خطة الضمّ
قد لا يوافق الكثيرون، وخصوصاً أصحاب النَّظرة الانعزالية الأنانية، على موضوع الترابط بين مكوّنات المنطقة ودولها، ولكن في الحقيقة هذه القضيّة بديهية، ولها العديد من الشَّواهد.
خلال 10 سنوات فقط، أي منذ العام 2010 وحتى العام الحالي، حدثت مجموعة من التغيرات والأزمات الجيوسياسية الكبرى في العديد من الدول العربية، وما زالت المخرجات النهائية لتلك الأزمات غير واضحة المعالم حتى الآن، ولكنْ ثمة ميزتان لافتتان للنظر في تلك الأزمات، ربما من الضّروري الإشارة إليهما:
التسارع والتتابع الكبير في حدوث تلك الأزمات، بحيث تبدو وكأنَّ كلَّ أزمة تمهّد للأخرى، فخلال فترةٍ زمنيةٍ وجيزة، حصلت مجموعة من التغيُّرات الجذريَّة في شكل العديد من الدُّول والحكومات العربية وغير العربية ومضمونها.
- الميزة الأخرى هي التَّرابط العضوي بين تلك الأزمات، فعلى سبيل المثال، لقد أثَّر، ولا يزال، انتشار تنظيم داعش في سوريا في العراق، والعكس صحيح، كما أنَّ انفصال جنوب السودان والأزمة الحالية في ليبيا أثَّرت، ولا تزال، في الأمن القومي المصري، على سبيل المثال لا الحصر.
في الإطار السَّابق، وبشكلٍ مدروس، بدأت "إسرائيل"، ومعها بالطَّبع الولايات المتحدة الأميركية، بالتمهيد التَّدريجي لموضوع "صفقة القرن" وخطط الضَّم الحالية، فالقصة بدأت باعتراف واشنطن بالقدس الشريف عاصمةً موحدةً لـ"إسرائيل"، ومن ثم الاعتراف بالسّيادة الإسرائيلية على الجولان السّوري المحتل، والآن تتّجه "إسرائيل" نحو الخطوة الخطيرة الأخرى، المتمثلة بمسألة الضَّم التدريجي لكلٍّ من الأغوار والضّفة الغربية.
بالعودة إلى موضوع التَّرابط بين دول المنطقة وأزماتها، يمكن القول إنَّ من يخطّط لهذه المنطقة لا يخطّط لها بشكل منفرد، بمعنى أنّه لا يراعي حدود الدول العربية أو غير العربية أو ماهيتها. صحيح أنَّ لكل دولة خصوصيّتها والأسلوب الأمثل للتعامل معها، ولكن في النهاية يجب أن تكون كلّها في خدمة الهدف الكبير والاستراتيجية الكبرى، وإلّا تكون تلك الخطط، حتى لو تحقّقت بشكل جزئي، ليست ذات قيمة للقائمين عليها.
للتوضيح أكثر، تمثّل خطة الضمّ و"صفقة القرن" الهدف النّهائي لمجمل الاستراتيجية الأميركية والإسرائيلية الجديدة في المنطقة، وكلّ الأزمات التي حدثت، وربما ستحدث، ستكون في خدمة هذا الهدف.
والهدف النّهائي من تلك الخطة هو فرض حل إجباري ومتسرع للقضية الفلسطينية، بحيث يتمّ تفكيك المحور المقابل الذي يعمل من أجل تلك القضية، أي محور المقاومة، ففي العلوم الاستراتيجيّة، إن لم يكن لك هدف واضح المعالم، فلا داعي إذاً لبناء الخطط والاستراتيجيات.
قد لا يوافق الكثيرون، وخصوصاً أصحاب النَّظرة الانعزالية الأنانية، على موضوع الترابط بين مكوّنات المنطقة ودولها، ولكن في الحقيقة هذه القضيّة بديهية، ولها العديد من الشَّواهد، سواء في الوقت الحالي أو عبر التَّاريخ:
- خلال الحرب العالمية الثانية، دخلت كلّ من بريطانيا وفرنسا الحرب لأسبابٍ تتعلق بالتهديدات الألمانية لبولندا، وليس للأراضي الفرنسية أو البريطانية بشكلٍ خاص. والدَّافع لذلك هو إدراك كل من لندن وباريس أنَّ الهدف التالي لهتلر سيكون كلاً منهما، وهو ما تحقَّق عندما سقطت باريس في أيدي القوات النازية لاحقاً.
