خطر الذوبان وتعانی من حالات من القمع والکبت غالبا ما تکون حریصة على حفظ هویتها وخصوصیتها، وتبتکر لذلک أسالیب وبرامج تسمى عادات وتقالید أو (فلکلور)، ولأن مجتمعاتنا الشیعیة وخاصة فی المجتمع العربی تعرضت لحالات من الحصار والقمع والتهمیش کما هو واضح فأنتج رد فعل وهو التشبث بالهویة وبالخصوصیة وذلک من أجل حمایة الذات من الذوبان فی المحیط، ومن فقد الخصوصیة، بل فی بعض الأحیان تکون هناک مبالغة فی الحفاظ على الهویة وعلى الخصوصیة، وإن کان الهدف سلیما.


وحول الحاجة إلى وجود أطر وبرامج لاستیعاب الطاقات والقدرات فی کل مجتمع کان حدیث الشیخ الصفار ضمن المقدمة الثالثة، وخص بالحدیث الشباب، لأنهم یمتلکون طاقات فائضة، هذه الطاقات الفائضة عند الشباب إذا لم تفتح القنوات لها لاستیعابها بالشکل السلیم تکبت، والکبت یسبب عقد أو تصرف فی الطرق الخاطئة والمنحرفة، ولذلک من الضروری جدا أن تکون هناک برامج وأسالیب ووسائل تستوعب هذه الطاقات الشبابیة، وتشعرهم بذاتهم، وتدمجهم مع مجتمعهم.

 

وأضاف: الشباب یرثون أفکار مجتمعهم وعقائده، ویشکلون استمرار مسیرته، لذا یجب الالتفات لهم، وتوجیه نشاطاتهم واستیعابها.

 

کما تطرق سماحة الشیخ الصفار إلى بعض السلبیات التی قد تصاحب بعض المواکب، کعدم مراعاة ظروف البیئة الخاصة، ففی بیئات شیعیة أخرى کإیران ولبنان والعراق یراعون ظروفهم، ویضعون البرامج التی تناسبهم، لذا فالواجب علینا أن تکون برامجنا وأسالیبنا متناسبة مع بیئتنا.

 

وکتحویل المواکب إلى أماکن لتفریغ الشحنات والطاقات عند الشباب فقط، وفی حدود ممارسة العزاء، وبعبارة أخرى، عدم استثمار العزاء فی توجیه الشباب وبناء شخصیاتهم، ففکرة العزاء للعزاء، کما کانوا یقولون: الفن للفن، هذه فکرة خاطئة، إذ لا بد من الاستفادة من العزاء، ومن الشعارات التی ترفع فیه من أجل بناء الإنسان وتقدمه، وتعمل على تعزیز القیم الدینیة فی نفوس الشباب، فإذا جاء الشباب للموکب فعلى المسئولین فیه أن یعملوا لهم برامج تثقیفیة، یخدمون بها أنفسهم ومجتمعهم، ویزداد ارتباطهم بالحالة الدینیة، التی تتحول من موسمیة إلى دائمة.


 

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.