24 June 2012 - 18:57
رمز الخبر: 4786
پ
رسا/آفاق- لم یکن انتصار المقاومة على (إسرائیل) لیمر من دون ردات فعل، خاصة وأن الشعبیة التی بلغتها شخصیة قائد المقاومة السید حسن نصر الله قد أزعجت الحلف الأمریکی الإسرائیلی الرجعی، وخشوا من آثارها السیاسیة والثقافیة وحتى الدینیة، فکان القرار بتشویه صورة المقاومة، وشراء مواقف التجاسر على رمز المقاومة من قبل سفلة السیاسیین والطبقة الرثة من رجال الدین الذین باعوا أنفسهم وشرفهم مقابل حنفة من الدولارات. بقلم عبدالرحیم التهامی.
عندما یتجاسر الأقزام وتتطاول النکرات على سید المقاومة!

فی تاریخ الأمم واجه الکثیر من الأنبیاء والمصلحون العنت والاجحاف من قومهم، اتهموا بالکذب وبالسحر وبتفریق الناس عن اجماعهم على الضلالات، ویسرد لنا القرآن الکثیر من صور ووجوه المعاناة التی عاشها أنبیاء الله ورسله مع أقوامهم، من قبیل قوله تعالى(..أفَکُلَّمَا جَاءَکُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَىٰ أَنفُسُکُمُ اسْتَکْبَرْتُمْ فَفَرِیقًا کَذَّبْتُمْ وَفَرِیقًا تَقْتُلُونَ)، أو قوله تعالى( وَلَقَدْ کُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِکَ فَصَبَرُوا عَلَىٰ مَا کُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِکَلِمَاتِ اللَّـهِ وَلَقَدْ جَاءَکَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِینَ)، وغیر ذلک من الآیات الکثیرة.
کان الرسل والأنبیاء مطهرون من الله، یجسدون کل الکمالات الإنسانیة، ویحملون دعوة الخیر والهدایة إلى أقوامهم لیزکوهم ویهدوهم سبل الرشاد، کانوا حملة مشاعل نورانیة لإخراج الناس من ظلمة الضلالة إلى نور الهدایة ومن درک الشرک إلى رحاب کلمة التوحید. وقد عزز الله دعوتهم بالمعجزات لتکون حجة على صدق دعوتهم..ومع ذلک أبى کثیر من الناس إلا الجحود بل مارسوا فی حق بعض الأنبیاء ابشع صور الأذى النفسی، کما یصور القرآن الکریم (وَمَا کَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إلاأَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْیَتِکُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ یَتَطَهَّرُونَ ).
وبعد عهد النبوة تواصلت المعاناة فی تجربة الأئمة من آل البیت سلام الله علیهم؛ ومعظمهم ارتقى إلى ربه شهیدا مظلوما، لم یکن مصدر المعاناة من السلطة السیاسیة وحدها أو من الملأ بحسب التعبیر القرآنی، بل ومن الناس ومن أراذلهم فی أحیان کثیرة.
ونکاد نجزم أن ما من مصلح فی الأمة إلا وواجه تحدی الجهل بمشروعه وحرکته، وتحمّل الأذى من نزق الناس وجسارة سفهائهم، هذا فضلا على باقی التحدیات الأخرى التی ینهض المصلح عادة لمواجهتها فی کل مکان وزمان، إنه العناد الذی صوره القرآن أبلغ تصویر کما فی تجربة نوح علیه السلام (َقالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِی کَذَّبُونِ* فَافْتَحْ بَیْنِی وَبَیْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِی وَمَن مَّعِیَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ).
مناسبة هذا الکلام هو تواصل فصول محاولة الإغتیال المعنوی لرمز المقاومة وسیّدها سماحة السید حسن نصر الله، آخر حلقات هذا المسلسل الذی یرعاه جیفری فلتمان ضمن مشروعه الشهیر والمعروف ب"تشویه صورة المقاومة"، کانت من إخراج أحد النکرات الذین یتم تعویمهم الآن فی الساحة اللبنانیة وتحدیدا فی الأوساط السلفیة..وهو المدعو بالشیخ أحمد الأسیر؛ إمام مسجد بلال بن رباح بمدینة صیدا؛ ففی تصریح له لقناة "الجدید" تحدث عن الاعتداءات التی تطال السنة فی لبنان..إلى أن قال: أن "الشیخ الذی یأم مسجد بلال بن رباح بالنیابة عنی تم توقیفه وزوجته المنتقبة وإبنته الرضیعة أربعة ساعات فی آلیة عسکریة على حاجز مشغرة امس"، متعهداً بأن یدفع الأمین العام لحزب الله السید حسن نصرالله ومن معه ثمن ذلک سلمیاً!
مؤکدا أنه لن یدع رئیس المجلس النیابی نبیه بری والسید نصرالله ینامان اذا لم یتم وقف هذه الإعتداءات، مضیقا: "یا سید نصرالله ویا نبیه بری "رح فرجیکون نجوم الظهر إذا استمریتون هکذا".
فما علاقة سید المقاومة بواقعة توقیف ذلک الشیخ على حاجز عسکری وحجزه لساعات؟! فهل هو وزیر الدفاع حت یکون مسؤولا عما حصل؟..ثم کیف یسمح هذا النکرة لنفسه بالحدیث الى قائد المقاومة بهذه اللغة السوقیة والمبتذلة"!
