05 January 2017 - 11:52
رمز الخبر: 426907
پ
الشيخ جواد رياض لوكالة رسا:
اكد أحد ابررز علماء الازهر الشريف أن"مواجهة الفكر لا تكون إلا بالفكر، فمواجهة الفتاوى المتشددة ينبغي أن يكون بالعلم ونشره على الناس والاجتهاد في هذا النشر، لأن أصحاب الفتاوى المتشددة لهم إمكانات مهولة مادية ومعنوية لا أحد يضاهيها من الفضائيات والانترنت وأيضا المساجد".
الشيخ جواد رياض احد علماء الازهر الشريف

اكد الشيخ جواد رياض، احد علماء الازهر الشريف، على أنه "لا شك أن الاجتهاد فى الشريعة له جذور تاريخية فقد بدء بعد عصر النبى صلى الله عليه وآله وسلم عندما عرضت مسائل جديدة لم تكن من قبل، فاضطر الصحابة وآل البيت للإجابة على هذه التساؤلات، فظهر الاجتهاد، وهو بذلك تم الجهد لاستخراج الحكم من القرآن والسنة فاجتهد صفوة الصحابة وآل البيت لمعرفة الحكم الشرعى" .

 

وأضاف أنهم "اجتهدوا مثلا فى وقت مكث المرأة التي غاب عنها زوجها فلا يعرف موته من حياته، هل تنتظر مدة معينة ثم تتزوج، أم تطول هذه المدة وكذلك اجتهدوا في الحامل المتوفي عنها زوجها هل تنتهي عدتها بوضع الحمل أم تنتظر الى أبعد الأجلين".

 

وبين أن "هؤلاء المجتهدون لم يكن عددهم كبير وقتها، فقد قيل إنهم كانوا بضعا وعشرين صحابيا وإماما بالرغم من أن عدد الصحابة وآل البيت كانوا حوالي مئة وعشرين ألفا أو أكثر قليلا، فالاجتهاد كان محصورا في كبار علماء الصحابة وآل البيت، لأنه لم يكن لكل صحابي هذه الأدوات وهذه المعلومات التي تؤهله لاستخراج الحكم الجديد، فالذين اجتهدوا هم الذين فهموا النص وعرفوه وفهموا كيفية الاستنباط التي علمها لهم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في حياته، وشجع على الاجتهاد من وجد فيهم القدرة على ذلك، حتى لا يقف النص عند عصر معين ... النصوص القرآنية والحديثية جاءت فى معظمها بصيغ عامة وواسعة، يستطيع المجتهد في كل عصر أن ينزل تحتها حكما معينا، ولذلك اتصفت هذه النصوص وهذه الشريعة بالمرونة وأنها صالحة لكل زمان ومكان".

وتابع أن "أهل السنة يقرون بالاجتهاد في زمن الصحابة والتابعين، الفقهاء السبعة وتابعي التابعين والأئمة الأربعة والأوزاعي والليث بن سعد وغيرهم يقرون بأن الاجتهاد مستمر إلى يوم القيامة، ولكن لما حدث بعد عصر الأئمة من التمسك بأقوال الأئمة والبعد عن أي تغيير وانصباب جهدهم العلمي على الشرح والتلخيص والرواية ... إلخ، ووجدوا من ادعى الاجتهاد وليس من أهله، فإنهم لخوفهم من الله أعلنوا غلق باب الاجتهاد، حتى يلتزم العلماء بأقوال أئمتهم، وأصبح الاجتهاد مقصورا على الاجتهاد في المذهب دون أن يخرج العالم عن أصول مذهب إمامه وظل هذا الأمرمستمر فقد ظهرالكثير من المجتهدين في المذاهب الحنفية والمالكية والشافعية ".

