16 October 2011 - 18:42
رمز الخبر: 3985
پ
رسا/آفاق- مرة أخرى یقع الشیخ القرضاوی فی المحذور، ویسهم عکس المتوقع منه فی تأجیج الفتنة المذهبیة..هذه المرة أراد النیل من حزب الله ومقاومته..والسؤال هو: هل انضم القرضاوی لفریق جیفری فلتمان ومشروع تشویه صورة المقاومة؟ بقلم عبدالرحیم التهامی.
عندما یساهم القرضاوی فی تشویه صورة المقاومة!

بعد غیاب دام لأکثر من خمسة أشهر عاد الشیخ یوسف القرضاوی رئیس الإتحاد العالمی لعلماء المسلمین لمنبر الجمعة فی مسجد عمر بن الخطاب فی العاصمة القطریة الدوحة. وکما کان متوقعا جاء حدیث الثورات مهمینا على خطبته مع القفز على ثورة البحرین –طبعا- والتی صمّ الشیخ قلبه قبل أذنیه عن شعاراتها وأصوات رصاص الشوزن وهو یمزق صدور شبابها ورجالها.
فبعد حدیث سریع عن ثورتی مصر وتونس شن القرضاوی هجوما شدیدا على الحکومة السوریة، وانتقد تمسک الأسد بالسلطة، قائلا: إنّ على "الطغاة" الرحیل الیوم قبل الغد، حیث أنه "لیس لهم أی مکان فی أرض سوریة وأن السوریین کلهم والعرب أیضا ضدهم".
وأبدى القرضاوی تأییده للمجلس الانتقالی السوری برئاسة الدکتور برهان غلیون، ودعا الدول العربیة والإسلامیة إلى تأییده ومبایعته، قائلا: "هؤلاء هم من یمثلون سوریة، بینما القتلة والطغاة والذین یسرقون أموالها لا یمثلونها على الإطلاق".
وکاد القرضاوی أن یورط نفسه فی مأزق عندما أکد أن حکم الأسر قد انتهى وأن عهد الجمهوریات المؤبدة قد ولى، ناسیا ان أولیاء نعمته هم أسرة آل ثانی، وأنّ الأسر هی التی تحکم فی دول الخلیج وفق أنظمة من الحکم الشمولی المغلق لا نظیر لها فی العالم..لکنه استدرک واسثتنى حکم أسر الانظمة الملکیة مقدما تبریرا غریبا وهو أن للملکیات أصولها وضوابطها، ولا ندری هل هذه الأصول والضوابط؛ مع فرض وجودها؛ هی أفضل بالمعیار السیاسی والأخلاقی من قواعد الحکم فی سوریة التی یحرض علیه القرضاوی، وهل هذه الأصول والضوابط تغنی المواطنین تحت حکم الأسر الملکیة الحاکمة فی الخلیج من مطالب الحریة والکرامة والحق فی الترشح والانتخاب والتداول على السلطة؟!
لکن الأخطر فی کلام الشیخ هو اتهامه لإیران بدعم النظام السوری "فی قتل شعبه بواسطة حزبها فی لبنان الذی یسمى حزب الله، الذی یدفع بالآلاف من عناصره لمحاربة الشعب السوری" وهذا نص کلامه.
إن هذا الکلام الخطیر حین یصدر عن مرجعیة دینیة بمستوى رئاسة الإتحاد العالمی لعلماء المسلمین لا یمکن السکوت علیه ولا یمکن التغاضی عن أبعاده ورسائله المضمرة.
فالشیخ بقلبه للحقائق، وبانخراطه وبهذه الحماسة فی المؤامرة على سوریة؛ بل والمؤامرة على محور المقاومة والممانعة کما یبدو ذلک واضحا فی کلامه الذی سقناه یجرد نفسه من حصانة الموقع ویخرج نفسه من دائرة العلماء المؤتمنین على الدین وعلى الأمة ووحدتها.
لم یبرأ الشیخ من غیضه ولم یبارح الغلّ قلبه منذ أن انتصر حزب الله فی معرکة المصیر على الکیان الصهیونی فی صیف 2006م، وهاله ارتفاع أرصدة المحبة والتقدیر للحزب ولقیادته ولمشروعه المقاوم فی الأمة، فطفق یحذر فی المجالس الخاصة التی تجمعه بالإسلامیین (کما فی حالة المغرب الذی زاره بعد الانتصار) من انتشار التشیع ویدعو للیقطة من الاختراق الشیعی من مدخل الإعجاب بتجربة حزب الله، ثم کان بیانه التصعیدی حین اتهم إیران بنشر التشیع فی العالم السنی ترسیما لمعركته الدعائیة ضد إیران والشیعة بشكل عام. 
وها هو الشیخ ومن دون دلائل أو بینات یتهم إیران بالتورط فی قتل المواطنین فی سوریة، بل ویجعل من حزب وطنی ومقاوم "حزب الله"؛ وقد استکثر علیه التسمیة حین قال الذی یسمى نفسه..؛ مجرد أداة بأیدٍ إیرانیة تنجز به عملیات قتل وتنکیل بالمواطنین السوریین!
فهل هناک إثارة مذهبیة وتحریض طائفی أکثر من هذا، وهل هناک افتراء على المجاهدین المرابطین فی الثغور وطعن فی ظهور الرجال –رجال الله- أغدر مما تفوّه به الشیخ؟!
