رسا/الرأی- لو قیل للشیطان، أیها الشیطان ما رأیک فی مخطط شیطنة سوریا؟ لأجاب: عفوا ..قلتم شیطان؟!، فهاهی مجزرة الحولة المروعة بحمص تعبّر عن یأس القتلة المجرمین..فیعمدون إلى تقدیم مادة إعلامیة من لحم الأطفال ودمهم، لینفخ فیها الخبث الاعلامی استدراجا لصحوة ضمیر تمطر دمشق بالقنابل.

مجزرة "الحولة" اختزال للفظاعة التی یمکن أن یتردى إلیها بشر، وهی تکثیف لوحشیة الاجرام وموت الضمیر عند متوحشی العصابات الإجرامیة..واستنقاع للقیّم فی الدم الحرام، هی قتل للبراءة لاستجلاب عسکر الناتو لضرب سوریا وإخراجها من موقع المقاومة بل ومحوها من خارطة الحضارة وتاریخها.
یتکرر نفس السیناریو، فی نفس التوقیت تقریبا، عندما یتحضر مجلس الأمن لواحدة من جلساته للتباحث فی الشأن السوری، یقع حادث دموی رهیب، فیتعبأ له الإعلام الحربی الداعم والموازی لجرائم العصابات الإرهابیة.. ویتم التفنن فی العرض بما یتناسب مع وصفة "جریمة ضد الإنسانیة"، لکسب التأیید لـ(الثورة)، ولإحراج ما یسمى بالصمت الدولی أخلاقیا..ولمزید من شیطنة النظام فی سوریا، وتحویل الضخ الإعلامی المبرمج والممنهج الواسع النظاق إلى مصدر إحراج أخلاقی لکل الشرفاء الرافضین للمؤامرة على سوریا والداعمین لموقعها ودورها وخیارها المقاوم.
فی البدایة أصروا على أنها مجرد ثورة ککل ثورات ما یسمى بالربیع العربی..ثورة سلمیة، لا صوت یعلو فیها على الصدع بمطلب الحریة، وعندما کان النظام السوری یتحدث عن مسلحین وعن خلایا إرهاب موصولة بالخارج، وعن جرائم قتل واختطاف، لم یریدوا ان یصدقوا ذلک، فنسبوا کل القتل للجیش النظامی وللقوى الأمنیة.
وعندما بدا لهم أن الحراک الشعبی بدأ ینحسر بعدما اخترقه التکفیریون والسلفیون والقتلة..ابتدعوا ما یسمى بـ"الجیش السوری الحر" کغطاء لکل عصابات الإرهاب والإجرام، واقروا بوجود المسلحین بل ورأوا أن الضمیر والواجب الدینی والإنسانی یقضی بتسلیح هذا الجیش بسلاح کاسر لتفوق الجیش الوطنی السوری، وقادر على استنزافه.
وبعد أن أوجدوا البیئة الإرهابیة الحاضنة، وتدفق القتلة التکفیریون من کل حدب وصوب لإغراق سوریا فی الدم؛ خاصة بعد أن استطاعت السلطات السوریة التقدم خطوات بمشروع الإصلاح المتدرج؛ وبدات التفجیرات الانتحاریة تستهدف المواطنین الأبریاء وتحولهم إلى جثث متفحمة وإلى اشلاء متناثرة..لم یجدوا من وسیلة للهروب من تبعات التورط الأخلاقی فی الجریمة غیر اتهام النظام السوری بأنه هو من یدبر مثل هذه العملیات.
حین استفاقت دمشق صبیحة خمیسها الدامی؛ قبل ثلاثة أسابیع تقریبا؛ على مجزرة مروعة إثر تفجیرین انتحاریین فی مفرق القزاز واللذین أسفرا عن سقوط ما لا یقل عن55 شهیدا و372جریحا، أقرت أمریکا بتسلل القاعدة إلى سوریا، لکن التاریخ سجّل أن القرضاوی رئیس "الإتحاد العالمی لعلماء المسلمین" لم یفه بکلمة أمام المشاهد المروعة للضحایا وکأنهم جراد محترق، مع علمه الأکید بأن مسلحی ما یسمى بالمعارضة التی یدعمها فی إطار ما رُسم له من دور، تقف وراء تلک المجزرة ونظیراتها..
ومع النفی الشدید للسلطات السوریة لمسؤولیتها عن مجزرة "الحولة"، وإدانتها الشدیدة لها، واتهامها العصابات الإرهابیة باقترافها کما جاء على لسان الدکتور جهاد مقدسی المتحدث باسم الخارجیة السوریة- وهو النفی الذی تدعمه الوقائع فضلا عن المنطق والحسابات السیاسیة والاعتبارات الأخلاقیة- فإن القرضاوی وفی استثمار غیر أخلاقی لموقعه الدینی أطل البارحة من على شاشة الفتنة "الجزیرة" فی أحد البرامج، لیندد ب"مجزرة الحولة التی ارتکبها أتباع النظام الغاشم فی سوریا"، ویطالب الدول العربیة "بتکوین قوة لمساندة الجیش الحر فی ثورته على الظلم". وجدد الشیخ القرضاوی مطالبته "للأحرار والشرفاء بالجیش السوری النظامی، بأن یترکوا هذا الجیش، وینضموا إلى الجیش الحر".
سیذکر التاریخ -أیضا- أن موقف القرضاوی فی النیل من شرف وسمعة وکرامة الجیش الوطنی السوری، جاء متقاطعا ومتناغما مع بیان صادر عن مکتب المجرم بنیامین نتنیاهو رئیس الوزراء الاسرائیلی؛ الذی وبرغم سجله الإجرامی ألأسود بحق شعوب المنطقة، لم یجد غضاضة فی الإعراب عن شعوره بـ" الاشمئزاز إزاء المجزرة المستمرة التی ترتکبها قوات الرئیس السوری بشار الأسد ضد مدنیین غیر متورطین (فی النزاع)، مجزرة فی الحولة طالت عشرات الاطفال الابریاء.. متهما إیران وحلیفها حزب الله اللبنانی بالتورط فیها"!!
هکذا تتکامل الأدوار وتتعاضد أطراف المؤامرة بعضها مع بعض؛ مؤسسة دینیة بحجم "الاتحاد العالمی لعلماء المسلمین" تجیّر مواقفها باسم الدین لحساب المخطط الأمریکی الاسرائیلی لضرب سوریا المقاومة وتقسیمها إلى إمارات سلفیة وغیرها، خدمة ل(إسرائیل) وأمنها، وتسعیرا لمشروع الفتنة المذهبیة لإحراق المنطقة..وعلى المقلب الآخر تقف (إسرائیل) التی تحولت الى ولیٍّ حمیم وشریک فی العداوة لسوریا، لتستصرخ الضمیر الدولی؛ وبما لدیها من نفوذ؛ للإطاحة بنظام بشار الأسد.
ومع ذلک تجد من یصر دائما على أن ما یحدث فی سوریا هی ثورة من أجل الحریة، وأن من بدأ مشواره عالمًا سیبقى عالما حتى وإن همّ بإحراق وطن.
(وَاتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأَ الَّذِی آتَیْنَاهُ آیَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّیْطَانُ فَکَانَ مِنَ الْغَاوِینَ).
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.