 

وأوضح أنه "ظهر بعض المجتهدين المستقلين، مثل ابن حزم الظاهري، ولكن لم تعترف الأمة السنية بأنه مجتهد مستقل ومذهب متبع وفي ظل الاجتهاد داخل المذاهب إلى يومنا هذا أصبح الاجتهاد كلما مر الزمن أقل مما سبق، وذلك بسبب توسع العلوم وكثرة المعلومات وعدم استطاعة العالم الإلمام بها، وقد نادى البعض بفتح باب الاجتهاد، ولكن في الحقيقة هذا لم يلق قبولا لكن أصبح الاجتهاد في الأمور المستحدثة، مثل نقل الأعضاء ومعاملات البنوك ... أصبح الاجتهاد جماعيا عن طريق المجامع الفقهية التي يجتمع فيها كبار العلماء من كافة المذاهب، ثم يصدروا الرأي فيما جد من الأمور، وقد يكون هذا الرأي باتفاق وقد يخرجون بغير اتفاق، وهنا يجوز للمسلم والعامي أن يقلد أحد الرأيين".

 

وتابع أنه "يوجد من يخالف الاجتهاد الجماعي عن طريق المجامع الفقهية الكبرى، مثل مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر وهيئة كبار العلماء، فيوجد من يصر على رأي يخالف هذه المجامع، خاصة من السلفيين فإنهم يصرون على آرائهم بل ويبلغون الناس أن آراءهم هذه مجمع عليها وهذا كذب، ولا ينبغي في الأمور المستحدثة الكبرى والتي تخص المجتمع بأكمله، أو تخص مجموعة كبيرة من الناس أن يصر الإنسان على مخالفة الجمع، لأن الارتباط بما اتفق عليه الأكبر من القمم العلمائية لا شك أنه أبعد عن الخطأ من الرأي الفردي، وقد يعمل برأيه الفردي لنفسه إذا كان من أهل الاجتهاد، لكن إعلانه يعطي نوعا من الاعتراض على هذه المجامع فيما وصلوا إليه".

وحول مستلزمات وألادوات التي ينبغي أن تتوفر للممفتي قال الشيخ جواد رياض أن "المفتى قديما كان لابد أن يكون مجتهدا يعنى يملك اجتهادا مطلقا مثل الأئمة، لكن في العصور التالية أصبح هذا الشرط صعب المنال، فأصبح مجتهد المذهب يفتى بمذهب إمامه، واستمر الأمر على ذلك إلى العصور الحالية ، فأصبح المفتى هو من يستطيع أن ينقل آراء مذهبه نقلا صحيحا، فيعرف الترجيح بين هذه الآراء، فقد يكون بعضها ضعيفا أو مرجوحا، وهذا أصبح أمرا لا يستطيع أن يمتلكه ويتدرب عليه إلا من درس دراسة علمية أكاديمية فى إحدى مؤسسات العلم الدينى، كالأزهر مثلا و كان يجب عليه أن يحصل على أعلى الشهادات العلمية فى ذلك المجال، ثم يكون ذلك هو بداية للتعلم وليست النهاية، ولذلك لابد أن يكون ملما أيضا ببعض العلوم الإنسانية مثل علم النفس والتربية والاجتماع".

وأكد أنه "هناك من يقرأون بعض الكتب ثم يتولون الإفتاء للناس فهذا شئ محرم، بل من كبائر الذنوب، قال تعالى "ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب" ولذلك فإن دار الإفتاء ولجان الفتوى بالأزهر تختار أعضاءها اختيار دقيقا، فيشترط أن يكونوا من خريجى إحدى كليات الشريعة وأن يكون قد حصل على الدراسات العليا ومارس تدريس الفقه فى كليات أو معاهد دينية أو عمل قاضيا شرعيا وأن يكون له دراسات نشرت فى مجال الفقه والشريعة، وأن يكون متسما بالورع والخوف من الله ،لأن المفتى لابد أن يعرف النصوص عامها وخاصها مطلقها ومقيدها وأن يعرف العلل وأن يعرف الأصول واللغة والنحو ".

