اعتبر نائب الأمین العام ل"حزب الله" الشیخ نعیم قاسم، فی الکلمة التی ألقاها فی ذکرى انتصار الثورة الاسلامیة فی إیران، فی مجمع المجتبى فی حی الأمیرکان، أن "الله أنعم علینا بانتصارالثورة الإسلامیة المبارکة فی إیران فی سنة 1979 بقیادة الإمام المجدد الخمینی، هذا الإمام الذی حمل الإسلام بثقة وصدق، واستطاع أن یحیی هذا الدین بأفضل حلة فی منافسة عظیمة لکل الأفکار البالیة، وأقام دولة الإسلام المبارکة بین الشرق والغرب فیما یشبه المعجزة، إذ کیف یمکن لدولة إسلامیة أن تقوم والعالم تتقاسمه أمریکا والاتحاد السوفیاتی؟ وتقول هذه الدولة بلسان قائدها الإمام الخمینی بأنها لا شرقیة ولا غربیة إنما دولة إسلامیة تعیدنا إلى زمن النبی محمد، وترسخ تعالیم الدین بکل أصالة".
وقال: "هذه الثورة الاسلامیة فی ایران اثرت فی إقامة الصحوة الإسلامیة وفی تحریک شعوب المنطقة وفی إعادة النظر فی الفهم الإسلامی الأصیل، هذه الثورة الإسلامیة علمتنا الکثیر واستفدنا من تجربتها واستطعنا أن نخطو خطوات عزة إلى الأمام ببرکتها، وهنیئا للشعب الإیرانی وهنیئا لکل شعوب العالم بانتصار هذه الثورة المبارکة بقیادة الإمام الخمینی ومن بعده الإمام الولی المجدد الخامنئی".
وأضاف: "نحن لا ننظر إلى إیران نظرة عصبیة ولا مذهبیة ولا طائفیة، وإنما ننظر إلیها کنموذج فکری وعلمی وسیاسی استطاع أن یحقق الکثیر مما تحتاجه أمتنا على طریق حریتها وکرامتها، إیران نموذج لبناء القوة المستقلة والقرار الحر، وقد أثبتت حضورها فی کل الساحات الإقلیمیة والدولیة، إیران نقطة ارتکاز للأمن القومی فی المنطقة، وکل دول المنطقة تحتاج أن تتعاون مع إیران من أجل أن تکون متماسکة وأن تحفظ حدودها وکیاناتها ومستقبل أجیالها، إیران ملهمة الشعوب وهی تشکل رصیدا کبیرا للمقاومة ولمشروع تحریر فلسطین، ومن خلال إیران تعلمنا أن نکون أحرارا وأن نواجه ونجاهد ونتحمل من أجل أن نصل إلى تحقیق أهدافنا فی العزة والکرامة. کانت إیران دائما فی موقع الدفاع عن نفسها، ومن یقرأ تاریخ إیران منذ سنة 1979 إلى الآن لا یجدها اعتدت على أی دولة وعلى أی جماعة أو تدخلت فی أی شأنٍ من الشؤون التی تخرج عن دائرتها ومصالحها، بینما الجمیع تقریبا اعتدى على إیران، خاصة فی الحرب العراقیة الإیرانیة حیث اجتمع العالم بشرقه وغربه ضد إیران الإسلام وکانت هی فی موقع الدفاع، ومع ذلک لم تعامل الدول والقوى على أساس ما فعلوه بها، فإیران کانت دائما تمد یدها لتقول نحن حاضرون للتعاون وللعمل ضمن قواسم مشترکة".
وتابع: "أعطت إیران للبنان ومقاومته ولم تأخذ شیئا، البعض یقول ولکن إیران تربح، ولکن إیران تتمکن أکثر بفعل ما تقدمه. أقول بکل وضوح: إیران ربحت نجاح ما تؤمن به، أما نحن فربحنا التحریر والکرامة فی المیدان وحققنا أهدافنا. إیران لم تأخذ منا ونحن أخذنا منها کل شیء، إیران لم تحقق أهدافها وإنما حققنا أهدافنا فاستفادت لأن أهدافها منسجمة مع أهدافنا، والیوم من یقوم بمراجعة یرى أننا عندما طردنا (إسرائیل) من لبنان سنة 2000 وانتصرنا علیها سنة 2006، وکسرنا عنفوانها وجبروتها سنة 2015 إنما قدمنا نموذجا ذاتیا دعمته إیران وکل من آمن بالمشروع المقاوم ولکن النتائج العظیمة والإیجابیة هی نتائج لنا للبنان ولفلسطین ولمنطقتنا وشعوبنا وإیران فرحة لأننا حققنا أهدافنا المشروعة التی نریدها وأردناها، واستطعنا من خلال مقاومتنا أن ننجزها وأن نکسر مجددا مشروع الشرق الأوسط الجدید الذی أراد أن یغیر معالم المنطقة ومن ضمنها ضرب مقاومتنا فی لبنان".
وقال: "هناک ثلاث قضایا عملت علیها إیران ومن مصلحتنا أن نعمل علیها، ونعلن للملأ بأننا متمسکون بهذه القضایا: القضیة الأولى هی عدم التبعیة للغرب أو الشرق. القضیة الثانیة هی السعی لتحریر فلسطین. القضیة الثالثة هی الوحدة الإسلامیة. ونحن نرید عدم التبعیة وسنعمل لها وسنضحی من أجلها، ونؤمن بتحریر الأرض المحتلة ومشروع المقاومة، وسنعمل بشکل دائم للوحدة الإسلامیة والوطنیة من أجل أن نحقق أهدافنا. نحن ندعو إلى تطویر العلاقات الإیرانیة السعودیة، لأن مصلحة کل دول المنطقة وشعوبها فی التعاون والتفاهم، ومن کان یعتبر أن إیران تشکل خطرا علیه فلیراجع ما حصل خلال 36 سنة یجد أن إیران کانت دائما مع قضایانا الوطنیة والقومیة والإنسانیة، ولم تکن یوما ضد أی شعب فی هذه المنطقة ولم تکن إلاَّ فی الموقع المتقدم لخدمة الناس. نحن نفتخر بعلاقتنا بالجمهوریة الإسلامیة، وبارتباطنا بقائدها وولی أمرنا الإمام الخامنئی، وهو ارتباط دینی فکری أخلاقی فیه کل المصالح التی یحققها لنا ولبلدنا، وما نقوم به من أعمال سواء فی الحالة الجهادیة أو فی إعطاء النموذج الأخلاقی والسلوک العملی فی التعاطی مع الآخرین، أو فی السعی إلى القضایا المشروعة کلها من برکات وتوجیهات الولی المجدد الذی أرسى تعالیم فی المنطقة ستکون هی السائدة إن شاء الله تعالى".
وختم قاسم: "ثقوا أن النصر لهذا الاتجاه الأصیل ولو بعد حین، ولیس على مستوى إیران فقط، وإنما على مستوى المنطقة بأسرها، الیوم کل المنطقة تعیش فی حالة من الضیاع والإرباک وحسم الخیارات ولکن من حمل خیارا مواکبا للجمهوریة الإسلامیة فی إیران یجد طریقه بسهولة وسینجح إن شاء الله تعالى. مبارک لکم انتصار الثورة الإسلامیة فی إیران، وکل الدعاء للمجاهدین والشهداء الذین قدموا فی هذه المسیرة من أجل أن ترتفع وترتقی، وکل التحیة للامام العظیم الإمام الخمینی الذی حقَّق حلم الأنبیاء وأعادنا إلى قدوة وزمن محمد وآل محمد".