
أكد الباحث الاسلامي التونسي الاستاذ حبيب مقدم على أن "قضية التقريب بين المذاهب الإسلامية، هو واجب وتكليف شرعي على كل مسلم، ويشتدّ هذا التكليف والواجب على من هم في مواقع القيادة والمسؤولية، ولعلّنا إذا نظرنا إلى الجمهورية الإسلامية من جهة موقعها الذي رُسم لها قبل ثلاثين سنة، أي منذ اندلاع الثورة الإسلامية، والذي تلخصه عبارة «الجمهورية الإسلامية» سنجد أن المسؤولية اتجاه هذا التكليف أشدّ وأوثق، وبالتالي لابد من جعل هذه القضية ضمن المقاييس والضوابط التي من خلالها يرسم الرئيس المرتقب سياسته وعلى هذا المنوال يجب على رئيس الجمهورية أن يجعل مسألة التقريب، ضابطة ومقياس في رسم سياسته الداخلية والخارجية وأن يجعل لهذه القضية حيّز في خطاباته، بحيث تكون فكرة التقريب حاضرة بقوة في خطاباته وايضا أن يلي اهتمام واشراف ودعم للنشاطات التي تقام في هذا الخصوص ولابد من أن يضع سياسة وانشطة فعّالة اتجاه هذه القضية، بحيث تخرجها من خانة المؤتمرات والاجتماعات والجلسات المغلقة إلى وعي النّاس وفكرهم وحركتهم العملية".
وحول تعامل رئيس الجمهورية الاسلامية مع الاستكبار العالمي بين أن "الاستكبار العالمي الذي تشرف عليه وترسخه مجموعة من دول العالم، هو مشروع قديم بقدم الإنسان، وذلك لأنّ هذا المشروع هو عينه المشروع الذي يمثل خط الشيطان في حياة الدنيا، وذلك في مقابل الخط أو المشروع الإلهي الرباني ولكن لو عدنا إلى هذه الدول التي تتخندق خلف سواتر هذا المشروع، سنجدها على قسمين، القسم الأول هي الدول التي ترعى وتشرف وتقود هذا المشروع، والقسم الثاني هي الدول التي تتموضع في موقع التابع لهذه الدول التي تقود هذا المشروع جزء من الدول في القسم الثاني هي التي سعت وتسعى الى أن تكون ضمن مشروع الإستكبار لأجل أن يحافظ أصحاب هذه الحكومات على وجودهم، والقسم الآخر هي الدول التي يصح مع نسبة من التحفظ أن نطلق عليها أنّها مستضعفة، وذلك لأنّها ترى نفسها مرغمة على أن تكون تابعة لهذا المشروع".
وتابع أنه "يجب على رئيس الدولة أن يكون حاسمًا في موقفه وسياسته إتجاه القسم الأول من الدول، والتي تمثل القيادة في مشروع الإستكبار، بحيث يعمل على قطع أي نوع من العلاقات بين حكومته وحكومات هذه الدول. وبما أنّ موقع المستضعفين يفرض أن تكون حركة المستضعف دفاعية أكثر من كونها هجومية، فمن الأولى أن يعمل المستضعفون على ضرب العدو في يديه لا في قلبه، الدول الإسلامية بالتحديد، يجب أن يتعامل معها ضمن ضابطة التقارب والوحدة الإسلامية قدر الإمكان، إلا إذا لم يترك الطرف الآخرمجالا لمعنى التقارب، فعندها يتعامل معه على وفق قانون البغي الذي يحدّده القرآن الكريم في قوله تعالى "وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ".
وقال أن "دول المنطقة أغلب شعوبها إسلامية، فمن الطبيعي أن يكون التعامل معها، أو اتخاذ القرار اتجاه حكوماتها ليس بالأمر الهين، ولكن من الواجبات الدينية على الرئيس المرتقب، أنّ يتعامل مع هذه الدول الإسلامية بسياسة منفتحة وثابتة، بحيث تكون محكومة بالضوابط التي تفرضها علاقة الجيرة والوحدة في الدين، هذا في العموم، أمّا لو أردنا أن نتكلم على بعض الأسر الحاكمة في الجزيرة العربية، وعلى رأسهم أسرة آل سعود، والتي أغرقت نفسها في مستنقع المشروع الإستكباري، وكذلك تعمل أيضا على اغراق حكومات إسلامية معها، فالحسم السياسي معها هو ضرورة وحكمة تتطلبها المرحلة الحالية، أمّا الحسم العسكري فهو خيار يجب أن يكون على طاولة الرئيس، ويجب أيضًا أن يكون محكومًا بقوله تعالى" وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ".
