أكد الخبير السياسي المصري الاستاذ سلام صباغ في حوار خاص مع وكالة رسا للأنباء وحول الاحداث الاخيرة في مصر وارتباطها بالمكونات على أن "العلاقة بين عموم المسلمين والمسيحيين في مصر طبيعية ولا توجد مشاكل حقيقية بينهم، ولكن المشكلة هي مع التيارات التكفيرية الواردة على مصر من شبه الجزيرة العربية وخاصة السعودية وبالأخص من المذهب الوهابي الذي تسلل إلى مصر منذ حوالي أربعة عقود في غفلة من المصريين وفي عصر البترودولار، ومن خلال العاملين المصريين في السعودية".
وتابع "لكن المسيحيين بعد هذه العمليات الإرهابية يعيشون في خوف وقلق مما يقع حولهم ومعهم، وكذلك خوف من المستقبل، ومعظم الشعب المصري متعاطف مع قضيتهم، وخاصة شيعة مصر الذين تجاهر الجماعات الوهابية التكفيرية برفض وجودهم والتحريض عليهم... أما عن علاقة الشيعة في مصر مع المذاهب والديانات الأخرى، فنقول أن الشيعة في مصر أكثرهم لا يعلنون عن أنفسهم حتى في وسط عائلاتهم وجيرانهم بسبب حملات التشويه التي تشنها قنوات الفتنة المذهبية ضدهم، ولذلك فلا توجد مشاكل تذكر مع الشيعة إلا في إطار ضيق وفي حالات إجتماعية محددة كما في حالات الزواج مثلا، حيث لو أفصح الشيعي أو الشيعية عن مذهبها قد يفشل مشروع الزواج مع المذهب الأخر، وكذلك أحيانا يعانون من التحريض السلفي المستمر ضدهم".
وحول المضايقات التي تواجه الشيعة مصر في اقامة شعائرهم بين أنه "لا توجد مضايقات ولا مشاكل في المرحلة الحالية مع الدولة، فنحن نكتب ونقول ما نشاء، ولكن المشكلة هي مع التيار والأحزاب السلفية وخاصة التكفيريين منهم الذين يصنعون مشاكل في كل عاشوراء ويهددون بالتعرض للزائرين لمسجد الإمام الحسين عليه السلام في القاهرة، مما يدفع السلطات لإغلاق الضريح وليس المسجد أمام الزوار خوفاَ من وقوع أحتكاكات بين الزوار الشيعة وبين السلفيين المتربصين ولقد كنا وعلى مدار أكثر من ثلاثين عاما وقبل ثورة 25 يناير وسيطرة الأخوان والتيار السلفي على الحكم، نذهب للمسجد في عاشوراء ونجتمع في حلقات في هدوء ونتكلم عن فاجعة كربلاء، أما بعد سيطرة الأخوان والسلفيين تم منع هذا الامر تحسباَ لوقوع أضطرابات محتملة من قبل الدولة المصرية... أما بالنسبة للسفر إلى إيران ففي الفترة الأخيرة أصبح يتطب موافقات أمنية، وأقولها باختصار مشكلة الشيعة مع التيارات السلفية وليست مع الدولة".
وأضاف أن "الشعب المصري ليس عنده مذاهب معينه، فلو سألت أي مصري من عموم الشعب عن مذهبه فيقول لك إنه فقط مسلم، وعلى مستوى القانون يطبق المذهب الحنفي في قوانين الأسرة فقط، أما المذهبية فهي فكر طارئ على الحالة المصرية وتتبناه الجماعات السلفية والتكفيرية فقط ومذهبها هو الوهابية وإمامهم إبن تيمية، وهي في حالة عداء دائم مع الشيعة في مصر ومع المسيحيين، فهي لا ترفض عقيدة الشيعة فقط ولكن ترفض وجودهم من الاساس، لكن والحمد لله بعد افتضاح الفكر التكفيرى وتوحشه وعداؤه للإنسانية تم كسر شوكة السلفيين في مصر، ولم يعد لهم ظهور في الصحافة المصرية، وتوقف هجومهم الإعلامي على الشيعة تقريبا بل بقي القليل منه، وهم بعد أن فقدوا مصداقيتهم الشعبية يخشون من إنقلاب الدولة عليهم بعد فراغها من مشاكلها مع الإرهابيين ولذلك هم الأن في مصر في حالة جمود".
