22 August 2016 - 20:03
رمز الخبر: 423426
پ
مَرقد السيد إبراهيم الغَمر (ره)..
لا يموتُ القادة الأوائل، ففكرهم حيٌ لا يزال، هنا يتنفس الإسلام ديناً، وهناكَ يُكرس مفاهيمهُ الإلهية، وبينَ هذا وذاك يبقى الجِهاد عنوانهم، وتبقى نَصرة الدين الحَق غايتهم، لتكون مراقدهم المُطهرة مرآةٌ تعكس ذاك التأريخ المُشرف، الذي يُعانق الحاضِر ويؤثِر فيه..
مَرقد السيد إبراهيم الغَمر

يَقع مرقد السيد إبراهيم الغَمر (رحمه الله) في الكوفة المُقدسة، وتحديداً على الجانب الأيسر للشارع الرئيسي الواصل بين النَجف ذهاباً إلى الكوفة، خَلفَ منطقة الحارس المعروفة في محافظة النَجف، وهناكَ شُيدَ مرقد السيد أبراهيم (رحمه الله) ليكون ملجئاً ومزاراً لمحبي أهل البيت (عليهم السلام).

 

نَسبهُ الشَريف:

هو السيد  إبراهيم بن الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط بن الإمام أمير المؤمنين علي ابن أبي  طالب عليهم السلام، وأمّه السيدة الجليلة القدر فاطمة بنت الإمام الحسين عليهم السلام، لُقبَ بالغَمر؛ لإغمارهِ الناس بجودهِ وكرمهِ، وقيل أيضاً (القمر) لجمالهِ، و (الشَبه) لإنهُ كانَ أكثر أهل زمانهِ شبهاً برسول الله (صلوات الله عليهِ وألهِ).

 

ولادتهِ المُباركة:

ولد السيد إبراهيم الغَمر (ره) في المدينة المنورة سنة ستة وسبعون أو ثمانية وسبعون هِجرية، ونشأ في بيت العلم والمعرفة ومنزل الحكمة والأدب وكيف لا ينشأ ويترعرع على العلم والتقوى والأخلاق الفاضلة من جدّه لأبيه الحسن (عليهِ السلام) وجدّه لأمه الحسين (عليهِ السلام) وهما سيدا شباب أهل الجنة وريحانتا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، وسوى ذلك هو ابن الحسن المثنى ذلك السيد الجليل الفاضل الورع الجواد رئيس قومه ووصي أبيه وولي صدقات جدّه علي بن أبي طالب (عليهِ السلام) المجاهد الذي لم يفتهُ شرف المشاركة في نصرة عمه سيد الشهداء الحسين بن علي (عليهما السلام) في يوم عاشوراء حتى سقط في ساحة المعركة من كثرة جراحاته مضرّجاً بالدماء وشاء الله تعالى أن يبقى حياً إذ انتزعه خاله أسماء بن خارجة من بين الأسرى وردّه إلى الكوفة وداوى جراحه وردَّه إلى المدينة حتى عوفي وسلم ثم في أخريات أيامه ختم الله له بالشهادة مسموماً على يدي طاغية زمانه سليمان بن عبد الملك في السنة السابعة والتسعون للهجرة.

وأمّه فاطمة بنت الحسين(ع) العالمة المحدّثة المجاهدة تابعية من رواة الحديث روت عن جدتها فاطمة الزهراء عليها السلام وعن أبيها الحسين (عليه السلام) وروى عنها أهل السنن الأربعة وجلالة هذه العلوية المخدّرة وعظم شانها أوضح من أن يحتاج إلى بيان وإقامة دليل وبرهان وإليها وإلى غيرها من بنات أمير المؤمنين عليه السلام يرجع الفضل في نجاح ثورة الإمام الحسين عليه السلام وقد قضت عمرها الشريف في العلم والجهاد قال فيها الحسين(ع) (أما في الدين فتقوم الليل كله وتصوم النهار ) ومما يدلّل على مكانتها ورجاحة عقلها هو إيداع والدها الحسين (ع) وصيته عندها يوم عاشوراء ثم بعد ذلك دفعتها إلى الإمام زين العابدين (ع) وخطبتها في الكوفة مشهورة تكشف عن صلابتها ورباطة جأشها وقوة إيمانها، وفي هذا البيت المبارك وبين هذين الأبوين الجليلين العلمين نشأ وترعرع السيد إبراهيم وقد عاصر أربعة من الأئمة عليهم السلام السجاد والباقر والصادق والكاظم عليهم السلام

سماتهُ الفاضِلة :

كان السيد إبراهيم الغمر (رحمه الله) سيداً جليل القدر رفيع المنزلة قليل الحديث حاله حال أكثر أهل البيت لا لقلة العلم والدراية وإنما لتخفيهم وتسترهم بل ولمنعهم من التحديث بأمر من طواغيت عصرهم وقد روى له جمع من الحفاظ واخرجوا له في كتبهم المعتمدة وهو ثقة حتى عندهم، وقد كان من اشد الناس شبهاً برسول الله (ص) كما ورث الجود والكرم من جدّه الحسن بن علي (عليهما السلام) حتى لقب بالغمر لذلك

 

شهادتهُ:

 قيل قبض عليه أبو جعفر المنصور مع أخيه وتوفي في حبسه سنة مائة وخمس واربعون للهجرة وله تسع وستون سنة، وقيل مات قبل أن يصل الحبس لأنهم جردوه من الثياب و كشفوا المحامل عليه وهم في الطريق من المدينة إلى الهاشمية فسقط خده في حر الشمس فمات قبل وصوله الكوفة في ربيع الأول سنة مائة وخمسة واربعون للهجرة وقيل كان عمرهُ الشريف وقتها سبعة وستون عاماً.

