عاشورائیات..
رسا/آفاق- وتتجدد الوقفة مع عاشوراء فی کل محرم، ومعها ینفتح الوعی على اکثر من سؤال، ویواجه أکثر من ملاحظة وإشکال، فی هذه السلسلة سنعرض لاکثر من سؤال مرتبط بعاشوراء والبدایة مع افق رسمه العلامة السید محمد حسین فضل الله(رض)..کیف ننفتح على الحسین(ع)؟

الحسین(ع): امتدادٌ حرکی فی خط الرسالة
وعندما ننفتح على الحسین(ع)، فإننا نجد أنه کان یعیش جده(ص) فی رسالته وأمته، ولذلک کانت کلمته: "إنی لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، إنما خرجت لطلب الإصلاح فی أمة جدی ـ فالحسین(ع) کان الإمام کما کان جده النبی، والإمامة تمثل هذا الامتداد الحرکی فی خط الرسالة، فالإمام مسؤول عن أداء الرسالة بکل جهده وکل ما یحیط به تماماً کما کان الرسول مسؤولاً عنها، ولذلک أعلن الإمام الحسین(ع) أنه یحمل الرسالة ـ أرید أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنکر وأسیر بسیرة جدی وأبی ـ لأنهما جسّدا الإسلام فی سیرتهما، ولم ینطلق الحسین(ع) على أساس العنف، ولکنه انطلق کما انطلق رسول الله على أساس الدعوة بالحکمة والموعظة الحسنة والجدال بالتی هی أحسن ـ فمن قبلنی بقبول الحق ـ فإنه لا یقبلنی کشخص، ولکنه یقبل الله فیما أراده سبحانه ـ فالله أولى بالحق، ومن ردّ علیّ أصبر ـ کما قال الله تعالى لرسوله(ص): {واصبر على ما أصابک} ـ حتى یحکم الله بینی وبینه وهو خیر الحاکمین".
وانطلق الحسین(ع) فی مسیرته لیعرّف الناس القاعدة الشرعیة الإسلامیة فی مواجهة الحاکم الظالم المنحرف، فخطب خطبته لیقول فیها: "أیها الناس، إن رسول الله(ص) قال: من رأى منکم سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرم الله، ناکثاً لعهده، مخالفاً لسنّة رسول الله، یعمل فی عباد الله بالإثم والعدوان، ولم یغیّر ما علیه بقول ولا بفعل، کان حقاً على الله أن یُدخله مدخله ـ لأن الراضی بفعل قوم کالداخل فیه معهم، والساکت عن الحق شیطان أخرس ـ ألا وإن هؤلاء القوم ـ والإشارة إلى یزید وأتباعه ـ قد لزموا طاعة الشیطان وترکوا طاعة الرحمن، وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله، واستأثروا بالفیء وعطّلوا الحدود، وأنا أحقّ من غیّر"، لأنی أمثل الشرعیة الإسلامیة فی موقع الإمامة التی هی امتداد للرسالة، لأن النبی(ص) لو کان موجوداً فی مرحلة الحسین(ع) لثار کما ثار الحسین، ولعمل على تغییر الواقع الفاسد، وهذه کانت رسالته.
عاشوراء حرکة وعیٍ وجهاد...
فالهجرة النبویة الشریفة من مکة إلى المدینة هی هجرة من أجل تأسیس الموقع الإسلامی فی خط الاستقامة ضد الشرک والمشرکین، وکانت الهجرة الحسینیة من المدینة إلى مکة ومن مکة إلى کربلاء هجرة من أجل حمایة الرسالة من الانحراف. لذلک، فإننا ونحن ندخل موسم عاشوراء من موقع السنة الإسلامیة الجدیدة، علینا أن نعتبر هذه السنة التی ندخلها سنة إسلامیة نملأها بالإسلام کله، لنغیّر أنفسنا لتکون أنفساً إسلامیة فی أقوالنا وأعمالنا وانتماءاتنا وتحدیاتنا، ولنعمل على أن تکون بلادنا إسلامیة، وقیادتنا إسلامیة، وأمتنا إسلامیة.
لذلک، لا تشغلنا التقالید التی ورثناها فی عاشوراء لنعتبر أننا قد أدّینا قسطنا للعلى، فعاشوراء لیست ضرباً للرؤوس بالسیوف، فهذا ضد عاشوراء, لأنه یمثل مظهر تخلّف لا تأخذ الرسالة منه شیئاً، وعاشوراء لیست جلداً للظهور بالسیاط، بل إنها حرکة وعی ودعوة وجهاد ووحدة فی المسلمین جمیعاً، ولا سیما أن الکفر کله والاستکبار کله وجّه إلى الإسلام کل تحدیاته، والمرحلة مرحلة أن یتوحّد المسلمون ویجمّدوا کل خلافاتهم، لیکون الموقع واحداً، والموقف واحداً، والتحدی واحداً.
إن القوم یریدون أن یسقطوا رأس الإسلام، وعلینا أن نحفظ الإسلام بکل ما لدینا من قوة، لأنه أمانة الله فی أعناقنا، فلتکن عاشوراء, عاشوراء إسلامیة حضاریة منفتحة على الوعی والحرکة والوحدة، وسلام الله على الحسین، وعلى أولاد الحسین، وعلى أصحاب الحسین، وعلى کل الذین ساروا وجاهدوا فی خط الحسین، أشهد أنک قد أقمت الصلاة، وآتیت الزکاة، وأمرت بالمعروف ونهیت عن المنکر، والسلام علیک یا أبا عبد الله وعلى جدک رسول الله، وعلى أبیک أمیر المؤمنین، وعلى أمک فاطمة الزهراء، وعلى الأئمة المعصومین من ولدک، سلام الله علیکم ما بقیت وبقی اللیل والنهار.
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.