قال العالم اللبناني ورئيس جمعية منتدى الوحدة للتعاون الاجتماعي الخيري، سماحة الشيخ عادل التركي في حوار خاص مع وكالة رسا للأنباء وحول الضوابط والقياسات التي يجب أن يتمتع بها رئيس الجمهورية في الدولة الاسلامية وكيفية تعامله مع كافة الاصعدة والملفات، قال: "هناك ضوابط وقياسات وشروط يجب أن تتوفر لدى رئيس الدولة في الحكومة الاسلامية وهناك ايضا معايير وميزان منها معايير الشرعية أي يجب عليه أن يكون قائما بالقسط وقائما بالفرائض ويجب أن لا يتجاوز الاحكام الشرعية ويكون كفوء لهذا الموقع، من المسائل والشروط الشرعية هي أنه يجب عليه أن يكون بالغا عاقلا ذكرا حرا حيث يستطيع أن يمارس هذا المهنة الصعبة، والله سبحانه وتعالى يقول "إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" ويقول أيضا في محكم كتابه "وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ" وفي موضع اخر يقول هم " فَأُولَئِكَ هُمُ الظالمون" وفي موضع اخر يقول " فَأُولَئِكَ هُمُ الفاسقون", كل هذا يجب أن يتوفر لدى رئيس الدولة كي يستطيع أن يتعاطى مع الناس ضمن الضوابط الشرعية".
وحول الدور التقريبي الذي يستطيع أن يلعبه رئيس الدولة الايرانية، بين أنه "يجب على رئيس الدولة أن يبحث عن المشتركات ويعمل على التقريب في هذا المجال، ويجب أن يبتعد عن نقاط الاختلاف، وهذا لا يعني أن يصبح الشيعي سنيا أو يصبح السني شيعيا ولا يصبح النصراني مسلما أو عكس ذلك بل التقريب هو بين المشتركات والعمل على العيش الكريم لجميع المذاهب والاديان جنبا الى جنب، وهناك قول لأمير البيان علي ابن ابي طالب عليه السلام يقول فيه "الناس صنفان إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق" والله سبحانه وتعالى يقول "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ" طبعا يجب على الرئيس الذي يحكم بواسطة الاسلام أن يقوم بإحترام حقوق الاخرين ويجب أن يمتع بالسلوك الاجتماعي في التعاطي مع المذاهب والاديان والملل، يمكن لهذا الرئيس أن يقوم بعدة مؤتمرات ولقائات وحوارات وندوات كي يستطيع من خلالها جلب نظر بعض الرموز المذهبية والدينية والطائفية لتقارب الناس في ما بينهم بما يرجع المصلحة العامة الى الأمة".
وحول دور الرئيس في اقامة العلاقات مع الدول الاخرى قال أن "العلاقات مع دول الجوار وعلى وجه الخصوص الدول الخليجية التي ترى نفسها مقابل وند للجمهورية الاسلامية وتعتبر ايران العدو الذي يقف عائقا أمامها يكون صعبا بعض الشيء، لذلك يجب على رئيس الدولة أن يقدم لهم الادلة والبراهين على سياسته الخارجية في ما تصب في مصلحة الشعوب وتحقيق المصالح المشتركة ويجب دعوتهم الى الحوار المباشر مع ايران والتعاطي معهم ايضا حسب ما تتطلب الاوضاع والامور، وننوه الى أنه تحتاج بعض العلاقات أن تكون ودية واخوية كي تصل الى مستوى عالي من التفاهم، وبعض الموارد يشوبها البرودة في العلاقات أو بعض الاحيان تصل العلاقات بين ايران ودول الخليج الى النزاع ورمي التهم، لذلك يرجع الامر الى السياسة الحكيمة التي يجب أن يتمتع بها رئيس الجمهورية".