وأوضح أن "علاقة الشيعة مع الحكومة هي علاقات طبيعية، لا يوجد أضطهاد للشيعة من الحكومة، ولكن توجد بعض المضايقات لبعض الأشخاص وخاصة المفكرين والناشطين الشيعة في السفر، وايضا توجد هناك مضايقات في تكوين جمعيات أو تشكيل الاحزاب، وحقيقة الامر أن المضايقات في هذا الجانب ليست للشيعة فقط، بل يوجد هناك فقرة في القانون لا تجوز قيام ألاحزاب على أساس ديني، أما علاقة نظام مرسي مع الشيعة كانت سيئة للغاية، فلقد فتح المجال للسلفيين أن ينفسوا عن حقدهم وتعصبهم ضد الشيعة، مثلا في مؤتمر الصالة المغطاة في ملعب القاهرة، والمسمى بمؤتمر نصرة سوريا، سمح فيه لقيادات السلفية بهجوم غير مسبوق على الشيعة في مصر ووصفهم بالأرجاس، مما أدى إلى شحن مذهبي ضد الشيعة وعلى ضوء هذا المؤتمر تم قتل الشيخ حسن شحاته وأخوته ورفاقه وسحلهم في الشوارع، وبعدها بأيام سقط حكم الأخوان للأبد بعد أن أظهر الله مافي قلوبهم من غل وتعصب وحب للرئاسة والحكم ولو على حساب المبادئ والقيم".
وحول علاقة الشيعة بإيران واتهامهم بأنهم عملاء لإيران بين أن "مهما حاول الشيعة في مصر نفي إرتباطهم أو ولائهم لإيران وأن ولائهم لوطنهم فلا يُصدقون، ولذلك يجب على الشيعة في مصر عدم استفزاز المسئولين في مصر أو حتى التيارات المختلفة، بنشر صور قد يفهم منها وجود ارتباطات ما بين الشيعة المصريين وبين دولة إيران، أنا أعتقد أن المسئولين في مصر يعرفون تماماَ أنه لا توجد أي خطورة من شيعة مصر، حيث أن عددهم قليل وأنهم غير مؤثرين في الأحداث، ولقد تأكد للمسئولين ومن خلال تعقب الشيعة المصريين خلال عدة عقود وخاصة الإعتقالات في أيام الرئيس مبارك، أن الشيعة يتكونون من مجموعة من المثقفين، وأن قضيتهم فكرية، وليس لهم علاقة بسياسات الدولة ومواقفها إلا بصفتهم مصريين، وتبين أنهم يرفضون التطرف والتكفير والعنف، حيث لا يوجد بين الشيعة في العالم أو في مصر تكفيريين ولا ارهابين سواء كانوا أفراد أو تنظيمات".
وأضاف أن "بالنسبة للإتهامات بنشر التشيع ليس من المعقول أن تقوم مجموعة من المفكرين أو الناشطين الشيعة بتغيير مذهب الشعب المصري بما فيه من مؤسسات دينية عميقة كالأزهر، أوعشرات الألوف من العلماء المصريين ومثلها من المساجد والمعاهد العلمية، فالمد الشيعي في مصر ضجة مفتعلة وقضية سياسية والهدف منها صرف الأنظار عن المد السلفي التكفيري الذي يهدد السلم الإجتماعي في مصر، ويخدم مشروع الفتنة المذهبية والفوضى الخلاقة الأمريكية".
وختاما بين أن "الشيعة موجودون باعداد كبيرة في السعودية والكويت والبحرين وكثير من الدول الإسلامية وهم مستضعفون ومسالمون كما أن إيران فيها عشرات الألوف من المسلمين السنة يمارسون شعائرهم في مساجدهم بكل حرية، فلو كانت إيران ترغب في نشر التشيع بين أهل السنة لبدأت بأهل السنة في بلدها".(9861/ع922/ك865)