أكد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة أمل، الشيخ حسن المصري في حوار خاص مع وكالة رسا للأنباء على أن "هناك اختلاف بين البعض على أن ما قام به الامام الحسين عليه السلام هل هي ثورة أم هي نهضة، والارجح هي نهضة لأنها مستمرة مدى الدهر وهذا ما يميز ثورته أو نهضته عن بقية النهضات في العالم، لأن هذه النهضة تصب في مصلحة الانسان وخدمة الانسان، المعروف أن الانسان يقاتل برسالة من أجل الانسان".
وتسائل "هل الإمام الحسين عليه السلام ضحى بإخوانه وعياله واولاده واصحابه من أجل الرسالة الاسلامية أم من أجل امور دنيوية؟، اصبح واضحا أن ثورة الامام الحسين ونهضته وتضحياته بكل ما يملك إنما كانت من أجل الانسان الذي كرمه الله تعالى وفضله وشرفه على بقية المخلوقات "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا"، لهذه الامور امتازت تلك الثورة او النهضة عن غيرها من الثورات الانية والنهضات التي لم ترق الى مستوى من جزء بسيط مما قام به الامام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام، الامام مصلح اجتماعي، "إنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي محمد صلى الله عليه واله وسلم"، وبقاء نهضته المباركة أمتازت كونها إنطلقت من الانسان المضحي في سبيل الله ".
وحول تعاطي النخب الاجتماعية مع موضوع الامام الحسين عليه السلام بين أن "كل يتعاطي مع الموضوع من منطلقاته الفكرية، الانسان الواعي والمثقف والعالم ينطلق من مجريات الامور من هذه المنطلقات التي يؤمن بها والتي يحتوي عليها، النخب الاسلامية والانسانية كلها صاحبة رأي في الموضوع، لأن الامام الحسين لم يكن حكرا على المسلمين فقط ولم يكن للمؤمنين بالله فقط بل الامام سلام الله عليه لكل الناس خيرهم كان ام فاجرهم، الامام ملك لكل انسان مظلوم ومستضعف موجود على وجه هذه الارض، غاندي الزعيم الهندي الكبير قال تعلمت من الحسين كيف اكون مظلوما فأنتصر، وهو لم يؤمن بالله تعالى ابدا،فهذا الامر خير دليل على أن الامام ليس حكرا على احد، اذا مدرسة الامام الحسين عليه السلام هي مدرسة ضاربة في عمق التاريخ يدخل الى صفوفها المؤمن بالله والغير مؤمن به".
وأضاف أن "في واقع الامر ان قضية الامام الحسين عليه السلام تمس حياة وممات الناس وهي قضية الناس مباشرة، وتمس ايضا المجتمعات الانسانية جميعا في شرق الارض وغربها، المنطلقات التي ينطلق منها المثقفون إنما تتوجه من المبدء الاساسي التي يؤمن به الامام الحسين، وهذا الامر يحتم علينا أن نخرج نهضته المباركة من الزواريب الضيقة التي يحاول الكثيرون من الناس جرها اليها، فهناك بعض القراء الذين يحاولون ببعض الافكار أن يقزمون نهضته المباركة ويجعلونها في زاوية ضيقة من أجل مصالح دنيوية وشخصية، ولعل أفضل ما قيل عن هذا الموضوع قيل على لسان المرجع السيد السيستاني حفظه الله عندما قال "فلنخرج ثورة الإمام الحسين عليه السلام من المنامات و من لسان الحال" وكأني به يقول كل هذه الامور التي يحاول البعض بها تشويه معالم ثورته المباركة يجب أن نخرجها من براثن هذه الغليان التي لا تؤمن الا بمصالحها الشخصية".
وأوضح أن "ثورة الامام الحسين هي ثورة لا يمكن أن تنطفئ جدوتها، لأنها ثورة الإنسان نحو الافضل والاكمل... للإمام الحسين عليه السلام ثلاثة اعداء الاول الذين قتلوا الامام الحسين عليه السلام جسدا وهم يزيد وجيشه وال امية ومن سار في ركابهم، العدو الثاني هم رجال الدين الذين حاولوا أن يبرروا ليزيد فعلته وأن يشرعنوا ما قام به يزيد على أن الحسين عليه السلام خرج عن حده فقتل بسيف جده او هو خارجي خرج على إمام زمانه وكأن يزيد هو إمام عادل يحكم بالقسط !، ومن قال هذه الابيات الا يزيد "دع المساجد للعباد تسكنها ***وقف على دكة الخمّار واسقينا ما قال ربك ويل للذي شربوا***بل قال ربك ويل للمصلينا" أو قال "لعبت هاشم بالملك فلا*** خبر جاء ولا وحي نزل"، الصنف الثاني هم الذين يؤيدون حركة يزيد رغم كفره فهم اخطر بكثير من الذين قتلوا الامام الحسين عليه السلام، فأما في زمننا هذا يوجد عدو اخطر من الاثنين والذي يحاول أن يشوه فكر الامام الحسين ونهضته ويأخذها الى زواريب ضيقة والى أماكن لا تمت الى الحقيقة بصلة".
