30 October 2011 - 15:28
رمز الخبر: 4024
پ
رسا/الرأی- فی تصریح أخیر له دافع الدکتور محمد سلیم العوا عن ثورة الشعب البحرینی، معتبرا أن الثورة على القوى الظالمة حق مشروع فی کل الأدیان السماویة، وأن الثورة یجب أن تُدعم بمعزل عن أی تصنیفات مذهبیة.
الدکتور العوا والموقف الإسلامی الأصیل



بمعزل عن الجوانب المبدئیة والأخلاقیة فی کل موقف، فإنّ لعامل السیاق قیمة مضافة تحتسب لکل موقف، فأحیانا یکون التعبیر عن موقف ما؛ غیر ذی کلفة لأنه لا یصدم واقعا، ولا یعاکس موجا، ولا یخرق إجماعا، ولا یستثیر أحدا. وعلى العکس من ذلک تأخذ بعض المواقف قیمتها وتاریخیتها عندما تکون تعبیرا عن الضمیر الأخلاقی وتصبح مصداقا للشجاعة لأنها تکسر کل القیود والمحددات وتنتصر للقیمة الأخلاقیة وتستدعی إشعاعها لتبدید الظلام وهتک حجب الخیانة والتواطؤ.
مناسبة هذا الکلام هو ما صرح به –مؤخرا- المفکر الإسلامی البارز والمرشح المحتمل للرئاسة المصریة الدکتور محمد سلیم العوا من مواقف تتعلق بالشیعة وبالثورة البحرینیة.
ففی مقطع فیدیو بث على شبکة الانترنت، وفی سیاق إجابته على سؤال یزعم وجود أصابع شیعیة حول أحداث البحرین، کان رد الدکتور العوا أن فی البحرین سنة وشیعة، وأنه إذا ظُلم أحد فی بلده فمن حقه أن یقوم بثورة مشروعة. مؤکدا أن الثورة على القوى الظالمة حق مشروع فی کل الأدیان السماویة.
وذهب العوا إلى أنه لیس هناک فرق فی دعم الثورة بکونها سنیة أو شیعیة. مشیرا إلى أنهم فی البحرین یمثلون نصف أصحاب البلد أو یزیدون ومن حقهم أن یثوروا. وانتقد الدکتور سلیم العوا الاجراءات القمعیة التی اتخذتها السلطات البحرینیة بحق الطائفة الشیعیة فی البحرین.
وعن تسمیة الشیعة بالروافض، رفض المفکر الإسلامی محمد سلیم العوا هذه التسمیة واصفا إیاها بانها تعود بنا إلى القرن الرابع والخامس الهجریین. وشدد على أنه لا یجوز تسمیتهم بالروافض لأنهم من أتباع أهل البیت علیهم السلام، وقال إن الشیعة لیسوا روافض ولا ینبغی لنا أن نسمی أنفسنا أننا أهل السنة وهم کفار، مضیفاً أنهم لیسوا کفاراً.
هذه المواقف لیست غریبة على الرجل وهو المعروف بوسطیته واعتداله وبدفاعه عن وحدة الأمة وتکاملها، وفی سجله الکثیر من المواقف الجریئة والشجاعة کیوم معارضته لبیان الشیخ القرضاوی عام 2008 الذی اتهم فیه الشیعة بالابتداع وإیران باختراق المجتمعات السنیة شیعیا، فقد اعترض الرجل وتحرک فی إطار الاتحاد العالمی لعلماء المسلمین من موقعه کأمین عام مساعد- یومذاک- لاستصدار بیان مضاد لإبطال المفاعیل الفتنویة لبیان الشیخ. وللحقیقة والتاریخ فقد مثل موقف الدکتور العوا ومواقف غیره من المثقفین والمفکرین المصریین کالأستاذ فهمی هویدی والأستاذ طارق البشری.. دورا ملموسا فی إجهاض مخطط شیطنة ایران ومذهبة دورها الاقلیمی فی التصدی للوجود الأمریکی بالمنطقة.
إن صوتا یرتفع لکسر طوق التعتیم والتآمر على ثورة الشعب البحرینی لهو صوت حر بامتیاز، فقد تضافرت عملیات القمع الوحشی والتضلیل الإعلامی ومنابر الضرار جمیعها لعزل ثورة الشعب البحرینی عن موقعها فی سیاق الحراک العربی، وتم الافتئات على مطالبها التحرریة البیّنة باختلاقات مذهبیة وطائفیة لا أساس لها..بل عدّ ثوار البحرین وأحرارها غیر مشمولین بما أفتى به القرضاوی نفسه حین رد على بعض من یؤید الحکام المستبدین فی قتل شعوبهم (وتحدیدا فی الیمن)، مدعیا أن الخروج علیهم حرامٌ شرعًا. یقول القرضاوی: "نرید من هؤلاء العلماء أن یعلموا ..أن الخروج المحظور هو الخروج بالسلاح لقتاله(الحاکم)، وهؤلاء خرجوا بلا سیف ولا عصا ولا حجر، وهم أبدًا یُقتَلون بغیر حق من الحاکم وزمرته". لکنه ولعمًى فی البصیرة لا یرى أن ذلک هو ما یحصل فی البحرین، فقط لأن الذین "أبدًا یُقتَلون بغیر حق من الحاکم وزمرته" -على حد تعبیره- وینکَّل بصغیرهم وبنساءهم کما حصل قبل أسابیع قلیلة بمجمع (سیتی سنتر) فی المنامة، هم شیعة وفقط.
لا نملک إلا أن نثمّن موقف الدکتور محمد سلیم العوا لیس لإنصافه شعب البحرین وثورته فحسب، بل لأن موقفه یندرج أیضا فی إطار الموقف الإسلامی الأصیل الآبی عن الاصطفافات المذهبیة المبرمجة والتی تدفع الیها دوائر معروفة ومعلنة الارتهان للمخطط الأمریکی الصهیونی.
موقف یؤشر على أنّ العقلاء والمنصفین والحریصین على الأمة لم یغادروا الساحة، وأنّ اصطفافهم هو عین الإصطفاف الذی یرضاه الله لعباده؛ مصطفین فی جبهة الحق مقابل جبهة الباطل.
(ذلک بأنّ الذین کفروا اتبعوا الباطل وأنّ الذین آمنوا اتبعوا الحق من ربّهم کذلک یضرب الله للناس أمثالهم).
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.