17 September 2013 - 12:39
رمز الخبر: 6802
پ
المعاون فی الشؤون الدولیة للحوزات العلمیة:
رسا/ حوارات ـ أشار المعاون فی الشؤون الدولیة للحوزات العلمیة إلى أن الانقلاب الحالی فی مصر إنما هو انقلاب أمیرکی وقال: على علماء مصر أن یکونوا کعلماء إیران ویجعلوا صدورهم درعاً أمام رصاص الأعداء .
على علماء الدین فی مصر أن یجعلوا صدورهم درعاً أمام رصاص الأعداء
مرّ مایقرب من شهرین على انقلاب الجیش المصری ضد حکومة مرسی ومازالت الجماهیر المصریة تواصل مظاهراتها فی الشوارع، وتُقتل منها أعداد کبیرة یومیاً، بل لم یمر یوم على مصر لم تشهد فیه اشتباکاً وإراقة دماء لأبناء شعبها .
فالنزاع متواصل على أشده بین الجیش المصری والإخوان المسلمین، ولا حصاد من هذا العنف والتفرقة المستمرتین سوى الأضرار والخسائر بالشعب المصری والإسلام، والمنتصر الحقیقی فی هذا المیدان إذا استمرّ الوضع بهذه الطریقة هو النظام الصهیونی المحتل .
ولکن یجب التیقن من أن الجماهیر المصریة هی التی ستعین فی النهایة مستقبل وطنهم، والجیش والإخوان المسلمون جزء من هذه الجماهیر، وعلیهم أن یوفروا الأمن والرفاه لهذا الوطن .
إن هدف أمیرکا هو إضعاف الإسلامویة فی المنطقة واستحالة أصلها وإبداله بالإسلام الذی ترغب فیه، ولهذا ینبغی للجیش والإخوان المسلمین أن یعلموا أنهم بهذا النهج لن یحققوا أی مکسب، لیس هذا فحسب بل یخطون خطوة فی طریق إزالة الإسلام من المنطقة، والمتوقع أن الجیش والإخوان فی مصر یسعون للدفاع عن مواطنیهم من المسلمین  .
وما یطمح إلیه الشعب المصری هو أن لایستسلم وطنهم ویحنی رأسه أمام رغبات وأهداف أمیرکا وإسرائیل فی سیاسة ذات محور معتدل  .
بالتأکید أن الشعب المصری لایبتغی مثل هذا الاعتدال، ومایریده هو الحیاة بحریة وعزة وکرامة إلى جانب الدول الشقیقة والصدیقة، ویمد إلیهم ید المؤازرة لتحقیق آمالهم وأمنیاتهم، ویخالف تسلط الأجانب، ویقف إلى جانب المقاومة .
وبالنظر إلى الوضع الحالی فی مصر والتغیرات الکثیرة التی حصلت بهذا البلد أجرى مراسل وکالة رسا للأنباء حواراً مع حجة الإسلام والمسلمین محمد حسن زمانی المعاون فی الشؤون الدولیة للحوزات العلمیة، ودوّن تحلیله للتغیرات الأخیرة فی مصر کما یلی:
 
رسا ـ ماهو تحلیلکم للتغیرات الأخیرة بمصر، وماذا حدث فیها لتبتلى بالوضع الحالی ؟    
التغیرات الأخیرة السابق لأوانها وغیر المرغوب فیها لم تکن ما ینتظره الشعب المصری، ولعل الإخوان فی آخر اجتماع للجنتهم المرکزیة قبل یومین من الانقلاب، کان تقدیرهم للوضع أن یواصلوا نهج حکومتهم الإخوانیة ، وأن لاخطر یحیق بهم ویهدد الرئیس محمد مرسی. هذا التحلیل الذی عرض بعد مدة یبیّن نوعاً من الثقة غیر الصادقة لمسؤولی الإخوان بوضعهم السیاسی، کما یعد ظاهرة مفاجئة لهم .
وربما المفاجأة لیست للإخوان فحسب، بل کثیر من الشعوب والسیاسیین فی العالم لم یتوقعوا سقوط مصر بهذه السرعة . ولعل بعض المحللین الإیرانیین یتذکرون الکلمة التاریخیة لقائد الثورة الإسلامیة فی أول اجتماع للصحوة الإسلامیة ومفکری العالم الإسلامی حیث ذکرـ بصفته مشرفاً أعلى للصحوة المذکورة ـ عشرات الأخطار والانحرافات المواجهة لها .
وتحذیر سماحة قائد الثورة فی ذلک الاجتماع الکبیر یشیر إلى قلقه على مستقبل الصحوة الإسلامیة بمصر، وکأنه یتوقع أن مسؤولی الإخوان والصحوة الإسلامیة إذا لم یحولوا دون تلک الآفات فإن هذا المستقبل المریر سیحثّ الخطى نحوهم .
 
