وماذا عن فلسطین؟

فی سیاق الأحداث والتطورات الیومیة تراجع الحدث الفلسطینی إلى العتمة، حتى الذکرى الثانیة عشرة للانتفاضة الثانیة التی صادفت أول أمس 28 سبتمبر/أیلول، مرت من دون أن یتذکرها أحد..فقط کان هناک صدى صوت عباس الخائب ووقفته المذلة من على منبر الأمم المتحدة وهو یستجدی "دولة فلسطینیة"، لم یعره أحد الإهتمام، لأن السواد الأعظم من العرب والمسلمین منشغلین بیومیات سوریا حیث المؤامرة لتصفیة هذا البلد والقضاء على موقعه وجیشه..فلا صوت یعلو، ولو کان من فوق منبر الجمعة، على صوت بلاد الشام حیث المعرکة مفتوحة على النظام العربی الممانع.

رئیس الاتحاد العالمی لعلماء المسلمین رکز على سوریا، ودعا الى التدخل على وفق ما دعا إلیه امیر قطر فی خطبته العصماء أمام الأمم المتحدة، وانتقد الحکام على صمتهم حیال ما یحصل فی سوریة، ولم ینسى بأن یدعو الى الجهاد ضد النظام فی سوریا والالتحاق بما یسمى ب(الجیش الحر)..تحدث عن بنغلادش للمرة الثانیة واستنکر على حکومتها التضییق على الإسلامین..أما فلسطین، فلا یحق لها أن تسرق الاهتمام وتحرف البوصلة نحو قدسها ومشاریع التهوید والاستطان الجاریة فیها، ولایستحق استمرار الحصار على غزة الذکر لأنه تشنیع على حکومة الاسلامیین، وتعریة للثورات التی هلل مفتی الناتو.

تنقل "السفیر" أن أحد أفراد «کتائب شهداء الأقصى» السابقین، والذین سلموا سلاحهم فی صفقات ما بعد «انهیار المنظومة الوطنیة»، یقول:" إنه وبعد الإنتفاضة عززت (إسرائیل) الاستیطان، وکثفت سرقة مواردنا، واستغلت الحیاد الدولی لتفرض حقائق على الأرض تحول دون قیام دولة فلسطینیة، بالمقاس الفلسطینی، وفی النهایة أحبطنا وقررنا أن نتوقف عن القتال لأنه یضرنا أکثر مما ینفعنا"!

فى منطقة رفح جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر؛ مصر ما بعد 25 ینایر، اعتصم العدید من عناصرحرکة حماس، إضافة إلى العشرات من أصحاب الأنفاق الحدودیة، مطالبین مصر بوقف إغلاق الأنفاق، مع عدم وجود بدیل یمد غزة فی اوکسجین الحیاة، وهو الإعتصام الثانی خلال أسبوعین. فمعاناة غزة تتفاقم وهی تعانی من نقص کبیر فى الاحتیاجات الاقتصادیة، والوقود والسولار الذى یغذى وسائل المواصلات ومحطة الکهرباء الوحیدة، وهی مهددة بانقطاع تام للتیار الکهربائی، إضافة إلى نقص کبیر فى الأدویة ومواد البناء فى وقت یحتاج فیه القطاع لإعادة الإعمار.

فی المقابل کشفت القناة الثانیة بالتلیفزیون الإسرائیلى، أن الرئیس المصرى محمد مرسى أبدى موافقته خلال زیارته الأخیرة لنیویورک على لقاء شخصیات إسرائیلیة (رفیعة)، من بینها الرئیس الإسرائیلى شیمون بیریز. وکان مرسی وخلال خطابه فى الأمم المتحدة الأسبوع الماضى قد جدد تعهده بأن تلتزم بلاده بجمیع الاتفاقات التى وقعتها، بما فى ذلک اتفاقیة "کامب دیفید" للسلام.

فما الذی تغیر..؟ توارت فلسطین إلى أقصى الهامش، وتبین أن کل الصراخ حول فلسطین کان مجرد کذب ودجل.

هاهم لا یریدون أن یغضبوا لرسول الله صلى الله علیه وآله وسلم إلا بما یرفع العتب، حتى لا تتحول البوصلة عن سوریة..

وهاهم یدخلون جماعات وفرادى فی حلف الشیطان مع (إسرائیل)، وینزلونها منزلة الحلیف الموضوعی، فعدو عدوی (المذهبی!)صدیقی، وفی الحساب الصافی؛ کل الحقد وکل الکراهیة وکل التحشید وکل العدواة من نصیب إیران وحزب الله.

فما أبعدنا الیوم عن فلسطین..فأئمة الضلالة ومفسری الأحلام، غیروا القبلة وزوّروا الأحلام.