- لقد وفَّر توقيع معاهدة "السَّلام" بين مصر و"إسرائيل" الفرصة للأخيرة لتقوم باجتياح لبنان في العام 1982، وهذا يدلّ على التَّرابط الموجود في النَّظرة الإسرائيلية بين الوضع في مصر وبلاد الشَّام في تلك الفترة.
- أيضاً، لقد أثَّر احتلال العراق من قبل القوات الأميركية، والأحداث الطَّائفية التي حدثت بعدها، في مجمل الاستقرار المجتمعي في سوريا المجاورة، عبر تنشيط الحركات الإرهابية العابرة للحدود. كما أنَّ الأزمة السورية أثرت وتؤثر في مجمل الاستقرار الإقليميّ والاجتماعيّ لدول الجوار، وحتى في أوروبا نفسها.
إذاً، وبالعودة إلى خطط الضم و"صفقة القرن"، سيكون بالإمكان القول: بما أنَّ الأحداث في المنطقة مترابطة بشكل حيوي، والوقائع تجري فيها وفق متوالية متدرجة. لذا، ففي حال أراد الفلسطينيون أو العرب أو غيرهم من الشعوب مواجهة مثل تلك المشاريع والنّهوض بواقعهم، فلا بدَّ من العمل أيضاً بشكلٍ علمي ومترابط، وواضح الرؤية والهدف، ومنسَّق وعابر للحدود والطوائف والقوميات. ومثل هذا النموذج لا يمثّله في الوقت الحالي سوى نموذج محور المقاومة وآليات عمله، فهو المحور الوحيد حالياً الذي ينظر إلى المنطقة وشعوبها وفق نظرة علمية كلية شاملة مترابطة، ويسعى لخير مستقبل هذه الشعوب وتطوّرها في كلّ المجالات.
وفي الختام، يقول المثل: "إذا كان جارك بخير فأنت بخير"، والعكس صحيح، وفلسطين هي الجارة المركزية للجميع. وبما أنها الدَّولة الوحيدة التي لم تنل استقلالها وتحررها الكامل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، أسوة ببقية دول العالم، فمن الطّبيعيّ أن يكون كل جيرانها ليسوا بخيرٍ أيضاً.
التسارع والتتابع الكبير في حدوث تلك الأزمات، بحيث تبدو وكأنَّ كلَّ أزمة تمهّد للأخرى، فخلال فترةٍ زمنيةٍ وجيزة، حصلت مجموعة من التغيُّرات الجذريَّة في شكل العديد من الدُّول والحكومات العربية وغير العربية ومضمونها.
- الميزة الأخرى هي التَّرابط العضوي بين تلك الأزمات، فعلى سبيل المثال، لقد أثَّر، ولا يزال، انتشار تنظيم داعش في سوريا في العراق، والعكس صحيح، كما أنَّ انفصال جنوب السودان والأزمة الحالية في ليبيا أثَّرت، ولا تزال، في الأمن القومي المصري، على سبيل المثال لا الحصر.
في الإطار السَّابق، وبشكلٍ مدروس، بدأت "إسرائيل"، ومعها بالطَّبع الولايات المتحدة الأميركية، بالتمهيد التَّدريجي لموضوع "صفقة القرن" وخطط الضَّم الحالية، فالقصة بدأت باعتراف واشنطن بالقدس الشريف عاصمةً موحدةً لـ"إسرائيل"، ومن ثم الاعتراف بالسّيادة الإسرائيلية على الجولان السّوري المحتل، والآن تتّجه "إسرائيل" نحو الخطوة الخطيرة الأخرى، المتمثلة بمسألة الضَّم التدريجي لكلٍّ من الأغوار والضّفة الغربية.