رسا ـ بصفتکم معاوناً فی الشؤون الدولیة للحوزات العلمیة هل کانت لکم مفاوضة مع المسؤولین المصریین، وهل قدمتم لهم الحل المناسب ؟   
فی الأشهر الأولى من الصحوة الإسلامیة کتبت مقالة ذکرت فیها 18 نوعاً من الآفات والأخطار التی تقف فی وجه الصحوة فی البلدان استناداً إلى بعض المصادر والفهارس .
استرجعت فی المرحلة الأولى ببحث محدد الأخطار الأمیرکیة التی جابهت الثورة الإسلامیة بمرور الزمن، وتوقعت أن یتّبع الاستعمار العالمی الأسلوب نفسه حیال دول الصحوة الإسلامیة .
فی المرحلة الثانیة رجعت إلى القرآن الکریم لأرى هل فیه تعالیم تحذر الأمم المسلمة من الأخطار والأضرار المحیقة بها وتدعوها لمنعها والوقوف بوجهها؟ فوجدت 18 خطراً کلها فی الآیات القرآنیة، وبهذا المضمون أن الله تعالى حذر المؤمنین لکی یدبّـروا شؤونهم ویحصّنوا أنفسهم مما یسبب لهم أی نوع من الضرر .
أعددت هذه المقالة باللغة العربیة وأرسلتها إلى بعض مسؤولی الصحوة الإسلامیة فی مصر، ومنهم نجل الشیخ القرضاوی الذی کان فی زیارة لمدینة قم حیث قدمت له هذا المقال أیضاً .
إن عدم اهتمام مسؤولی الإخوان المسلمین بالتحذیرات المنبعثة عن رأفة وشقفة سماحة قائد الثورة الإسلامیة سبب سقوطهم فی کثیر من المطبات التی وضعتها قوى الاستکبار العالمیة فی طریقهم، وأن یتورطوا بوضعهم الحالی .
 