وحول تمييز الناس للمفتين الكاذبين عن الصادقين قال أن "التمييز بالطريقة القديمة صعب، لأن العلماء قديما كانوا يعرفون المجتهدين منهم بإجازاتهم وكثرتها وكثرة شيوخهم وطلبهم للعلم وتمييز آرائهم، أما الآن فقد دخل الأمر فى فوضى الفتاوى وأصبح الناس يتأثرون بمن يقول ويتكلم فى الدين فى القنوات الفضائية، ونحن عندما نسمع هؤلاء ندرك ضعفهم وبعدهم عن أصول الفقه والشريعة، لكن العوام يتأثرون بهم لدرجة أنه كان هناك عالم جيولوجيا كبير يتكلم عن الإعجاز العلمى فى القرآن فى إحدى الندوات، ففوجئ بأسئلة تأتى إليه فى الميراث والزكاة والمعاملات، فالعوام لا يدركون الامر مع شديد الاسف وقد استغل "الوهاسلفية" اي الوهابية والسلفية هذا الأمر فأثروا على العوام بمظهرهم وبكلامهم، فالتمييز الحقيقى يكون عن طريق المؤسسات الرسمية للدعوة والفتوى مثل دار الإفتاء ولجان الفتوى بالأزهر ووزارة الأوقاف، فهؤلاء يختارهم الأزهر اختيارا صعبا قائما على أصول العلم والتخصص، فالذين تخصصوا فى كليات الشريعة فى الفقه وأصوله، هم القادرون على الإفتاء وإذا صادفه مسألة أو فتوى لم يلم بها، استطاع أن يبحث وينقب ويرجح ويصل إلى الإجابة عن طريق الكتب المعتمدة والتى اتفق عليها العلماء واتفقت عليها الأمة".

نموذج احدى اراء الوهابية بتقربهم للصهاينة

وأكد الشيخ جواد رياض ردا على سؤال مراسل وكالة رسا حول مواجهة التشدد وخطوات الازهر الشريف في هذا المجال، على أن "الأزهر دائما يواجه الفتاوى التكفيرية المتشددة سواء عن طريق دعوته في الجامعة والمساجد أو في المؤتمرات أو عن طريق اللقاءات تليفزيونية لبعض علمائه أو طريق المطبوعات والمواقع الالكترونية او مواقع التواصل الاجتماعي، كل مؤسسات الأزهرتعمل على نبذ التشدد ونبذ التيارات التي تخالف الوسطية ومنهجية الأزهر في الدراسة ينبذ هذا التطرف والتشدد، ولذلك لا تجد فتوى تخرج من الأزهر تحمل هذا الفكر التكفيري، أما عن المناهج الدراسية فهي كذلك ففي الدراسة الثانوية يدرس الطالب مذهبا واحدا من المذاهب الأربعة، وفي كليات الشريعة يدرس الطالب المذاهب الثمانية، الأربعة السنية (الحنيفة والمالكية والشافعية والحنبلية ) والمذاهب الأربعة غير السنية ( الإمامية والزيدية والإباضية والظاهرية ) وذلك في الفقه المقارن وهذا يعطي نوعا من المرونة وأن هذه المذاهب كل منها يحمل دليلا على كلامه، فينشأ عند الطالب هذه المرونة في فكره، أما مدارس الوهاسلفية فإنها تدرس المذهب الواحد أو قل التيار الواحد وهو تيار ابن عبد الوهاب، وابن تيمية دون أن يعرض على الطالب بقية المذاهب والآراء، فيظن أن الحق في جانبه هو فقط، وأن الباقي من هذه الآراء غلط".

 

وأضاف أنه "دائما أقول إن مواجهة الفكر لا تكون إلا بالفكر، فمواجهة هذه الفتاوى المتشددة ينبغي أن يكون بالعلم ونشره على الناس والاجتهاد في هذا النشر، لأن أصحاب الفتاوى المتشددة لهم إمكانات مهولة مادية ومعنوية لا أحد يضاهيها من الفضائيات والانترنت وأيضا المساجد ولذلك ينبغي على المؤسسات الرسمية أن تبذل الجهد والمال لنشر آرائها وفتاويها، ولا تقف موقف المدافع وإنما تقف موقف من معه الحق".

 

وختم الشيخ جواد رياض قائلا أنه "يجب أن نواجة الفكر المتطرف  في مجال الفقه والشريعة والفتوى في المساجد وفي الجامعات وأن تكون اللقاءات مع الناس تحدثهم عن أخطاء هؤلاء المدعين الذين نبتوا في غير الأرض الطيبة وأنا أرى أن الثقافة الإسلامية لابد من تدريسها في المدارس والجامعات للطلبة في كافة العلوم، لطلبة الطب والهندسة والعلوم فهذا ضروري أن تكون هناك مادة ثقافية تقدم الوعي الصحيح لهذه الأمة".  (9861/ع923/ك1277)

 

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.