وفي إشارة الى الدول الاستكبارية والتعامل معهم أوضح الشيخ عادل التركي أن "هناك ضوابط شرعية تحكم العلاقة بين الدول الاستكبارية مع الدول الاسلامية، لذلك رئيس الدولة عندما يتعامل مع دول الاستكبارية العالمية وأتباعهم، يجب أن يمتلك الارادة والجرأة والشجاعة التي تمكنه من الحضور والوقوف أمام تحديات هذا الاستكبار، ويجب أيضا أن تكون لديه معنويات عالية، ويجب أن يكون حازما وجازما مع الجميع في إتخاذ القرارات مع تلك الدول، ايضا يجب له أن يعمل على التصدي على أنواع المؤامرات التي من شأنها أن تؤدي الى الفتنة بين المسلمين في الداخل أم في الخارج، أو يتعامل مع الاستكبار العالمي بمنطق القوة وبمنطق الند للند، وبهذا الامر يجب عليه أن يمتلك سياسة حكيمة، طبعا كما شاهدنا السياسة الحكيمة التي تابعها الامام الخامنئي في مفاوضات بلاده النووية مع دول الخمسة زائد واحد، وأظهرت ايران نفسها كالجبل القوي بوجه هذه العاصفة وأثبتت منطقها القوي على منطق الاستكبار العالمي".
وأضاف أن "هناك مبادئ في الاسلام للتعامل مع قضية المستضعفين، هذه القضية من الخطوط الحمر التي أرسى ضوابطها ومبادئها مفجر الدولة الاسلامية في ايران الامام الخميني رحمه الله، والذي جعل ضوابط هذه الثورة على هذه المبدء لأكثر من ثلاثين عاما، واليوم بهذه الضوابط الرئيس مجبر على جعل قضية المستضعفين ضمن الأولويات من عمله، يجب على رئيس الدولة أن يرفض سياسة الحوار المقرونة بالتهديد وطبعا هناك توجد سياسة الجزرة والعصا، يجب على هذا الرئيس أن يرفض هذه السياسة ويجب أن يرفض اي تهديد، اليوم ايران اصبحت دولة عظمى على كافة الاصعدة وإستطاعت أن تصل بنفسها الى الإكتفاء الذاتي في جميع الصعد، وإستطاعت ايضا أن تكون إنموذجا في القضايا الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، الله عزوجل يقول "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ" قضية المستضعفين هي اساس الاسلام عندما قال أمير البيان علي إبن أبي طالب عليه السلام لولديه الحسن والحسين عليهما السلام، قال لهم "كونوا للمظلوم عوناً وللظالم خصماً" يجب أن نكون لجميع المظلومين في العالم أعوانا وللظالمين خصوما".
وأوضح أنه "للأسف الإعلام الغربي والاعلام العربي المأجور يصور ايران على إنها عدوة للعرب ويصورها على إنها بعبع للعرب، وهناك حملة تخويف وتضليل وتخوين يراد منها إبعاد الناس عن الواقع الحقيقي والنية الصادقة لإيران والتي تسعى ومنذ إنتصار ثورتها الى تعميق العلاقات مع الدول العربية والاسلامية وخاصة دول الخليج وكل هذا من أجل مصلحة الامة الاسلامية، ونحن نقول لو أن العرب وخاصة دول الخليج جعلوا يدهم بيد ايران على كل الصعد لأصبح هذا الاتحاد عظيما حيث لن يستطع لا الأمريكان واللصهاينة ولا الدول الاستعمارية والاستكبارية أن تخترق هذا الحلف الكبير، كون أن هذا الحلف يعتمد على الاسلام والقران ويعتمد على الحقيقة والانسانية، ولو حدث هذا الحلف لكانوا اخذوا أرجاء العالم".
وختاما بين أن "في الاعتصام قوة وبألإبتعاد والتفريق ضعف، الله سباحنه وتعالى يقول "وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" وايضا يقول "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا" وأسئل الله تعالى أن يلم شمل المسلمين في مشارق الارض ومغاربها وأسئله ايضا أن يوفق رئيس الجمهورية وينصره في وجه الاعداء والاستكبار العالمي".(9861/ع913)