 رسا ـ ماهی الأخطاء التی ارتکبها الإخوان وأدت إلى السقوط السریع لحکومتهم ؟
هناک 5 أخطاء لعل لها دوراً أساسیاً فی سقوط حکومة الإخوان المسلمین، هی :
الخطأ الأول: الاعتماد على أمیرکا وإسرائیل والدول الاستعماریة القویة والرکون إلیهم للمحافظة على الحکومة الجدیدة، بدلا من التوکل على الله والاعتماد على الشعب .
لقد اعتبر الإمام الخمینی (رحمه الله) فی أول بیان صادر له أن سر النصر یکمن فی التوکل على الله ونیة الثورة الخالصة لوجهه، واستشهد بهذه الآیة:{قل إنما أعظکم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى}، وأکد أن الفلاح فی العمل سواء على نحو فردی أو جماعی هو حینما یکون لله ومن أجل مرضاته. وواصل هذا النهج، فإذا ما اعتقد المقاتلون فی الجبهة أحیاناً بقوتهم وشجاعتهم نتیجة انتصاراتهم الباهرة، نصحهم قائلا: الله من حرر خرمشهر .
إن عامل التوکل على الله والاعتماد على الشعب هو ما نصر الثورة الإسلامیة فی مواجهة جمیع هجمات القوى العالمیة المستکبرة حتى الآن . أما السید محمد مرسی فقد سعى للمحافظة على حکومته من سطوة مخالفیه، وأحس بالحاجة لدعم القوى العظمى بدلا من الله والشعب، فطلب مساندة أمیرکا وأوروبا. وبالطبع وعدوه بالدعم المالی والعسکری والسیاسی، وانتظروا منه فی المقابل أن یسلم رأسه إلى أمیرکا ویرسل سفیراً خاصاً إلى إسرائیل، ودفع مرسی هذا الثمن الباهض، وجعل الثوریین الحقیقیین فی مصر ییأسون منه. وهذا أول خطأ لمرسی تسبب فی استلاب محبة وشعبیة الإخوان من قلوب الثوریین الحقیقیین بمصر .
الخطأ الثانی: التعاون مع المملکة العربیة السعودیة التی استغلت الضعف المالی للدولة المصریة ووعدتها بدعم یصل إلى عدة ملیارات، ولکن بشرط أن یسمح مرسی بنشاط تبلیغی لمجموعة صغیرة من الوهابیین فی مصر، ووافق على ذلک! وقد نشر الوهابیون فیها ثقافة العنف والتحجّر بنحو واسع حتى إن أطیافاً کثیرة من المسلمین المصریین لم یطیقوا حکم اسلام عنیف بهذا النحو، فتمرّدوا على حکومة الإخوان الإسلامیة وقرروا الإطاحة بها .     
لقد سرت صورة العنف الوهابی إلى صورة حکومة الإخوان فی نظر الشعب، العنف الذی بلغ حد الاضطهاد للشیعة، ووصل إلى ذروته باغتیال الشهید الشیخ حسن شحاته رجل الدین الشیعی الوحید فی مصر .
الخطأ الثالث: عدم الاستفادة من الشخصیات الکفوءة للمجامیع والأحزاب المتنافسة فی داخل مصر، فروحیة الاحتکار لدى الإخوان لم تسمح للأشخاص الصالحین ـ بما فیهم علماء الاقتصاد والسیاسة ومثقفو الأحزاب المنافسة ـ بالعمل معهم، فی حین أن المنافسین یشکلون مایقرب من نصف الشعب المصری. لقد خاب أملهم فی الحکومة المصریة، وأخطؤا فی اختیار التحزب بدلا من الاحتکام إلى الکفاءات فأثر ذلک بقوة فی استقرار حکم الإخوان .   
 الخطأ الرابع: عدم تطهیر أجهزة الدولة المصریة من العناصر الطاغوتیة السابقة. إن أحد أسرار موفقیة جمهوریة إیران الإسلامیة هو قرار الإمام الجلیل بتطهیر مراکز السلطة فی القوى المسلحة والمجلس التشریعی وجمیع الوزارات .
فانحلت تماما منظمة المخابرات والأمن القومی، ومنع أی شخص من المسؤولین الکبار فی حکومة الطاغوت من أن یتصدى لمنصب فی الحکومة التالیة، وتصدر الثورة والحکم ـ کما قال الإمام الخمینی ـ الحفاة ومن تلقى الصفعات. ولکن العجیب فی حکم محمد مرسی لیس فقط بقاء أکثر جنرالات الجیش والمسؤولین فی الأقسام الإداریة والسیاسیة للبلد على قوتهم، بل إن وکالة الأمن المصری بنفس کوادرها حازت مشروعیة للبقاء وشُغلت بمواصلة عملها، والأعجب أن مسؤولیة التصدی لأعداء الثورة أوکلت إلى الجهاز الأمنی لحسنی مبارک !
والمسؤولون فی النظام القضائی المصری الذین یجب أن یؤیدوا صلاحیات رؤساء النظام الجدید هم أنفسهم المنصوبون من قبل نظام الطاغوت السابق! فالناتج الطبیعی لبقاء هیکل الطاغوت هی ظواهر أشبه ما تکون بالمشاهد الفکاهیة والأساطیر فی التاریخ السیاسی، فمثلا عمر سلیمان رئیس وکالة الأمن المصری تؤید صلاحیته للترشیح لرئاسة الجمهوریة لخلو سجله من الإدانة القضائیة، وخیرة الشاطر تردّ صلاحیته للحکم علیه بالسجن فی عهد حسنی مبارک !
الخطأ الخامس: افتقار محمد مرسی وبقیة الإخوان للصلابة الثوریة، ففی قضیة تصفیة رؤوس الفتنة والطاغوت لم تتوفر الصلابة الثوریة الکافیة لدى الإخوان لاستئصال شأفة بعض مسؤولی الحکومة السابقة، فکانت نتیجته الطبیعیة أن وزیر الدفاع لمحمد مرسی یقود انقلاباً ضده بأمر أمیرکا، وقادة الجیش والشرطة لحکومة مرسی یلقون القبض علیه، وتتشکل دولة جدیدة فی ظرف یومین بدلا من دولة الإخوان.
هذه بعض أخطاء الإخوان المسلمین التی قادتهم إلى الانهیار، ولکنهم لم یعتبروا أیضاً بهذا الدرس بعد زوال حکمهم، فعلى الرغم من مشاهدتهم لغدر أمیرکا والدول الاستعماریة الأوروبیة والسعودیة وقطر اللتین کانتا الصدیقین الأکثر وداً لمحمد مرسی، وبمجرد أن رأوا حدوث الانقلاب وفهموا أن أصدقاء الأمس هم انقلابیو الیوم، کانت لهم فرصة بالاعتماد على صدق جمهوریة إیران الإسلامیة، وثبات مواقفها ضد الاستعمار خلال العقود الأربعة الماضیة، ودعمها للشعوب الفقیرة والثورات التحرریة، وفی الأقل قبولهم للتوجیهات والاستشارات الرؤوفة للجمهوریة الإسلامیة، أما الآن فقد ابتلوا بخیار مدمر حیث اختاروا الصراع والعناد مع الدولة الجدیدة .
المشهد المصری الیوم یعیش اشتباکات دمویة وحرباً أهلیة لم تر مصر نظیراً لها منذ الألفیة الأخیرة حتى الوقت الحاضر، فالجیش والإخوان قررا الاستمرار فی سفک الدماء والوصول إلى النصر. وتحلیلنا لجذور هذا القرار یقودنا إلى عاملین قویین:
الأول: یعتقد الإخوان المسلمون ـ نتیجة لأرائهم المغرورة ـ أنه مازال لهم عدد من المسؤولین ذی نفوذ قوی فی البلد، ویأملون بانتصار المقاومة وهزیمة الجیش والحکومة المؤقتة .
الثانی: تشجیع أمیرکا وإسرائیل بجواسیسها ووعناصرها المندسة لزعماء الإخوان وتحریضهم على مواصلة المواجهة والمقاومة وعدم التوافق مع الجیش، کما تشجع الجیش المصری من جهة أخرى وتحرضه على المواجهة وتفکیک الإخوان؛ لأن نتیجة هذا الاستمرار والمواجهة الدامیة هو إضعاف الإخوان والتقلیل من شعبیة الجیش المصری بین الجماهیر، وهی أمنیة إسرائیلیة قدیمة، فثمانون عاماً وإسرائیل ترتعد فرائصها خوفاً من قوة الإخوان المسلمین واقتدار الجیش المصری .
أما موقفنا فإننا نعلم بأن الحکومة الجدیدة هی انقلاب أمیرکی، ونعتقد أن أمیرکا على الرغم من أخذها الفدیة من دولة مرسی والإخوان إلا أنها لم تکن راضیة أیضاً بحکومتهم النصف إسلامیة، فقررت إیجاد انقلاب فی مصر، وبذلک أسملت آخر أمل لمسلمیها ومسلمی المنطقة بحکومة إسلام سیاسی ثوری، وأثبتت عجز الإسلام عن إقامة حکم دیمقراطی، کما أننا لانبعد عن ناظرینا ضعف الإخوان فی التعامل مع إسرائیل وأمیرکا وسوء تعاملهم مع إیران .
 
