05 May 2012 - 17:40
رمز الخبر: 4566
پ
رسا/تحلیل سیاسی- فی مجریات السیاسة الداخلیة؛ هی مجرد انتخابات تکمیلیة لحسم مصیر 65 مقعدا لا أکثر، لکن وعلى الصعید الدولی وفی سیاق الاشتباک المتواصل مع الغرب وحلفائه یکون الحدث استراتجیا، فقوة المشارکة الانتخابیة أو ضعفها ولو فی هذا الإطار تترجم نقاط قوة او ضعف فی أکثر من ساحة وعلى هامش أکثر من ملف. بقلم عبد الرحیم التهامی.
الإنتخابات التکمیلیة فی إیران والغرب..سوء الفهم الکبیر


کانت إیران بالأمس على موعد مع الجولة الثانیة من انتخابات مجلس الشورى الاسلامی؛ حیث جرى التصویت فی ثمانی عشرة محافظة وفی 33 دائرة انتخابیة، لحسم مصیر 65 مقعدا یتنافس علیها 130 مرشحا، على أن التنافس ترکز على المقاعد الخمسة والعشرین للعاصمة طهران.
وعلى الرغم من أن الاستحقاق الأهم فی الانتخابات التشریعیة قد حسم تقریبا فی الجولة الأولى من الانتخابات، حیث تبدّت وانطلاقا من النتائج وکما من نسبة المشارکة التی بلغت 65فی المائة توجهات الناخب الایرانی السیاسیة، وقدرته الخارقة على إفشال المراهنات الغربیة على بروز الفجوة السیاسیة بین النظام الإسلامی وشرائح الشعب الإیرانی؛ فإن الحدث الانتخابی أمس لا یقل أهمیة لجهة مدلولاته السیاسیة.
فالمعروف أنّ الحدث السیاسی الإیرانی الداخلی یخضع للقراءة والتحلیل الدقیقین من قبل الخبراء فی مراکز الرصد والدراسات الاستراتجیة، فالإحداثیات السیاسیة للوضع الإیرانی مطلوبة من لدن صاحب القرار فی الدوائر الامریکیة والاسرائیلیة والأوربیة. وکل أعین المجهر تترقب منطقة الشرخ ولحظته فی الحیاة السیاسیة الایرانیة سواء على المستوى الافقی ای فیما بین التیارات السیاسیة نفسها او بین هذه الاخیرة والقیادة العلیا الممثلة فی الولی الفقیه السید علی الخامنئی، او على المستوى العمودی ما بین مؤسسات النظام وقیادته وبین جماهیر الشعب الإیرانی.
وعلى قدر الحدث وأهمیته تتحرک الآلة الإعلامیة المعادیة وبکل طاقتها وقدراتها المتنوعة والذکیة فی محاولة للتأثیر فی الرأی العام الإیرانی والتشویش علیه التماسا لنقطة التغایر مع خط قیادته وتوجیهاتها فی القضیة ذات الصلة، لاستثمارها فی توسعة الشرخ والبناء علیها ما یلزم من المواقف والسیاسات.
وعادة ما یکون الحدث السیاسی المرتبط بالحالة الجماهیریة کالاستحقاقات الانتخابیة وذکرى انتصار الثورة الإسلامیة ویوم القدس العالمی... فرصة لاختبار وقیاس مدى فاعلیة ونجاعة أدوات الحرب الناعمة التی تشنها الولایات المتحدة الأمریکیة على الجمهوریة الإسلامیة فی إیران.
وبالعودة إلى موضوع الإنتخابات التشریعیة فإن الرسالة الحازمة التی وجهها الشعب الإیرانی للغرب خاصة فی الجولة الاولى من هذه الانتخابات، أعاد البصم علیها ثانیة لیقول لکل المتربصین شرا بهذه المسیرة الإسلامیة الرائدة أنهم لن یظفروا بلحظة الشرخ لکی یسللوا منها لضرب تجربة النظام الاسلامی وإضعافه.
فقد وصف رئیس لجنة الانتخابات بوزارة الداخلیة الایرانیة صولت مرتضوی، نسبة مشارکة الشعب الایرانی فی الجولة الثانیة، بالجیدة للغایة على الرغم من سوء الأحوال الجویة وهطول الأمطار فی بعض مناطق البلاد، بل أن فترة التصویت مددت حتى الساعة التاسعة مساء. وهنا یکمن المشهد المحبط للحسابات الغربیة، والذی یتصور أن حربه الاقتصادیة على إیران وتشدید العقوبات ستجد لها بعض المفاعیل التی تمس بالالتزامات الوطنیة والدینیة للمواطن الإیرانی تجاه نظامه الإسلامی.
ولا یمکن لنا ان نصف هذه الخیبات المتتالیة للغرب المتربص بالثغرة الاستراتجیة التی لن تأتی أبدا؛ إلا بسوء الفهم الکبیر، الذی لم تستطع مراکزه ومعاهده التجسسیة والعلمیة فی تحلیل وقراءة المشهد السیاسی الإیرانی وفی فهم واستیعاب ثوابته ودینامیاته.
فکیف یمکن فک رموز معادلة سیاسیة کتلک التی اکتملت ملامحها أمس بمناسبة الجولة الثانیة من انتخابات مجلس الشورى الإسلامی، فمع کل التشویش الإعلامی والضغط الإقتصادی..، ترتفع نسبة المشارکة، ویتبدى المزاج الانتخابی الغالب کأقرب ما یکون من خط الولایة، عبر منح الثقة للتیار السیاسی الأکثر تعبیرا عن توجهات القیادة على المستویات السیاسیة والثقافیة والاستراتجیة؟
وتزداد حیرة الغرب وهو الذی روّج لربیع إیرانی بعدما تمکن من اختراق وتدجین موجة ما یسمى (بالربیع العربی)، عندما لا یجد حسیسا (للموجة الخضراء) فرس الرهان الخاسر فی انتخابات الرئاسة السابقة، فی کل هذا الخضم..بل تستبد به الحیرة وهو یقرأ فی الخارطة السیاسیة التی أوصلها الناخب الإیرانی لمجلس الشورى الإسلامی، حیث یمکن استشراف الهویة السیاسیة للرئیس المقبل فی الانتخابات الرئاسیة القادمة.
وکما قال الإمام السید علی الخامنئی "فإن الشعب الایرانی سیجسد الجمعة (أمس) مرة اخرى بتواجده فی الساحة، الوعی والبصیرة والمعرفة بمتطلبات المرحلة"، وهو ما حصل، فقد قام الشعب بواجبه وما تملیه علیه مواطنیته والتزامه الثوری، وارسل رسالته لکل المراهنین على فتور إیمانه وتعلقه بتجربته الإسلامیة..وکتب على وجه الرسالة (الْیَوْمَ یَئِسَ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ دِینِکُمْ...).
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.