المعروف عن الرجل تهجمه الدائم على المقاومة وسلاحها، وهو یرفع لواء الدفاع عن السنة فی لبنان، وقد اسهم بشکل فعال فی تسخین الجو المذهبی والطائفی، فلیس فی قاموس الرجل اسم لشیء اسمه وطن جامع لکل اللبنانیین، فلغته مفرطة فی طائفیتها موسومة بالکثیر من الافتعال. وقد استثمر الرجل الأحداث المؤلمة فی سوریا لیرفع من رصید شعبیته ولیوجد البیئة المذهبیة المناسبة لإقحام لبنان فی المؤامرة على سوریا.
لکن خلف العنوان المضلل فی الدفاع عن الوجود السنی فی لبنان والذی جعله الرجل قضیته المحوریة، یقع مشروع جیفری فلتمان الساعی إلى تشویه سمعة المقاومة؛ والذی کان وما یزال أحد ثوابت التوجه العام للحلف الأمیرکی الإسرائیلی وأدواته فی المنطقة منذ الانتصار العظیم الذی حققته المقاومة فی عام 2006 ؛ وهو المشروع الذی رصد له الکونغرس الأمریکی مبلغ 500 ملیون دولار، هذا فضلا عما تستثمره الرجعیات العربیة من أموال طائلة خدمة لنفس الهدف، مع احتکار التوجیه والإشراف من قبل فریق فیلتمان المعزز بالکوادر المتخصصة فی الحرب الإعلامیة والنفسیة أوما یسمى بالبروباغاندا.
فلم یکن لیمر انتصار المقاومة على (إسرائیل) من دون ردات فعل، خاصة وأن الشعبیة التی بلغتها شخصیة قائد المقاومة السید حسن نصر الله قد أزعجت الحلف الأمریکی الإسرائیلی الرجعی، وخشوا من آثارها السیاسیة والثقافیة وحتى الدینیة، فکان القرار بتشویه صورة المقاومة، وشراء مواقف التجاسر على رمز المقاومة من قبل سفلة السیاسیین والطبقة الرثة من رجال الدین الذین باعوا أنفسهم وشرفهم مقابل حنفة من الدولارات.
وفی هذا السیاق نسجت الأکاذیب عن مشارکة عناصر من "حزب الله" فی قمع المتظاهرین فی سوریا، وشُـوِّه موقف السید نصر الله بخصوص سوریا، وتم تظهیره کأنه موقف طائفی متنکر لحق الشعب السوری فی الحریة، على الرغم من أن السید نصر الله نفسه؛ وفی أکثر من مناسبة؛ شرح المنطلقات السیاسیة والاستراتیجیة لموقف الحزب مما یحدث فی سوریا.
لکن وبدل ان یجعل قطاع واسع من الأمة موقف قائد وصانع أکبر انتصارین فی تاریخ الصراع مع العدو الإسرائیلی، معیارا للحکم على ما یجری فی سوریا، لأن القادة من صنف وعیار السید نصر الله اعلم بالإستراتجیا وبالأبعاد والخفایا فی الوقائع السیاسیة، وهم الأقوم سبیلا..صار على السید نصر الله أن یکون موقفه تبعا لموقف الناس الذین ضللتهم قناة "الجزیرة" ونظیراتها، وأن یکون على نفس موقف نتانیاهو وشیمون بیریز وموفاز الذی اعلنوا دعمهم لما یسمى بالثورة السوریة، ودعوا المجتمع الدولی للتحرک من أجل إسقاط النظام فی سوریا!
وقبل هذا النکرة المدعو-أحمد الأسیر- الذی یسبح فی برکة من النفط القطری، تجاسر قبله الکثیرون، أدعاهم إلى الشفقة منصف المرزوقی الرئیس التونسی المؤقت والذی صرح قبل شهر ونصف فقال:"یمکننی أن أقول أنّ نصر الله کان محبوبا جدّا جدّا بعد ألفین وستّة.. بسبب المعرکة ضدّ (إسرائیل)، لکن الآن، شعبیته انتهت تماما.. هنا فی تونس وفی باقی العالم العربی..". وکأن الرجل لا یدری أن موضوع سوریا انقسمت حوله المواقف فی تونس وخارجها، ففی تونس نفسها مؤیدون کثر لسوریا الدور والمقاومة، وقد احتجوا أمام الفندق الذی استضاف ما یسمى بـ"مؤتمر أصدقاء سوریا" وتمکنوا من الوصول الى بهو الفندق. فلا أردی على أی اساس یبنی المرزوقی جزمه وقطعه، نعم هناک من لا یتفق مع السید نصر الله فی تقدیره الاستراتیجی للموقف بخصوص سوریا، لکن لا علاقة لذلک من موقع الرجل ومکانته.
فهل یُسعد هؤلاء أن نکفر کأمة؛ بقاداتنا وصناع المجد فی تاریخنا المعاصر ونبخسهم قدرهم، وننزلهم على موازیننا وتقدیراتنا البسیطة، فإن وافقوها أحببناهم وأبقیناهم على مکانتهم، وإن خالفوها نلنا منهم وجردناهم من کل احترام وتقدیر؟! ولمصلحة من یحصل کل هذا التجاسر والضرب بالخناجر لقادة عاشوا لله ومن أجل أمتهم وقضایاها المصیریة، وصنعوا المفاخر للأمة وحرروها من عقدة الهزائم.
للأسیر والمرزوقی وغیرهم نقول: لن تفلح أمة تقبل بتجاسر السفهاء والمأجورین على قادتها ورموزها وصناّع انتصاراتها.
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.