رسا ـ ماهو الحل النهائی لخروج مصر من أزمتها الحالیة ؟
إن الجمهوریة الإسلامیة تدین استمرار العنف من قبل طرفی النزاع، وتقترح حلا نهائیاً لمصر بإقامة صلح وطنی ودیمقراطیة دینیة وحضور الصالحین من جمیع الأحزاب والفصائل .
 
رسا ـ ماهو الدور الذی یمکن أن یؤدیه علماء الدین فی مصر ـ بنظرکم ـ لکی تتغلب على المشاکل ؟
إننا ننتظر من علماء الأزهر أن یتجنبوا المیول الإخوانیة وما یضادها، والنوعان موجودان لدى مجموعة من الأشخاص، وأن تکون جهودهم المشترکة فی سبیل دعوة طرفی النزاع إلى صلح وطنی والسعی نحو إدارة دینیة وإیدیولوجیة للحکومة المصریة .
على علماء الدین فی مصر أن یکونوا کعلماء إیران فیستلموا الزمام الفکری وإدارة الفکر العام للثورة، ویجعلوا صدورهم دروعاً فی مقابل رصاص أعداء الإسلام والصحوة فی مصر، ویقولوا بقول الإمام الخمینی (رحمه الله) لإعداء الثورة الإسلامیة الذی مازال یتردد صداه فی أذهان العالم: (لقد أعد الخمینی صدره لرصاصکم).
والسلام علیکم رحمة الله وبرکاته .

                                            

الكلمات الرئيسة: امیرکا الاخوان انقلاب مرسي مصر
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.