14 May 2011 - 23:49
رمز الخبر: 3416
پ
رسا/ تحلیل سیاسی- یتعبأ الشعب الفلسطینی فی الداخل الفلسطینی ومخیّمات الشتات وفی ما یعرف بـ«دول الطوق»، وحتى فی ترکیا وبعض الدول الأوروبیة لما بات یعرف بـ«مسیرة العودة» فی15 أیار تخلیدا للذکرى الثالثة والستون للنکبة مما یشکل نقطة تحول فی مسار الصراع مع العدو الصهیونی/ بقلم عبد الرحیم التهامی.
فی ذکرى النکبة.."الشعب یرید العودة"



فقد شعر الشعب الفلسطینی بهذا الزخم الثوری فی العالم العربی؛ وهو الذی کان سبّاقا فی ثورته بوجه الاحتلال الصهیونی، وقدم للعالم واحدة من اعظم ثورات التحرر کان یمکن لها ان تغیّر وجه المنطقة لولا طبیعة النظام السیاسی العربی الذی تمکن من اسیعاب الثورة الفلسطینیة اکثر مما استطاعت هی ان تخلخله وتفرض معادلتها علیه.
على أساس هذا الشرط السیاسی المختلف؛ خاصة بعد سقوط نظام مبارک الذی کان یوصف بانه کنز استراتجی لـ(إسرائیل)؛ یرید الشعب الفلسطینی ان یفتتح فصلا جدیدا فی نضاله ملوحا بشعار العودة کعنوان لمعرکة جدیدة، یستعد الفلسطینیون لخوضها بعد ان منحتهم الثورات العربیة عمقا وسیاقا بل وحائطا یحمی ظهرهم ، وبعد أن وصلت مشاریع التسویة وعلى وفق الشروط الاسرائلیة واملاءاتها الى الباب المسدود، والتی لم یقبل بها یوما الشعب الفلسطینی.
عندما ألقى نتنیاهو اول حطاب له وکان ذلک بعد عشرة أیام فقط من خطاب أوباما الشهیر بجامعة القاهرة، لم یتوقع منه أحد أن یتراجع عن لآاته المعهودة، ومنها "لا" مغلظّة لحق العودة، فتوطین اللاجئین الفلسطینیین- حسب ما جاء فی خطابه- یجب أن یتم خارج حدود (إسرائیل). وحده أوباما کان ینتظر من رئیس الوزراء الیمینی أن یتفوّه بمنطوق "حل الدولتین"، حتى لا تذهب مفاعیل خطابه للعالم الإسلامی أدراج الریاح، ولا یهم بعد ذلک، طبیعة الدولة، حتى وإن طـوّح بأسسها ومقوماتها وقابلیتها للحیاة. تکفی الصیغة السریالیة للدولة والتی تمخض عنها هذا الخطاب بعد طول تمنّع، کما کان یکفی موقف مراوغ فی موضوع الاستیطان حتى تنتقل الکرة إلى الشباک الفلسطینیة، وتنتعش المبادرات فی المنطقة، وینفتح معها المزاد على بیع ما تبقى من أسهم الحقوق الثابتة، فمناخ التسویة الذی هبّ على المنطقة -یومذاك- مدفوعا بدور أمریکی عنوانه الحزم والتوازن مع بدایة عهد أوباما، انتهى الى التسلیم بحق (إسرائیل) فی تمدید الاستیطان ودعم مشروع الدولة الیهودیة الخالصة.
مشروع العودة کان یواجه بمشاریع توطین تورطت فیه دول عربیّة، بل وبالتسخیف أیضا ففی مقابلة مطولة خصّ بها الرئیس المصری المخلوع الصحافیة الإسرائیلیة سمیدار بیری ونشرتها صحیفة یدیعوت أحرنوت قبل سنتین تقریبا، کان رد الرئیس المسجون فی موضوع حق العودة مدهشا بحیث لم یستند فیه إلى ای شیء من استحقاقاتها کالقرار194 الصادر عن الجمعیة العامة للأمم المتحدة، ولا إلى اتفاقیة کامب دیفید - نفسها- التی استندت إلى القرار 242 فی مرجعیاته والذی نص على إیجاد حل لقضیة اللاجئین.. فحین بادرته الصحافیة الإسرائلیة بسؤال: وماذا بالنسبة لحق العودة؟ أجاب:"أنا أرى فی حق العودة بالأساس مسألة سیکولوجیة. خذی لاجئا فلسطینیا یعیش مثلا منذ أربعین أو خمسین عاما فی أمیرکا. ویرغب فقط فی أن یعرف أنّ لدیه حقا فی العودة بعد سنوات طویلة جدا وبعد أن تعلم وتزوّج ووجد عملا ووُلد له أطفال، ما الذی یدفعه لتغییر عنوانه؟ لماذا سیرغب فی العودة؟!".
ولکن مهما قیل عن لا واقعیة هذا الحق أو استحالته من من قناة أیة تسویة ممکنة، او عن مقایضته بالتعویض أو التوطین، أو من خلال مشروع ما یسمّى بالوطن البدیل، فالحقیقة هی أنّ حق العودة راسخ فی وجدان کل فلسطینی وهو المطلب الأوّل والأساسی للمشردین عن أرضهم داخل وخارج الأراضی المحتلة.
فمن منا لا تثیر فیه تلک المفاتیح الحدیدیة الکبیرة؛ التی یتمسک بها الفلسطینیون ویورّثونها لأبنائهم وأحفادهم؛ مشاعر التقدیر لهذا الشعب المقاوم الذی أکسب "المفتاح" رمزیةً تتخطى الحلم؛ حلم العودة إلى الأرض ومعانقة الوطن؛ لتحوّله إلى قیمة وجودیة، وکأنّ "المفتاح" شرط لاکتمال الهویة وصیانتها من التلاشی فی اللاوطن.
فی قصیدته الرائعة "المهاجرون" یشهر الشاعر الراحل معین بسیسو هذا المعنى حیث یقول:
وهم واللیالی تنسّی الغریب وتلقی على الذکریات الحجــــاب
مضوا یحفرون بدمع العیون ودمع القلوب طریق الإیـــــاب
وهاهو مشروع العودة یمثل عنوان الحراک الفلسطینی الجدید..وقد أخذ الشعب الفلسطینی قراره وبلور شعاره "الشعب یرید العودة"، فمن كان یتصوّر أنّ شعب أطول الثورات سیظل على هامش کل هذا الحراک الثوری الواعــد. وسوف نتذكر 15أیار الفلسطینی لیس كیوم یؤرخ فقط للنكبة، بل ولبدایة التحریر والعودة. 
وما ضاع حق وراءه مطالب.
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.