مؤتمر الصحوة الإسلامیة وأساتذة الجامعات..
رسا/الرأی- کعادتها تبدو طهران کالقلب الحاضن لکل ما فیه خیر الأمة ومستقبلها، من فلسطین والمقاومة، إلى الوحدة والتقریب، وصولا إلى الصحوة الإسلامیة المبارکة..ها هی طهران ومن خلال مؤتمرها الاخیر حول الصحوة تصالح بین النخب وشعوبها فی افق ان یلعب المثقفون دورهم فی استکمال الصحوة وتطویرها.

اختتم مؤتمر الصحوة الإسلامیة وأساتذة الجامعات أعماله بطهران، وهو یعد حلقة أساسیة فی سلسلة المؤتمرات التی خصصتها طهران للصحوة الإسلامیة فی سیاق إعطاء الحدث التاریخی ما یستحق من اهتمام، ولدعم الصحوة حتى تترسخ کحقیقة فی الواقع الإسلامی، ولقطع الطریق على مشاریع التدجین والاحتواء التی تراهن علیها الولایات المتحدة الأمریکیة.
قیمة المؤتمر الذی دعا إلیه المجمع العالمی للصحوة الإسلامیة برئاسة الدکتور علی أکبر ولایتی؛ یتأتى من المخاطر التی تبدت فی الشهور الأخیرة أمام الصحوة الإسلامیة، والتی قد تعصف بتطلعات الشعوب، کما أن أهمیته تکمن فی تحسیس النخب والمثقفین وفی طلیعتهم أساتذة الجامعات على تحمل مسؤولیاتهم تجاه الصحوة لجهة ترشیدها وتعزیز قدراتها على تجاوز التحدیات والمخاطر، وللإسهام فی رسم ملامح مرحلة ما بعد إسقاط الإستبداد.
ویمکن اعتبار مؤتمر الصحوة الإسلامیة والأساتذة الجامعیین کنوع من الإستدراک على دور النخب المثقفة؛ والتی لم یکن لها دور متقدم سواء فی إطلاق دینامیة الحراکات الشعبیة ولا فی تأطیرها، فقد مرّ العالم العربی من مرحلة عرفت انهزاما لبعض المثقفین أمام عنف السلطة، واستیعابا لشریحة منهم خدمة لأهداف السلطة فی الهیمنة والتسلط، فیما لاذ الباقون بالهامش یأسا أمام انسدادات الواقع السیاسی.
وقد مثل المؤتمر ومن خلال اللجان الدراسیة الخمس فرصة لوضع حدث الصحوة الإسلامیة تحت مجهر البحث والتأمل، بعیدا عن جو الانفعال العاطفی الذی طغى فی السابق على تناول واقعة الصحوة الإسلامیة، وبمعزل عن قیمة القرارات التی انتهت إلیها اللجان البحثیة، فإن إخضاع الصحوة إلى دراسة معمة ومن خلال أساتذة جامعیین یعتبر رصیدا کبیرا سیصب لا محالة فی التوجهات الاستراتجیة المستقبلیة للصحوة الإسلامیة.
وقد کانت لکلمة الإمام السید علی الخامنئی لدى استقباله المؤتمرین صبیحة الثلاثاء الماضی، حضورها القوی فی المؤتمر لجهة القیمة السیاسیة والرمزیة التی تتمیز بها خطابات القائد، حیث أکد على البعد التراکمی فی واقعة الصحوة الإسلامیة، وأن أمامها أشواطا طویلة من البناء لا تخلو من صعوبات وتحدیات، لکنها فی الآن نفسه تکشف عن محوریة الإسلام وقدرته فی بناء النموذج الإسلامی الحضاری.
وأخیرا هناک إشارة یجدر التوقف عندها، وهو أن المؤتمر شکل فرصة للتعارف والنقاش المفتوح بین أساتذة الجامعات من مختلف بلدان العالم الإسلامی، وهکذا تحولت صالات فندق "إستقلال" إلى ورشة نقاش فکری وسیاسی مفتوح بین النخب وأساتذة الجامعات، حیث اتسع الأفق من الصحوة وآفاقها إلى فلسطین وانتصارها الأخیر فی غزة، إلى الخطر الذی تمثله تیارات التکفیر على مستقبل الأمة وصورة الإسلام فی العالم، وکانت سوریة حاضرة فی النقاش بقوة لأن مصیرها یحدد مصیر واتجاه کل هذه الصحوة، ولم تغب البحرین عن السؤال..فهی حاضرة وإن غیبها الإعلام وازدراها المنطق الطائفی الضیق.
بعد مؤتمر طهران یمکن أن نأمل خیرا فی الآت، وأن ندعی بأن الصحوة امتلکت رصیدا فکریا ومعنویا سیؤثر على مستقبلها القریب.
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.