28 April 2013 - 17:55
رمز الخبر: 6035
پ
رسا/تحلیل سیاسی- بمشارکة أکثر من 500 عالم مسلم سینطلق مؤتمر "علماء الأمة والصحوة الإسلامیة" الدولی خلال یومی 29 و 30 ابریل الجاری، وهو الحلقة الأهم فی سلسلة مؤتمرات تعهدتها طهران على مدى سنتین قیاما بواجبها تجاه الأمة وصحوتها الإسلامیة. بقلم عبدالرحیم التهامی
الصحوة الإسلامية

 

یأتی هذا المؤتمر کحلقة فی سلسلة مؤتمرات خصصتها طهران للصحوة الاسلامیة کان اخرها مؤتمر "أساتذة الجامعات والصحوة الإسلامیة" المنعقد خریف العام الماضی.
وقد کان واضحا اهتمام طهران بالثورات التی شهدتها بعض بلدان العالم العربی قبل عامین من منطلق إیمانها بقدرة الإرادة الشعبیة فی خلق معطیات جدیدة على الأرض تتغیر بموجبها معادلات الصراع فی المنطقة لصالح الشعوب المسلمة وقضایاها المصیریة وفی مقدمتها قضیة فلسطین.
وعندما أطلقت طهران عنوان "الصحوة الإسلامیة" على الحراک الشعبی الثوری والذی طوّح بأنظمة دیکتاتوریة وعمیلة للغرب و(إسرائیل)، فإنها فعلت ذلک على أساس أن الموروث الدینی کان فاعلا فی ذلک الحراک ومثّل الخزّان الثقافی العمیق الذی تسلحت الجماهیر بقیمه ومفاهیمه واستلهمت منه الطاقة على المواجهة والتحدی، ثم هی -أی طهران- لم تفصل أبدا بین ثورتها الإسلامیة وبین کل مظاهر الصحوة والمقاومة التی تنامت فی العالم الإسلامی منذ أکثر من ثلاثة عقود، واعتبرت ثورتها الإسلامیة افتتاحا لعهد الإسلام والمستضعفین حتى وإن أخّر الإستبداد وبطشه فی انبثاق الإرادة الحرة للجماهیر المسلمة المؤمنة بالإسلام وقدرته على التحریر والبناء وتحقیق النهضة المنشودة.
واستراتجیا فقد کانت طهران مدرکة للمخاطر التی تتربص بهذا الحراک الثوری الذی لم یقده لا حزب طلیعی ولا قائد ملهم، وکانت عینها على الإدارة الأمریکیة التی؛ وبعد لحظة ذهول وتفاجئ؛ حاولت رکوب موجة الحراک والتدخل فی بعض تفاصیله الدقیقة والحاسمة حتى یتحول فی نتائجه إلى مجرد "انتقال دیمقراطی" أی تحیین للمشروع الذی راهنت علیه الإدارة الامریکیة قبل أحداث11 من ایلول من أجل تحسین صورة الأنظمة الحلیفة لها وتطعیم جسدها المترهل بمنشطات دیمقراطیة..ومن هنا کان اسم "الربیع العربی" یتجاوز التوصیف الرومانسی إلى التبنی وفرض السقوف والتحکم فی الإتجاهات ومساومة الأحزاب الصاعدة إلى الحکم على المصالح والمواقف، وهو المخطط الذی قابلته طهران باعتبار التطورات فی العالم العربی؛ وبمعزل عن نتائجها الظرفیة والمؤقتة؛ "صحوة إسلامیة" تحتاج الدعم المعنوی بل وإلى خارطة طریق من أجل الصمود وتخطی التحدیات وکل أشکال الابتزاز الدولی التی تستثمر فی ترکة الخراب الإقتصادی لربط دول الصحوة بالدوائر الغربیة سیاسیا واقتصادیا.
ولأن المشهد الماثل أمامنا یجعلنا نقرّ بأن الإختراق الأمریکی والغربی حقق الکثیر من أهدافه، وأنه -أی المشهد- أبعد ما یکون من توقعاتنا الثوریة، فالثورات سرقت، والنخب الحزبیة التی وصلت الى الحکم حظیت بدعم أمریکی على أساس تفاهمات وضمانات، بل وتمکن "الشیطان الأکبر" بکیده وبمساعدة أئمة الضلالة من استثمار السیاق الجماهیری لضرب سوریا وتحویل الصراع مع نظامها الممانع إلى "جهاد مقدس" غابت معه قضیة القدس وتناسى الناس –المشدودین إلى نشرات الإعلام المضلل- مأساة الشعب الفلسطینی..بل إن ثورة من أکمل الثورات قیاسا إلى غیرها؛ لجهة توفرها على القیادة التاریخیة والبرنامج السیاسی إضافة إلى العمق الشعبی؛ وهی ثورة شعب البحرین، تجاهلها الجمیع، وتواطأت علیها بلدان الصحوة والإعلام المغرض، وتورطت فی قمعها دول خلیجیة معروفة الولاء والارتباطات بالمشروع الامریکی والصهیونی..
