19 February 2017 - 21:26
رمز الخبر: 428156
پ
العالم الازهري الشیخ جواد ریاض فی حوار خاص مع رسا:
أكد الخبير المصري في الشؤون الدينية على أن "الهجمات الشرسة من قبل وسائل الإعلام لها تاريخ طويل، فهم ينقدون بعض الكتب الدراسية دون دراية، وإنما يقطعون الكلام من السياق، ثم يحدثون الفرقعة الإعلامية، ومن عادتهم أن لا يذكروا كل ما لا يعجبهم".
الشيخ جواد رياض

أكد الخبیر في الشؤون الدينية والعالم الازهري الشيخ جواد رياض في حوار خص به وكالة رسا للأنباء حول قانون الطلاق في مصر على أن "الأصل في الطلاق عند أهل السنة أنه يقع بمجرد التلفظ به صريحا، وذلك لأن آيات الطلاق لم تشترط شهودا أو كتابة، فقال تعالى "لا جناح عليكم إن طلقتم النساء..."، ولفظ "لا جناح" من الألفاظ التي تفيد الإباحة دون شرط، لأن معناها لا تبعة، وإنما إشترط القرآن فقط أن يطلقها لقبل عدتها، فقال تعالى"فطلقوهن لعدتهن" وهذا ما أوضحه رسول الله صلى الله عليه واله سلم في أنه ينبغي للمطلق أن يطلق في طهر لم يجامعها فيه، وألا يجمع الطلقات الثلاث في مرة واحدة، وإنما يفرقها في كل طهر".

وتابع أن "هذا ما يسمى طلاق السنة ويقابله طلاق البدعة، وهو أن يطلقها في حيض، أو طهر جامعها فيه، أو يطلقها ثلات مرات في واحد، واتفق علماء أهل السنة على مر العصور على وقوع الطلاق بمجرد التلفظ، وهذا يدعمه فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وصحابته وآل بيته، فقد طلق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حفصة رضي الله عنها حتى نزل عليه الوحي يأمره أن يرجعها، فإنها صوامة قوامة، وكذلك الصحابة فإن عمر رضي الله عنه طلق أم عاصم رضي الله عنها وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه طلق تماضر، والمغيرة بن شعبة طلق زوجاته الأربع".

وأضاف أن "كل ما سبق كان دون إشهاد ودون توثيق، فالتوثيق لم يكن حتى في الزواج، لأن القبائل كانت معروفة، لكن الإشهاد على الزواج عند أكثر أهل السنة من أركان الزواج عند بعضهم، ومن الشروط عند البعض الآخر أما الإشهاد على الطلاق فليس من الأركان ولا من الشروط، ويستحب فقط عند البعض لقوله تعالى "وأشهدوا ذوي عدل منكم" أما وقوعه فإنه يقع بمجرد التلفظ، وفي القانون المصري يجب الإشهاد على الطلاق في خلال ثلاثين يوما، وهذا شئ حسن لحفظ الحقوق، ولكنه لا علاقة له بالوقوع نفسه، فالطلاق واقع بمجرد التلفظ، إذا كان صريحا ومقصودا، وأما الرجعة، فالإشهاد عليها مستحب عند الأحناف، وشرط في قول مالك وأحد قولي الشافعي".

وأوضح أن "ما يردده القائلون بأن الزواج كان بإشهاد، فينبغي أن يكون الطلاق بإشهاد، فهذا مردود، لأن الزواج إذا كان بغير إشهاد في مذهبنا فإنه يكون عارا على المرأة، لأن الشبهة تطالها، وتؤثر فيها وفي أبنائها، فلا ينبغي أن تضع نفسها في مواضع الشبهات، وقد قال الله عز وجل "وأخذن منكم ميثاقا غليظا" أما في الطلاق فلأمر يختلف، لأن الطلاق إنفصال لاستحالة العشرة، وليس في هذا الانفصال عار أو شبهة".

