بالرغم من الهزائم المتعددة التي تكبدتها الجماعات الإرهابية في العراق وسوريا إلا أنها لا تزال تشكل خطراً لا يستهان على المنطقة والعالم عموماً.
فظاهرة الإرهاب والجماعات الإرهابية في العالم لم يعد ينظر إليها على أنها تهديد أمني فقط للدول والمجتمعات، بل أضحت مولِّدة لأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، الأمر الذي يفرض أعباء إضافية على المجتمع الدولي للتعامل معها.
بداية لابد من التأكيد على أن ما ترتكبه التنظيمات التكفيرية الإرهابية من جرائم وإنتهاكات واسعة لا تمت إلى الإسلام بصلة بل بالعكس إن هذه المؤامرات تهدف إلى تشويه صورة الإسلام الذي يحمل كل معاني الرأفة والمحبة والدعوة للتعايش بسلام مع مختلف الفرق والأديان.
كما إن ممارسات الجماعات الإرهابية والتيارات التكفيرية تعارض أبسط المبادئ الأخلاقية والمبادئ الإنسانية فهي لا تحترم الموتى فكيف بالأحياء وتقوم بهدم قبور المسلمین ومشاهد الاولیاء الصالحین وتدمير معالم التراث التاريخي والثقافي والإنساني للشعوب العريقة بالإضافة إلى نهب الموارد الإقتصادية للدول والإستيلاد على آبار النفط ومصادر الطاقة.
إذن.. فخطورة الجماعات الإرهابية على المجتمعات الإسلامية والعالم ككل بسبب استهدافها للوجود الإنساني باسم الإسلام المزيف وبالتالي فإن شعوب العالم اليوم تجد نفسها في حرب عالمية حقيقية مع الإرهاب كونه يستهدف الإنسان في كل مكان ولا يميز في ضحاياه بين الطوائف والأديان والقوميات والأعراق والإنتماءات المختلفة.
ومن هنا فإن من الضروري على المجتمع الدولي الارتقاء بمستوى مسؤولياته في مواجهة الإرهاب لأن طبول الخطر طرقت وستطرق جميع البلدان، كما إن خطر الإرهاب يستدعي مواجهة الانحرافات المعرفية لأن محتوى الإنسان يتهدد اليوم معرفيا من قبل أناس يحاربونه باسم الإسلام المزيف معتمدين على تغذية ثقافة الاختلاف واستباحة دم ومال وعرض الآخر.
وعلى صعيد المنطقة فإن ظاهرة الإرهاب تهدف لإسقاط كل مواقع القوة والتقدم والانتصارات والثورات والمقاومات كما تهدف لتحضير الأجواء المناسبة للأعداء كي يحققوا أهدافهم في تقسيم المنطقة وتآمرهم على قضاياها، فالإرهاب الدموي الذي شهده العالمين العربي والإسلامي يهدف إلى إسقاط كل جيوش الدول العربية والإسلامية.
وبالتالي فإن هذه الظاهرة تلتقي في نشأتها وأهدافها ونتائجها مع أعداء الأمة وتخدم وتتحالف معهم لتحقيق أغراضهم السياسية من تمزيق الأمة وإدخالها في صراعات لا تنتهي وأول هؤلاء الأعداء هو الكيان الصهيوني.
فمن المؤكد إن العدو الصهیوني هو من اسس المجموعات التکفیریة لضرب الاسلام وحرف افکار المسلمین من تحریر فلسطین والقدس الشریف وهذا ما حدث بالفعل حيث إن ظاهرة التكفير والإرهاب تحولت إلى الشغل الشاغل بالنسبة للأمة الإسلامية فيما تم ركن العدو الحقيقي وهو الكيان الصهيوني جانباً وركنت معه القضية الفلسطينية ومسألة القدس.
إن الخطر الفكري للجماعات الارهابية سيبقى يهدد العالم الاسلامي، ومن هنا فإن من الضروري أن يقوم علماء الدين ومفكري العالم الاسلامي بتكثيف جهودهم والتنسيق فيما بينهم لتوحيد هذه الجهود تجاه مكافحة الجذور الفكرية للارهاب خاصة وان التخلص منهم عسكريا لا يكفي.
كما إن من الضروري تعزيز التضامن الاسلامي والوحدة الاسلامية والتأكيد على التواصل وتبادل الخبرات والمعلومات بين المؤسسات الإسلامية لايجاد حلول وبرامج توعوية وتثقيفية لمكافحة خطر المشروع التكفيري الإرهابي وإبعاد الشباب المسلم عن مكائده ووساوسه.