التقی سماحةُ الأمین العام للعتبة العباسیة المقدّسة عدداً من طلبة جامعة بغداد أثناء قیامهم بزیارةٍ لضریح أبی الفضل العباس(علیه السلام) فی قاعة الإمام الحسن(علیه السلام) للمؤتمرات والندوات فی العتبة العباسیة المقدسة.
وقال: "واقعاً أنا أستثمر حضور أبنائی طلبة الجامعات على اختلاف المراحل لإذکاء درایة یحتاجها هذا الجیل وهذه النشأة، باعتبار هذه الأعمار هی أعمار التفکیر وأعمار القوة وأعمار التلقّی، وبالنتیجة هی أعمار بناء الشخصیة بالشکل الجیّد، ولابُدّ أن تُبنى هذه الشخصیة وفق معاییر وهذه المعاییر تشترک فی صیاغتها مجموعةُ قیمٍ ومجموعة مفاهیم ومجموعة شخصیات، من جملة الشخصیات التی تشترک فی بناء الشخصیة هی الزهراء(علیها السلام) کیف ذلک؟ الأدب یؤخذ من أربابه، کلُّ إنسانٍ عندما یتأدّب بآدابٍ معیّنة لابُدّ أن یکون المؤدِّب حاملاً لمجموعة مفاهیم وقیم تصلح للتأهیل، طبعاً إذا کان الشخصُ المقابل خالیاً من هذه القیم ویرید أن یؤدِّب فسیکون نقضاً للغرض لأنّه سیهدم أکثر ممّا یبنی".
واضاف: "النبیّ الأعظم(صلى الله علیه وآله وسلم) کان یتأدّب بآداب الله تعالى، واستمرّ أدبه الى نهایة حیاته الشریفة، حتى قال وهو الصادق الأمین: (أدّبنی ربّی فأحسن تأدیبی)، والزهراء(علیها السلام) لاشکّ أنّها مؤدّبة، مؤدّبة باعتبار أنّها ورثت وتعلّمت عند مَنْ (لا ینطق عن الهوى) وکانت هی الرضیّةَ الراضیةَ الصدّیقةَ المحدّثة، وتعلّمت الأدب والأخلاق السامیة من النبیّ(صلى الله علیه وآله وسلم)".
وبیّن السیدُ الصافی: "نحن فی ظرفٍ نرید أن نکون مع الزهراء(علیها السلام) لأنّنا إن لم نکن معها فلا فائدة، ولکی نکون مع الزهراء(علیها السلام) لابُدّ أن تکون عندنا مقدِّمات، لذلک جزءٌ من هذه المقدّمات أن لا یغترّ الإنسانُ بعقله على حساب العقول الأخرى، وطلاب الجامعات ولاشکّ کما قُلنا إنّ هذه الأعمار هی أعمار ثورةٍ وعطاء، لکن تبقى هناک مجموعةٌ من الحدود لابُدّ أن ندرکها".
وأکد: "نحن فی زمن الغیبة مأمورون بماذا؟ أن نتبع مراجعنا وعلماءنا، ولذلک.. الدرسُ المستفاد من الزهراء(علیها السلام) هو کیفیّة التعامل مع الحدث فی وقت الشدّة، فالإنسان لا یُعرَفُ صبرُهُ إلّا وقت الشدّة، الإنسان إذا لم یجُعْ لا تعرف صبره، إذا لم یخلُ جیبه من المال لا تعرف صبره، لکن إذا فَقَدَ إحدى هذه الأشیاء ترى أنّ سلوکه قد تغیّر، فإذا مرّ بحالةٍ من الشدّة إیمانُهُ أیضاً یُمتَحَن، فلا یُکتَشَف الإنسانُ وقت الرّخاء وإنّما یکتشف وقت الشدّة، خصوصاً إذا کانت بعض المواقف الشرعیة تُخالف هواه ورغبته، وأیضاً على الإنسان أن یتروّى ویتأمّل فالحقائق أعقد وأعمق ممّا قد یعتقد الإنسانُ أنّه أدرکها".
هذا وتخلّلت هذا اللقاء بعضُ الأسئلة والاستفسارات التی وجّهها مجموعة من الطلبة الى سماحة الأمین العام، وقام بدوره بالإجابة عنها وتوضیح ما یلزم توضیحه داعیاً لهم بالتوفیق والنجاح فی دراستهم، وقد حثّهم على المزید من المثابرة والجهد لبناء وطنهم.