 

 

مرقدهُ الشريف:

  له (ره) الآن مرقد شامخ في الكوفة وتحديداً في منطقة كِندة، وتَجدر الإشارة إلى ان الفقيه الكبير المحقق السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي (قُدس سِره) صاحب العروة كان يتعاهد زيارة مرقد السيد إبراهيم (ره) في الكوفة ويعلن للناس دائماً مفتخراً انه قبر جده .

والمستفاد من التاريخ انه منذ القرون الهجرية الأولى كان له صندوق يزار في الكوفة ثم اختفى من بعد القرن التاسع الهجري لسبب نجهله إلى ان ( عثر عليه بعض المنقبين عن حجارة آثار الكوفة الدفينة لبيعها حيث وجد صخرة دفينة تحكي بوضوح انه قبر إبراهيم الغمر ) كما يذكر الشيخ حرز الدين تحقق من ذلك مرجع عصره وسيد علماء زمانه السيد محمد مهدي بحر العلوم قدس سره ومن ثم بنى على القبر الشريف قبة بيضاء اللون محاطة

بصحن صغير ذي إيوانين إلى زمان المرجع الكبير السيد محسن الحكيم قدس سره حيث وسع المرقد ببناء سياج واسع حوله عام الف وتسعمائة وخمسة وستون ميلادية واستمر التقدم بعمارته بجهود المحسنين إلى ان تم وضع تصاميم حديثة له ليبنى بطراز معماري إسلامي ضخم يليق بصاحب المرقد على نفقة مجلس محافظة النجف الاشرف فابتدأ العمل بتنفيذ المشروع الجديد في عام الفين وأحد عشر للميلاد.

وعنَ المرقد الشريف وأثارهِ البالغة كانت لوكالة رسا للأنباء وقفة معَ الأمين الخاص للمزار الشريف سماحة الشيخ علي المُظفر الذي تَحدث قائلاً: "مزار السيد إبراهيم الغمر (رضوان الله عليه) من المزارات المهمة في الكوفة العلوية المقدسة وكيف لا يكون كذلك؛ وهو يضم حفيد الحسن وسبط الحسين عليهما السلام، وجزء من الدور الكبير الذي يقوم به هذا المزار الشريف هو التبليغ الديني والنشاط الثقافي المتواصل بمختلف الفعاليات والمستويات، ومنها الدورات المباركة على مستوى القرآن والفقه والعقائد والأخلاق بالإضافة إلى الندوات الأسبوعية حول القضية المهدوية لما لهذه الجنبة من أهمية بالغة ومن الله التوفيق".

 

الأمانة الخاصة للمرقد الشَريف تحتضن عِدة دورات تخصصية، وأهمها مايدور حول القضية المهدوية، موضحة أثرها في الأمة الإسلامية، بهذا الصدد؛ وضحَ المعاون الثقافي لمزار السيد ابراهيم الغمر(ره) السيد عباس الخياط بحديثهِ لوكالة رسا للأنباء موضحاً دور المزار في رفد الثقافة الإسلامية بندوات تخصصية ودورات فكرية قائلاً: "تُقيم المعاونية الثقافية بكافة شعبها الخمسة (مركز علوم القرآن الكريم وشعبة المكتبة العامة وشعبة الشعائر والاستفتاءات وشعبة العلاقات العامة وشعبة المتحف) عدة نشاطات دينية وثقافية حيث تقام صلاة الجماعة ولم تقتصر على الواجبات فحسب بل هناك برنامج مستمر لصلاة براءة ما في الذمة جماعة  وبرامج للأدعية والزيارات كدعاء الندبة ودعاء كميل ودعاء التوسل ودعاء أهل الثغور وإقامة مجالس الوعظ والإرشاد لطيلة ليالي شهر رمضان المبارك بالتعاون مع العتبة العباسية المقدسة ومجلس يوم الجمعة يقام بالتعاون مع رابطة خطباء المنبر الحسيني ونقوم بإحياء الشعائر في المناسبات و إقامة مجالس دينية ومحاضرات تربوية ومحافل بشكل منتظم على مدار السنة لكل الوفيات والشهادات للمعصومين (ع)  وكذلك نقيم  حفلاً كبيراً في ذكرى ولادة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (ع) ومن خلال ذلك الحفل نقوم بتتويج عدد كبير من الفتيات اللواتي بلغن سن التكليف حيث نستضيف ستة مدارس رسمياً لهذا الحفل وضمن برنامج الحفل يتم توزيع الحجاب الشرعي (جادر) على الفتيات وتوزيع سجادة صلاة هدية المزار الشريف في تلك الولادة الميمونة وإقامة مهرجان كبير في المزار الشريف في الخامس عشر من شهر رمضان المبارك في ذكرى ولادة الإمام الحسن(ع) و في السادس والعشرين من شهر ربيع الأول نقيم مجلس عزاء كبير نستنفر كل الجهود لذكرى وفاة السيد إبراهيم الغمر (ره).

 

وتابعَ السيد الخياط في شرح أهم الدورات والندوات والأنشطة التي يتبناها المزار قائلاً: "تُقام حالياً ندوات تخصصية في القضية المهدوية، خاصة بالقسم النسوي ويلقي فيها محاضرين بالتعاون معَ مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي (عج)، وايضاً لدينا مشاركات في دعم الحشد الشعبي، وإحياء كافة المناسبات الدينية".

يبقى السيد إبراهيم الغَمر (ره) شاهِداً وشهيداً على عظمة قادتنا الأوائل، الذينَ سلكوا مسلك النبي (صلوات الله عليهِ وأله) في إحياء دين الحق، ورفع الظلم عن الناس والشعوب.

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.