25 March 2011 - 22:50
رمز الخبر: 3193
پ
رسا/الرأی- هناک تواطؤ لإرادتین إقلیمیة ودولیة على وأد ثورة البحرین، وهی الجریمة التی أرید لها أن تتم والأضواء مطفأة، لکن موقف قناة الجزیرة کان الأخطر..هو محاولة لقص مقطع البحرین من شریط الثورات العربیة الهادرة. بقلم عبد الرحیم التهامی.
قناة الجزیرة وعمى الثورات

من حق قناة الجزیرة القطریة أن تصدّر نشرات أخبارها بالاضطرابات التی تعرفها سوریة هذه الأیام..من حقها أن تبث تقاریر مصوّرة عن مظاهرات فی منطقة المرجة بالعاصمة السوریة دمشق، وتتحدث عن أرقام الذین سقطوا ضحیة تدخل قوات الأمن من مدینة الصنمین..وأن تتوسع فی تغطیتها بعرض صور نقلا عن الیوتوب وغیره..وأن تربط الاتصال بشاهد عیّان هنا وهناک..وأن یسأل مقدم نشرة أخبارها طبیب فی مستشفى "درعا" الحکومی: هل استقبل المستشفى جثث أخرى هذا الیوم؟..کل هذه التغطیة هی من متطلبات العمل الإعلامی الحر..ولعل قدرة الجزیرة فی الوصول وبسرعة إلى منطقة الحدث وتحقیق السبق فی بعض الأحیان بفعل شبکة مراسلیها المعلنین والسریین هو ما حقق لها الریادة على المستوى الإعلام الفضائی.
لکن المفارقة أنّ الرصاص الذی أطلق الیوم (الجمعة) فی مدینة الصنمین السوریة حسب ما نقله شهود عیان الجزیرة، أطلق رصاص مثله؛ بل أفضع منه کالشوزن المحرم دولیا؛ (وکل رصاص یوجه لتظاهرة سلمیة هو محرم بالمطلق) رصاص استهدف الحشود المتظاهرة فی أکثر من منطقة بالبحرین ووجّه إلى الصدور العاریة، معطوفا على کل الجرائم الأخرى التی ارتکبتها قوات الأمن البحرینیة معززة ببلطجیتها وبقوات من درع الجزیرة.
کانت البحرین أمس مغیّبة أیضا عن شاشة الجزیرة؛ قناة الحقیقة ومنبر من لا منبر له کما یحلو لها أن تقدم نفسها، کما کانت مغیّبة منذ أزید من شهر یوم التحق شبابها بالزمن الثوری العربی الهادر، مؤمّلین أنّ اللحظة التاریخیة هذه؛ قد تسمح لهم بتحقیق أهداف نضال عریق رفعت لواءه الکثیر من القوى الحیّة فی البحرین من إسلامیین وقومیین ویساریین على مدى عقود متطاولة.
بل إن قناة الجزیرة لم تکتفی بتجاهل انتفاضة البحرین فحسب، بل عمدت إلى تشویه الحقائق معتمدة فی تغطیتها المحدودة والمتحیزة على نفس الروایة الرسمیة لسلطة آل خلیفة والتی وصمت انتفاضة البحرین بالابتزاز الطائفی، ونقلت صورا غیر ذات مصداقیة عن التلفزیون الحکومی لمملکة البحرین یسئ إلى الصورة السلمیة والحضاریة لانتفاضة الشعب البحرینی!
وضدا على میثاق الشرف الإعلامی الذی یلزم الجزیرة کغیرها من وسائل الإعلام بأن تقدم الحقیقة الخالصة وتنبذ مبادئ التمییز العنصری والعصبیة الدینیة والتعصب بجمیع أشکاله، وجدناها تتبنى رؤیة مفتی القناة (الشیخ القرضاوی) فی أحد تقاریرها یوم أن عبَرت قوات من جیوش عُربان مجلس التعاون الخلیجی جسر الملک فیصل لتفتک بالشعب البحرینی المطالب بحقوقه السیاسیة العادلة، فاعتبر التقریر أنّ حرکة الاحتجاج فی البحرین تعبّر عن آراء فئة مذهبیة وأنها لا تشبه فی شیء باقی الثورات العربیة، لأنها تخدم –حسب زعمها- أجندات إقلیمیة؛ فی إشارة إلى إیران.
ولأننا لسنا عدمیین فنحن وإذ نشهد للجزیرة بدورها الممیز فی دعم الانتفاضات العربیة بل ونعتبر أداءها الإعلامی الممیز أحد عوامل نجاح هذه الثورات کما فی حالتی تونس ومصر، لکن فی الآن نفسه نعدّ سقطتها المفجعة فی محک ثورة البحرین سقوطا مدویاّ فی امتحان المصداقیة بل ولیس بعیدا أن یکون بدایة سقوط أسطورة الجزیرة.
إنّ إغماض العین عن ثورة شعب مظلوم واستثناءه من التغطیة دون باقی الثورات، بل وتعمد تشویه هویة معرکته والافتئات علیها من منطلقات ضیقة وحسابات سیاسویة إقلیمیة لن یکون ثمنه هیّنا على المستویات الأخلاقیة والمهنیة ولن یمر دون أن یأخذ هذا التعتیم الإعلامی بله التواطؤ مکانه فی السجل الأسود للإعلام العربی.
وآخر الکلام ..عمیت عین لا ترى انتفاضة أحرار البحرین سنّة وشیعة.
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.