04 December 2014 - 16:46
رمز الخبر: 8581
پ
الأزهر الشریف :
رسا- أصدر مؤتمر الأزهر فى مواجهة الإرهاب بیانه الختامى، بالتأکید على أن کلَّ الفِرَقِ والجماعاتِ المُسلَّحةِ و"الملیشیات" الطائفیَّةِ التى استعملت العنفَ والإرهابَ فى وجه أبناء الأمةِ رافعة – زورًا وبهتانًا – رایاتٍ دینیة، هى جماعاتٌ آثمةٌ فکرًا وعاصیةٌ سلوکًا، ولیست من الإسلامِ الصحیحِ فى شىءٍ، إنَّ ترویعَ الآمِنین، وقتلَ الأبریاءِ، والاعتداءَ على الأعراضِ والأموالِ، وانتهاکَ المقدَّساتِ الدینیةِ - هى جرائمُ ضد الإنسانیَّةِ یُدِینها الإسلامُ شکلًا وموضوعًا، وکذلک فإنَّ استهدافَ الأوطانِ بالتقسی
الشيخ الطيب

 
أضاف البیان من أجلِ ذلک فإنَّ هذه الجرائمَ لا تتعارَضُ مع صحیحِ الدِّین فحسب، ولکنَّها تُسىء إلى الدِّین الذى هو دین السلام والوحدة، ودِین العدل والإحسان والأُخوةِ الإنسانیةِ. ثانیًا: التأکیدُ على أنَّ المسلمین والمسیحیین فى الشرقِ هم إخوةٌ، ینتمون معًا إلى حضارةٍ واحدةٍ وأمةٍ واحدةٍ، عاشوا معًا على مدى قُرون عدیدة، وهم عازِمون على مُواصلةِ العیشِ معًا فى دولٍ وطنیةٍ سیِّدةٍ حُرةٍ، تُحقِّقُ المساواةَ بین المواطنین جمیعًا، وتحترمُ الحریَّات.

وأوضح بیان الأزهر أن العالمُ العربى حالةً غیر مسبوقةٍ من التوترِ والاضطرابِ نتیجةَ ظهورِ حرکاتٍ متطرفةٍ تعتمدُ الإرهابَ أداةً لتنفیذِ مآربِها؛ فقد تعرَّضَ مواطنون آمِنون إلى الاعتداءِ على کراماتِهم الإنسانیةِ، وعلى حقوقِهم الوطنیةِ، وعلى مقدساتِهم الدینیةِ، وجرت هذه الاعتداءاتُ باسمِ الدینِ، والدین منها بَراءٌ. من أجلِ ذلک کان لا بُدَّ للأزهرِ الشریفِ بما یُمثِّلُه من مرجعیةٍ دِینیةٍ للمسلمین جمیعًا أن یأخُذَ المبادرةَ لتحدیدِ المفاهیمِ وتحریرِ المقولاتِ التى أساء المتطرفون توظیفَها فى عملیَّاتِهم الإرهابیةِ، وأن یرفَعَ الصوتَ الإسلامى عالیًا ضدَّ التطرفِ والغلوِّ وضدَّ الإرهابِ بأشکالِه وأنواعِه کافةً.

ثالثا: إنَّ تهجیرَ المسیحیین وغیرِهم من الجماعاتِ الدِّینیَّةِ والعِرقیَّةِ الأخرى جریمةٌ مُستَنکرةٌ، نُجمِع على إدانتِها؛ لذلک نُناشد أهلَنا المسیحیین التجذُّرَ فى أوطانهم، حتى تزولَ موجةُ التطرُّفِ التى نُعانى منها جمیعًا، کما نُناشِدُ دولَ العالم استبعادَ تسهیلِ الهجرةِ من جدولِ المُساعداتِ التى تُقدِّمُها إلیهم؛ فالهجرةُ تُحقِّقُ أهدافَ قُوَى التهجیرِ العُدوانیَّةِ التى تستهدفُ ضربَ دولِنا الوطنیَّة وتمزیق مجتمعاتِنا الأهلیَّة.
 
رابعًا: إنَّ بعضَ المسئولین فى الغرب وبعض مُفکِّریه وإعلامیِّیه یَستثمِرونَ هذه الجماعاتِ المُخالفةَ لصحیحِ الدِّینِ لتَقدیمِ صُوَرٍ نمطیةٍ یَفتُرون فیها على الإسلامِ شِرعةً ومِنهاجًا، ولمُواجهة هذه الظاهرةِ السلبیةِ یُطالب المؤتمرُ المنصِفین من مُفکِّرى الغربِ ومسئولیة تصحیحَ هذه الصُّوَرِ الشریرةِ وإعادة النظَرِ فى المواقف السلبیَّة؛ حتى لا یُتَّهم الإسلامُ بما هو بَراء منه، وحتى لا یُحاکَم بأفعالِ جماعاتٍ یَرفُضها الدِّین رفضًا قاطعًا.
 