من هنا، ومن منطلق أن هذا الواقع لیس نهائیا، بل هو وضع مرحلی، وباستحضار العنصر الجوهری فی کل هذه التطورات التی حصلت منذ أکثر من سنتین؛ وهو أن الشعوب تحررت من عقدة الخوف، وأنها أضحت قادرة على فرض إراداتها وتقریر مصیرها.. فإن المهمة التاریخیة التی تتحملها النخب المثقفة والعلماء هو مواجهة ورفض کل هذا الواقع الذی نشأ عبر التسویات والمقایضات مع الإدارة الأمریکیة، والدفاع عن الأهداف الکبرى التی من أجلها ثارت الشعوب، وسقط الشهداء وکانت الثورات.
إن الواقع المؤلم کشف عن اختراق کبیر فی صفوف العلماء المرتزقة الذین کشفوا عن خدماتهم العظیمة للمشروع الامریکی الصهیونی، ألیست هناک خیانة أعظم من تمزیق الأمة وإغراقها فی الفتن الطائفیة وإعلان الحرب على المقاومة ورموزها، وتحویر الصراع عبر تحویل إیران إلى عدو للأمة، وسوریة الممانعة إلى أرض جهاد؟؟
وهذه الخیانة لم تعد تمارس فی السر او فی الغرف المظلمة، بل تحولت إلى خطاب واضح وعبر المنابر ومن خلال الفضائیات..ففی الجمعة الأخیرة فقط ومن باب المثال، خطیب الدوحة ومن على منبر الجمعة یحرض على الفتنة فی العراق ویتهم الشیعة بقتل السنة، ویدعو ب(اللهم انصر اخواننا السنة فی العراق!)، هذا بعد أن قرت عیناه بما رأى من خراب ضرب سوریة وهو الذی سعّر نار حربها وفتنتها منذ أکثر من سنتین.
 بل وإن توجها دینیا سلفیا تبدى ومن خلال أحداث سوریة، وأکثر من انکشافاته التاریخیة الأخرى؛ بأنه مجند لخدمة المشروع الصهیونی عبر مؤامرة ضرب سوریة وتفکیکها واغراقها فی الفتنة والدماء، وقد ذهلنا فی الایام القلیلة الماضیة ونحن نرى إعلان النفیر وفتاوی الجهاد تصدر عن نکرات على خلفیة ما حققه الجیش العربی السوری من تقدم نوعی فی منطقة القصیر، هؤلاء المرتزقة هم صناعة أمریکیة وصهیونیة ولیسوا من خریجی أی جامعة إسلامیة معتبرة..فهل هان الدین وصغر حتى یعبث به المدعو الأسیر والرافعی والجوزو وإمام الضلالة المشهور بلقب "مفتی الناتو"؟!
فالعلماء الصادقون فی الأمة مدعوون إلى موقف حازم وواضح من شرذمة الفتنة والعمالة، لفضحها وعزلها عن مواقع التأثیر الدینی والثقافی، کما أنهم مطالبون بتأکید المؤکد وهو أن العدو هی (إسرائیل) ومن وراءها أمریکا، وأن وحدة الأمة خط أحمر لا یجوز العبث بها، وأن المقاومة هی بوصلة الأمة وطریق عزتها ومظهر الکرامة فیها.
وعلى العلماء تحمل المسؤولیة فی تحفیز الأمة على مواصلة ثورتها، حتى تحقیق الأهداف الکبرى فی السیادة للشعب وتحقیق العدالة الإجتماعیة وتوزیع الثروة وتحقیق النهضة المنشودة وتوجیه البوصلة نحو العدو.
هذه آمال کبیرة، والموعد طهران فی مؤتمر "علماء الأمة والصحوة الإسلامیة"، والعهد منها أنها تعبّد الطریق نحو فلسطین لأمة إسلامیة موحدة وعزیزة بین الأمم.

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.