بالعودة إلى موضوع التَّرابط بين دول المنطقة وأزماتها، يمكن القول إنَّ من يخطّط لهذه المنطقة لا يخطّط لها بشكل منفرد، بمعنى أنّه لا يراعي حدود الدول العربية أو غير العربية أو ماهيتها. صحيح أنَّ لكل دولة خصوصيّتها والأسلوب الأمثل للتعامل معها، ولكن في النهاية يجب أن تكون كلّها في خدمة الهدف الكبير والاستراتيجية الكبرى، وإلّا تكون تلك الخطط، حتى لو تحقّقت بشكل جزئي، ليست ذات قيمة للقائمين عليها.
للتوضيح أكثر، تمثّل خطة الضمّ و"صفقة القرن" الهدف النّهائي لمجمل الاستراتيجية الأميركية والإسرائيلية الجديدة في المنطقة، وكلّ الأزمات التي حدثت، وربما ستحدث، ستكون في خدمة هذا الهدف.
والهدف النّهائي من تلك الخطة هو فرض حل إجباري ومتسرع للقضية الفلسطينية، بحيث يتمّ تفكيك المحور المقابل الذي يعمل من أجل تلك القضية، أي محور المقاومة، ففي العلوم الاستراتيجيّة، إن لم يكن لك هدف واضح المعالم، فلا داعي إذاً لبناء الخطط والاستراتيجيات.
قد لا يوافق الكثيرون، وخصوصاً أصحاب النَّظرة الانعزالية الأنانية، على موضوع الترابط بين مكوّنات المنطقة ودولها، ولكن في الحقيقة هذه القضيّة بديهية، ولها العديد من الشَّواهد، سواء في الوقت الحالي أو عبر التَّاريخ:
- خلال الحرب العالمية الثانية، دخلت كلّ من بريطانيا وفرنسا الحرب لأسبابٍ تتعلق بالتهديدات الألمانية لبولندا، وليس للأراضي الفرنسية أو البريطانية بشكلٍ خاص. والدَّافع لذلك هو إدراك كل من لندن وباريس أنَّ الهدف التالي لهتلر سيكون كلاً منهما، وهو ما تحقَّق عندما سقطت باريس في أيدي القوات النازية لاحقاً.
- لقد وفَّر توقيع معاهدة "السَّلام" بين مصر و"إسرائيل" الفرصة للأخيرة لتقوم باجتياح لبنان في العام 1982، وهذا يدلّ على التَّرابط الموجود في النَّظرة الإسرائيلية بين الوضع في مصر وبلاد الشَّام في تلك الفترة.
- أيضاً، لقد أثَّر احتلال العراق من قبل القوات الأميركية، والأحداث الطَّائفية التي حدثت بعدها، في مجمل الاستقرار المجتمعي في سوريا المجاورة، عبر تنشيط الحركات الإرهابية العابرة للحدود. كما أنَّ الأزمة السورية أثرت وتؤثر في مجمل الاستقرار الإقليميّ والاجتماعيّ لدول الجوار، وحتى في أوروبا نفسها.
إذاً، وبالعودة إلى خطط الضم و"صفقة القرن"، سيكون بالإمكان القول: بما أنَّ الأحداث في المنطقة مترابطة بشكل حيوي، والوقائع تجري فيها وفق متوالية متدرجة. لذا، ففي حال أراد الفلسطينيون أو العرب أو غيرهم من الشعوب مواجهة مثل تلك المشاريع والنّهوض بواقعهم، فلا بدَّ من العمل أيضاً بشكلٍ علمي ومترابط، وواضح الرؤية والهدف، ومنسَّق وعابر للحدود والطوائف والقوميات. ومثل هذا النموذج لا يمثّله في الوقت الحالي سوى نموذج محور المقاومة وآليات عمله، فهو المحور الوحيد حالياً الذي ينظر إلى المنطقة وشعوبها وفق نظرة علمية كلية شاملة مترابطة، ويسعى لخير مستقبل هذه الشعوب وتطوّرها في كلّ المجالات.
وفي الختام، يقول المثل: "إذا كان جارك بخير فأنت بخير"، والعكس صحيح، وفلسطين هي الجارة المركزية للجميع. وبما أنها الدَّولة الوحيدة التي لم تنل استقلالها وتحررها الكامل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، أسوة ببقية دول العالم، فمن الطّبيعيّ أن يكون كل جيرانها ليسوا بخيرٍ أيضاً.
المصدر: الميادين
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.