خامسًا: یَدعو المؤتمرُ إلى لقاءٍ حوارى عالمى للتعاون على صِناعةِ السلامِ وإشاعةِ العدلِ فى إطارِ احترامِ التعدُّدِ العقدى والمذهبى والاختلافِ العُنصرى، والعملِ بجدٍّ وإخلاصٍ على إطفاء الحرائقِ المُتعمَّدةِ بدلاً من إذکائِها.
 
سادسًا: لقد تعرَّض عددٌ من شباب الأُمَّةِ ولا یَزالُ یَتعرَّضُ إلى عملیَّةِ "غسل الأدمغة" من خِلال الترویجِ لأفهامٍ مغلوطةٍ لنصوصِ القُرآن والسُّنَّة واجتهادات العُلمَاء أفضت إلى الإرهاب، ممَّا یُوجِبُ على العلماء وأهلِ الفکر مسئولیَّة الأخذ بأیدى هؤلاء المُغرَّرِ بهم من خِلال برامجِ توجیهٍ، ودوراتِ تثقیفٍ، تکشفُ عن الفَهمِ الصحیحِ للنصوصِ والمفاهیمِ؛ حتى لا یَبقوا نهبًا لدُعاة العُنفِ، ومُروِّجى التکفیر. ومن هذه المفاهیمِ مفهومُ الخِلافة الراشدةِ فى عصر صحابةِ رسولِ الله صلى الله علیه وسلم. فقد کانت تنظیمًا لمصلحةِ الناسِ غایتُه حِراسةُ الدِّین وسِیاسة الدُّنیا، وتحقیقُ العدلِ والمُساواة بین الناسِ، فالحکمُ فى الإسلام یَتأسَّسُ على قِیَمِ العَدلِ والمُساواةِ وحِمایةِ حُقوق المُواطنة لکلِّ أبناءِ الوطن بلا تمییزٍ بسببِ اللونِ أو الجنسِ أو المعتقدِ، وکلُّ نظامٍ یُحقِّقُ هذه القیمَ الإنسانیةَ الرئیسةَ هو نظامٌ یکتسبُ الشرعیَّةَ من مصادر الإسلام. ومن المفاهیمِ المحرفة أیضًا مفهوم الجهاد، ومعناه الصحیح فى الإسلام هو أنه ما کان دفاعًا عن النفس وردًّا للعدوان، وإعلانُه لا یکون إلا من ولى الأمر ولیس متروکا لأى فرد أو جماعة مهما کان شأنها.

سابعًا: دعوة دول العالم العربى إلى تنظیم تعاونها وإلى تطویر آلیات هذا التعاون بما یحقق الاستقرار والأمن والازدهار. ولو أن هذه الدول أقامت سوقًا اقتصادیًّة وتجارة واتحادًا جمرکیًّا، ودفاعًا مشترکًا لَـتَحقَّقت مُقوِّمات التضامُن والتکامل فى إطار دائرة واحدة تجمع الدول الوطنیة المتعددة فى استراتیجیة موحدة تحمیها وتحتمى بها.

ثامنًا: یطالب المؤتمر بقوة العلماء والمراجع الدینیة فى العالم العربى والإسلامى، أن یتحملوا مسئولیاتهم أمام الله والتاریخ فى إطفاء کل الحرائق المذهبیة والعرقیة وبخاصة فى البحرین والعراق والیمن وسوریا.
 
تاسعًا: إدانة الاعتداءات الإرهابیة التى تقوم بها القوات الصهیونیَّة فى الأراضى الفلسطینیة المحتلة، وخاصة فى القدس الشریف، والتى تستهدف الإنسان الفلسطینى المسلم والمسیحى على حد سواء، کما تستهدف المساجد والکنائس وبخاصة المسجد الأقصى الذى بارک الله حوله، ویناشد المجتمعون المجتمع الدولى التدخل بفاعلیة ومسئولیة لوضع حد لهذه الاعتداءات الآثمة وإحالة مرتکبیها إلى محکمتى العدل والجنایات الدولیتین.
 
عاشرًا: إن المؤتمر یؤکد على أن الشرق بمسلمیه ومسیحییه یرى أن مواجهة التطرف والغلو وأن التصدى للإرهاب أیا کان مصدره وأیا کانت أهدافه هو مسئولیتُهم جمیعًا. وجاء المؤتمر استجابةً لدعوةِ الأزهرِ الشریفِ برئاسةِ الإمامِ الأکبرِ أحمد الطیب عُقِد مؤتمرٌ موسعٌ فى القاهرة فى یومى الأربعاء والخمیس، ورؤساءُ کنائسِ الشرقِ، کما حضَرَه علماءُ مسلمون ومسیحیُّون من مختلفِ أقطارِ العالم.

 

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.