هل یقبل مسلم حر یؤمن بالله ویخشى الیوم الآخر مثل هذا القول بحق "رجال الله" وصناّع مجد تموز ومفخرة الأمة ومعقد آمالها فی التحریر الکامل وإرسال (إسرائیل) إلى مزبلة التاریخ؟ وهل یرضى الأعضاء فی الإتحاد العالمی لعلماء المسلمین أن یصف رئیس اتحادهم مجاهدی حزب الله وأبطاله بأنهم مجرد مرتزقة تسلطهم إیران على المواطنین السوریین لإعمال القتل والبطش فیهم فی المدن السوریة؟!
هل تدرک یا شیخ خطورة هذا الکلام؟ وهل أنت من فریق جیفری فیلتمان لتساهم من موقعک العلمی ومکانتک بین علماء الأمة، ومن على منبر الجمعة فی أخطر عملیة تشویه للمقاومة واعظم افتراء على مجاهدیها؟!
ثم أین هی شجاعتک وأنت تتحدث عن الیمن، لماذا لم تشر إلى الدور السعودی فی معاکسة حرکة الثورة الیمنیة من خلال العمل على إبقاء الرئیس علی عبد الله صالح أطول فترة ممکنة فی الحکم إلى حین تبلور بدیل وفق المواصفات الأمریکیة والسعودیة، أفلا تعلم أن ثمن هذا الإبقاء للرئیس هو هذه الدماء الزکیة التی تراق فی صنعاء وتعز؟
وبالعودة إلى سوریة.. ألم یکن یجدر بک أن تتحرک فی جهود وساطة بصفتک العلمیة لرأب الصدع والتوسط بین النظام والمعارضین لاجتراح تسویة سیاسیة تحفظ سوریة ودور سوریة فی الصراع والمقاومة من جهة، وتفتح مسالک التغییر والاصلاح السیاسی والدستوری بما یرضی المعارضة الحقیقیة ویصلب الجبهة الداخلیة.
هل اختلطت علیک الأمور –یا شیخ- وتشابهت حتى تضع الرئیس بشار الأسد فی نفس السلة مع ثلة الخونة واللصوص والتافهین من حکام مصر وتونس والیمن ولیبیا؟!
ثم هل البدیل-لا سمح الله- الذی تبغیه لسوریة ولشعبها من تحریضک على رئیسها ونظامها هو جماعة "المجلس الانتقالی السوری" المشبوه نشأةً والمحتضَن بشکل علنی من قبل وزیرة الخارجیة الأمیرکیة کلینتون؟ فمتى کانت أمریکا ترید الحریة والکرامة لشعوبنا؟
أما عن إیران فمعروف کرهک لها، ومواقفک من أزمة تحرش نظام طالبان –قبل سقوطه- بالجمهوریة الاسلامیة وبیانک الفتنوی ضدها کلها شواهد علیک، لکنک تدرک بأن إیران مع الإصلاحات فی سوریة، وقد أعلنت ذلک صراحة ودعت النظام السوری إلى إیجاد مخارج من الأزمة..لکن القیادة فی إیران لا یمکن لها أن تخذل نظاما یجاهر بعداوته ل(إسرائیل) ویحتضن المقاومة ویمدها بکل أشکال الدعم، وتکون یدا واحدة علیه مع کل المتآمرین من أمریکان وصهاینة ورجعیین عرب.. لکن ذلک لا یعنی أنها تعاکس إرادة السوریین فی دمقرطة نظامهم السیاسی، وتحقیق طموحاتهم فی الإصلاح. وأما ما ذهبت إلیه من دور لها فی قمع التظاهرات فقد سبقك إلیه الامریكیون؛ فتبدى كذبهم ولم یسایرهم فی ذلك إلا أبواق صدئة نرأب بك من أن تكون منها. وما علیك أن تعلمه أن إیران أعلنت أن سوریة خط أحمر وهی لن تقف مكتوفة الأیدی إذا ما أرادت القوى المعادیة تكرار السیناریو اللیبی. 
الآن وبعد أن تجاوزت سوریة الوقت الصعب، بانحسار أجواء التوتر، وإدراك الشعب السوری لحجم المؤامرة وهویة الأطراف الضالعة فیها، و شروعها فی الإصلاحات السیاسیة والدستوریة، وبعد أن أبان جیشها عن تماسک أحبط آمال المتآمرین فی رؤیة سوریة ممزقة تعصف بها ریاح الفتنة الطائفیة وهی منکفئة عن دورها المقاوم..اسمح لی فضیلة الشیخ أن أهمس لک وخلافا لما أعلنته فی خطبتک بأنک ستصلی فی دمشق بعد سقوط النظام،فأقول: تلك أمانیك ولن یبلغك الله ما أمّلت من صلاة فی دمشق ..ولن تخطب فی میدانها کما فعلت فی القاهرة..لن تسقط دمشق بید عصابات عدنان العرعور، ولن یتولى أمرها مجلسا انتقالیا، ولن یشمت شامت فی نظام یحتاج إلى الإصلاح، لکنه لم یخن ولم یبع فلسطین فی سوق النخاسة، ولم یقبل صفقات بیع رأس المقاومة أو الحیاد عن محورها أمام كل الإغراءات التی عرضت علیه.
أمامک القدس إن أردت صلاةً کما منیت نفسک بها..لکن بشرط أن تکون فی صف الماسکین ببوصلتها.



ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.