وبالنسبة لإنتقاد النخب لبعض الشعائر الحسينية وهل يعتبر ذوقي او شرعي قال أنه "كما أشرنا الى الصنف الثالث في حديثنا فالذين يشوهون صورة الامام الحسين وشعائره من هذا الصنف، هؤلاء الذين مثلا يكتبون على صدورهم كلب الامام الحسين ويقيدون رقابهم بسلسلة ويسيرون بالشوارع، الامام الحسين عليه السلام لا يحتاج كلاب ولا يحتاج ولا يريد حيوانات، الامام يحتاج الى قادة وثوار ومجاهدين ومقاومين في سبيل الله وجهاد اعدائه، أن المعركة في يوم العاشر من محرم في كربلاء لم تستغرق الى بضع ساعات قليلة فقط، ماذا بإلامكان أن يحدث خلال هذه الفترة الزمنية؟ لو استمعنا الى بعض قراء السيرة الحسينية لوجدناهم يسردون الامر وكأنها مستمرة ايام وشهور ولقد قضى الامام سلام عليه ومن معه هناك لمدة طويلة، السيرة الحسينية ليست بكيفية مقتله المباركة مع انه مهم جدا لكن السيرة الحسينية هي سيرة عقيدة، يوجد هناك خطان متوازيان لا يلتقيان خط الانحراف الذي يقوده يزيد والنظام الاموي والذي يرتبط بالنهاية بابليس وهناك خط متواز آخر لا يرتبط مع الاول وهو خط الامام الحسين عليه السلام والذي يتصل بخط الامام علي عليه السلام ورسول الله صل الله عليه وآله، ومرتبط بخط الانبياء عيسى وموسى وابراهيم ونوح وبالنهاية مرتبط بالله سبحانه وتعالى".
وتابع أن "خط الخير الممتد من الحسين عليه السلام الى الله سيبقى يحارب خط يزيد الممتد من الشيطان الى يوم القيامة، والغلبة إنشاءالله لخط الاستقامة، لو إستطاع يزيد أن يحرف خط الاستقامة عن مساره ولو بقيد شعرة لفعل، لكن الامام الحسين دعم بدمه وبدماء أبنائه واصحابه نهج الاستقامة ومنعه من الانحراف عن مساره الاساسي الذي ينطبق مع الحق الهي".
وحول إمكانية الارتقاء بوعي الجمهور الحسيني تجاه الثقافة الكربلائية والعاشورائية بين أن "على قراء السيرة والخطباء الذين يتناولون عاشوراء وقضية كربلاء عليهم أن يعودوا الى القراء العظام امثال الشيخ الوائلي وامثال السيد جواد الشبر وأمثال القادة الكبار للمنبر الحسيني الذين عاصرونا في القرن 20 و21، هل سمعت من هؤلاء الخطباء العظام أنهم قالوا كلاما أو تناولوا قضية الامام الحسين واهل بيته بطريقة مذلة أو مهينة، إذا أردت أن تسيطر على مشاعر وعواطف الناس سيطر عليهم بقضايا حسينية عظيمة، ولا تسيطر عليهم بإمور تذل أهل البيت وتذل هذا النهج الحسيني، هذه زينب سلام الله عليها أمامكم، وقفت بوجه أكبر طاغية في زمانه وأطلقت عليه كلمات ثورية رنانه، وهي تقول له أمن العدل يا إبن الطلقاء، تذكره أنه إبن طليق ولا يحق للطلقاء أن يتولوا الحكم والخلافة في الاسلام، وتنبهه بأنه لا يحق له أن يجلس على هذا الكرسي الذي يحكم بإسم الاسلام".
وأوضاف " أنها تذكره بأنك معتدي على هذا الكرسي الذي تجلس عليه وعلى هذا المنصب الذي تعتليه، هذا الكرسي والمنصب مخصص للشرفاء من هذه الامة وليس للطلقاء،" أمن العدل يا ابن الطلقاء، تخديرك حرائرك واماءك، وسوقك بنات رسول الله سبايا، قد هتكت ستورهن"، هؤلاء الكبار الذين لم يرهبهم سيف أو يخيفهم صوت أو يرجفهم عصا يضربون به من هنا أو حبل يجرون به من الكوفة الى الشام، فهؤلاء عظماء وكبار، حرام علينا أن نسوقهم الى انحرافات تاريخية في النصوص العاشورائية، علينا كحسينيين أن نذهب بالحسين دائما الى أرقى مستوى من الانسانية التي نفت من أساس نهضتها وثورتها الطائفية السياسية والغتها".
وختاما أكد الشيخ حسن المصري على فخر وإعتزاز العالم بجميع دياناته وطوائفه بالحسين عليه السلام وقال "يجب على كل سني في العالم أن يقف ويقول هلم بنا أن نقيم عزاء للإمام الحسين عليه السلام لأن مثلنا الاعلى زهير إبن القين كان سني الهوا و هو إنظم الى ركب الحسين واستشهد معه، يحق لكل مسيحي أن يقف أمام العالم وأن يقول هلم بنا أن نقوم عزاء للحسين معا لأن وهب وجون المسيحيين استشهدا بين يدي أبا عبدالله الحسين عليه السلام، يجب على كل الناس أن يقيموا العزاء للحسين بدراية وبفهم كي يستطيعوا أن يركبوا معه سفينة النجاة التي هيئها لنا إنشاءالله".