أكد الباحث الاسلامي العراقي سماحة الشيخ تحسين البدري، في حوار خاص مع وكالة رسا حول توقعات العالم الاسلامي من رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية وتعامله مع ملف التقريب بين المذاهب على أن "جل مشاكل عدم التقريب بين المسلمين ناشئة عن أمور سياسية وتنافسات إقليمية أو داخلية، والتاريخ يشهد على أنّ الصراع بين المذاهب يحتدم أو يشتدّ عندما يصل التنافس إلى ذروته أو تتعرّض مصالح سياسية لدولة أو إقليم أو طائفة حاكمة للمخاطر، وسرد هذه الحوادث يطيل بنا إلاّ أنّا كباقي المحققين في مجال التقريب توصّلنا إلى أنّ أكبر داعم للخلافات الطائفية والمذهبية هو العامل السياسي".
وتابع أن "من جانب آخر فإنّ إيران كدولة إقليمية مؤثرة اتخذت صبغة دولة شيعية، وهو طبيعي باعتبار أنّ أغلبية الشعب الإيراني من الشيعة، مع أنّ أكثر الدول المجاورة ذات أغلبية سنيّة، وتواجه مشاكل جمّة أقلّها المشاكل الاقتصادية، وقد يكون أهمّ مشاكلها حالياً هو مواجهة التيارات المتطرّفة، وحتّى الآن استفادت هذه الدول من الظاهرة الأخيرة ووظفتها لتأجيج النزاع المذهبي كأحد الآليات لإشغال هذه الحركات دون المساس بسلطاتها الآئلة إلى السقوط".
وأضاف أنه "من هنا يأتي دور الرئيس الإيراني الجديد، فإنّ عليه أن يجتهد للحد من تأجيج بعض الدول للنزاعات داخل البيت الإسلامي باستخدام آلية الاختلافات المذهبية. وينبغي أن يدير هذه الأزمة بما ينسجم مع مستواها، فعليه أن يعمل بما يحبط عمل هذه الآلية، فيهمّ في تنمية العلاقات الإقليمة وبين الدول الإسلامية، كما عليه عدم فسح المجال أمام بعض المتطرفين في داخل إيران لإثارة المسائل الاختلافية، وعليه كذلك السعي لأجل الترويج إلى مفاهيم إسلامية راقية مثل: الوحدة الإسلامية والتقريب والتسامح".
وحول تعامل الرئيس الايراني مع الاستكبار العالمي بين أنه "اتسمت إيران ومنذ بزوغ الثورة الإسلامية الإيرانية، بكونها معادية للاستكبار العالمي وهذه السمة ميّزتها عن أغلب دول العالم، وكانت سبباً لاستقطاب الكثير من أحرار العالم ومن الدعاة إلى تحرّر الدول والشعوب من نير الاستعمار الحديث، من هنا برأيي على رئيس الجمهورية الجديد أن يحافظ على هذه السمة، إلاّ أنّ هذا لا يعني سعيه لخوض حرب وإثارة المشاكل مع الدول الاستكبارية، بل ينبغي أن يتم التعامل مع موضوع الاستكبار تعاملاً منطقياً بحيث لا يوفّر أرضية لنشوب حرب مع إيران ودول المنطقة بالنيابة عن الاستكبار، فإنّ أضرار هذه الحرب مدمّرة للمسلمين".
وأوضح أنه "لا يمكن للدول حالياً أن تعيش العزلة، فالانفتاح على الدول أصبح ضرورة لا تنكر، وقد يفرض نفسه بشكل أو آخر، إنّ إيران تواجه تحدّياً كبيراً في مجال العلاقات مع دول المنطقة بالخصوص الدول الخليجية، من حيث كون انقطاع العلاقة يوفّر أرضية خصبة لإثارة النزاعات المذهبية الشيعية والسنية من جهة، ومن جهة أخرى يوفّر أرضية الحرب بالنيابة عن الاستكبار العالمي، وعلى رئيس الجمهورية كثاني شخصية في الجمهورية الإسلامية أن يعمل جاهداً لأجل عدم توفير أرضية كلا الأمرين. مضافاً إلى المصالح الاقتصادية والسياسية التي يمكن أن تترتّب على توطيد العلاقات مع الدول الإقليمية".
وختاما حول قضية الايران فوبيا التي اثيرت من قبل الاعداء، بين أن "الإسلام فوبيا حالياً تمثّلت في داعش فوبيا كممثل للإسلام السني، وإيران فوبيا كممثل للإسلام الشيعي، وهناك مبررات واضحة للترويج لداعش فوبيا، ولا يمكن للمسلمين عمل الكثير مع الإجراءات التي تقوم داعش على المستوى الإقليمي والعالمي، أمّا بالنسبة إلى إيران فوبيا فهو تخويف بأغراض سياسية غير واقعية لكن من المؤسف أنّ هناك بعض الإجراءات والتصريحات التي تصدر من مسؤولين إيرانيين ساعدت في تضخيم هذه الظاهرة، وعلى الرئيس أن يختار لنفسه مستشارين يحملون تطلّعات واقعية ولا يعيشون الخيال السياسي، لتطمين العالم من إيران ومن مطامع يُروّج لها، وقد لا تكون حقيقية".(۹۸۶۱/ع۹۲۲/ك۵۳۴)