25 June 2012 - 17:06
رمز الخبر: 4788
پ
رسا/الرأی- یمکن اعتبار فوز الدکتور محمد مرسی نقطة انعطاف کبرى فی مشروع استنقاذ الثورة، ورسالة هذا الفوز أن الشرعیة الثوریة لا یسهل الاجهاز علیها، فهل عودة الحیویة للثورة المصریة؛ بفعل هذا الفوز؛ والعودة لمیدان التحریر هو خیار الحسم الذی اتخذته الجماهیر لاستکمال ثورتها؟
بعد انتخاب مرسی.. انجاز أهداف الثورة یبقى الأهم


بعد مخاض صعب، وفی سیاق اجراءات سیاسیة خطیرة لجأ إلیها المجلس العسکری.. وفی لحظة بدت فیها مصر مفتوحة على کل الاحتمالات؛ أُعلِن مرشح الإخوان الدکتور محمد مرسی رئیسا للجمهوریة.
تأخر الإعلان عن النتائج، وأوحت أجهزة إعلام السلطة بحظوظ وافرة بفوز الفریق أحمد شفیق، فتجمع الثوار فی میدان التحریر، وبلغت القلوب الحناجر.
فالتأخیر عن إعلان فوز محمد مرسی کان سیاسیا ولیس فنیا أو تقنیا، وهذا ما یجعلنا نفترض أن المجلس العسکری قایض على إرادة الجماهیر، وعمل على ابتزاز "الإخوان" لافتکاک بعض الصلاحیات ولانتزاع جملة من الضمانات. وعندما نقول المجلس العسکری فإننا نستحضر المیراث السیاسی والتوجهات الاقلیمیة لمصر فی عهد المخلوع، کما تبدو لنا فی الخلف ظلال المحور الامریکی الإسرائیلی وملحقاته العربیة فی المنطقة.
ولعلّ الاجراءات التی اتخذها المجلس العسکری کإبطال ثلث مجلس الشعب ثم إبطاله کلیا، والإعلان الدستوری المکمل الذی یعتبر اغتصابا للسلطة التشریعیة لم تکن إلا اجراءات لتفریغ منصب الرئاسة الآیل إلى مرشح الإخوان؛ من أی فاعلیة حقیقیة، ولم تکن مقدمة لانجاز انقلاب کامل باعلان مرشح الثورة المضادة الفریق أحمد شفیق فائزا بانتخابات الرئاسة.
فمصر دولة کبرى فی المنطقة وهی ثقل مرکزی فی الخارطة الجیوسیاسیة للمنطقة، واتجاه البوصلة السیاسیة فیها یؤثر على کل المنطقة بل وعلى المعادلات الدولیة، لذلک من السذاجة أن نتصور أن المحور الأمریکی الإسرائیلی کان بعیدا عن مجمل السیناریو الذی سبق الإعلان عن النتائج.
فقد سُحبت صلاحیات هی بالأصالة دستوریة من الرئیس المنتخب، وضیقت سلطته التنفیذیة، ولا یستند إلى أغلبیة برلمانیة تدعم مشروعه بعد حل البرلمان کما کان متوقعا، کل هذا السیناریو لأن القرار الدولی لا یرید لمصر أن تستکمل ثورتها، وتمتلک قرارها السیاسی الحر من دون إملاءات أمریکیة أو إسرائیلیة.
ومن هنا تبدو مهمة الرئیس المنتخب فی غایة الدقة والحساسیة، کما أن جماعة "الإخوان" یجدون أنفسهم أمام أخطر مسؤولیة تاریخیة منذ تأسیس جماعتهم فی عشرینات القرن الماضی..إذ علیهم؛ واستنادا إلى الشرعیة الثوریة، وتجاوبا مع جماهیر الثورة التی اتخذت قرارا شجاعا وذکیا بالاعتصام فی میدان التحریر حتى تنحی المجلس العسکری وتسلیمه السلطة للرئیس المنتخب، وعودة الجیش إلى وظیفته الطبیعیة فی حمایة الوطن والدفاع عن اختیارات الأمة؛ أن یتحلّلوا من کل التزامات أو ضمانات فرضت علیهم بالضغط والإکراه، فلا شرعیة لأیة جهة تقف فی الاتجاه المعاکس لأهداف الثورة ولا تؤمن بمطالب الثوار.
فلیست هناک قوة قادرة على تدجین الثورة، أو فرض الأمر الدولی علیها، وقد بدأنا نشهد -فعلا- عودة الروح والحیویة للثورة المصریة بعد الضربات التی تلقتها فی الشهور السابقة، وجماهیر الثورة ترید فقط قیادة شجاعة وشفافة، وهی مستعدة للتضحیة ولدفع کل کلفة تقتضیها حمایة الثورة والقفز بها من فوق حقول الألغام الدولیة والإقلیمیة تحقیقا للأهداف والتطلعات.
لقد کان مؤلما أن تغیب فلسطین عن خطاب الرئیس المنتخب، بقدر ما کان مؤلما ذلک الإقرار الضمنی باحترام اتفاقیة کامب دیفید ضمن تعبیر احترام کل الاتفاقیات الدولیة..فالثورات من شأنها أن ترعب قوى الهیمنة والاستکبار، وتجعلهم یتحسسون قلوبهم، لأن الشعب الذی یصنع الثورة هو شعب التحدیات، ولأن الزمن الثوری- فی العادة- هو زمن استعادة الحقوق، وبالنسبة لمصر التی أذّلها المخلوع (مبارک) فإن أول حق یسترد هو کرامة مصر وعنفوانها ولو کره المستکبرون، ومن هنا کانت تکفی إشارة واحدة لفلسطین وللقدس التی تئن تحت الإحتلال الصهیونی.
کلّ الأمل أن یکون الرئیس المنتخب فی مستوى المرحلة..وکل الأمل أن تسمو جماعة الإخوان المسلمین إلى مستوى أحلام ثورة بحجم مصر، ونبض وطن ینشد العزة والحریة والکرامة والعدل.
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.