وحول محاولات الاعلام المصري على طرح عدم وقوع الطلاق إلا عند المأذون أو بشهود أكد "الذي دعا إلى ذلك إثارة هذا الموضوع من قبل بعض الدعاة المشهورين إعلاميا وهم قلة أكاديميا ولا شك أن هذا جاء ليعبر عن رغبة بعض الناس في تطبيق ذلك حتى يكون على راحته في التلفظ بأيمان الطلاق ، كما هو على راحته في الشتم والسب وقد إستغل بعض الإعلاميين ذلك من باب الفرقعة الإعلامية، ووجود موضوعات يثيرونها، وليس من باب الوصول إلى ما عليه أئمتنا وأنا أعتقد أن بعض هؤلاء الدعاة الذين ينادون بعدم وقوع الطلاق إلا موثقا ليس عندهم القدرة على هضم مسائل الطلاق الأكاديمية، ولاكيفية الرد عليها، حيث أنها في الفقه السني صعبة إلى حد ما، وفي نفس الوقت لا يريد أن يقول أمام الناس وفي التليفزيون "لا أعلم"، أو يحيل هذه المسائل إلى دار الإفتاء ولجان الفتوى، فالمسألة بالنسبة لهم صعبة وحلها في رأيهم هو أن الطلاق لا يقع إلا في حالة واحدة وهو الطلاق أمام المأذون".

وبين أن "هيئة كبار العلماء في الأزهر هيئة علمية أكاديمية كبرى، تجمع فيها كبار فقهاء وعلماء العصر من أهل السنة ومن المجتهدين، واختيارهم بطريق الانتخاب وليس عن طريقة التعيين، وهم لا يرغبون في شيء من حطام الدنيا، بعضهم قد بلغ سنهم الثمانين أو التسعين، فهم يصدرون فتواهم حسب حاجات الامور العصرية التي تجري في المجتمع، وفي أحيان يكون رأيهم إجماعا، مثل حالة الطلاق الشفهي، وأحيانا يخرجون برأيين، مثل جواز نقل الأعضاء الذى أباحوه بشروط، وقد سبق لهم أن أصدروا فتاواهم في مسائل أخرى قد تتوافق مع الجو السياسي وقد تتعارض معه، ففي السابق لم يوافقوا على جمع الزكاة عن طريق الدولة، ولم يوافقوا على جعل الدولة واحدا من الورثة، ولم يوافقوا على إصدار الصكوك المخالفة للشرع في عهد حكم الإخوان، وأوضحوا للناس أن هذه الصكوك مخالفة للشريعة، قد أعطى الدستور المصري هذا الحق، حق إصدار الرأي فيما يجد من مشكلات عصرية إلى هيئة كبار العلماء والأزهر، فهم ليسوا مجرد علماء من الأزهر، وإنما هم كبار العلماء المجتهدين الذين لهم القرار النهائي في المسائل المستحدثة".

وتابع أن "الهجمات الشرسة من قبل وسائل الإعلام لها تاريخ طويل، فهم ينقدون بعض الكتب الدراسية دون دراية، وإنما يقطعون الكلام من السياق، ثم يحدثون الفرقعة الإعلامية، ومن عادتهم أن لا يذكروا كل ما لا يعجبهم، لا يذكرون للأزهر مواقفه الإيجابية والأزهر أحيانا يقول رأيه في بعض الكتب الثقافية أو المقالات التي تدعو إلى الإلحاد، أو ينتقد الحرية الإباحية، فيزعمون بذلك أن الأزهر يتسلط عليهم، ويعبرون بذلك عن الحرية في الكتابة وفي الكلام وفي الحقيقة أن الأزهر يقدم للناس كل ما هو وسطي ومعتدل، والأمثلة كثيرة".

وختاما أكد الشيخ جواد رياض على أن "لا شك أن هذه الخلافات بين الإعلام والأزهر تؤثر تأثيرا كبيرا، فإن الناس سابقا سواءا مسلمين اونصارى كانوا يوقرون الأزهر وعلمائه، ويعتبرون الأزهر هو منارة الفكر الوسطي، إذ لم يصدر عن الأزهر أو دار الإفتاء ما يثير العداوة بين المسلمين والنصارى، فأجاز على سبيل المثال تحيتهم وتقديم التهنئة لهم في أعيادهم ومناسباتهم، عكس ما يثيره "الوهاسلفية" في كل عام، ورجح الأزهرقضاءً القول بقتل المسلم بالنصراني إذا قتل المسلم نصرانيا أخذا بمذهب أبي حنيفة، إذ إن ذلك يقتضيه العصر وتقتضيه المواطنة، لكن الناس الآن بسبب تأثير وسائل الإعلام المختلفة فضلا عن تأثير الوهاسلفية في مصر قد تحول عند أكثرهم المعني القديم بالاحترام والتوقير وكنا نقول لهم أنكم كنتم دائما تقولون إن علماء الأزهر علماء سلطة، فهل هم حقا علماء سلطة".(9861/ع922/ک920)

 

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.