18 August 2012 - 18:11
رمز الخبر: 5004
پ
رسا/آفاق- فی یوم القدس العالمی تبین الخیط الأبیض من الخیط الأسود فی واقع الأمة..وبان الفارق الشاسع بین الثورة وبین أوهام الثورة، لکن المهم أن القدس وفی الجمعة الأخیرة من شهر رمضان تلقت الرسالة فتهللت مآذنها بالبشر. بقلم عبدالرحیم التهامی.
القدس فی یومها العالمی..لا قرّت أعین الخونة


عاشت إیران أمس قیامة تجدید العهد لفلسطین وکانت وکما على مدى أکثر من ثلاثة عقود فی الموعد..الجمعة الأخیرة من کل رمضان صار عنوانا وهویة ثوریة واندرج بعمق ضمن المحطات الثوریة التی لا تتخلف عنها الجماهیر؛ بل تحییها بحماس منقطع النظیر یجلّی أمامنا حقیقة فریدة وهی اننا أمام ثورة مستدامة وطافحة بالعنفوان والحیویة..لم یسری الفتور او العیاء إلى جمهورها، ولم تتکلس هی بموجب النقلة من الثورة إلى الدولة، النقلة التی تحکم مسار کل ثورة.

هو خروج لأجل القدس وفلسطین، وهو خلخلة لذاکرة الأمة حتى لا تنسى فلسطین وکی تحاذر من أن یستولی عنوان ثانوی على موقع الصدارة فی کفاحها ونضالها من أجل استرجاع المقدسات، تطهیرا للجغرافیا وإنصافا للتاریخ. کما هو اولا وأخیرا تأکید على أن نبض الثورة لن یخفت ولن یجفو أمام کلّ قضیة عادلة من قضایا الشعوب المستضعفة وفی مقدمتها قضیة الشعب الفلسطینی المظلوم.

هو یوم من أیام الله، انبثق فی إیران من زمن الإمام الخمینی(قده)، وامتد فی أکثر من موقع من مواقع الحیاة فی الأمة، وها هو یتواصل نضرا مفعما بروح الجهاد فی جیل الثورة وأجیال ما بعد الثورة الإسلامیة.

لم یکن یوما "یوم القدس العالمی" مجرد شعارات وقبضات ترفع فی الهواء، بل کان موقفا مبدئیا وتکریسا لمقدرات ثورة وسیاستها الخارجیة من أجل قضیة فلسطین..وهو الموقف والتبنی الذی کانت کلفته مرتفعة؛ حصار اقتصادی، وهجمات إعلامیة ممنهجة لضرب موقع إیران فی الأمة ومکانتها الطلیعیة.

وجاء یوم القدس العالمی هذا العام، فی سیاق تطورات اقلیمیة مفجعة ومؤلمة على خلفیة الإستهداف العالمی لسوریا، وما ارتبط بهذا الاستهداف من عملیة تحویر کبرى فی وعی الأمة والتزاماتها تجاه فلسطین..فقد استطاعت القوى المتربصة بالأمة أن تجهض صحوتها الاسلامیة وتفرغها من طاقة الدفع، وتصطنع لها قضیة وهمیة هی (الثورة السوریة)، وعدوا من بین جانحیها هو محور المقاومة!

کان من نتائج هذا التحویر والاستدراج أن غابت قضیة القدس، واختفت من المشهد الإعلامی کلمة فلسطین، برغم من أن مشروع تهوید القدس یتقدم ویقضم مساحات جدیدة بشکل مضطرد، وقد ساهمت الهدنة التی دخلت فیها فصائل المقاومة الفلسطینیة فی غزة فی تمریر مخطط انزال قضیة فلسطین من الصدارة.

لم تکن فلسطین مهمشة کما هی الیوم، بل هناک من یعمل على إطالة جرحها، فالسلفیون الذین اکتسحوا الاعلام الفضائی یجهدون فی نقل الصراع من صراع مع الصهاینة إلى صراع فی داخل الأمة بین السنة والشیعة، ویعلنون ذلک من دون حرج؛ إیران هی العدو، والتشیع هو الخطر الماحق على الأمة، ویدعون لتعبئة الأمة من أجل القضاء على من یسمونهم بـ(الروافض).
وللأسف فقد سجلّ تواطؤ مع هؤلاء، من قبل فریق عریض من علماء أهل السنة، فلم نجد النکیر إلا من تجمع العلماء المسلمین فی لبنان ومن بعض الشخصیات العلمائیة هنا أو هناک.

وکان من مظاهر الخطر الزاحف على الأمة ما أقدمت علیه مجموعة سلفیة مهووسة بالقتل والدم فی تونس، حین هاجمت الحفل الختامی للدورة الثانیة لمهرجان الأقصى فی مدینة بنزرت التونسیة الذی شارک فیه الأسیر اللبنانی المحررمن السجون الإسرائیلیة؛ سمیر القنطار، حیث إقتحم السلفیون المتشددون بالسیوف والهراوات والعصی المکان المخصص لهذا الحفل بدار الشباب بمدینة بنزرت بحجة ان سمیر القنطار شیعی، وأن یوم القدس العالمی یمثل أجندة إیرانیة وإشتبکوا مع الحضور مما أسفر عن سقوط 5 جرحى. أو ما حصل بقافس التونسیة من تهجم التیار السلفی على مسیرة یوم القدس العالمی باستعمال العصی والهراوات والحجارة، حیث عمد المعتدون إلى حرق علم فلسطین، ورفعوا الرایات السوداء التی کُتب علیها "لا إله إلا الله"، کما هتفوا بشعارات، منها "لا إله إلا الله والروافض أعداء الله"، وأخرى تنادی بقتل الشیعة وسط تعالی صیحات" الله أکبر الله أکبر".

ما حصل فی تونس یکشف عن المنحدر التی تساق إلیه الأمة، وینبّه الى ان هناک جهات عربیة تعمل مع الصهاینة من غرفة عملیات واحدة فی افق تحویل التحالف الرجعی الصهیونی إلى حقائق على الارض وإلى معطیات ثقافیة یبررها الدین وتقتضیها وحدة المصالح.

وفی یوم القدس العالمی تطلعنا الى تونس ومصر..کان التوقع الصعب ان تحصل المفاجأة ونرى حرکة النهضة التی تقود الائتلاف الحاکم فی تونس وهی تقود الشارع وتؤطر حرکته فی یوم تجدید العهد لفلسطین..وللأسف کان الغیاب إلا من مبادرة أحرار تونس الذین ارادوا التأسیس لهذا التقلید الإسلامی فی الجمعة الأخیرة من شهر رمضان، فهوجموا، والغریب ان الهجمة على انصار فلسطین تمت تحت أعین رجال الأمن الذین هم تحت مسؤولیة السید علی لعریض أحد قیادات حرکة النهضة.

وفی مصر غابت حرکة الاخوان المسلمین عن الموعد، فکانت المبادرة لائتلاف شباب الثورة الذین سیروا مسیرات فی القاهرة.
ومما یبعث على التحسر انه فی أکثر من ساحة ترک الشباب الکوفیة الفلسطینیة،رمز القضیة، واعتمروا العلم المسخ، علم الانتداب الفرنسی الذی اتخذته ما یسمى ب(الثورة السوریة)علما لثورتها الزائفة.

تحیة للقدس فی یومها العالمی..وکل الایام هی للقدس..
تحیة للأحرار الذین عزوا بخروجهم قدس الأقداس فی غربتها..
تحیة للماسکین على البوصلة من المؤمنین والمؤمنات؛ الذین صدقوا ما عاهدوا الله علیه وما بدلوا تبدیلا.


ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.