وحول دعم المستضعفين ودور رئيس الجمهورية الايرانية في هذا الملف أوضح أن "العمل على دعم المستضعفين في الأرض وبالأخص في البلاد الإسلامية يجب أن يكون ضمن البرنامج الرئاسي، وإن تطلب ذلك القتال في سبيل الدفاع عليهم، وهو واجب شرعي مرمي على عاتق قيادات الأمّة بالدرجة الأولى، وإذا أردنا أن نفسر واقع الجمهورية الإسلامية خلال الثلاثين سنة الماضية، ضمن منظومة السنن الإلهية، يمكن أن ندّعي أن النجاحات والإنتصارات التي تحقّقت لها، في هذا الظرف الزمني القياسي، يعود بالدرجة الأولى إلى إلتزامها بجملة من المبادىء، من أبرزها الدعم والدفاع عن المستضعفين، الذي هو الآخر استجلب التوفيق الإلهي، فحقّقت الجمهورية ما لم يكن متوقع، فمن الضروري، على الرئيس المرتقب، أن لا يستهين بهذا المبدأ، بل يجب عليه أن يخرجه من خانة التفاوض مع أي دولة كانت، أو أي جهة كانت، نعم قوّة العمل على هذا الملف وضعفه، يحدّده الواقع، وبالأحرى مصالح المستضعفين، ولكن يجب في هذه المرحلة الدفع بهذا الملف إلى الأمام، لا التريث أو التراجع فيه".
وحول الهجمات الشرسة من قبل الاعلام المعادي والعربي التابع للإستكبار العالمي بين أن "هناك قاعدة عملية، يحكم بها عقل كل عاقل، وهي أنّه إذا كان لديك هدف تريد الوصول إليه بنفسك، فعليك العمل على الحفاظ على نفسك لتتمكن من الوصول للهدف وتحقيقه، وإلاّ فما فائدة الحركة من الأصل، طبعا هذه القاعدة لا تشمل مبدأ التضحيّة التي قد تتطلبها بعض الأهداف، فوفق هذه القاعدة، تتقرّر أولوية العمل على هذه المسألة، فمن الضروري ومن الحكمة وكذلك من أولى أولويات الرئيس المرتقب، أن يكون مبدأ الحفاظ على كيان الجمهورية الإسلامية حاضرًا لديه دائمًا، وإلاّ سنصل بعد ذلك لما لا يحمد عقباه، وما لا يريده أحد، وهذا يفرض على الرئيس عمليًا أن يعيّن لجان مختصّة وكفؤة، للعمل على رسم الخطط ووضع البرامج، لا فقط لمواجهة حملة التشويه الإعلامي التي تتعرض لها الجمهورية الإسلامية، وخط المقاومة داخل الأمة".
وختم السيد حبيب مقدم قائلا أنّ "المرحلة الحالية التي يمر بها العالم عموما، والمنطقة خصوصًا، تتطلب من الذين يتصدوا لقيادة الأمة، أن يتّصفوا بالقوّة المعنوية اللازمة، بحيث يكون معها القيادي قادرًا على الحسم العادل في القرار والموقف، وقبل ذلك أن يتّصفوا بالبصيرة والحكمة اللازمة، بحيث يحافظون على سيرهم ضمن أطر الحقّ والحقيقة وعليه، فدور كل فردٍ مهما كان موقعه، هو أن يبحث عن القرار والخيار الذي تقرّره التوجيهات والأوامر الإلهية، ولا يجعل نظره منصبًا فقط على المصالح والمفاسد التي تتعلّق بحياة النّاس الذين يعيشون في هذه المرحلة من حياة بني الإنسان، فنحن مجرد أفراد سنوجد في مرحلة زمنية من حياة الإنسان، ثمّ نمضي إلى حيث المستقر والحساب، وستبقى نتائج أفعالنا وقراراتنا مؤثرة في حياة الأجيال القادمة".(9861/ع922/ك965)